مارتن فان برونسن: القضية الكردية والعولمة
مارتن فان برونسن[1]
ترجمة عن الإنكليزيّة: راج آل محمد
ورقة عمل رقم 14، مشروع الدراسات الإسلامية، طوكيو، اليابان، 1999
القضية الكردية في هذه الأيام مختلفة عما كانت عليه قبل عشرين سنة. كما إن الحركة الكردية مختلفة أيضاً عما كانت عليه في السبعينات-أو بالأحرى أصبحت تتألف من عدد من الحركات كل واحدة منها مختلفة عن سابقاتها. وربما المجتمع الكردي نفسه قد تغيّر بشكل أكبر حتى من الطريقة التي نرى فيها الحركة الكردية. ففي أجزاء واسعة من المنطقة المعروفة باسم كردستان، ولا سيما في كردستان العراق وتركيا، تم تدمير المجتمع الكردي التقليدي خلال سير الحرب والتمرد ومكافحته.
في عام 1979 نشر أحد أصدقائي طبعة جديدة من نص يعود للقرن التاسع عشر عن العادات والتقاليد الكردية، ووضع على الغلاف صورة فلاح يعمل في أرض حجرية بمحراث يجره ثور[2]. كان ذلك رمزاً معروفاً لموروث حيث أن البنطال الفضفاض وشكل كوفيته يدلان مباشرة على أنه من كردستان تركيا. في ذلك الحين كان يمكن رؤية فلاحين تقليديين من أمثال ذلك الرجل فقط في المناطق الحدودية غير المناسبة للحراثة الآلية، إذ أن أكثرية المناطق السهلة الوصول إليها قد جرّبت المكننة من الخمسينات إلى السبعينات. من الصعوبة بمكان أن تصوّر اليوم مشهداً كذاك. الرجل الذي في الصورة، إن كان لا يزال على قيد الحياة، يعيش على الأغلب في مكان مثل وان أو استانبول أو برلين أكثر من قريته الجبلية القديمة. وممكن جداً أن تكون قريته، مثل آلاف القرى الأخرى، قد أُحرِقت من قبل قوات الأمن أو مقاتلي PKK(حزب العمال الكردستاني).
إن ملايين الكرد في حركة دائبة من جزء من كردستان إلى آخر ومن كردستان إلى أجزاء أخرى من إيران والعراق وتركيا وسورية، ومن الشرق الأوسط إلى أوربا الغربية وأمريكا الشمالية وأستراليا وأجزاء أخرى من الكرة الأرضية. إن حركة السكان الطوعية بكافة أنواعها، ولا سيما هجرة اليد العاملة، ليست ظاهرة حديثة. ففي بداية القرن العشرين كان هناك الكثير من الكرد الذين يعيشون في استانبول، معظمهم من أصول فلاحية ويعملون كحمالين (عتالين)، ولكن كان هناك أيضاً طلاب كرد وأفراد عائلات النخب الكردية الذين يعيشون في العاصمة[3]. لقد أدت مكننة الزراعة وانتشار التعليم العام إلى زيادة مضطردة في الهجرة من الريف الكردي إلى استانبول وأنقرة وبغداد وتبريز وطهران والمدن الكبيرة الأخرى في المنطقة، وأدى هذا بدوره إلى نشوء الجمعيات والتنظيمات الكردية غير الرسمية في تلك المدن. في الثمانينات والتسعينات لم تتسرع عملية الهجرة فحسب، بل تغيرت طبيعتها أيضاً حيث لم تعد طوعية في معظمها. فقد كان القرويون يفرّون من الحرب أو يُطردون من قراهم من قبل قوات الأمن في سياق عملياتها ضد التمرد. وقد دُمرت آلاف القرى ومعها الموارد التي جعلت الحياة ممكنة هناك.
ثلاثة تغيرات سياسية كبيرة على مستوى المنطقة، والتي حدثت كلها حوالي العام 1980ساهمت في زيادة وتيرة التغير المثير للمجتمع الكردي والقضية الكردية. ولا واحدة من تلك التغيرات مرتبط سببياً بنهاية الحرب الباردة، ولكن في الحالات الثلاث سير الأحداث لم يتشكل نتيجة الاستقطاب الذي كان سمة فترة الحرب الباردة. فالمعارضات والحلفاء لم تتماثل مع نموذج ثنائية القطب. التغيرات الثلاث هي:
- الثورة الإيرانية (التي وصلت إلى ذروتها بسقوط النظام القديم في شباط/فبراير 1979 وما تلاها من حرب أهلية طويلة-جرت معظمها في كردستان).
- الانقلاب العسكري في تركيا في الثاني عشر من أيلول/سبتمبر 1980 (وما أعقبه من إجراءات وحشية لفرض القانون والنظام والتي قضت عملياً على اليسار التركي والحركات الكردية وأدت إلى عسكرة القضية الكردية).
- الحرب العراقية-الإيرانية التي اندلعت في أيلول/سبتمبر 1980 واستمرت لمدة ثمانية أعوام (والتي جرى قسم منها في كردستان ومن خلال استعمال الكرد في حرب بالوكالة).
أول نزاع دولي لمرحلة ما بعد الحرب الباردة كانت حرب الخليج الثانية والتي احتل فيها صدام حسين دولة الكويت، والتي بدت في البداية وكأنها لا تمت إلى القضية الكردية بصلة. ولكن إحدى نتائجها غير المتوقعة كانت انتفاضة كردية كبيرة في أعقاب هزيمة العراق، وما تبعها من هجرة جماعية باتجاه الحدود التركية والإيرانية حين عادت قوات النخبة العراقية إلى الشمال ونفّذت هجوماً عنيفاً جداً. أكثر من مليون، وربما نحو مليوني كردي فرّوا من بلداتهم وقراهم في تلك الأسابيع من شهر نيسان/إبريل 1991. تلك الأحداث وضعت أكراد العراق على جداول الأعمال الدولية ( والتي أدت إلى حملة إغاثة دولية وخلق “ملاذ آمن” تحت الحماية الدولية) ولكن كان لها تأثير على أكراد تركيا أيضاً.
تدمير الاقتصاد الكردي التقليدي والهجرة الجماعية للكرد من مواطنهم التقليدية أديا إلى تدويل القضية الكردية ونزع الصفة المحلية عنها. يوجد الآن جالية كبيرة من الكرد في الشتات –في غربي تركيا مروراً بأوربا والشرق الأوسط وأمريكا الشمالية واستراليا-وهي تزداد تنظيماً. من ناحية أخرى الجاليات الكردية الموجودة في غربي تركيا التي بقيت لغاية الآن بمنأى عن الانحراط في أية سياسات متطرفة تدفع بالكثير من المسؤولين الأتراك إلى الاعتقاد أن تشتيت الكرد في كل أنحاء تركيا سيضع حداً للنزعة الانفصالية الكردية، ولكن من ناحية ثالثة أكراد الشتات بدأوا يلعبون دوراً متزايد الأهمية في تدويل القضية الكردية ووضعها على جدول أعمال الحكومات الأوربية والأمريكية. لن تُحل المشكلة بسهولة ولكن شروط المشكلة باتت مختلفة الآن-وهي تثير قلقاً مباشراً لبقية دول العالم.
ثلاثة أحداث حصلت في أيلول/سبتمبر من 1988، في الأسابيع التي سبقت هذه المحاضرة تماماً، تشرح مدى الانشغال الدولي بالقضية الكردية. فقد دُعي زعيما الحزبين الكرديين الرئيسيين المنافسين في شمالي العراق، جلال الطالباني ومسعود البرزاني، إلى واشنطن من أجل التداول حول اتفاقية سلام لوضع نهاية لصراع دام أربعة أعوام وبرعاية أمريكية. وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت قابلت الزعيمين شخصياً، وبذلك منحت الزعيمين الكرديين درجة غير مسبوقة من الاعتراف. بعدها بأسبوع هددت تركيا بأنها ستدخل في حرب مع سوريا بسبب دعم جارتها المستمر لـPKK. وقد طالبت، من بين أشياء أخرى، بتسليم زعيم ـPKKعبدالله أوج آلان (الذي كان يقود حركته من دمشق ومن وادي البقاع في لبنان منذ أكثر من نصف العقدين الماضيين.) في الوقت نفسه تقريباً عقد البرلمان الكردي في المنفى، وهو منظمة متعاطفة مع PKK،جلسة لمدة ثلاثة أيام في مباني البرلمان الإيطالي وقام بإلقاء كلمة على ممثلي معظم الأحزاب الإيطالية التي أبدت تعاطفها معهم. ورغم أن تركيا مارست الكثير من الضغط على إيطاليا لمنع انعقاد الجلسة، إلا أن الحكومة الإيطالية لم تذعن[4].بات من الصعب أكثر فأكثر أن تبقى أوربا وأمريكا الشمالية بمنأى عن القضية الكردية في السنوات القادمة إن نجح كرد الشتات في إجبارها على الانخراط [في المسألة الكردية].
تدمير الحياة التقليدية في القرية
كما قلنا أعلاه فإن تدمير الحياة التقليدية في القرية أدى إلى تسارع وتيرة نزع الصفة المحلية عن القضية الكردية وتدويلها. بدأت هذه العملية قبل الثمانينات ولكنها اكتسبت أبعاداً كبيرة أثناء وبعد الحرب العراقية-الإيرانية مباشرة. في عام 1970 توصل النظام العراقي إلى اتفاقية سلام مع الحركة الكردية والتي تضمنت إعطاء حكم ذاتي للمناطق ذات الأغلبية الكردية. لرغبتها عدم خسارة السيطرة على المنطقة الاستراتيجية، باشرت الحكومة العراقية بسياسة “تعريب” المناطق الغنية بالنفط في كركوك وخانقين إضافة إلى منطقة سنجار على طول الحدود مع سورية وذلك من خلال طرد السكان الكرد وإحلال العرب مكانهم. هذا السبب بالإضافة إلى أسباب أخرى جعلت الكرد يعودون إلى الحرب ضد الحكومة المركزية في عام 1974 بدعم من إيران والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. دامت تلك الحرب عاماً وانتهت عندما سحب الشاه دعمه للكرد. قام خمسون ألف لاجئ، بما فيهم القيادة الكردية، بطلب اللجوء في إيران.
في هذا السياق، بدأت الحكومة العراقية سياسة جديدة لمنع ظهور حركة تمرد كردية جديدة فبدأت بسياسة الأرض المحروقة. من أجل عزل كردستان العراق عن كردستان تركيا وإيران، وبذلك تمنع تسلل مقاتلي البيشمركه وتقطع عنهم الذخيرة والمؤونة، أُعلن عن منطقة واسعة بكونها منطقة محرّمة وقد تم تدميركل القرى الواقعة في تلك المنطقة وهُجّر سكانها إلى أجزاء أخرى من العراق وانتهوا بمعسكرات اعادة التوطين. كانت المنطقة المحرمة، مبدئياً، بعرض 10-15 كم وقد وُسِعت تدريجياً خلال الحرب العراقية-الإيرانية حيث دُمِرت المزيد من القرى وباتت مخيمات إعادة التوطين موحشة أكثر. لم يتم تعويض المهّجرين عن الأراضي والحيوانات التي خسروها ولأنه لم تكن هناك فرص للعمل في أو قرب المخيم، باتوا معتمدين على ما توزعه الحكومة.
في أواخر السبعينات باشرت الأحزاب الكردية مرة أخرى حرب العصابات من تلك المناطق المحرّمة بالضبط. حتى بدء الحرب العراقية-الإيرانية كانت نشاطاتها على نطاق محدود جداً، ولكن ما أن بدأ الجيش العراقي بالتحشيد في مواجهات كبيرة على الجبهة مع الإيرانيين، حتى جلبت الأحزاب الكردية الناس إلى تلك القرى المدّمرة ووسّعوا نطاق سيطرتها على بعض المناطق حيث لم تكن القرى قد دُمِرت بعد.
في 1987 و1988 نفذت القوات العراقية سلسلة عمليات كبيرة أُطلِق عليها اسم الأنفال في المناطق التي وقعت تحت سيطرة الأحزاب الكردية. لقد استُخدِم الغاز في الكثير من القرى ثم نُهِبت ووُضع السكان على متن شاحنات عسكرية. دُمِرت القرى وحرِقت أشجار الفاكهة وسُمِمت الآبار أو صُبت بالاسمنت لمنع الناس من العودة. أُرسِل سكانها إلى نقاط تجمع حيث أُخضِعوا للمراقبة وتم فصل الرجال عن النساء واختفى أكثر من مئة ألف منهم. وُضعت النساء في مخيمات إعادة توطين أولية تفتقر حتى إلى الحد الأدنى من وسائل الراحة. يبدو أن معظم الرجال قد أُعدِموا ودُفِنوا في مقابر جماعية في جنوبي العراق.[5]
تم إفراغ نحو 4000 قرية (من إجمالي يصل إلى 5000 قرية) وسويت بالأرض تماماً من الفترة 1970 إلى 1990، معظمها خلال هجمات الأنفال وتم معها تدمير الاقتصاد والزراعة وطريقة العيش والنظام الأخلاقي بشكل وحشي. وعلى الرغم من المساعدة الدولية منذ 1991، فإن الجهود الرامية لإعادة بناء النظام الزراعي التقليدي لم تحقق سوى نجاح جزئي.
ربما نستطيع فهم هذه التطورات بشكل أفضل إذا ما وضعناها في سياق سياسات العراق الفاشستية الحديثة. في مرحلة ما، في أواخر السبعينات، صُمِمت معسكرات إعادة التوطين ليس لأسباب أمنية بل أيضاً لتقديم خدمات مناسبة للسكان من مياه جارية وكهرباء ومراكز الصحة الأساسية. عراق صدام حسين مثال سيء عن دولة الرفاهية حيث تقدم لمواطنيها الطعام والمأوى-بشرط أن يبقوا موالين للدولة. بالنسبة لأولئك الذين لم يتصرفوا كمواطنين أوفياء، لم يكن هناك عفو وغفران.
من هذا المنظور ثمة تماثل غريب بين السياسات التركية تجاه الكرد خلال التسعينات (وخاصة من 1993-1996) وبين سياسات العراق خلال السبعينات. إن فكرة تحديث الريف من خلال نقل القرويين من القرى الحدودية الجبلية إلى ” قرى مركزية” أو “القرى-البلدات” حيث المنشآت الحديثة كانت في الماضي فكرة تبناها الساسة من اليسار المعتدل واليمين المتطرف في تركيا ولكنها لم تُطبّق أبداً. وعندما نجح PKK، الذي كان قد بدأ بحرب عصابات جدية في عام 1984،في الاستحواذ على دعم متزايد بين السكان القرويين، فكر العديد من الساسة الرئيسيين بمشروع “القرى المركزية” الذي قد يقدم الحل (كما في حالة الرئيس الراحل أوزال في رسالة نُشرِت بعد موته). ولكن عملياً فإن الإجلاء كان فقط من القرى الحدودية الصغيرة حيث لم تكن هناك ميزانية أبداً من أجل بناء مستوطنات جديدة.
بغرض حرمان PKKمن دعم سكان القرى، قررت الحكومة التركية أن تنقل سكان القرى من المناطق التي لم يكن من السهل وضعها تحت المراقبة. وفي بعض الحالات كان السكان يُخيّرون ما بين الانضمام إلى المليشيات التابعة للحكومة والقتال عملياً ضد PKKأو ترك قراهم. وفي حالات أخرى كان العسكر يأتون ويأمرون السكان بمغادرة القرية التي كانت تُضرم فيها النار بعد ذلك. وهناك حالات أيضاً أفرغ خلالها مقاتلو PKK القرى التابعة للحكومة من سكانها قسراً. لقد تم إفراغ نحو 3500 قرية كبيرة وصغيرة من سكانها بالقوة[6]. إن هذا هو قمة جبل الجليدفحسب، فقد أُفرِغتالكثير من القرى “طواعية”، لأن سكانها لم يستطيعوا أن يتحملوا العيش في ظل ظروف حرب العصابات، حيث الطرفان يمارسان الضغط عليهم. في مناطق واسعة من كردستان تركيا، ولا سيما في المناطق الجبلية، فإن أية حياة زراعية أو حيوانية تكاد تكون مستحيلة. فباستثناء أولئك الذين انضموا إلى الميليشيات التابعة للحكومة (تُعرف باسم حراس القرى) لم يبق أي مدني.
تحركات السكان في المنطقة:
إن حملة تركيا القوية ضد القوميين الكرد التي أعقبت الانقلاب العسكري لعام 1980 مباشرة، تسببت في فرار الكثير من الكرد المسيّسين إلى الدول المجاورة (فقط بالنسبة لعدد صغير نسبياً شكلت أوربا الغربية الخيار الأول لهم). ربما كانت كردستان إيران في البداية الجارة الأكثر إغراءاً رغم أن المواجهة المسلحة بين الجيش (و باسدران) والحركة الكردية كانت لا تزال قائمة. كان اللاجئون من تركيا يعيشون في القرى الكردية في إيران أو في معسكرات البيشمركه، حيث اكتسبوا اللغة والعادات والثقافة السياسية للكرد الإيرانيين- لدرجة أنهم أصبحوا منخرطين في النزاعات الداخلية بين مستضيفيهم.
عند نجاح الهجمات العسكرية الإيرانية على الكرد، كانت البيشمركه الكردية الإيرانية وضيوفهم يضطرون إلى الرجوع إلى جيوب صغيرة قرب الحدود، ومن ثم عبور الحدود (1982-1983). في هذه المرحلة الخطيرة تعاونت إحدى التنظيمات الكردية العراقية، الحزب الديمقراطي الكردستاني (القيادة المؤقتة)، مع القوات الإيرانية ضد كرد إيران، والحزب الكردي العراقي الآخر، الاتحاد الوطني الكردستاني، أعطاهم دعماً عسكرياً فعالاً. أقام القوميون الكرد في إيران قواعد لهم في كردستان العراق حيث عاش فيها، بالإضافة إلى مقاتلي البيشمركه السياسيون المدنيون وعائلاتهم. معظم أكراد تركيا الذين أملوا أن يجدوا ملاذا آمنا في إيران، تابعوا طريقهم إلى شمالي العراق. طالت الحرب العراقية-الإيرانية، وباتت الحياة في العراق محفوفة بالمخاطر أكثر فأكثر، ولأن احتمال وقوع تغيرات ذات معنى في تركيا بدا ضعيفاً، فإن الكثير من أكراد تركيا وضعوا أوربا نصب أعينهم. وصل الكثير من هؤلاء أخيراً عبْرَ إيران أو سورية، أو بطرق ملتوية على الأغلب، إلى الدول الأوربية كلاجئين سياسيين.
كانت هناك الكثير من الموجات المشابهة من اللاجئين من إيران إلى تركيا، على أمل أن يجد أفرادها طريقة ما للذهاب إلى أمريكا أو أوربا الغربية. أبرز الكرد العراقيين في تركيا في تلك السنوات لم يكونوا لاجئين، بل سياحاً غير سياسين من الأثرياء نسبياً. أتذكر دهشتي عندما رأيتُ ،في أواسط الثمانينات عدداً كبيراً من كرد كردستان العراق وهم يتمشون في أحياء أكساراي ولالي وبيازيد في استانبول. كانوا وسطاء، على نحو عفوي، يجرون نوعاً من المقايضة بين الكرد العراقيين والأتراك (غير السياسيين). الحراك المتزايد، الذي كان حضورهم في استانبول مؤشراً عليه، بعث برسالة مفادها أن هناك “حقيقة كردية”، وأنه ينبغي أن يتم الاعتراف بها عاجلاً أو آجلاً (رغم أنه استغرق وقتاً طويلاً قبل أن يظهر إجماع عمن يشكّل هذه “الحقيقة الكردية”).
بطريقة ضاغطة أكثر،فقد وجدت حقائق كردية غير مستحبة، فُرِضت على الوعي العام التركي من خلال موجتين من اللاجئين من العراق هددتا استقرار تركيا. الموجة الأولى حدثت في 1988 حين هرب عشرات الآلاف من هجمات الأنفال في العراق إلى تركيا، فقد نجح نحو 60 ألفاً في دخول تركيا، عاد منهم النصف تقريباً بعد أن أعلنت الحكومة العراقية عفواً آخر. في حين بقي الآخرون في مخيمات بالقرب من ماردين ودياربكر وموش في ظل ظروف-أحسن ما يُقال عنها- أنها غير مرغوبة. كان لحضورهم تأثيرٌ كبير على الوعي العام في تركيا بين الكرد وغير الكرد على حد سواء. إذ أنه ولأول مرة، كان بالإمكان سماع الناس وهم يتكلمون الكردية في التلفاز أو الراديو. إن الفرق في المعاملة بين اللاجئين الكرد من العراق واللاجئين الأتراك القادمين من بلغاريا، الذين دخلوا تركيا في الفترة ذاتها تقريباً، جعلت المقارنات محتومة والتوصل إلى نتيجة مفادها أن الكرد مختلفون عن الترك من وجهة نظر السلطات [التركية]، وأن الكرد لا يتمتعون بنفس الحقوق[7].
رغم المساعي التي بُذلِت لعزل أكراد العراق عن السكان المحليين، استمر هؤلاء بشكل محلوظ في زيادة معرفة الطرفين للهجات وثقافة وظروف بعضهم الاجتماعية. يمكن لهذه المعرفة القريبة أن تؤثر بطريقتين: أولاً تزيد من الوعي بالهوية الكردية المشتركة، ولكنها أيضاً تزيد من الوعي بالاختلافات، وتقوي فوق ذلك الاحساس بالمظالم المشتركة. أعتقد أنها أثرت من الناحيتين في آن واحد. و ربما أيضاً، مثلها مثل التحركات السكانية المذكورة أعلاه، زادت من عدد الكرد الذين لديهم معرفة باللهجات الشمالية والجنوبية، والمطلعين على وضع الكرد في الدول المجاورة،وساهمتبالتالي في التكامل القومي للمجتمع الكردي.
الموجة الثانية من اللاجئين العراقيين جاءت بعد الانتفاضة الكردية، عقب هزيمة العراق في الكويت وكانت أكثر تهديداً من وجهة نظر تركيا، حيث تسبب الهجوم العسكري غير المتوقع بهجرة جماعية غير مسبوقة. في هذه المرة لم يقتصر الأمر على عشرات الآلاف، بل وصل إلى مئات الآلاف الذي وصلوا بحالة هلع إلى الحدود التركية. كانت طواقم القنوات التلفزيونية هناك أيضاً، الأمر الذي أصاب الرأي العام في أوربا وأمريكا بهزة عنيفة، بسبب الرعب الحي الذي شاهده. لم تتحمل الحكومات الأوربية الضغط الذي مارسته شعوبها من أجل التدخل. في تلك الأيام بالضبط أعلن الرئيس التركي أوزال عن أن بلاده ستتصرف “كحامي للكرد” Kurtlerinhamisi، وطلب دعما دولياً لتوفير الحماية لهم داخل العراق، (بدلاً من السماح لهم بالدخول إلى تركيا).
اتفق حلفاء تركيا أن هكذا عدد من اللاجئين، (حتى وإن أُطلق عليهم على المستوى الرسمي اسم “النازحين” فقط) سيكون عبئاً ثقيلاً على تركيا، ولذلك دعموا اقتراح اوزال بانشاء “ملاذات آمنة” في شمالي العراق. والنتيجة معروفة: حيث أُقنِع الجيش العراقي بلطف أن ينسحب من منطقة بهدينان، وأُعلن عن القسم الواقع فوق خط الطول 36 منطقة حظر طيران، وتم فرضه بالقوة بطلعات مراقبة يومية من قبل القوات الجوية البريطانية والأمريكية. استولى المقاتلون الأكراد على منطقة السليمانية الواقعة جنوب-شرق “الملاذ الآمن”. فأعلن الكرد عن إقامة إدارتهم الخاصة وانتخبوا حكومة وبرلماناً. منذ سبع سنين ولغاية اللحظة حافظ كردستان العراق على وجوده غير المستقر كشبه كيان، مدعوم من قبل جهود إغاثة وحماية دوليتين[8]. سأعود إلى مضامين تدويل القضية الكردية فيما يأتي. وأكتفي الآن بالقول بأن التدخل الدولي لم يكن رداً متوقعاً لحركة اللاجئين الكرد الأكثر إثارة في العصور الحديثة.
الهجرة إلى الخارج: أكراد أوربا الغربية
في الستينات، عندما كانت اقتصادات أوربا الشمالية-الغربية تنمو بوتيرة عالية وكان هناك نقصٌ في الإيدي العاملة، كان يتم توظيف العمال من منطقة المتوسط، ولا سيما من إيطاليا واليونان وإسبانيا أولاً ومن ثم بشكل متزايد من المغرب وتركيا. توقف التوظيف الفعليفي 1973، ولكن سيل الوافدين استمر بالجريان. لقد عاد القليل من المهاجرين الأوائل إلى بلدانهم، ولكن الأغلبية جاؤوا لوحدهم في البداية، وبعد عدة سنوات جلبوا زوجاتهم وأطفالهم. الأقرباء والمعارف جاءوا كـ” سياح” على أمل إيجاد عمل من خلال قنوات غير رسمية. لقد استُبدِلت مهاجع الرجال الكبيرة في السنين الأولى بمجمّعات أسرية للمهاجرين، وبدأوا ببناء منشآتهم الخاصة من مقاهي ومحلات ومساجد وأندية رياضية، بالإضافة إلى أنواع مختلفة من الجمعيات.
تم توظيف أول العمال المهاجرين من وسط وغربي تركيا، ولذلك كان الكرد غير ممثلين بشكل جيد بينهم، إلا أن ميزان القوى تبدل في السبعينات، حينما زادت نسبة المهاجرين من شرقي تركيا. لكن معظم هؤلاء المهاجرين كانوا ينظرون إلى أنفسهم كأتراك في أوربا، وإن كانوا ينتمون إلى أقليات دينية وإثنية مختلفة مثل الكرد والعلويين. لقد استبطن الكثير منهم، أو كانوا غير راغبين في مواجهة العقيدة الرسمية لتركيا القائلة أن كل مواطن في تركيا هو بالضرورة تركي. ولكن هؤلاء المهاجرين “أعادوا اكتشاف” أو تجرأوا على تأكيد هويتهم الكردية بشكل تدريجي.
إن تقدير عدد الكرد بين العمال الأتراك في الخارج مستحيل تماماً، مثلما هو مستحيل تقدير عدد الكرد في تركيا لنفس الأسباب تقريباً. سلطات الشرطة الألمانية تحدثت مؤخراً عن 400,000 كردي من إجمالي 2 مليون مهاجر من تركيا[9]– وهو رقم يبدو أنه يعتمد على تقدير استقرائي، من فرضية أن الكرد يشكلون 20% من سكان تركيا. إذ أنه باستثناء عدة عينات من السكان، لم يُسأل أي من العمال الضيوف بشكل منظم عن أصولهم العرقية.
فيما لو افترضنا جدلاً أن تلك الدراسات قد أُجريت في فترات زمنية منتظمة، فإن قناعتي الثابتة، هي أنه سنرى زيادة ملحوظة في النسبة المئوية للأشخاص الذين يصفون أنفسهم أكراداً خلال العقدين الماضيين. الشيء ذاته حصل في تركيا، فبالإضافة إلى الذين يتكلمون التركية فعلياً (أو الزازية) هناك بعض ممن يكون والديه (أو أحد والديه) أو أحد أجداده أو أكثر من أصول كردية، وأولئك الذين لهم أسلاف أكراد من بعيد. فلا شيء يمنع هؤلاء الأكراد المهمّشين المحتملين من أن يكتشفوا ويؤكدوا على كرديتهم في حالات معينة.
خلال أواخر السبعينات، كان عدد قليل من العمال المهاجرين يشددون على هويتهم الكردية حيث أن معظم العمال، ولا سيما المنحدرون من أصول ريفية، كانوا غير راغبين في الانخراط في السياسة. علاوة على ذلك، كان محيطهم الأوربي ينظر إليهم بصفتهم أتراكاً، وبقيت في معظم الحالات هويتهم المعنية. وقد أدى انقلاب 1980 في تركيا إلى تدفق الكثير من الشباب الكرد المسيّسين إلى أوربا كلاجئين سياسيين. شكّل حضورهم بالإضافة طبعاً إلى أخبار حرب العصابات في تركيا حافزاً للوعي القومي الكردي. ولا تزال عملية اكتشاف الذات مستمرة. حيث أن ما يسمى الجيل الثاني من أطفال العمال المهاجرين ،الذين ترعرعوا في أوربا يميليون إلى الاهتمام بالهوية الكردية والسياسة الكردية أكثر مما كان عليه آباؤهم. وقد عاد الكثير من الآباء إلى جذورهم الكردية تحت تأثير أطفالهم.
لعل إجراء مقارنة بين الدول الأوربية تبدو ذات فائدة، لأنها تبيّن أنماطاً مختلفة ولكنها متممة عن التعبئة الإثنية والنشاط القومي. ففي السويد لا توجد جالية كبيرة من العمال الأتراك، ولكن فيها جالية كبيرة نسبياً من اللاجئين ذوي الثقافة العالية نسبياً. ويختار الكتاب والصحفيون والمتنورين الآخرين السويد مكاناً لمنفاهم. فالسويد تمنح كل الجاليات المهاجرة مرافق كبيرة من أجل التعليم والنشر والبث بلغاتها الأم. ويجد الكتاب الكرد هنا بيئة محفزة على تطوير اللغة الكردية إلى لغة أدبية حديثة أكثر مما لو عادوا إلى تركيا، حتى وإن تم رفع الحظر عن اللغة هناك. وبما إن الكثير من الكرد في السويد كانوا من قبل مسيّسين بشكل جيد قبل وصولهم إلى ذلك البلد، فإن PKK جنّد القليل نسبياً بينهم، رغم أن عدداً غير قليل منهم، وبدافع الإعجاب على مضض، أبدوا تعاطفهم معه.
في ألمانيا من جهة أخرى، حيث الأعداد الكبيرة من العمال غير المسيّسين، وجد المنظمون في PKK أرضية خصبة لتعبئة الجماهير. بالنسبة للمهمّشين من الجيل الثاني الذين نشأ في ألمانيا بشكل خاص، فإن الانخراط في أنشطة PKK أعطته معنى للوجود واحترام الذات. إن الكثير من الشباب والشابات من هؤلاء يكرّسون حياتهم كلها للحزب، لدرجة أنهم لا يواجهون بقية التنظيمات السياسية. لقد كفت الأحزاب المنافسة، سواء أكانت كردية أو يسارية متطرفة عن معارضة PKK، وتوصلت معه إلى درجات مختلفة من التعاون أو على الأقل من القبول المتبادل.
النشاطات اللغوية والثقافية في أوربا
لا يمكن، برأيي المبالغة في التأثير القوي للأنشطة الثقافية . كانت اللغة الكردية في 1980 لغة ملائمة للاستعمال في المنزل والحياة في القرية، ولكن بالكاد كان ممكناً أن تُستخدم في مناقشة القضايا السياسية والاجتماعية المعاصرة. لذلك كان معظم السياسيين والمتنورين يظنون أن أهم أفكارهم وكلماتهم ذات المستوى الثقافي الرفيع ينبغي أن تكون بالتركية. إن الكثير ممن كتبوا قصصاً باللغة الكردية، إنما كانوا يفكرون باللغة التركية أولاً ومن ثم قاموا بترجمتها. لقد جرى تغيير كبير في هذا الصدد، حيث باتت اللغة الكردية غنية ومطوّرة بما فيه الكفاية لتقوم كحامل للخطاب الأدبي والسياسي. والكثير ممن يتكلمون لغة كردية بدائية، أو يتكلمون ببعض اللهجات الخاصة، باتوا الآن يملكون ناصية أحد أشكال اللغة الكردية الفصحى.
المعهد الكردي في باريس، الذي تأسس في عام 1983 على يد مجموعة من المثقفين الكرد الذين يعيشون في دول أوربية مختلفة، قام بمحاولات رائدة من أجل تطوير اللغة الفصحى للهجة الكردية الشمالية (الكرمانجية)، من خلال سلسلة من المؤتمرات ومجلة نشرت قائمة بالشروط المتفق عليها عن مواضيع ومفاهيم تغطي عن نواحي مختلفة من الحياة. فيما بعد تم تأسيس معاهد كردية أخرى في بروكسل (1989) وبرلين (1994) وموسكو (1996) وواشنطن (1996)، والمكتبة الكردية ذات التمويل الجيد في استوكهولم (1997)، وتختلف كلها عن بعضها البعض من حيث النشاطات التي تقوم بها، ولكنها تساهم جميعاً في تمكين وتقوية اللغة والثقافة الكرديتين.
نُشرت الكتب والمجلات باللغة الكردية في كل من ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا، وبشكل خاص في السويد. منذ أواسط الثمانينات،تُنشرعشرات الكتب باللغة الكردية في كل عام، وهناك على الأقل دزينة من المجلات المستمرة في النشر لوقت طويل[10]. صحيح أن تلك المطبوعات لم تلق رواجاً على نطاق واسع جداً، لأن جمهورها من القراء يشكّل نسبة صغيرة من الكرد و”الكرد المحتملين” في أوربا[11]، لكن قراءها ومؤلفيها ساهموا بما فيه الكفاية في أرضية نقدية لتطوير لغة كتابة حديثة. العمال المهاجرون العائدون هرّبوا معهم الكتب والمجلات إلى تركيا، التي لا بد أنها لم تصل في البداية إلى جمهور أوسع بكثير من القراء في أوربا. ولكن هذا تغير عندما سُحِب في عام 1991قانون المنشورات بلغات أخرى غير التركية، حيث بات ممكناً نشر الكتب والمجلات باللغة الكردية مرة أخرى. لذلك أُعيد في تركيا طباعة الكتب التي كانت قد نُشرت سابقاً في أوربا، وتوقفت عدة مجلات كردية كانت تُنشر في أوربا لتواصل نشرها في تركيا.
إن إحياء الكرمانجية كلغة مستخدمة فعلاً (وليس فقط كرمز لهوية ذات قيمة استخدام …) شيء مهم لدى مقارنته بالموقف من لغات الأقليات الأخرى. فاللغة الغيلية لم تكسب أبداً نفس الدرجة من الرواج بين الإيرلنديين، رغم أنهم للوهلة الأولى في ظروف أفضل بكثير. فقد ازداد عدد المتكلمين بالكرمانجية بشكل ملحوظ في العقود القليلة الماضية. فدورات تعليم اللغة التي نُظِمت في كل أنحاء أوربا كانت تعلّم هذه اللغة الفصحى التي تطورت بشكل تدريجي للذين اختاروا الهوية الكردية، ولكن لغتهم الأولى كانت التركية أو الزازية أو اللهجة الكرمانجية غير الفصيحة. إن اللغة الكردية، حسب تقديري الشخصي،باتت تُستخدم بشكل متزايد في الكتابة وفي الخطاب الشفوي[12].
إن المعاهد الكردية، ووسائل الإعلام المطبوعة، ودورات اللغة الكردية التي تعمل في أوربا الغربية خارج سيطرة الدولة التركية؛ قد قدمت للحركة الكردية مقوّمات بناء الأمة، مشابهة لتلك التي تستخدمها الدول. في عام 1995 أُضيف إلى تلك الترسانة أداة قوية أخرى هي محطة MED-TV التلفزيونية الفضائية التي كانت تبث برامجها إلى الشرق الأوسط، ولكن تستقبلها أوربا الغربية أيضاً وقسم كبير من آسيا. وكانت أشرطة الفيديو لبرامج القناة توزّع بين الجاليات الكردية في أماكن أخرى. إن الدروس الكردية والأفلام التركية القديمة المدبلجة إلى الكردية، والبرامج الحوارية مع المداخلات الهاتفية من قبل أُناس في أرجاء مختلفة من المعمورة دخلت كلها ضمن قائمة البرامج الأسبوعية للقناة.
جاءت مبادرة إحداث قناة تلفزيونية من قبل PKK، ولكن بُذلت جهود من أجل تقديم صورة تعددية أكثر- على أن تنسجم مع قوانين لجنة التلفزيون(البريطانية) المستقلة، والتي منحت إذن الدخول إلى القمر الصناعي وتراقب البث. كان الكرد من كل الاتجاهات قادرين على استيعاب الثورة الكامنة لمحطة كهذه ووقعوا في شباكها بحماس. بات بإمكان الكرد من خلفيات مختلفة أن يعبّروا عن أراء تختلف بوضوح عن خط حزب PKK دون أي رقيب.
التكنولوجيا اللامركزية ونزع الصفة الإقليمية عن القضية الكردية
إنMED-TV ما هي إلا آخر مثال عن التقدم التكنولوجي الذي يقلل من قبضة الرقابة للحكومة المركزية، والذي يشكل خرقاً خطيراً لسيادة الدول المستقلة. إلا أن الإختراع السابق ذو التأثير العالي على اللامركزية كانت المسجلة. أشرطة الكاسيت التي تحتوي على خطابات الخميني كانت تهرّب من العراق إلى إيران، وساعدت في تهيئة الأرضية لإندع الثورة الإسلامية في أواسط السبعينات. الأشرطة السماعية التي تحتوي على الموسيقى والأغاني والحكايات الشعبية من أجزاء كردستان المختلفة كانت أيضاً مادة ساخنة للكرد في تلك السنوات. لقد ساعدت تلك الأشرطة في جعل الكرد يفهمون اللهجات المختلفة لبعضهم البعض، وشكلت أداة هامة في نشر فكرة أن الثقافة الكردية حية وغنية ومتنوعة.
كما إن المرسِلات اللاسكلية الخفيفة والرخيصة، واختراع مستقبِلات الترانزستور كان لها تأثير عظيم أيضاً. أكراد العراق بشكل خاص هم من استخدموا بشكل واسع الراديو لأغراض الدعاية، أما جهاز الارسال الخاص بـPKK في شمالي العراق، إن كان لا يزال يبث، فإنه قليلاً ما يُستمع إليه. إن الراديو والتلفاز من بين أهم الوسائل للاندماج القومي، وقد لعبت هذا الدور بالفعل في إيران والعراق وتركيا إلى حد مقنع تماماً. (لقد سمعتُ من الكثير من الأصدقاء أن أمهاتهم غير المتعلمات اللواتي يعشن في قرى نائية في الشرق قد تعلمن التركية في الثمانينات بعد أن دخل التلفاز إلى بيوتهم)، وصول MED-TV شكّل تنافساً بين عاملين لبناء الأمة: الجمهورية التركية والحركة الكردية.
إن أجهزة الفاكس والهواتف النقالة واتصالات الأقمار الصناعية تزود الأفراد والجماعات باتصال مباشر حول الكرة الأرضية، وهو ما يشكل صعوبة بالغة للدول لتقوم برصدها، فضلاً عن مراقبتها. يجرّب الكرد أيضاً الانترنيت، مثل المواقع الإخبارية والبريد الالكتروني والمجموعات الاخبارية وقوائم البريد، وأعداد متزايدة من المواقع على الشبكة العنكبوتية. الحركات السياسية الرئيسية لديها مواقعها الخاصة، مثلما لدى العديد من المعاهد والأفراد مواقع خاصة أيضاً. لا يتم تداول الأخبار والمعلومات فقط [على تلك المواقع]، بل أيضاً الكثير من المدوّنات المكتوبة باللغة الكردية الحديثة باتت متوفرة على الشبكة، ومن المرّجح أن تلعب الشبكة العنكبوتية دوراً محورياً في الجهود المنصبة على تطوير لغة فصحى حديثة. لقد أخفق الكرد لغاية الآن في الحصول على الاستقلال، أو على درجة هامة من الحكم الذاتي على الأرض (باسثتناء قسم من كردستان العراق منذ عام 1991)، ولكن بفضل الحريات المدنية التي يتمتعون بها في المنفى، وبفضل التكنولوجيا الحديثة التي تعلم استعمالها بعضهم، فإن الكرد حققوا نوعاً من السيادة على أمواج الهواء والعالم الافتراضي، وهو ما يجعلهم تدريجياً لاعبين على الساحة الدولية يجب أخذهم بعين الاعتبار[13].
السياسات الكردية الانتقالية
هناك أيضاً مؤسسة كردية انتقالية أخرى تتمثل في البرلمان الكردي في المنفى الذي تأسس في 1995، والذي عقد جلسته الأولى في هولندا، وقد لعب دوراً هاما في وضع القضية الكردية على الاجندات السياسية الأوربية. كان بعض أعضائه يمثلون حزب DEP المؤيد للكرد في البرلمان التركي، وطلبوا اللجوء السياسي في أوربا بعد أن رُفِعت عنهم الحصانة وهُدِدوا بالسجن بتهمة “الانفصال”. (وكان بعض زملائهم، بما فيهم البرلمانية المحبوبة ليلى زانا، الذين ظلوا في تركيا قد أُعتقلِوا وحُكِموا بالسجن لمدد طويلة). في حين كان الأعضاء الآخرون يمثلون جمعيات ودوائر انتخابية كردية معظمهم مقربون من PKK. إضافة إلى ذلك مُنِحت بعض المقاعد لممثلين من الأقليات الدينية والقومية في كردستان.
إن البرلمان الكردي انتقالي على أكثر من صعيد. أولاً هو بحد ذاته جزء من كرد الشتات في أوربا، وهو عابر للدولة لأنه وإن كان مؤسسا على يد أكراد تركيا، فإنه يتضمن أيضاً على الأقل عضواً واحداً من كردستان العراق، ويحاول أن يعزز تمثيله ليشمل الأجزاء الأخرى. وهو انتقالي أو مؤقت لأن مكاتبه الدائمة تقع في بروكسل، ولكنه عقد اجتماعاته في دول أوربية مختلفة، بما فيها هولندا والدنمارك وروسيا وإيطاليا. إنه يقوم بدور التمثيل الدبلوماسي الكردي، وقد أقام اتصالات مع العديد من الأحزاب والشخصيات في أوربا.
إن البرلمان الكردي في المنفى ليس أول مؤسسة، ولا المؤسسة الوحيدة التي تمثل الكرد في الدوائر السياسية الأوربية. فالمعهد الكردي في باريس، الذي تأسس في عام 1983 بدعم من حكومة ميتران، هو بشكل أساسي مؤسسة ثقافية ولكنه أيضاً شكّل منتدى للقاء الساسة الكرد والأوربيين. المعهد الكردي في واشنطن له نفس المهام، ويشكّل رأس حربة للوبي الكردي في العاصمة التي تهم بالكرد أكثر من غيرها. وقامت منظمات حقوق الانسان الكردي التي تتخذ من بون ولندن مقرات لها بلفت أنظار الهيئات المحلية والدولية إلى معاملة تركيا للكرد، والتي أدت إلى عدد من رسائل الشجب والاستنكار لتركيا من قبل اللجنة الأوربية لحقوق الإنسان، والضغط على الدولة من قبل تلك الهيئات الدولية، مثل منظمة الأمن والتعاون في أوربا ومجلس أوربا.
كما إن لدى الأحزاب الكردية الرئيسية مكاتب تمثلها في واحدة أو أكثر من الدول الأوربية (الحزبان الكرديان الرئيسيان لديهما مكاتب في أمريكا ايضاً). وقد قامت بنسج شبكة من العلاقات مع المنظمات غير الحكومية، ومع الساسة والبيروقراط على المستويات المحلية والوطنية والأوربية. لقد تجنبت الحكومات التعامل المباشر مع الإدارة الكردية المنتخبة في كردستان العراق، لعدم رغبتها في منح [الإدارة الكردية] مزيداً من الشرعية، وبالتالي فتح الباب أمامها نحو الاستقلال التام، إلا أن الحزبان الكرديان الرئيسيان، أقامامنذ عام 1991 علاقات مباشرة،وعلى مستويات عاليةمع العديد من الحكومات، كما أن لدى الإدارة الكردية مكاتب في تركيا، التي كانت حتى وقت قريب تتنكر لوجود الكرد، وهي تقوم بأعمال سفارة صغيرة. كما إن الكثير من المنظمات الأجنبية غير الحكومية نفذت أعمال إغاثة في كردستان، بالتعاون مع الإدارة والأحزاب الكردية (متجاوزة، في حالات كثيرة، حكومة بغداد).
إن حزب PKK محظور في ألمانيا، لكن العديد من ممثلي الحكومة الألمانية الرفيعي المستوى التقوا بزعيم PKK عبدالله أوجلان في سورية ولبنان منذ 1995، وحتى في ألمانيا نفسها، فقد استمرت لجان التضامن ومكاتب الاستعلامات التي ترتبط بـPKK بشكل غير مباشر بالعمل، وأجرت اتصالات على مستوى منخفض مع السلطات. كان PKK هو أول حزب كردي يدرك أهمية أكراد الشتات، فأرسل المنظمين إلى ألمانيا والسويد قبل انقلاب 1980 العسكري في تركيا. واعتباراً من أواسط التسعينات، اعترف أيضاً بأنه لم يستطع أن يكسب بالكفاح المسلح، أكثر مما كسبه لغاية ذلك الوقت، وقد بذل جهوداً في الانتقال من النضال العسكري إلى الدبلوماسية. وتمنى أن يُدخل الدول الأوربية كوسطاء بين الكرد والحكومة التركية، وفي الوقت نفسه تمنى على أوربا أن تضغط على تركيا لصالح حقوق الكرد الثقافية والسياسية.
إن السبب المباشر الذي دفع أوجلان إلى السفر إلى روما، وطلب اللجوء في إيطاليا في تشرين الثاني/نوفمبر 1998 (المشار إليه في الحاشية رقم 3) هو أنه أُرغِم على مغادرة سوريا قبل شهر إثر ضغط تركي كبير. لكنه يُظهر أيضاً قناعة PKK بأن أوربا كانت الساحة التالية لممارسة النضال الكردي. وفق هذا الفهم، فإن أكراد الشتات المنظمين يمكنهم على المدى الطويل ممارسة الضغط على تركيا، أكثر مما يستطيع جيش PKK (الذي بات مقطوعاً بشكل تدريجي عن المجتمع المدني، وبات أقل فعالية من الناحية العسكرية بسبب تهجير الريف الكردي) وقد لاقى وصول أوجلان ترحيباً من لدن المنظمات المنافسة، وتسبب بفورة من الأنشطة الدبلوماسية الكردية، حيث بدأ الكثير من السياسيين من مختلف التنظيمات بالتحضير لـ” المؤتمر القومي الكردي” وعقده في مكان ما في أوربا في ربيع 1991[14].
بروز هويات إثنية “أصغر” بين الكرد
لم تكن الهجرة والاتصالات الخارجية حاسمة فقط في تطوير القومية الكردية بشكلها الحالي، ومساهمة ـ بما يشبه المفارقة ـ في التكامل الداخلي للمجتمع الكردي، بل ساهمت كذلك في زيادة الوعي القومي للجماعات “دون الوطنية” بينهم، لعل من أبرزها العلويين والناطقين بالزازية[15]. إن هامش حرية النشر باللغة الكردية الأكبر و(في السويد) التعليم باللغة الكردية في المدرسة الإبتدائية لأطفال المهاجرين (خلال الساعات المخصصة للتعبلم باللغات الأم)، هي التي جعلت بعض الناطقين بالزازية مدركين لالاختلاف بين لغتهم والكردية الفصحى. في الثمانينات بدأ عدد من الناطقين بالزازية في كل من السويد وألمانيا، الذين عرّفوا في السابق أنفسهم على أنهم أكراد، بالحديث عن الزازية كشعب مختلف، له ثقافته وتاريخه المشترك المستقل عن الكرد. وتم نحت الاسم الموضعي “زازستان” الجديد كلياً، في إشارة إلى المنطقة التي ينحدر منها الناطقون بالزازية، وأُعلن عنه وكأنه كان موجوداً دوماً[16]. وهكذا فإن القومية الزازية لم تقع على آذان صاغية داخل تركيا- رغم أنها، أو ربما لأنها، كانت مدعومة من دوائر رسمية معينة.
لطالما كان الكثير من العلويين الكرد مترددين إزاء هويتهم الإثنية، حيث أن الكردايتي من وجهة نظرهم ارتبط بشدة بـ”التعصب” السني. (الزازيون السنة، من ناحية أخرى، حددوا مؤخراً دون غموض هويتهم على أنهم كرد، لكن الزازيون العلويون يميلون إلى النأي بأنفسهم قليلاً عن تلك الهوية). كانت الفترة الممتدة بين أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات هي أيضاً الفترة التي شهدت الانبعاث العلوي في تركيا، وفي الشتات على حد سواء[17]. الانبعات العلوي كان،في جزء منه، رداً على انتعاش الإسلام السني- إن أقوى التنظيمات التركية والكردية في الشتات هي للمسلمين السنة، حيث لم يرغب العلويون أن يتم تمثيلهم فيها، ولذلك أسسوا تنظيماتهم الخاصة للتأكيد على أن لديهم حاجات وأولويات مختلفة. وقد لاقى ذلك ترحيباً من لدن الدوائر العلمانية في الإدارة التركية. في الوقت ذاته، اعتقدت الدوائر الرسمية في تركيا أنه يمكن التقرب من العلويين الكرد بسهولة أكثر من الحركة الكردية الانفصالية، وذلك باللجوء إلى عدم الثقة المتبادلة بين السنة والعلوية.
ثمة صراع على الاستحواذ على عقول وقلوب الناطقين بالزازية. ويعتبر كل واحد من الأحزاب المتنافسة نفسه المتحدث باسم الهويات الزازية والعلوية من جهة، والقوميين الكرد من جهة أخرى. وتُعتبر المدن الأوربية (ولا سيما برلين) حالياً ساحة رئيسية، حيث تُخاض المعركة. لكن الأحداث في تركيا وأوربا مترابطة بإحكام وربما، في جزء منها على الأقل، ستحبط أية “نزعات انفصالية” زازية أو علوية، والتي كانPKK قد سرّع من وتيرتها، ليكسب بذلك موطئ قدم له في تونجلي [ديرسم]. وقد أدى ذلك بدوره إلى العمليات العسكرية لعام 1994 و1995 والتي في ضخمها أضطر عدد كبير من القرويين على إخلاء قراهم[18].
خـاتـــمة
لقد غيّرت التنقلات السكانية الطوعية أو القسرية في الثمانينات والتسعينات وجه المجتمع الكردي، وطبيعة الحركة الكردية بشكل كلي. إن مكانة كردستان تبقى محورية في ضمير الكرد باعتبارها أرض أجدادهم، ولكن نسبة الكرد الذين يعيشون هناك انخفض بشكل مثير. إن الكثير من النشاطات الكردية الثقافية والسياسية الهامة لا تحدث في كردستان، ولكن في أماكن أخرى (وهذا ينطبق بشكل خاص على كردستان تركيا). لقد أُضيف إلى كردستان الحقيقية كردستان افتراضية عبر الأثير والانترنيت، والكثير من النضال القومي الكردي يقع ضمن إطار الأخير.
إن الشتات الأوربي بتعداده الكبير من العمال والمثقفين الكرد المنفيين، لعب دوراً رئيسياً في نهضة الثقافة الكردية الكرمانجية، وحفّز على نهضة مشابهة في تركيا وكردستان. لقد لعب الشتات دوراً في غاية الأهمية للأحزاب الكردية ولا سيما لـPKK، فقد زوّده بالمال وبالموارد البشرية، وأفسح المجال للأحزاب بتثقيف كوادرها وتحسين التواصل مع وسائل الإعلام المختلفة، وأن يقيموا شبكة علاقات مع الشخصيات والحكومات والمنظمات غير الحكومية، ووّفر الجماهير التي تحتاجها الأحزاب لممارسة الضغط على الحكومات والرأي العام.
إن القضية الكردية في هذه الحالة لم تعد مجرد صراع على قطعة أرض بعيدة وهامشية تخص بشكل رئيسي تركيا والعراق وإيران وسوريا، بل باتت مشكلة أوربية بشكل متزايد، وعلى الأوربيين واجب إيجاد حل لها. إن هذا لا يعني أن الحالة القانونية لكردستان باتت لا علاقة لها بالموضوع، فرمزية الهوية الكردية ستبقى ذات أهمية رئيسية مثلما هي إسرائيل بالنسبة ليهود الشتات. من الواضح أن السلطات التركية تتوقع أن الهجرة الجماعية من كردستان سوف تؤدي في النهاية إلى انصهار الكرد، ومن ثم اختفاء تدريجي للقضية الكردية. غير إن هدف هذه الورقة هو تبيان أن هذه الهجرة الجماعية بالذات،هي التي أدت إلى انتعاش الهوية الكردية، وانتعشت كذلك هويات الإثنيات الصغيرة التي تعيش بين الكرد.
[1]مارتن فان برونسين باحث هولندي متخصص بالشؤون الكردية وله كتب عديدة في هذا المجال نذكر منها:
1-الآغا والشيخ والدولة : حول التنظيم الاجتماعي والسياسي لكردستان (1978). 2-الصراع القومي والديني في كردستان إيران (باللغة الألمانية 1981). 3-العشائر الكردية والدولة الإيرانية: ثورة سمكو نموذجا (1983). 4-الكرد في تركيا (1984). 5-الإسلام والسياسة في تركيا وكتاب آخر حول ثورة شيخ سعيد (باللغة الألمانية 1985). 6-الكرد بين العراق وإيران (1986). 7- بين حرب الغريللا والاغتيال السياسي (1988). 8-الأكراد ولغتهم في القرن السابع عشر: ملاحظات أوليا جلبي عن اللهجات الكردية (باللغة الفرنسية 1988). 9-الهوية العرقية للأكراد في كتاب (الجماعات العرقية في الجمهورية التركية (1989). 10-أكراد تركيا والمزيد من القيود على الحقوق الأساسية (1990).
وترأس، بالاشتراك مع المستكردة الفرنسية جويس بلو، مؤتمر الأكراد والمدينة الذي عقد في باريس 1996 وهو أستاذ في قسم الدراسات الشرقية في جامعة أوتريخيت (هولندا).. المترجم.
[2]م. محمود بايزيدي ، عادات كردستان، حرره إيزولي، لاهاي، 1979. [المترجم] وقد قام الصديقان جان دوست ومحسن سيدا بترجمته إلى العربية
[3]RohatAlakom, Eski Istanbul Kurleri (أكراد استانبول القديمة](Istanbul: Avesta, 1998)
[4]كان للحدثين الآخرين نتيجة تمثلت في ترك أوج آلان سورية وبشكل غير متوقع وصل إلى إيطاليا في الثاني عشر من تشرين الثاني واستحوذ على اهتمام الإعلام وخلق نزاعاً بين تركيا وإيطاليا عندما رفضت الأخيرة تسليمه. الأحداث الأخيرة هذه تمت مناقشتها فيما يأتي.
[5]تم التشكيك في جدية هذه الهجمات ومزاعم الكرد باستخدام الغاز ضدهم على نطاق واسع من قبل الصحفيين وقد أُثبِت صحتها فقط ما بعد 1991 عندما وقعت وثائق الحكومة العراقية بأيدي الكرد وتم إرسالها إلى الولايات المتحدة بغية تحليلها. انظر تقرير هيومان رايتس ووتش /الشرق الأوسط، جريمة الإبادة الجماعية في العراق: حملة الأنفال ضد الكرد (New Haven: Yale University Press, 1995).
[6]أقام البرلمان التركي في 1997 لجنة للتحقيق في مشكلة إخلاء القرى بالقوة. بحسب تقرير تلك اللجنة فإن 905 قرية كبيرة و2523 قرية صغيرة (بالتركية تسمى mezra) تم إفراغها من سكانها. للاطلاع على تقرير مفصل عن التهجير في منطقة تأثرت بشكل خاص بالتهجير، انظر Netherlands Kurdistan Society, Forced evictions and destruction of villages in Dersim (Tunceli) and western Bingol, Spetember-November, 1994 (Amsterdam, 1995)
[7]Mehmet Ali Aslan MulteciKurtler[اللاجئون الكرد](Ankara: Demokrasi, 1988), Erbil Tuslap,ZehirYuklubuluntlar: Halepce’denHakkari’yeالغيوم السامة من حلبجة إلى هكاري (Ankara: Bilgi, 1989) UmitFirat et al.. Halepce’denkamplara ألكرد …من حلبجة إلى الخيم (Istanbul, Alan-Belge,1990).
[8]نُوقشت المضامين الدولية لعملية “توفير الراحة” (التي أعلنت عن قيام الملاذ الآمن) وقوة الحلفاء “المطرقة المتأهبة” (التي تولت حمايتها) في Helena Cook, The safe haven in northern Iraq: international responsibility for Iraqi Kurdistan (London: Kurdish Human Rights Project, 1995)
[9]الناطقون باسم الشرطة أعطوا أرقاماً أخرى، وربما جديرة بالثقة أكثر، في مناسبة أعمال الشغب التي تخللت نوروز 1996 في ألمانيا حيث قدّرت أنه هناك نحو 7500 من مليشيات PKK المتشددين، واستطاع PKK أن يحشد نحو 50,000 متظاهر وفي الاجتماعات الجماهيرية.
[10]يصنف محمود لوندي 123 مجلة صدرت في السويد لوحدها في الفترة الممتدة من 1956 إلى 1998 منها 98 مجلة بإحدى اللهجات الكردية “Di 100 salîyarojnamegerîyaKurdi de rojnameûkovarênku li Swêdêderketine” ” في الدورية الكردية Çira 15-16 ، 1998، 103-6) أما الكتب باللغة الكردية المنشورة في السويد منذ 1974 هو 268 كتاباً كما يذكر لالش قاسو (في الأسبوعية الكردية Rohani أيلول/سبتمبر 1996-10
[11]معظم المطبوعات في السويد كانت تبيع أقل من 1000 نسخة. للاطلاع على دراسة مفصلة عن النشر في السويد انظر M. Tayfun, Kurdiskifprfattarskop….(Stockholm: Apec, 1998)
[12]كان PKK هو التنظيم الكردي الوحيد الذي بدا أنه غير مبال كثيراً بتطوير اللغة الكردية حيث كل منشوراته كانت باللغة التركية. مؤخراً جداً بات يولي اللغة الكردية مزيداً من الاهتمام ويقوم برعاية مؤتمرات لغوية وبث MED-TV باللغة الكردية. ويُقال أيضاً أن عبدالله أوج آلان لم يكن يتكلم أبداً أو يتكلم بلغة كردية ضعيفة جداً، ولكنه يُلقي الآن خطابات بلغة كردية سليمة.
[13]عبارة “السيادة في الهواء” مقتبس من حسنبور Hassanpour “MED-TV, Grossbrtannien und der turkischeStaat”
[14]في السادس عشر من كانون الثاني/يناير 1999 أُقنِع أوجلان بمغادرة إيطاليا إلى مكان لم يُكشف عنه. وكان قد أبدى رغبته في الوقوف أمام محكمة دولية بتهمة الإرهاب متوقعاً أن يكون قادراً على تحويل المحاكمة إلى مقاضاة لسياسات تركيا تجاه الكرد، ولكن لا ألمانيا (التي كانت قد أصدرت مذكرة لاعتقال اوجلان في 1990، والتي على أساسها اعتقلته إيطاليا في البداية) ولا كذلك أي دولة أوربية أخرى أبدت استعدادها لوضعه أمام المحكمة.
[15]العلوية طائفة دينية مهرطقة ينتمي إليها نحو 20% من أكراد تركيا (وتقريباً نفس النسبة من الأتراك هم أيضاً علويون): الزازية هي لغة قريبة من الكردية المحكية في كردستان تركيا. لقد ناقشتُ هذه الحركات البين-كردية في “Nationalismekurde et ethincites intra-kurdes”, PeuplesMediterranees 68-69 (1994), 11-37 والنقاش حول الهوية القومية للكرد العلويين في K. Kehl-Bodrogi et al. (eds.) Syncretisticreligions communities in the Near East (Leiden: Brill, 1997), 1-23.
[16]نُحِت اسم زازستان لأول مرة من قبل أبوبكر باموكجو في السويد في أواخر الثمانينات.
[17]Martin van Bruinssen, “Kurds, Turks, and the Alevi revival in Turkey” Middle East Report #200 (Summer 1996), 7-10.
[18]Netherlands Kurdistan Society, Forced evictions and destruction of villages in Dersim.