الصيد بالطيور الجارحة في كردستان لوحات المجد الغابر

شارك هذا المقال:

 

 

مقدمة:

عرف الإنسان الصّيد بالطيور الجارحة كالصقور وغيرها في الحضارات القديمة كالصين ومصر وبلاد ما بين النهرين منذ أكثر من 4000 عام، ولربما ارتبطت الطيور الجارحة في كثير من الحضارات بالمعتقدات الدينية؛ فإله الحرب «حورس» يتّخذ هيئة الصقر.

و يبدو أن الصّيد بالطيور الجارحة كنوع من التريّض المبهر للملوك انتشر في الصين، ومنها انتقلت إلى الهند، ثم إلى الشرق الأوسط فأوروبا1.

 

ولم تكن كردستان بعيدة عن هذه المؤثرات، ونلحظ أقدم الإشارات عن علاقة الشعوب التي عاشت في كردستان بالطيور الجارحة من خلال وجود تماثيل للصقور في معابد تل حلف وجبل نمرود؛ مما يدلل على ارتباط الصقر بعقائد دينية معينة.

من أقدم الإشارات على ترويض الطيور الجارحة والتريّض بها هو النُصبُ التذكاري الذي اكتشف في مدينة مرعش القديمة (جوروم) جنوب شرق الأناضول والذي يعود للقرن الثامن قبل الميلاد، ويمثل صورة أمٍّ وطفلها الذي يمسك صقرًا مربوطًا بخيط.

ازدهار الصّيد بالطيور الجارحة في كردستان:

بناءً على ما تتوافر لدينا من أدلة وإشارات فنستطيع القول: إن هذه الرياضة ازدهرت في كردستان في الألفية الأخيرة خاصّة؛ وذلك لتوافر مقوماتها ودواعيها، ومنها: تنوع طبيعة كردستان من بحيرات وجبال وأنهار وغابات، ووفرة الطرائد من حيوانات وطيور، ولا سيما في ظل فترات السلم والرخاء الاقتصادي التي سادت كردستان أو أجزاء منها، فضلًا عن ذلك فإن رياضة الصّيد تناسب نفسية الإنسان الكردي وطباعه كما يقول المستشرق (توما بوا): “باستطاعة المرء أن يتصور مدى ما يشعر به الكردي من المتعة عند خروجه إلى الهواء الطلق؛ لتطبّعه على ذلك فيشتاق إليه أكثر من أي شيء آخر، ويأتي الصّيد قبل جميع تسلياته، لأن الكرديّ رياضيّ متحمس، خشِن جموح وهدّاف ممتاز يعتبر الصّيد رياضةً محببة2.

لذا لاقت هذه الرياضة عناية الأمراء والخاصّة والقادة؛ فقاموا بصيدها وتدريبها والصّيد بها، وبذلوا لها ما تحتاجه من عناية ورعاية واهتمام خاص وفق ما تقتضيه.

ولأنها تحتاج جوًا يسوده الاستقرار والسلام فلا نجد لها ذكرًا عند (ريج) المقيم البريطاني في بغداد في كتابه (رحلة إلى بغداد – كردستان – إيران) الذي زار أمراء السليمانية البابانيين الذين كانوا يعيشون جوًا من القلاقل لوقوعهم الحدود بين العثمانيين والإيرانيين عام 1820م على الرغم من حرصهم تقديم ألوان من الرياضات والفنون كجزء من الكرم تجاه ضيفهم (ريج)، كما لا نجد لها ذكرًا عند الملا محمود البايزيدي في معرض حديثه عن الأكراد الرّحل مع ما ذكره من صنوف رياضاتهم وتساليهم في كتابه: (رسالة في عادات الأكراد وتقاليدهم).

واتخذ الصّيد عند بعض الأمراء كنصر الدولة المرواني الذي حكم ميافارقين وديار بكر بين عامي (401 – 453 هـ = 1011 – 1061 م) طقسًا شبه يومي كما يذكر عنه الفارقي في كتابه (تاريخ الفارقي): (وكان يركب نصر الدولة من غدوة إلى الصّيد ويعود ضحوة) 3.

ويرجّح أن يكون السببَ رفاهيةُ العيش التي كان يتنعّم فيها نصر الدولة حسب الفارقي: (ولقد كان لغيره من السلاطين والملوك والبلاد والاسم ما لم يكن له مثله، ولكن ما تنعموا مثل ما تنعم نصر الدولة، ولا نالوا من اللذة ورفاهة العيش ما نال)4.

كما نجد في سفر التاريخ الكردي الأعظم (شرفنامه) للأمير شرف خان البدليسي عبارات تدلّ على قيام الأمراء الكرد بالصّيد ولأن الكتاب كان كتابًا تاريخيًا فقد ركّز الكاتب على الأحداث التاريخية إلا ما ورد عرضًا في سيرة أمير أو حاكم5، لكنّ الكتاب بالإضافة إلى غزارة المعلومات التاريخية تضمن مجموعة من اللوحات عددها 20 لوحةً رائعةً رسمت -على الأغلب- بريشة الكاتب شرفخان البدليسي نفسه: “تمثّل وتشخّص بدقّة أحوال النّاس في كردستان وتصوّر عاداتهم وتقاليدهم6

إنّ تلك اللوحات تصوّر جزءًا من الحياة الاجتماعية في كردستان في تلك الحقب الزمنية مثل: الآلات الموسيقية، وأدوات الحرب، وأثاث البيوت، وأشكال الدور، والأزياء الكردية، والرياضات أو الهوايات.

وجاءت في (5) لوحات من اللوحات العشرين صورّ لطيور الصّيد وأدوات تدريبها كالقفاز ومجثم الطير (الوكر) ومشاهد الصّيد، فاللوحات التي تمثل قصور الأمراء في هكاري والعمادية وبوطان وبدليس تظهر البازيار (وهو الشخص الذي يصطاد بطيور الصّيد ويدربها)، كما تظهر اللوحات مشاهد الصّيد بالطيور كما “في لوحة مشهد الصّيد في هكاري7. ويبدو أن تلك الرياضة كانت من لوازم حياة الأمراء وعادة مألوفة لديهم.

 

ويصف لنا (أوليا چلبي) الذي يعدّ أهم رحالة العصر العثماني في رحلته إلى كردستان حياةَ حاكم إمارة بدليس (عبدال خان) أثناء زيارته للحاكم برفقة والي وان (ملك أحمد باشا) (الصدر الأعظم سابقًا )عام (1065 هـ / 1655 م) فيقول عن الخان:” كما إنه درس كتب (البيطرة)، ويعرف بأمراض وعلل الحيوانات، وهو صياد ورام جيد على الهدف لا نظير له، وهو يملك العديد من طيور الصّيد التي قام بتربيتها وجعلها طيورًا أليفة مثل: (بوزدوغان، چاقر، بالبان، زغنوس، شاهين، سيفي، سنقر، طيفورك، قرقل، قرچينا، كو چو كزود، لينكح، قرقوش، آتماجه، قره كوك8. (أورد المترجم أسماء الطيور بالتركية كما ذكر الكاتب).

ويذكر لنا (أوليا چلبي) بعض المعلومات المهمة عن الصّيد وأساليبه وطرق علاج الطيور الجارحة المصابة، ومن المستغرب أن تدوّن – في ذلك الوقت – أعداد الطيور المصادة في السجلات، حيث يقول السيد (أوليا چلبي) : ” وفي وديان بدليس يقومون مرة واحدة في السنة بصيد الدراجي (القبوچ)، وفي إحدى تلك الأيام قاموا بصيد سبعين ألفًا من (القبوچ) حسب ما هو مدوّن في السجل، وهناك أسلوب خاص لصيد تلك (القبوچ) حسب توجيهات الخان وكما يلي: ينتشر الأكراد لمدة ثلاثة أيام في الجبال والوديان، ويطلقون الرصاص بشكل يؤدي إلى تجميع الحيوانات البرية والطيور إلى أماكن الصّيد، وفي اليوم الثالث يبدأ الخان ورجاله والناس الآخرون بصيد مئات الآلاف من الطيور والقبوچ، ومن ذلك اليوم ولمدة ثلاثة أشهر تباع تلك القبوچ، وينصرف الناس عن أكل لحوم الأغنام و الخرفان، ويشبه (الخان) في مراسيم الصّيد هذه والمهرجانات يشبه (منوشهر)؛ حيث لا يعرف الكلل والملل، فإذا أصيب أحد طيور الصّيد أو وقع أو جرح يترجّل (الخان) بنفسه لمعالجته، ويبدأ بالصّيد من جديد، فمنها ما أصيب برأس سهم في بطنه، أو كسرت أجنحته، أو تأثر منقاره، فيقوم (الخان) بمداواته حتى يطيب، ولو وقع أحد الطيور أو نزف الدم من أحد مواضع جسمه، يقوم بغسل ذلك الموضع بالخل لمرتين ويخلط مسحوق (قيومچي) وحبوب القرع المائي، فيطحنها جميعًا، ثم يخلطها مع عشب (سيغير) ويضعها على موضع الجرح، فيقوم هذا الدواء بجمع الدم الفاسد في مكان ما، ثم يقوم بفتح ذلك المكان بالشفرة لكي يخرج الدم الفاسد فيطيب الطائر، وهذه واحدة من تجارب (الخان)9.

ويقول أوليا جلبي عن (الخان):” لقد أنعم الله على هذا الرجل بالذكاء والوعي والعلم والفهم والعبقرية بحيث لا يضاهيه أحد في مئات الحرف والفنون والخبرات، فهو (جمشيد) زمانه، ولو تحدثت هنا عن كافة علومه، فسينتج عن ذلك كتاب كبير10. 11

احتفالية الصّيد هذه التي يوردها (أوليا جلبي) عن لسان الخان يبدو أنها كانت طقسًا احتفاليًا معروفًا في عموم كردستان وعلى مدى قرون، فيذكر السيد (علي أكبر كردستاني) في كتابه الحديقة الناصرية الذي انتهى منه (1309 هـ / 1892م) في حديثه عن مدينة (بانه) الكردية شيئًا يكاد يكون مطابقًا:” كما يتم خلال فصلي الخريف والربيع صيد الحجل، وهو يتم وفق طقوس معينة لا يمارسها أحد في أي جزء من العالم، ولقد حضرت احتفالات الصّيد12. ثم يتحدث عن خروج الحاكم والناس للصيد، ومكان الصّيد وقواعده، ومدة الصّيد التي تدوم ثلاثة أيام، ويكمل:” وفي هذه الأيام الثلاثة ومن شروق الشمس إلى غروبها تتوافد أسراب الحجل بمئات الآلاف إلى المضيق المذكور، ولا يفلت طائر واحد من تلك الأسراب الكثيفة من يد الأهالي13.

ويبدو أن وفرة الطرائد في مدينة بانه جعلها مكانًا مناسبًا لصيد الصقور نفسها وفق ما ذكر المؤرخ (كردستاني):”تحتكر منطقة بانه صيد الصقور، لأن صقور كردستان كلها موجودة في بانه14.

ويقصد المؤرخ (كردستاني) من لفظ كردستان هنا كردستان الشرقية التي كانت تحت النفوذ الإيراني، ولا يبعد أن تكون هناك أماكن أخرى من كردستان كانت تصاد فيها الصقور، فقد ذكر القاسم بن علي بن الحسيني الزينبي (477 هـ – 543 هـ)15 في مخطوطة (القوانين السلطانية في الصّيد)16 :”أن الأكراد في جبل الهكارية على ولاية شهرزور وحلوان يصيدون العقبان ويربونها “.

وذكر الأمير شرف خان البدليسى في حديثه عن بلدة موش:” وتوجد من طيور الصّيد في جبال هذه البلاد البزاة البيض من أعلى الأصناف التي ليس لها نظير17. كما ذكر السيد (ريج) في رحلته عام 1820م عند حديثه سهل مدينة أربيل:” وتصاد هنا الصقور البالابانية في هذا السهل أيضًا، وتصدر إلى كردستان خاصة18. ويبدو مما سبق أن صيد الصقور والاتجار بها كانت تجارة رائجة في كردستان لارتفاع الطلب على الصقور.

وقد بلغ من ولع الأكراد بالصّيد أنها كانت سبب إنشاء مدينة السليمانية على يد إبراهيم باشا الذي نقل العاصمة من (قه لا جوالان) إلى السليمانية رغبة في الشهرة وولعًا بالصّيد حيث لم تكن (قه لا جوالان) تناسب هذا الضرب من التسلية19. كما يذكر ذلك السيد ريج.

ويذكر ريج أن أمير العمادية الذي كان يتميز بمكانة دينية كبيرة بين الأكراد كأسلافه حتى بلغ الأمر ببعضهم أن يتحجب عن الناس، لكن يبدو أن متعة الصّيد تلجأ الأمير على أن يغير كثيرًا من عاداته:” وعندما يخرج الباشا (يقصد حاكم العمادية) إلى الصّيد يغير ملابسه قرب العمادية بملابس الجبليين من العوام، يتسلق بها المرتفعات وينبطح أرضًا في انتظار الماعز الجبلي مانعًا نفسه عن رمي ما قل عمره عن أربع سنوات. ويسهل على أعين الخبراء معرفة اعمار هذا الماعز من بعد من قرونها. وهذا النوع من الصّيد، والصّيد بالإشراك، والفخاخ، وبالرمي، وصيد الحجل بالباز، هي الرياضة الوحيدة في منطقة العمادية لكونها جبلية لا يمكن مزاولة القنص فيها على ظهور الجياد20.

ويذكر الرحالة الفرنسي (هنري بنديه) في رحلته إلى كردستان عام 1885 بعض أساليب الصّيد بالطيور الجارحة عندما التقى حاكم مدينة أورمية الذي يري (بنديه) صقوره ويعلمه بعض مهارات تدريب الصقور والصّيد بها، بينما يعجب السيد (بنديه) به ويصفه بالصياد العظيم: “يستقبلنا الأمير بحفاوة؛ فيقدم لنا على التوالي العصير، والقهوة والشاي، ثم يرينا صقوره، هو صيّاد ماهر ويعطينا بنفسه تفاصيل عن القنص بالصقور التي كنت أجهلها من قبل: ينقض الصقر على رأس الطريدة، ويفقأ عينيها، فتفقد البصر، فلا يدري الحيوان المسكين أين يذهب فيسهل صيده، فبعدما تصبح الطريدة على مرمى البصر يتم فك البرقع عن الصقر وهنا تكمن مهارة القناص، فالطائر المنبهر سيتجه نحو الطريدة كسهم حيّ، أما إذا تمّ إطلاق الصقر بشكل خاطئ فلن يرى الفريسة وستفشل العملية.
إن ترويض هذه الطيور مثير للفضول، فلتعليمهم كيفية الانقضاض على رأس الطريدة بهذا الشكل، نقدّم لهم يوميًا بدل وجبتهم عيون غزال محشو أو أي حيوان آخر نودّ اصطياده.” .21
سيصور السيد بنديه الأمير أو الصياد العظيم كما وصفه حاملًا صقره22.

 

و ستثير صورة الصياد الكردي مخيلة الرسامين الغربيين في القرن التاسع عشر؛ فهناك لوحات عديدة تتشابه لدرجة كبيرة ولا يختلف فيها سوى ملامح الأمير وملابسه
وبعض التفاصيل الأخرى: حيث يعتلى الحاكم حصانه حاملًا صقره بانتظار الفرائس كما في لوحة (صيد الأمير الكردي Hunting Kurdish Prince) للفنان (Falkenjagd-Fauconnier Kurdi-WindHunde 1862).

 

ويعتقد أن هذه الرياضة ظلت مزدهرة في كردستان حتى الربع الأول من القرن التاسع عشر؛ فيذكر الأب (توما بوا) الذي أرسل إلى منطقة الشرق الأوسط من (1927) وظل لعام (1975) عند حديثه عن الصّيد عند الأكراد في كتابه (الكرد):” ويتم تدريب الصقور لأجل البزدرة، فيصبح الصقر الملكي (الشاهين) الذي يبلغ قيمته ثلاثين ليرة ذهبية، قادرًا على اللحاق باللقلق واقتناصه، وهناك جنس آخر (سيسه ر) وتبلغ قيمته عشرين ليرة ذهبية، وكذلك دوخان الأقل قيمة يصلح [لصيد] الحجول والحمام23.

 

ويذكر السيد عبد الرقيب يوسف الزفنكي مؤلف كتاب “الفن في لوحات كتاب الـ (شرف نامه) “: إن الصّيد بتلك الطيور كان معروفًا حتى عهد قريب، قبل وقوع الشيخ محمود الخالد (الحفيد) في الأسر كانت في حوزته طيور يصطاد بها، وكان القائمون على شؤون هذه الطيور من السليمانية، من هؤلاء البارزين السيد: حامد بك بن مجيد بك جاف وكان في الخامسة والتسعين من العمر أو فوق ذلك يقول: حتى أعوام 1950 م كنت أقتني طيورًا للصيد24. ” وكان الصّيد يتم بواسطة طائر ” هلو” (الصقر)، والباز، والشاهين، والترونته trunte، والباشق، وبواسطة الشاهين والباز كان يصاد الأرانب البرية والإوز والبط، وكان الفتيان يصطادون اليمام بواسطة الباشق والترونته trunte وهو أصغر من الباشق”25.

كما ذكر الباحث عبد الرقيب يوسف الزفنكي أسماء بعض مدربي الصقور في السليمانية أدركهم الموت قبل عام 1950 م يبدو أن كانوا من القلة الباقية من مدربي الصقور.26

في اللغة والآداب والرموز:

لا شك أن هذا الحضور الثري لهذه الطيور في الحياة الاجتماعية الكردية سيترك أثره في اللغة الكردية وآدابها من شعر وأمثال وقصص، ومن تجليات هذه الظاهرة في الحياة الاجتماعية التسميةُ بأسماء هذه الطيور لما تحمله من دلالات: القوة والسرعة والنزوع للحرية؛ فنجد إلى الآن بين الأكراد أسماء مثل: (شاهباز- شاهين-هلۆ – لاچين – قرتل).

ويعكس المعجم الكردي ثراء لغويًا من خلال كثرة أسماء هذه الطيور حسب أنواعها وصفاتها، مثل:

Şahîn، Baz، başîq، Bangvok- Başok, başewk، Balavan، Balindê şewbe, simsiyark،Dal، Eyluh، eylo، Hûlîlk، laşxwer،Qertal ،Farxan ،Laçîn ، Sîpir ،Teşîrêsk ،Terlan ،Simyar ، Simsimark ، Simsiwark

فضلًا عن ذلك كله فهناك عدد كبير من الأمثال الشعبية الكردية تدور حول هذه الطيور، تكشف عن نظرة الإنسان الكردي للحياة من خلال هذه الطيور أو المعاني التي تمثلها:

  • كالمثل الذي يقول:( Balindê (teyr) nîçîrê nikilê wî xwehre) وتعني أن الطير الجارح (الصّيد) منقاره معقوف، وتقال فيمن يعرف سلوكه وطبعه من سماته وشكله.
  • (baz bi bazan, qaz bi qazan, mirîşka kor bi dîkê kulek re) ومعنى المثل: عن الطيور على أشكالها تقع27.
  • baz di warê xwe de xweş nêçîrvan e)) ومعنى المثل: الباز قناص ماهر في أرضه28.
  • (cihê baz e, kund lê digaze)) ومعناه: مكان الباز صار مرتعا للبوم29.
  • (hemu teyr nêçîrê nakin) ومعناه: لا تصلح للقنص كل الطيور 30.
  • وهناك مثل آخر يقول: (على الإنسان أن يواجه خطر الصعود إلى القمم الشاهقة إذا أراد صيد الصقور).
  • هناك مثل آخر يقول: (mîr terka baz û şahîn kir, sîsyang û tilur kirin sewirdarên xwe31) ومعناه: (إن الأمير ترك مشورة البيزان والشواهين واتبع مشورة النسور)

والمثل مأخوذ من قصة شعبية كردية تدور حول زعيم الطيور (قَرال: qeral) الذي لم يستمع لنصيحة وزيريه: (الباز والشاهين)، ويستجيب مكرهًا لإلحاح الطيور القمّامة (النسور: silur- tilur) بأكل جيف الخراف المرمية خارج القرية؛ فيحط أولًا على الخراف المذبوحة حيث يقع في الفخ المنصوب له، ويُقدَّم – زعيم الطيور – طعامًا وعلاجًا لزعيم القرية المريض كما أوصى بذلك حكيم القرية، فيندم زعيم الطيور على ما بدر منه من ترك مشورة النبلاء، واتباع ذوي النفوس الدنيئة، ولات ساعةَ مندم، هذه القّصة صاغها الشاعر شفيق عيسى شعرًا وحكمةً في أبيات منها:

Qiral xwe diberda jêr *** ser termakî di hejand

Di xwest herê yekî din *** dafê lê ling di kişand

Peyayê paşê bezîn *** girtin mezinê teyran

Bû gengeşe li ezman: *** Çi qurban û çi heyra

Qiral digot: na neyê *** karê min barê min e

Silor û tilor bûn dost *** dubirak bê gotin e

ومن مظاهر الاحتفال الكردي بهذه الطيور أنها رسمت على الأعلام الكردية قديمًا وحديثًا: فقد رسمت على علم صلاح الدين ومنه انتقلت إلى أغلب الأعلام العربية الحديثة.

ووضعت على العملة التي سكّت في حسنكيف 1200 م رسم عقاب برأسين (دلالة زيادة في القوة) “وهو العقاب الذي اتخذه البيزنطيون رمزًا لإمبراطوريتهم، واتخذته روسيا والنمسا32.

ومازالت صورة الصقر أو العقاب تتسيد كثيرًا من الشعارات والأعلام الكردية الحالية، مثل: شعار حكومة إقليم كردستان – العراق، وشعار رئاسة الإقليم، وغيرها.

ومؤخرًا اندثرت هذه الرياضة نتيجة تدمير طبقة الأمراء والنبلاء التي كانت تنتشر بينهم تلك الهواية، ونتيجة الحروب المستمرة وسياسات الإفقار تجاه الشعب الكردي، واتجاه الإدارات المحلية وحكومة إقليم كردستان إلى حماية هذه الطيور من خلال المحميات الطبيعة، وانحصرت هذه الرياضة حاليًا في بعض المحاولات الفردية لصيد الطيور الجارحة وبيعها للأثرياء من دول الخليج الذين يشترونها بأثمان باهظة لما تحظى به هذه الرياضة من رعاية واهتمام في تلك الدول ويحتفى بها كجزء من تراث محلي.

وأخيرًا فبالرغم من قلة المصادر حول التاريخ الكردي عامة والحياة الاجتماعية الكردية خاصةً فإنّ ما وصلنا من شواهد وأدلة تكفي لرسم صورة واضحة عن ازدهار رياضة الصّيد بالطيور الجارحة في كردستان، وذلك نتيجة وفرة الطرائد وتعدد الإمارات الكردية واهتمام الأمراء بها، فضلًا عن ملاءمة هذه الرياضة لروح الإنسان الكردي التي تنزع للحماس والانطلاق والتحرر.

الهوامش:

  1. مجلة الفيصل، العدد 13، 1978م، ص 107.
  2. توما بوا، الكرد، ترجمة صلاح عرفان، مركز الدراسات الكوردية (كوردلوجي)، السليمانية، 2010، ص 93.
  3. أحمد بن يوسف بن علي بن الأزرق، تاريخ الفارقي، دكتور بدوي عبد اللطبف عوض، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 1959، ص 170.
  4. المصدر السابق، ص 172.
  5. شرف خان البدليسي، شرفنامه في تاريخ الدول والإمارات الكردية، ترجمة محمد علي عوني، الجزء الأول، دار الزمان، دمشق، الطبعة 2، 2006، ص 346
  6. الفن في لوحات كتاب الـ (شرف نامه)، تأليف: عبد الرقيب يوسف الزفنكي، ترجمة: دلاور زنكي، ص 38.
  7. المصدر السابق، ص 84.
  8. رحلة أوليا جلبي في كوردستان عام 1065 هـ – 1655 م، ترجمة: رشيد فندي، مطبعة خانى، دهوك: العراق، ط1، عام 2008، ص 133.
  9. المصدر السابق، ص 134.
  10. المصدر السابق، ص 136.
  11. ستثير صفات الخان وخيرات بدليس وتفوقها الحضاري حسد السلطان العثماني مراد الرابع ونقمته؛ فيقوم والي (وان) وصهر السلطان (ملك أحمد باشا) بتدبير مؤامرة واختلاق مبررات لا أساس لها من الصحة وجمع بحر من الجيوش للقضاء على تلك الإمارة عام 1655م بعد أن يظهر الخان وجنوده مقاومة بطولية، وسيسجل أوليا جلبي بصفته كاتب (ملك أحمد باشا) الخزائن والممتلكات وآلاف الكتب التي تم نهبها.
  12. علي أكبر كردستاني، الحديقة الناصرية في تاريخ وجغرافية كردستان، ترجمة: جان دوست، دار ئاراس، أربيل، كردستان العراق، ط1، عام 2002، ص 47.
  13. المصدر السابق، ص 47.
  14. المصدر السابق، ص 47.
  15. الزَّيْنَبِيُّ، أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ، البَغْدَادِيُّ، (477 هـ – 543 هـ) (سير أعلام النبلاء للذهبي).
  16. موقع الألوكة
  17. شرف خان البدليسي، شرفنامه في تاريخ الدول والإمارات الكردية، ترجمة محمد علي عوني، الجزء الأول، دار الزمان، دمشق، الطبعة 2، 2006، ص346.
  18. رحلة ريج إلى بغداد- كردستان – إيران عام 1820، تأليف جيمس ريج المقيم البريطاني قي بغداد، ترجمة: اللواء بهاء الدين نوري، الدار العربية للموسوعات، لبنان، ط 1، 2008م، ص 324.
  19. المصدر السابق، ص 124.
  20. المصدر السابق، ص 155.
  21. Henry binder, au Kurdistan en mesopotamie et en perse, maison quantin, paris, 1887, page: 93
  22. المصدر السابق، page: 91
  23. توما بوا، الكرد، ص 94.
  24. الفن في لوحات كتاب الـ (شرف نامه)، ص 159.
  25. الفن في لوحات كتاب الـ (شرف نامه)، ص 159.
  26. الفن في لوحات كتاب الـ (شرف نامه)، ص 214.
  27. Rewşen, Stockholm, 2001, rupel 21 Gotinên pêşiyan, Ahmed Tiqris, 6762
  28. rupel 21 ، المصدر السابق.
  29. rupel 43 ، المصدر السابق.
  30. rupel 105 ، المصدر السابق.
  31. rupel 184 ، المصدر السابق.
  32. من عجائب الخلق في عالم الطيور، محمد إسماعيل الجاويش، الدار الذهبية، ص 7.

المصادر والمراجع:

1- العربية:

  1. مجلة الفيصل، العدد 13، 1978م.
  2. توما بوا، الكرد، ترجمة صلاح عرفان، مركز الدراسات الكوردية (كوردلوجي)، السليمانية، 2010.
  3. أحمد بن يوسف بن علي بن الأزرق، تاريخ الفارقي، دكتور بدوي عبد اللطبف عوض، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 1959.
  4. الفن في لوحات كتاب الـ (شرف نامه)، تأليف: عبد الرقيب يوسف الزفنكي، ترجمة: دلاور زنكي، ص 38.
  5. رحلة أوليا جلبي في كوردستان عام 1065 هـ – 1655 م، ترجمة: رشيد فندي، مطبعة خانى، دهوك: العراق، ط1، عام 2008.
  6. علي أكبر كردستاني، الحديقة الناصرية في تاريخ وجغرافية كردستان، ترجمة: جان دوست، دار ئاراس، أربيل، كردستان العراق، ط1، عام 2002.
  7. الزَّيْنَبِيُّ، أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ، البَغْدَادِيُّ، (477 هـ – 543 هـ) (سير أعلام النبلاء للذهبي) المخطوطة موجودة في تركيا – إستنبول – مكتبة الفاتح (3508).
  8. شرف خان البدليسي، شرفنامه في تاريخ الدول والإمارات الكردية، ترجمة محمد علي عوني، الجزء الأول، دار الزمان، دمشق، الطبعة 2، 2006.
  9. رحلة ريج إلى بغداد- كردستان – إيران عام 1820، تأليف جيمس ريج المقيم البريطاني قي بغداد، ترجمة: اللواء بهاء الدين نوري، الدار العربية للموسوعات، لبنان، ط 1، 2008م.
  10. من عجائب الخلق في عالم الطيور، محمد إسماعيل الجاويش، الدار الذهبية.

2- الفرنسية:

  1. Henry binder, au Kurdistan en mesopotamie et en perse, maison quantin, paris, 1887

3- الكردية:

  1. Rewşen, Stockholm, 2001, Gotinên pêşiyan, Ahmed Tiqris, 6762

1 مجلة الفيصل، العدد 13، 1978م، ص 107.

2 توما بوا، الكرد، ترجمة صلاح عرفان، مركز الدراسات الكوردية (كوردلوجي)، السليمانية، 2010، ص 93.

3 أحمد بن يوسف بن علي بن الأزرق، تاريخ الفارقي، دكتور بدوي عبد اللطبف عوض، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 1959، ص 170.

4 المصدر السابق، ص 172.

5 شرف خان البدليسي، شرفنامه في تاريخ الدول والإمارات الكردية، ترجمة محمد علي عوني، الجزء الأول، دار الزمان، دمشق، الطبعة 2، 2006، ص 346

6 الفن في لوحات كتاب الـ (شرف نامه)، تأليف: عبد الرقيب يوسف الزفنكي، ترجمة: دلاور زنكي، ص 38.

7 المصدر السابق، ص 84.

8 رحلة أوليا جلبي في كوردستان عام 1065 هـ – 1655 م، ترجمة: رشيد فندي، مطبعة خانى، دهوك: العراق، ط1، عام 2008، ص 133.

9 المصدر السابق، ص 134.

10 المصدر السابق، ص 136.

11 ستثير صفات الخان وخيرات بدليس وتفوقها الحضاري حسد السلطان العثماني مراد الرابع ونقمته؛ فيقوم والي (وان) وصهر السلطان (ملك أحمد باشا) بتدبير مؤامرة واختلاق مبررات لا أساس لها من الصحة وجمع بحر من الجيوش للقضاء على تلك الإمارة عام 1655م بعد أن يظهر الخان وجنوده مقاومة بطولية، وسيسجل أوليا جلبي بصفته كاتب (ملك أحمد باشا) الخزائن والممتلكات وآلاف الكتب التي تم نهبها.

12 علي أكبر كردستاني، الحديقة الناصرية في تاريخ وجغرافية كردستان، ترجمة: جان دوست، دار ئاراس، أربيل، كردستان العراق، ط1، عام 2002، ص 47.

13 المصدر السابق، ص 47.

14 المصدر السابق، ص 47.

15 الزَّيْنَبِيُّ، أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ، البَغْدَادِيُّ، (477 هـ – 543 هـ) (سير أعلام النبلاء للذهبي).

17 شرف خان البدليسي، شرفنامه في تاريخ الدول والإمارات الكردية، ترجمة محمد علي عوني، الجزء الأول، دار الزمان، دمشق، الطبعة 2، 2006، ص346.

18 رحلة ريج إلى بغداد- كردستان – إيران عام 1820، تأليف جيمس ريج المقيم البريطاني قي بغداد، ترجمة: اللواء بهاء الدين نوري، الدار العربية للموسوعات، لبنان، ط 1، 2008م، ص 324.

19 المصدر السابق، ص 124.

20 المصدر السابق، ص 155.

21 Henry binder, au Kurdistan en mesopotamie et en perse, maison quantin, paris, 1887, page: 93

22 المصدر السابق، page: 91

23 توما بوا، الكرد، ص 94.

24 الفن في لوحات كتاب الـ (شرف نامه)، ص 159.

25 الفن في لوحات كتاب الـ (شرف نامه)، ص 159.

26 الفن في لوحات كتاب الـ (شرف نامه)، ص 214.

27 Rewşen, Stockholm, 2001, rupel 21 Gotinên pêşiyan, Ahmed Tiqris, 6762

28 rupel 21 ، المصدر السابق.

29 rupel 43 ، المصدر السابق.

30 rupel 105 ، المصدر السابق.

31 rupel 184 ، المصدر السابق.

32 من عجائب الخلق في عالم الطيور، محمد إسماعيل الجاويش، الدار الذهبية، ص 7.

شارك هذا المقال: