كَنَجْمةٍ تَرْعَى اللّيل في أَنينهِ الأَخير

شارك هذا المقال:

خالد حسين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

“أبحثُ عنكَ وأمحوكَ قبل أنْ تَشِي بكَ غفلةٌ”

…..

(I)

إزاءَ لِحَاظِكِ بِأَهْدَابِهَا الموشومةِ غَسَقَاً تَتَعَرّى المجَاهِيْلُ من أَسْرَارِهَا…!

(II)

إنّها تلك الحكايةُ في طَرَاوتِهَا:

المدنُ السِّحريةُ التي تَخْتَبِىءُ في عينيكِ.

خُصَلُ شَعْرِكِ الكِثَافُ، الضّاربةُ إلى لونِ الحَيرةِ وهي تأخذُ شكلَ مساءٍ هادىءٍ…

ابتسامتُكِ ما يُؤْنسُ الوَحْشَةَ من وَحْشَتِهَا ـ ثنيةُ الحرير، رفةُ جناحي فراشةٍ في آخر الأصيل..

بين رُوْحِكِ المتردّدة وقَلْبِكِ الجسور، هَكَذَا عَلَى وَجْهِ الاحْتَمَالِ، يَمْضِي الليلُ إلى أَحْلامِهِ بأقدامٍ من ريشْ…

في هذا الرَّبيع يَنْغَمِرُ الشَّاعِرُ بعِطْرِ رَسَائِلِكِ ــ يَتَلاشَى في ظِلالِكِ، يَتَدَاعَى في نداءِكِ حتّى تَبْزُغَ وردةٌ على حَافّةِ القَلب…!ِ

III

كَنَجْمَةٍ تَرْعَى اللّيلَ في أَنينهِ الأَخِير؛

تَرْصُدُ “الإناثَ” المختبئة في لُغَتِهِ،

تَعُودُ بِهِ إلى زَمَنِ العُشْبِ والكَمأِ في غبطةِ النّهد وأَسْرَابِ الطُّيور القَادمةِ من فِجَاجٍ بعيدة..

أيتها الطّريةُ كليلٍ مُنَدَّى في بلاد النرجس؛ املئي جراركِ نجوماً من نبع الحبّ في انحدارةِ التلّ الكبير قبل أن تَقْطفَكِ العتمة…  

IV

هَذهِ الأَزْمِنَةُ الخضراءُ التي تَنْبَجِسُ من غنائِك

تَفْتَحُ الفِتنةُ فينا صمتاً يتلو على الليل قصائده…!

أيُّهَا “الأَبَدُ” عُدْ بقطعانكَ البيضاءَ التي تَاهَتْ عن الينابيع.  

أيُّهَا الحكيمُ لا تَمْضِ بأَفْرَاسِكَ المطَهَّمَة بَحْثَاً عن أَشْجَار اليَقينْ.

هنا؛ عَلَى هَذِه العَتَباتِ الحجريةِ تَحْتضنُ امرأةٌ الأفقَ، الغابةَ والعَالمَ بجناحين عَارمينْ.

في هذا المساءِ يَنْدَلِعُ صوتُ المغنيةِ رهيفاً، يترامى وارفاً:

البحيرةُ تَسْهُو في شُرُوْدِهَا…وأنا أُعَانقكِ في سَمَاواتِكِ المرَصَّعَةِ باليَاقوت.

V

كان مَسَاءً من اللوز

وكان الدَّرْبُ مَأْهُوْلاً بالخزامى

ها هي المدينةُ بِحَدائقهَا، بأبراجِهَا العَاليةِ تستضيفكِ أيّتها الحمامةُ، بممراِتَها الضّيقةِ فيما نباتات اللاڤندر تَسْطُو عَليكِ بشغفٍ…

في سَمَاءٍ بزرقةٍ رهيفة، يتذكّرُ الشَّاعرُ مساءَ اللوز، عينيكِ الغائمتين بِوَشْمِ الرّغبة، أصابعَكِ المرتكنةَ بنعومةٍ إلى كتفيه، يَتَذكّر الممرَّ الملتبسَ بين الأشجار، الممرَّ الذي خَاتَلَكُمَا إلى عِنَاقٍ طَوِيْلٍ حيث النّبيذ في أَوْج الهَذيان:

كان الدَّرْبُ مَأْهُوْلاً بالخزامى وكان الليلُ يقتربُ مثلَ طائرٍ أَلِيْف.

VI

هُنَاكَ على ضفَّةِ البُحيرة،

عَلَى تِلْكَ الصَّخْرة وبالقُرْبِ مِن تِلكَ السَّمواتِ الزَّرقاء…

حيثُ قِفْطانُكِ الكرديُّ يَسْحَرُ إلهَ الرّيح

شالُكِ يَغْويه الماءُ

قَامَتُكُ يَنْهَبُهَا الرَّقصُ

ونَاي العَازفِ الإيزيدي يُحَاصِرُ الأبديةَ بحنانْ.

هناكَ على ضفّةِ تلكَ البُحيرةِ الصّغيرة،

بين أَصَابع عَاشقين، بينَ جَسَدين، بين نِدَاءين تَسْتيقظُ نارُ نَوْروز…!  

============
اللوحة للفنانة: روݘين حاج حسين

شارك هذا المقال: