بصدد حالة الاغتراب .. الكتابة و”اللحظات الساطعة الخاطفة”

شارك هذا المقال:

(مقابلة مع أليسا لايتبورن- مؤلفة رواية “الدرّاجة الكُردية”)

ترجمة: عمر رسول

نشرت مجلة Bosphorus Review of Books  (مراجعة البوسفور للكتب) – وهي واحدة من أعرق المجلات الأدبية باللغة الإنجليزية في الشرق الأوسط، هذه المقابلة التي أجراها د. آلان علي سعيد، المحاضر في  جامعة السليمانية في كردستان العراق.

أليسا لايتبورن، هي مؤلفة رواية الدرّاجة الكردية (The Kurdish Bike) الصادرة في عام 2016، وهي رواية تستند إلى تجربة المؤلفة في تدريس اللغة الإنجليزية في كردستان العراق عام 2010 وصداقتها أثناء ذلك مع عائلة مكوّنة من النساء فقط في قرية كردية. إنّها رواية مثيرة، ولكنها مزعجة في بعض الأحيان، ومع ذلك تبقى في أغلب الأحيان ممتعة ومتفائلة، نرى الكاتبة في كفاح من أجل فهم عالمها الجديد وإحداثِ فرقٍ في حياة الكرد أصدقائها الجدد.

حازت الرواية على جوائز دولية بينما أصبحت المفضلة لدى نوادي الكِتاب الأمريكية، وترجمت إلى عدة لغات. يحتوي موقعها  الإلكتروني على مزيد من المعلومات، يمكنكم الاطلاع عليه من خلال هذا الرابط: https://kurdishbike.com/  

أمّا موقع  د. آلان علي سعيد، المحاضر في الأدب الإنجليزي الحديث في جامعة السليمانية، في كردستان العراق، فيمكن زيارة موقعه الإلكتروني من خلال هذا الرابط: https://sites.google.com/a/univsul.edu.iq/alan-ali-saeed /

تشير أرقام الصفحات في النص إلى النسخة الإنجليزية الأصلية من رواية: الدرّاجة الكردية

الرقم المعياري الدولي للكتاب (ISBN):

 (978-0-692-75810-6)

سعيد: مرحباً. أعلم أنك درَسْتِ الأنثروبولوجيا في جامعة كاليفورنيا سانتا كروز، كطالبة جامعية، ثم حصلت على درجة الماجستير في الكتابة الإبداعية والأدب الإنجليزي (من جامعة واشنطن)، ثم عملت ككاتبة شركة. هل كنت واحدة من أولئك الذين كتبوا دائماً بشكل إبداعي منذ الصغر، وبالتالي فإنّ تجارب تدريس اللغة الإنجليزية في كردستان العراق كانت مجرّد عامل إضافي في الطاحونة؟ أو هل ساعدتك هذه التجارب بطريقة ما في دفعك إلى كتابة رواية أولى؟ بالإضافة إلى ذلك، تساءلتُ هل تؤثر خلفيتك في الأنثروبولوجيا على كيفية رؤيتك لمهمتك ككاتبة – كما يفترض أنك تعرفين كل شيء عن النظريات الإثنوغرافية والصعوبات التي تواجهك كمراقبة ومشاركة لثقافات مختلفة؟

لايتبورن: كان تدريبي في الأنثروبولوجيا الثقافية وافتتاني بها محورياً في جميع مساعييَّ، وكذلك حبي للأدب. دفعتني قراءة كتاب كولن تورنبول   The Forest People  (سكان الغابة) إلى الأنثروبولوجيا، وأعطتني حلماً لمدى الحياة للقيام بشيء مماثل، أي نقل التجربة عبر الثقافات بقصة صادقة يمكن لعامة الناس الوصول إليها بسهولة. خلال العقود التي أمضيتها ككاتبة شركة وأستاذة جامعية، ظل هذا الحلم قوياً. وحينما عشت بين الكرد، ولو لفترة وجيزة، كنت أرغب في توليد التعاطف والتفاهم مع هؤلاء الأشخاص الشجعان والأسخياء.

سعيد: إذا كنت لا تمانعين في أن أسألك، ما هي أكبر المؤثرات الأدبية بالنسبة لك؟ هل هي من عالم الخيال أم من كتابة الرحلات أم هي من نوع آخر؟

لايتبورن: أنا قارئة شرهة لأدب المغتربين. كان لكل من إليزابيث وارنوك فيرني وإيزاك دينيسن وبول ثيرو وبول سكوت وغراهام جرين تأثيرات مهمة. أنا معجبة أيضاً بالأعمال التي تغذي تحولاً داخلياً في القارئ، مثل (سيداهارتا) هيسه. وكتاب كريستيان بيرد (ألف حسرة، ألف ثورة) هو المعيار الذهبي لفهم الثقافة الكردية الحديثة.

سعيد: أنا متأكّد من أن العديد من معلّمي اللغة الإنجليزية المغتربين يحلمون بالعثور على تجارب لمساعدتهم في كتابة رواية ويبدو أنّها مهنة شائعة بدرجة كافية بين الكتاب الشباب. ومع ذلك، لا يمكنني التفكير في أي روايات بخلاف رواياتك التي تميّز معلّمة اللغة الإنجليزية، كلغة أجنبية، كبطلة. يعد كل من فريق عمل اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية وهياكل السلطة في المدرسة نفسها (التي تطلق عليها تيريزا “القلعة”) جزءاً لا يتجزأ من الدراجة الكردية. يضطر المعلمون إلى “ثني القواعد” بطريقة غير أخلاقية إلى حدٍّ ما لمساعدة طلابهم. لماذا اخترتِ هذا الإعداد غير العادي وما الذي تعتقدين أنّه يساهم في الرواية؟ هل هي طريقة للحديث عن السلطة والاستبداد على سبيل المثال؟

لايتبورن: لم أذهب إلى كردستان لكتابة كتاب. حصلتُ ككاتبة على وظيفة هناك من أجل المساعدة في إعادة بناء بلدٍ مزقّته الحرب والتعرف على ثقافة أخرى. على الرغم من أن القلعة قد تكون رمزاً للصلابة الإقليمية، إلا أنّها تمثّل أيضاً تصويراً دقيقاً للظروف في بعض مدارس النخبة الدولية، بناءً على تجربتي الخاصة وتجارب زملائي.

سعيد: أخشى القول إنّ مشاكل من نمط التعليم الغرادغريندي-    Gradgrindian  (كما في رواية الأوقات العصيبة لديكنز)، المبنية على حقائق التعلّم عن ظهر قلب تحت العين الاستبدادية للمعلّم لا تقتصر على مدارس اللغات في كردستان فحسب، بل أنّها موروث من نظام التعليم العراقي البيروقراطي المهووس الذي حدّدته سنوات من الاشتراكية السوفيتية لحزب البعث. يخشى الكثير من الناس تغيير أساليبهم إلى درجة أننا نمزح في كردستان بأن المرء يحتاج إلى ملء استمارة للسماح له بإخراج بحصة من حذائه! هل شعرتْ تيريزا أنّ نموذجها التعليمي الأكثر إنسانية والمتمحور حول الطالب قد نجح؟ أم أن حقيقة كون معلّمي اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية في كارثة تشير إلى أنّ ذاك النموذج قد فشل؟

لايتبورن: لكوني نتاج تعليم ليبرالي للغاية في كاليفورنيا، شعرت بالضيق بسبب التفويضات التربوية في القلعة. في الوقت نفسه، كنت على علم بأنني متطفلة. نشأت معضلة داخلية من الرغبة في احترام الثقافة التعليمية القائمة والاستياء منها في الوقت ذاته. لقد عانيت من الصعوبات ذاتها فيما يتعلق بتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية. أصبح هذا التوتر بين دور المشاركة / المراقبة، والمعلمة / المصلِحَة أحد الموضوعات الرئيسية في الكتاب.

سعيد: أعرف أنّ الدرّاجة الكردية بدأت كمذكرات ثم تحوّلت إلى كتابة روائية. ربما يتداخل هذان النوعان غالباً. ما هي مزايا الشكل الجديد في هذه الحالة بالذات برأيك؟ هل تقدم الرّواية، على سبيل المثال، نوعاً من المادة التي لا تستطيع المذكّرات القيام بها بشكل جيد؟ هل تتجنب الانتقاد لما قد تُتهَم بأنها تقدّم مادة ذاتية للغاية؟

لايتبورن: ثبت أنّ صيغة المذكرات في الرواية هي محدودة للغاية، إلى حد لم تسمح بفضاء سردي، مثلاً. انتهت المذكرات بعدد كبير جداً من الشخصيات. كما أنّه نادراً ما تكون للحياة الواقعية ذروة أو نتيجة مرضية. لكن الأهم من ذلك، كنت قلقة من أنّ التمّسك بالحقيقة واستخدام الأسماء الحقيقية، من شأنه أن يعرّض أصدقائي الكُرد للإذلال – أو حتى الخطر الجسدي، في حالة جرائم الشرف وتشويه الأعضاء. لذا، يمكنك القول إنّ دافعي الأساسي كان الحماية.

سعيد: أردت أن أسألك قليلاً عن عملية كتابتك. هل تخططين لكل شيء بدقة شديدة مسبقاً أم أنّك تسمحين للشخصيات بتولي المسؤولية عندما تكتبين؟

لايتبورن: هذا سؤال ظريف. أنا أخطط لكل شيء في البداية. لكن بعد ذلك، تنبثق الشخصيات من تلقاء نفسها، وتتركني أرتعش. هذه واحدة من أكثر الأشياء إرضاءً عن الكتابة – الدهشة التي تشعر بها عندما ينطلق الكتاب في اتجاهه الخاص.

سعيد: لقد أحبَبْتُ العنوان لأنّه ذكّرني بأنّ الدرّاجات لعبت دوراً بارزاً في تمكين المرأة في وقت مبكّر. غالباً ما كتبت دوروثي ريتشاردسون (1873-1957)، إحدى المؤلفات اللواتي قرأت أعمالهن من أجل الحصول على شهادة الدكتوراه، عن ركوبها في روايتها “الحج”، وفي أوائل القرن العشرين، أدى ركوب الدرّاجات إلى نقاشٍ عامٍ وهامٍ حول قواعد اللباس الفيكتوري والإدواردي للإناث. فيما يتعلق بروايتك، هل ما زالت الدرّاجات تحرّر النساء؟ هل هذا صحيح بشكل خاص في الشرق الأوسط؟

لايتبورن: لم أقابل امرأة أخرى في كردستان تركب الدراجة غيري. كان الشيء نفسه صحيحاً خلال السنوات التي أمضيتها في المملكة العربية السعودية، حيث كان من غير القانوني الركوب خارج  مجمّع المغتربين. لكنك على حق. تعتبر الدراجات محرِّرة بشكل لا يصدق للنساء. إنّها سمحت لي بالذهاب إلى أماكن لا يمكنك الوصول إليها بأي طريقة أخرى. إنّها حقاً تمنحك أجنحة للحرية. كانت العائلات التي تتنزّه في نزهات على سفوح التلال الكردية حيث ركبتها مندهشةً جداً من وجودي لدرجة أنّها دعتني بإلحاحٍ للانضمام إليها مثل الأصدقاء الذين فقدوا بعضهم منذ فترة طويلة. وهكذا منحتني الدراجة بوابة فريدة للثقافة الكردية. ومع ذلك، كانت هذه نتيجة غير مقصودة. اشتريت الدرّاجة بشكلٍ أساسي للهروب من القلعة.

سعيد: الشيء الوحيد الذي أدهشني هو مدى سذاجة بطلتك، الراوية تيريزا، في البداية. أنا متأكد من أنك لم تكوني ساذجة بذاك القدر! ومع ذلك، فإنّ هذه السذاجة تجعل رحلتها عبر الرواية وكذلك رحلة “بَزْما” و”آرا” والنساء الكرديات الأخريات أكثر إثارة للإعجاب. يبدو أنهنّ يتعلمن معاً. هل يمكنك أن تقولي شيئاً عن الرحلة العاطفية والفكرية لهذه الشخصيات الرئيسية في الرواية من فضلك؟

لايتبورن: أبذل قصارى جهدي لتنمية عقل زِنْ “العقل المبتدئ”، والذهاب إلى مواقف جديدة بأقل قدر ممكن من الأفكار المسبقة. لذا، فإنّي أعتبر تعليقك حول السذاجة مجاملة. من ناحية أخرى، لا بدّ أن أبنائي كانوا سيسخرون من سؤالك، لأنّهم كثيراً ما يتهمونني بالسذاجة.

لقد تعلّمت أنا والمرأة الكردية معاً، وكان هذا مبعث كبير لفرحنا. بعد كل شيء، ألا يعني هذا بأننا نتعلم واحدة من أكثر التجارب المبهجة في الحياة؟ في الواقع، ما زلنا نتعلم معاً، حيث نتواصل كل أسبوع أو أسبوعين. (تشير الكاتبة هنا بشكل أساسي إلى بزما وأمّها آرا، هي التي أخبرتني بذلك في مكالمة هاتفية معها ذات مرة عندما كنت أترجم الدراجة الكردية إلى العربية- المترجم). 

سعيد: روايتك هي قصة من منظور الضمير الأول، يتم سردها إلى حد كبير من وجهة نظر الراوية تيريزا. ألم تفكري في كتابتها بطريقة أخرى؟ أقول، في السّرد الغائب كلّي العِلْم؟ مع ذلك، بدت استراتيجية السّرد التي استخدمتها طبيعية جداً.

لايتبورن: لقد جرّبتُ عدة تنسيقات مختلفة، بما في ذلك السّرد بصيغة ضمير الغائب وسرد الفعل الماضي، عندها شعرتْ الشخصيات بالارتباك والتوتر. ولكن عندما حاولت الكتابة بصيغة المضارع من منظور ضمير الشخص الأول، انطلق الكتاب من تلقاء نفسه.

سعيد: هناك عدد من “اللحظات اللامعة” التي تتخلل علاقة تيريزا بأصدقائها في القرية الكردية في أقسام الرواية. تبدو إلى حدٍّ ما مثل أعياد الغطاس الحديثة (على الرغم من أن النص واقعي بشكل عام)، ومع ذلك فإنّ تلك اللحظات تحدث عندما تتواصل تيريزا مع نساء القرية الكردية أو عندما تكون بمفردها في الريف. وعلى النقيض من ذلك، فعندما تكون تيريزا في المدرسة، سواء كانت تدرِّس أو مع المعلّمين الآخرين، فإنّ كل شيء يكون حواراً غنياً ودرامياً. هل يمكنك أن تقولي شيئاً أكثر عن هذا التناقض الظاهري وأسلوب الرواية بعبارات أكثر عمومية؟

لايتبورن: أعزّ ذكرياتي عن كردستان هي تلك اللقاءات. أردت أن يتذوق القراء الغربيون كيف يمكن تغيير التركيبة الأخلاقية من خلال التجربة عبر الثقافات. على سبيل المثال، عرضت آرا حقاً إطعامي وإيوائي لبقية حياتي عندما أفلست. لم يفعل أي شخص آخر هذا، ولا حتى أفراد عائلتي في الولايات المتحدة. وبالمثل، لم أكن أعرف أبداً القوة والمرارة للحزن المشترك حتى أُحِطتُ بنساء قرويات كرديات حريصات في عزاء بعد وفاة شخص. تطلبُ مني اللحظات المتسامية هذه أن أصفها بأسلوب يرتقي إلى تجليات اللحظة، ولكن لم يكن لدي أي فكرة عن كيفية نقل ذاك الفيض من المشاعر بالغة التأثير.

أيضاً، منعني عدم إتقان اللهجة السورانية الكردية من تصوير المحادثات بهذه اللغة بدقة. وإنْ تظاهرتُ بخلاف ذلك لبدا الأمر شيئاً من قبيل الوقاحة.

سعيد: المعاملة السيئة الراسخة مع النساء، وممارسات مثل ختان الإناث وجرائم الشرف التي أظهرتها في تصوير حياة القرية الكردية صادمة للغاية للقارئ، كيف قمتِ بتمثيل حياة القرية دون جعلها تبدو “بدائية” بشكل واضح من الناحية الثقافية، وهذا يختلف عن القول بأنّها فقيرة جراء سنوات الصراع؟ هل أنتابك القلق من اتهامك بـ “الاستشراق” في تصويرك للمرأة الكردية؟ يبدو في الوقت الحاضر أنّ هناك عدداً من المدافعين عن النظام الأبوي في فترة ما بعد الاستعمار – لا سيما في الدول الغربية مثل الولايات المتحدة – الذين يستخدمون نظريات “سعيد” (المقصود إدوارد سعيد –المترجم) لمهاجمة النسوية عندما يتم تطبيقها خارج الغرب. لحسن الحظ، ليس هذا هو الحال عادة هنا في كردستان العراق.

لايتبورن: بدلاً من تصوير القرويين الكرد على أنّهم بدائيون أو فقراء، كنت آمل أن أظهر مدى ثراء حياتهم العاطفية. كان لدى نساء القرية موارد جماعية في عائلاتهن ومجتمعهن تفوق بكثير أي شيء رأيته في الغرب. أنا أحترم “سعيد” كثيراً ولكني أعترض على قضايا البطريركية والنسوية. هذا لأنني لم أسمع نساء القرية يطالبن بمزيد من الحقوق القانونية. وبدلاً من ذلك، بدا أنّهن قبلن بنصيبهن. ما كنّ يتقن إليه هو المزيد من اللطف والتعاطف من رجالهن.

على المستوى العملي، سيكون من الرائع أنّ تتمتع المرأة الكردية الريفية بنفس الحريات التي تتمتع بها نظيراتها في المناطق الحضرية. ولماذا لا يفعلن؟ يبدو أنّ الأمر تقليد وليس هياكل قانونية! علاوة على ذلك، هل هن مستاءات من هذه الحريات؟ لست متأكدة. إنّه سؤال معقد. قد ترغب نساء القرية في مزيد من القوة إذا كان لديهن المزيد من النماذج التي يحتذى بها، أو كنّ متعلمات بشكل أفضل، خاصة فيما يتعلق بالحقوق التي لديهن بالفعل. في الواقع، كنت آمل أن مجرد رؤيتي على دراجة قد يمنحهن الأفكار. لكنني لم أشعر أبداً أنه سيكون من المناسب الاستخفاف بثقافتهن أو محاولة لتغييرها. بعد كل شيء، فخرهن بكرديتهن، هو إحدى الإيجابيات القليلة جداً في حياتهن.

سعيد: تساءلتُ ما الذي كنت تعرفينه عن التقاليد النسوية الكردية عندما كتبتِ الرواية؟ للأسف، الكثير من تراثنا الكردي لا يزال غير مترجم. غالباً ما يستشهد الناس بـ  “حبسة خان (1892- (1953وفي الوقت الحاضر، بالطبع، هناك شخصيات بارزة مثل الشاعر والأكاديمي جومان هردي، الذي أنشأ مركز دراسات النوع الاجتماعي (الجندر) والتنمية في الجامعة الأمريكية في السليمانية، يسعدني أن أقول في كردستان العراق.

لايتبورن: على الرغم من أنني حاولت قراءة كل ما وجدته قبل الذهاب إلى كردستان، إلّا أنّ القليل جداً كان متاحاً باللغة الإنجليزية. نعم، لقد سمعت عن حبسة خان، وعلمت فيما بعد عن النساء الكرديات اللواتي يقاتلن داعش. لذلك كان من الصعب فهم استعصاء نساء القرية في عقليتهن التقليدية. ما زلت أعاني من هذا، حيث إنني أدعم بعض شخصيات الكتاب حتى يومنا هذا. عروضي للمساعدة في بدء العديد من الأعمال التجارية، والأفكار الأخرى للاستقلال المالي، تُقابل دائماً بـ “لكن زعيم القرية سيقول إنّها تبدو سيئة …” أمر محبط للغاية.

سعيد: يجب أن أعترف أنني وجدت صعوبة في التعاطف مع غالبية الشخصيات الذكورية، فهي غالباً ما تتسم بالوحشية إلى حد ما، أو إذا لم يكن الأمر كذلك، فإنّها لا تفكّر، وخاصة بالنطاق الأكبر من حولها. يبدو هيفار، على سبيل المثال، محروماً من أي قدرة على التعاطف مع أي شخص يتجاوز أفق كبريائه. هل أنا قاس في حكمي هذا؟ هل ترين أيضاً أن الشخصيات محاصرة بوصفها ضحايا للنظام الأبوي بطريقة ما كالنساء تماماً؟

لايتبورن: لم يكن لدي أصدقاء ذكور مقربون هناك، وبالتالي لا يمكنني التحدث عن وجهة نظر الرجل. ومع ذلك، أستطيع القول إنّ الرجال في الرواية يعتمدون على أناس حقيقيين في الواقع. لقد تخلى هيفار حقاً عن بزما وعن أطفاله منها (في الحياة الحقيقية هم ثلاثة أطفال). لم يرسل لها فلساً واحداً طوال هذه السنوات. وجريمة الشرف كانت حقيقية. لم يحدث الانتحار تماماً كما تم تصويره في الرواية، لكنه كان صحيحاً أيضاً. قد تكون محقاً في أنّ الرجال ضحايا أيضاً. لم يكن لدي النطاق العاطفي للمغامرة في البحث عن ذلك. لقد كنت منهمكة بأعلى الدرجات في محاولة لفهم النساء. وعندما قالت آرا: “كل الأشياء السيئة تأتي من الرجال” – كان هذا اقتباساً حقيقياً.

سعيد: وماذا عن هدى القابلة التي تقوم بختان البنات. هل هي أيضاً ضحية من نوع ما؟ هل تغيير مشاعرها بنهاية الرواية مؤشر على أنّها تعلّمت ونمت كشخصية؟

لايتبورن: مشهد تغيير المشاعر خيالي، لكنه شيء أتمنى أن يحدث. من بين كل سكان القرية، كان من الممكن أن تكون هدى هي الشخصية التي تمتلك الشجاعة الكافية لتتحدى تقليداً قديماً. من ناحية أخرى، تجيب بزما الحقيقية بشكل غامض عندما أطلب منها أن تتعهد بعدم ختان بناتها. تفتقر بزما إلى العمق (أو ربما النظرة الناضجة) في هدى، وبالتالي فهي أقل قدرة على التفكير خارج الصندوق القبلي. كنت أتمنى أن تكون لغتي الكردية أفضل، لمعرفة ما إذا كان لنداءاتي بالتوقف عن الختان لها أي تأثير يذكر. على أي حال، لا يمكننا مناقشة أمرٍ كهذا عبر السكايب.

سعيد: تبدو “ﭙات” وكأنّها محامية الشيطان وهي تحبط تفاؤل تيريزا الجامح. لكنني وجدتها أيضاً شخصية حزينة – يبدو أن كل الفرح الطبيعي والتفاؤل تجاه الحياة قد سحقتهما سنوات تعليم اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية. على الرّغم من أنّها بالتأكيد لطيفة وتهتم بتيريزا. هل يمكنك أن تقولي شيئاً عن دورها وشخصيتها في الرواية؟

لايتبورن: كان القصد من ﭙات أن تكون واقعية وليست حزينة. ومع ذلك، شعر جميع المعلمين المغتربين في القلعة بالحزن في معظم الأوقات. هذا هو السبب في أن نسبة عدم العودة إلى التدريس فيها كان يقترب من 100٪ كل عام. نجت ﭙات عاطفياً أكثر من بقية المعلمين بسبب طبيعتها العملية. لم يكن لديها أوهام بشأن القلعة، منعها هذا من الشعور بخيبة أمل كبيرة. يمكن أن تكون السخرية، في بعض الأحيان، سمةً مفيدةً للغاية. بالمناسبة، ما زلتُ أنا و ﭙات صديقتين مقرّبتين جداً. لقد وظفتها بالفعل عندما أصبحت عميدة كلية فيما بعد.

سعيد: برأيك، ما الذي تتعلمه تيريزا في الرواية: هل هذا نوع من اكتشاف الذات والتجديد الشخصي لها، رغم أنّها انتهت بترك هولير (أربيل) بدلاً من البقاء فيها عاماً آخر؟ وماذا عن الشخصيات الكردية مثل آرا وبزما؟ يبدو لي أن هناك نموًا وتطوراً ذاتياً، لكن النص ملتبس حول هذا الأمر.

لايتبورن: تطوير الذات مهم للغاية في الرواية. تصبح تيريزا أقوى ومستعدة لاتخاذ موقف. إنّها تدرك أنّ المرأة الغربية ما زالت مقيدة بالنظام الأبوي أيضاً. تتعلم آرا وبزما المزيد عن العالم خارج قريتهما. على سبيل المثال، كان المشهد الذي صُدمتا فيه عندما علمتا أنّ تيريزا ليست مختونة، ولا حتى معظم النساء الأخريات في العالم، مبنياً على حادثة حقيقية، ونأمل أن يوضح هذا المثال مدى تأثير الثقافات الأخرى عبر التعرّض لها.

سعيد: أعرف أن القليل جداً من الأدب الكردي قد تُرجِمَ إلى الإنجليزية، لكني أتساءل إذا كنتِ قد قرأتِ شيئاً من تلك الترجمات، فما رأيك فيها؟ لقد أدهشني أن روايتك لا تخطئ في تصوير جمال مناظرنا الطبيعية القاسية في كثير من الأحيان، وخاصة الجبال والوديان. هل المناظر والطبيعة سمة مهمة في روايتك لتلك الأقسام التي تكون فيها تيريزا خارج المدرسة؟

لايتبورن: المناظر الطبيعية الكردية، في قوتها وروعتها، لها تأثير دائم على أي شخص حساس. وكذلك هو تاريخ المنطقة باعتبارها مهد الحضارة الإنسانية. لا يسع المرء إلا أن يشعر بقشعريرة للوقوف حيث تجول إبراهيم وألكسندر. بقيتُ أرغب في امتصاص شيء مثل الاهتزازات الصوفية من قرونٍ من الحكمة التي لا بدّ أنّها مخزّنة في سفوح التلال الصخرية نفسها.

سعيد: تُظهر الرواية وجهة نظر إيجابية بشكل غير عادي حول التواصل بين الثقافات وإمكانيات التضامن بين النساء من خلفيات مختلفة، ومعلمة أمريكية على وشك التقاعد، وشابة من قرية كردية. هل رأيت هذا كاستراتيجية نسوية صريحة في الرواية وهل نظرتِ إلى الرواية على أنّها نسوية؟ هل تعتقدين أن هناك تعاطفاً “طبيعياً” مشتركاً بين النساء في الثقافات المختلفة حيث يبدو أنّ نجاح العلاقة في روايتك يعتمد على هذا؟

لايتبورن: بعد أن عشت في ستة بلدان، وسافرت إلى عشرات أخرى، اكتشفت أخوة عالمية مشتركة بين النساء. كلنا نمرُّ بنفس آلام الولادة. نتحمل جميعاً تقريباً الجزء الأكبر من المسؤوليات عن رعاية العائلات، بموارد أقل من موارد الرجل. عندما سئلن عن الأسرة، حتى من خلال لغة الإشارة، فإنّ معظم النساء حول العالم يبتهجن ويبدأن في الحديث على الفور، وينفتحن أكثر عندما ترد بالمثل وتشاركهن الصور. وتشعر النساء بأمانٍ أكبر عندما يثقن في امرأة أخرى، مما يسهل تحقيق العلاقة الحميمة في المحادثة مقارنة بالرجل. هل هذه الملاحظات نسوية؟ لا أعلم. أود فقط أن أصفها بالتواضع.

سعيد: قرب نهاية الرواية، تدعي ﭙات أنّ تيريزا تريد إنقاذ العالم وتحملُ مسؤولية طويلة الأمد تجاه أصدقائها الكرد (ص 312-313). أستطيع أن أفهم أنّ هذا النقد هو منطقي من وجهة نظر العقلية الغربية المهتمة بالعواقب المعيقة المحتملة للأعمال الخيرية في العالم النامي، لكنها لا تزال تبدو غريبة في عيني الكردية. يشتهر الكرد بالكرم والضيافة المفرطين وفي الشرق الأوسط يعد ذلك اطراء حقاً. رأى البيشمركة (بما في ذلك النساء) الذين قاتلوا داعش (الدولة الإسلامية) أنّهم مستعدون حرفياً للتضحية بحياتهم لإنقاذ العالم من الموت.

بالنسبة لي، فإنّ هذه اللحظة تميّز الرواية على أنّها رواية غربية في التحليل النهائي، والتي لا يمكن أن تتجنب كونها خارجة عن الثقافة الكردية. لا يمكن أن تنتمي تيريزا، في النهاية، إلى القرية أو “عائلتها” الكردية الجديدة – وهو أمر محزن حقاً – لقد ذكّرتني باللحظة في نهاية رواية أورويل “الطريق إلى رصيف ويغان” عندما كان أورويل يفكر في التضامن مع حياة الطبقة العاملة من خلال النافذة ويدرك أنه خارجها إلى الأبد.

هل هذا تعليق عادل في رأيك؟

لايتبورن: أنت على حق. هذه رواية غربية بلا خجل لأنني غربية. بغض النظر عن مدى رغبتي في أن “أكون” كردية، لا يمكن أن يحدث ذلك.

أما الكرم والصدقة فأنا ممزقة. أستمر في دعم نساء القرية من خلال بيع الكتب وتبرعات القراء ولكن على نطاق متواضع. هذا لأنني أريدهن أن يأخذن زمام المبادرة لتحسين حياتهن من خلال التعليم أو التوظيف أو بدء الأعمال التجارية. كن هناك من أجلي في ساعة حاجتي؛ الآن يجب أن أفعل الشيء نفسه بالنسبة لهن. ومع ذلك، سيكون من السيئ جعلهن يعتمدن على مساعدتي. إذا حقق الكتاب نجاحاً تجارياً كبيراً أو تحوّل إلى فيلم من أفلام هوليوود، فإنّ هدفي هو توسيع جهودي وتمويل عيادة نسائية أو مركز رعاية نهارية، أو تحسين مدرسة الفتاة في القرية.

سعيد: تنتهي الرواية بصورة مؤثرة لا تُنسى في خاتمة تعلم “سيما” ركوب الدراجة والقدرة على القيام بذلك بشكل مستقل، “قريباً، ستركب سيما بمفردها، سيحدث ذلك في أي لحظة بدءاً من الآن، “- ص 315، ذلك يعيد بنا إلى الوراء إلى صورة تيريزا وصديقتيها الكرديتين وهن يرقصن بفرحٍ معاً على الموسيقى الكردية التقليدية في المقدمة. هل هذه علامة أمل في المستقبل أم مجرد تفاؤل في غير محله؟

لايتبورن: بالتأكيد علامة أمل. تخيّل فرحة فتيات كرديات صغيرات يركبن الدراجات بحرية في يوم من الأيام في المستقبل! إن شاء الله (تبتسم).

سعيد: هل فكرت في جمهورك أصلاً عند كتابة الرواية؟ ما نوع القرّاء الذين تفكرين فيهم، وهل ساعدك ذلك في العملية الإبداعية؟

لايتبورن: كنت أفكر باستمرار في جمهور الغرب الذين يعرفون القليل عن الكرد. فكرت كثيراً أيضاً في القرّاء الكرد، على ألّا أسيء إليهم أو أعرّض صديقاتي للخطر.

سعيد: لقد تغيّر الكثير في كردستان العراق منذ عام 2010 عندما تم إعداد كتابك، غالباً بسرعة مذهلة. تساءلت إذا كنت قد عدت إلى هولير والقرى المجاورة لتشاهدي التغييرات منذ أن كتبتِ الدراجة الكردية؟ ففي الوقت الذي كان هناك تقدم على نحو مؤكّد في المكانة المرحب بها للغاية، على سبيل المثال، لحقوق المرأة على جدول الأعمال الوطني واتخاذ إجراءات قوية ضد العنف على أساس النوع (الجندر)؛ قد يقول البعض أيضاً أن الازدهار الأكبر (حتى كوفيد -19) أدى إلى المادية وتآكل القيم الكردية التقليدية، مثل المساواة الاجتماعية وموقفنا التقليدي “الكل للواحد والواحد للكل”. ربما، بسبب تدفق القرويين إلى المدن الكبرى للحصول على وظائف ذات أجور أفضل، ربما تموت الطرق التقليدية وإيقاعات حياة القرية الكردية (مثلما حدث في الغرب أثناء التصنيع). ما رأيك ؟ هل تدور أحداث روايتك في عالم (كردي) زائل؟

لايتبورن: عدت إلى هولير لفترة وجيزة في عامي 2012    و2013، وفي كل مرة لم أصدق التغييرات. كانت المباني الشاهقة ومراكز التسوق تنتشر في كل مكان. لكنني لم ألاحظ التغييرات في القرية. الازدهار الحضري لم يصل إلى أصدقائي. ثم انخفضت أسعار النفط، وتوقفت الحكومة عن دفع الرواتب والمعاشات، واقترب داعش بشكل مخيف من هولير، وانتشر فيروس كورونا. مما أخبرني به أصدقائي في قريتي، فإنّ الأمور في الواقع أسوأ بكثير مما كانت عليه عندما كنت هناك. ومع ذلك، فإنّ الوطنية قوية كما كانت دائماً. أعتقد أن الثقافة الكردية مرنة للغاية، وسوف تصمد أمام العديد من أشكال التحديث/ التغريب التي قد تتعدى.

سعيد: لقد سررت لسماع أن روايتك قد تمت ترجمتها إلى اللغة الكردية- السورانية، من قبل شيمان صالح (دار آراس للنشر) وهي متوفرة في هولير والسليمانية. ويسعدني أيضاً أن أعرف بأنها ترجمت إلى الكردية- الكرمانجية (شيلر للنشر، سوريا)، وإلى العربية من قبل عمر رسول (دار نقش للنشر)،

لكنني فوجئت باكتشاف أن الترجمة الفارسية محظورة من قبل النظام الإيراني. هل لديك أي فكرة عن سبب ذلك – حيث أن الكتاب لا يتحدث حتى عن إيران؟

لايتبورن: اعتبرتْ السلطات الإيرانية أن الكتاب غير مغرٍ للإسلام. لقد قدّموا لنا قائمةً طويلة من الأشياء التي يجب تغييرها لجعلها قابلة للنشر، مما قد يؤدي إلى تدمير الكتاب بأكمله، لذا تريثت وقررت الانتظار.

سعيد: يا إلهي، هؤلاء الرقباء الإيرانيون يبدون أكثر تعقيداً مما كنت أتخيل. اعتقدت أنّهم فقط حظروا الكتب بشكل كامل! ولكن طلبهم في الرقابة الخاصة بكتابك هو دعوة صريحة للتواطؤ.

أعرف أن الدراجة الكردية نُشرت بشكل مستقل. هل فوجئتِ بنجاحها بدون ناشر رئيسي؟ هل كانت المبيعات بسبب الحديث الشفهي في عصر الإنترنت؟ هل ساعدت الجوائز المختلفة في المبيعات؟

لايتبورن: الفوز بثلاث ميداليات ذهبية دولية ساعد بالتأكيد. لكن المبيعات ارتفعت حقاً بمجرد أن أصبح “الكتاب المفضل للنوادي”. لا يخفى أن نوادي الكتاب شائعة حقاً في الولايات المتحدة؛ وتتكون عادةً من نساء فوق سن الخمسين يستمتعن بالخيال الأدبي، ويهتمن بالأسباب الاجتماعية في جميع أنحاء العالم، ويقدرن مناقشة الموضوعات الجادة مثل ختان الإناث، والقضايا النسوية، والحداثة. كما أنّهن يحبن أن يكن مسافرات مستكشفات للأماكن إلى جانب مغامر أكبر سناً. بمعنى آخر، هن جمهور مصمم خصيصاً للدراجة الكردية.

سعيد: أردت أن أختم كلامي بالشكر الصادق لك على توفير الوقت لإجراء هذه المقابلة. من المهم أن يختار الناس كتابة كتب عن كردستان، لأسباب ليس أقلّها أن كردستان العراق تطمح إلى أن تكون مجتمعاً على النمط الغربي، وديمقراطي، وتعددي، ولا يمكن أن يحدث ذلك دون أن نكون في حوار نقدي، ولكن بنّاءٍ مع العالم الخارجي. سواء كان ذلك يعني المنظمات غير الحكومية أو الحكومات الأجنبية الداعمة، أو الأفراد الذين يختارون السفر إلى هنا، فهذا كله ذو قيمة. لا يمكن أن تتحقق تطلعاتنا أيضاً دون النضال من أجل المساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة في المجتمع الكردي، وأعتقد أن روايتك تقدّم هذه الحجة الواسعة بفطنة كبيرة.

ومع ذلك، أتساءل فحسب إذا كان هناك أي شيء آخر تودين أن أسألك عنه، عن الرواية أو مهنتك في الكتابة، لم أطرحه عليك حتى الآن؟

لايتبورن: تعليقي الوحيد هو أن أشكر الشعب الكردي من أعماق قلبي لتعليمي الكثير عن الكرم والثبات والنبل. لقد تحوّلتُ إلى الأبد بسبب المودّة التي شاركناها معاً.

                           *** 

شارك هذا المقال: