قراءة في كتاب «القذافي والقضية الكردية»

شارك هذا المقال:

محمد علي أحمد

يتناول كتاب (القذافي و القضية الكردية) للكاتب المصري صابر علي أحمد، العلاقة بين الزعيم الليبي السابق معمر القذافي والشعب الكردي والدور الذي لعبه في دعم قضيتهم، ويشير إلى أبرز المحطات التي جمعته بالكورد وحركاتهم السياسية وجماعاتهم المسلحة.

يتحدث صابر علي أحمد في كتابه عن مفهوم القومية الكردية وتاريخها والتحديات التي واجهتها، ثم ينتقل إلى تحليل سياسة القذافي تجاه القضية الكردية والأسباب التي دفعته إلى دعمها والآثار التي أحدثها ذلك على العلاقات الإقليمية والدولية.

كما يستعرض أيضاً مواقف القذافي من الأحداث المهمة التي شهدتها المنطقة، ليختتم الكتاب بتقييم لدور القذافي في القضية الكردية والإسهامات التي قدمها لها والنقائص التي صاحبتها.

 في الفصل الأول، يعرف الكاتب مفهوم القومية الكردية ويتتبع أصولها وتطورها منذ العصور القديمة حتى القرن العشرين. ويشير إلى أن «الكرد هم شعب قديم ينحدر من الآريين ويتحدثون لغة إيرانية». ويذكر أن الكرد عانوا من التهميش والقمع والتقسيم بين دول تركيا وإيران والعراق وسوريا، وأنهم ناضلوا من أجل حقوقهم وحريتهم بالسلاح والسياسة والثقافة، ويستشهد بأمثلة على شخصيات كردية بارزة مثل صلاح الدين الأيوبي ومصطفى بارزاني وعبد الله أوجلان.

أما في الفصل الثاني، يقوم الكاتب بتحليل سياسة القذافي تجاه القضية الكردية ويبين الأسباب التي دفعته إلى دعمها.

يقول صابر علي أحمد، إن القذافي كان يرى في الكرد «شركاء استراتيجيين لتحقيق مصالحه في المنطقة»، خاصة في مواجهة تركيا التي كانت تشكل «تهديداً لأمنه وسيادته». كما كان يرى في الكرد نموذجاً للثورة والتحرير من الظلم والاستعمار.

ويستشهد الكاتب بأمثلة على مظاهر دعم القذافي للكرد مثل تزويدهم بالسلاح والمال والتدريب، وإعطائهم حق اللجوء والإقامة في ليبيا، وإنشائه لجامعة كردية في طرابلس، وإطلاق اسم كوردستان على أحد شوارع طرابلس.

ولا يخفى على المهتم بالشأن الكوردي، أن القذافي صرح مراراً بالفعل أن الكرد «شعب قديم ومظلوم وثائر»، وأنه كان يسعى إلى تقوية علاقته بهم من خلال مساعدات مادية ومعنوية، وأنه كان يستضيف قادة كرد في ليبيا ويدعمهم سياسياً وعسكرياً[1].

كما أن هناك شهادات من مسؤولين ليبيين[2] سابقين يؤكدون أن القذافي كان يرى في الكرد «شركاء استراتيجيين» وأنه كان يزود الكرد بالسلاح والمال والتدريب، وأنه كان يطالب بإعطاء حقوق للكرد في تركيا وإيران والعراق وسوريا.

ويستعرض الكاتب في الفصل الثالث، مواقف القذافي من الأحداث المهمة التي شهدتها المنطقة في علاقة بالقضية الكردية. ويذكر أن القذافي كان يدين بشدة انقلاب 1980 في تركيا، وأنه دعا إلى تشكيل جبهة عربية – إسلامية – كردية لمواجهة التدخلات التركية في المنطقة. كما يذكر أن القذافي كان يؤيد انتفاضة 1991 في العراق، وأنه طالب بإعطاء حكم ذاتي للكرد في شمال العراق. أما بخصوص حرب 2003 على العراق، فإن الكاتب يقول إن القذافي كان متحفظاً على هذه الحرب، وأنه حذَّر من خطورتها على وحدة وسلامة العراق والمنطقة بأسرها.

وبحسب مصادر أخرى، فقد أبدى القذافي استعداده لإجلاء المصابين من الغازات السامة التي استخدمت ضدهم، إبان ارتكاب نظام صدام حسين مجازر الأنفال ولا سيما قصف حلبجة بغاز الخردل عام 1988.

وترجع تلك المصادر تحفظ القذافي على حرب 2003 إلى مخاوفه من تفتت العراق وتأثير ذلك على المنطقة بأسرها[3].

ويقيّم الكاتب في الفصل الرابع، دور القذافي في القضية الكردية ويبحث في الإسهامات التي قدمها لها والنقائص التي صاحبتها.

يقول صابر علي أحمد، إن القذافي كان له «دور فعال ومؤثر في دعم الكرد وإبراز قضيتهم على المستوى الإقليمي والدولي»، وأنه ساهم في تعزيز هوية الكرد وثقافتهم ووحدتهم.

لكنه يشير أيضاً إلى أن هذا الدور كان متذبذباً ومتناقضاً في بعض الأحيان، وأنه كان يخضع للمصالح السياسية والجيوستراتيجية للقذافي، وأنه لم يكن كافياً لحل المشكلة الكردية بشكل جذري وعادل.

ولا بد من التسليم بأن اهتمام القذافي بالكرد قد يكون مدفوعاً بعوامل مختلفة ومتغيرة حسب الظروف والمصالح، بل مزيجاً من الصدق والمصلحة، بحيث تباين في مراحل مختلفة من حياته وحكمه.

فبحسب ما أورده الكاتب، يمكن القول إن القذافي كان لديه احترام وتقدير للكرد وثقافتهم وتاريخهم، وأنه كان يشعر بالتضامن مع قضيتهم.

هذا إلى جانب أن القذافي كان يرغب طبعاً من خلال هذا التضامن، في تحسين صورته الإنسانية والسياسية أمام العالم، خاصة في ظل التوترات التي كان يواجهها مع الغرب والدول العربية.

وفي جانب آخر، لا يمكن إنكار أن القذافي كان يستغل الكرد كورقة ضغط على خصومه (الأتراك مثلاً)، وأنه كان يسعى إلى توسيع نفوذه وتأثيره في المنطقة، ناهيك عن رغبته المعروفة في إظهار نفسه كزعيم قومي وإسلامي، يدافع عن «حقوق الشعوب المضطهدة»!.

معلومات الكتاب الفنية:

– من إصدار شركة الملتقى للطباعة والنشر / مصر.

– الكتاب من طبعة واحدة صدرت في عام 1992.

– الكتاب من النوع الورقي، غلاف عادي.

– الكتاب يحتوي على 100 صفحة.

– الكتاب بحجم 24×17 سم.


[1] معمر القذافي: أين انتهى المطاف بأفراد أسرته؟ – BBC News عربي

[2] من قتل القذافي وكيف؟.. شهادات “خاصة” في ذكرى مصرع العقيد | سكاي نيوز عربية (skynewsarabia.com)

[3] تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة القذافي – BBC News عربي

شارك هذا المقال: