ليلٌ في حبره الفاتن … شَذَرات نقدية

شارك هذا المقال:

خالد حسين

اَلفاتن، الفريد واللامتوقّع: هذا هو الشّعر…!

I

لا أنظرُ

 إلى الشِّعر إلا كانفتاح فادح، إلا كفرط افتتانٍ، َوكلُّ منهما يجدُ في التعميةِ أصلٌ له بوصف العَماء مسكن الشِّعر، الأرض التي ينطلق منها سحرُ الكلمة الشعرية…  

II

لماذا يجنح الفلاسفة إلى الشِّعري؟

ما الذي يدفع الفلاسفة إلى الوقوع في مصائد “الكلمة الشعرية”؟

لا أجوبة محددة لدي في الواقع سوى القول:

سيبقى “الشِّعر” ذلك السرُّ الذي لابدُّ منه كي يستلذُّ بنا الجنوحُ إلى ما لا ندركه، السر الذي لاينفكّ يطارد الفلسفة ذاتها أنى ارتهنت لمفاهيمها ومقولاتها؛ ليدخل القلق إليها ثانيةً ويعرّضها لعاصفةٍ من الإبهام والالتباس..

III

اَلعمقُ الشّعريُّ،

العمقُ المبهمُ، العمقُ الغامضُ، العمقُ الذي يمنحُ الوجودَ معناهُ وجمالَهُ وكثافتَهُ …

إنه هنا:

يسكن أصوات النّساء وبين أصابعهن، ينمو في رغباتهنّ الأكثر اتصالاً بقوى الطبيعةِ والحياةِ…

   IV

المضيُّ

باللغةِ إلى تضاريس غير موطأة أو ما يُسمّى بالتفجير اللغوي أو الانزياح أو الانحراف… لايكون بغاية الإبهار بقدر مايكون هذا الاشتغال هو انعكاس وتمثيل للرؤية التي يرى بها الشاعر اللغة في علاقتها بالعالم والذات، الرؤية التي ينطلق بها ومنها الشاعر لرؤية العالم هي التي تحدّد شكل اللغة لصناعة المعنى….ومن ثمَّ فهذا الاشتغال المختلف والمغاير يشكلّ استراتيجيةً من جملة استراتيجيات تتعاضد فيما بينها لبناء القصيدة إلى جانب اللامتوقع، منطق اللاقص، تنويع الخطاب، الممارسة الاقتصادية للعلامات اللغوية في سياقاتها الشعرية…فتجارب سان جون بيرس، باول تسيلان، سليم بركات، درويش، ….إلخ نماذج على ما  أقول…

 V

الشّعر

 أن تنصت للغة بدايةً؛ ثم تدعها ـ تدع اللغة ـ تكتبك بضراوة خيالها الآسر…!!

VI

القصيدة، الشّعر، الصّورة؛ 

هذه العلامات حينما تندغم ويتلاءم بعضُها مع بعض يمكنها أن تُحْدِثَ فجواتٍ وانحناءات وتقوّسات في اللغة وتفرض عليها أن تلتوي على نفسها وتلتفَّ بفعل وطأة قوى الضغط، اللغة في الشِّعر كأرضٍ في حالةِ طَيٍّ…

VII

في ضيافة الكلمة الشعرية:

أن نكون في ضيافة الكلمة، هو أن ننزلَ إليها «ضيفاً»؛ أي نكون بالقرب منها؛ فالضِّيافةُ تفترض الدنوَّ والميلَ والاقترابَ، وما يترتَّبُ على ذلك من أُنسٍ وأُلفةٍ بين المضيف والضيف، بين «الكلمة الشعرية» والقارىء، الكلمة بوصفها المضيف والمضيفة (موضع الضيافة)، لا تملُّ من استضافتنا؛ لهذا لا تكفُّ عن مناداتنا عن الدعوة للاقتراب منها، والنزول إليها. ففي ندائها لنا، وتكلُّمها بنا؛ نغدو معها: الفسحةَ والمنفذَ والفجوةَ التي يُطلُّ منها «العَالم»، فنحن والعالم مرهونان في تكشُّفِنا وانكشافِنا واحتجابِنا بكلام «الكلمة الشعرية» وصمتها، بانفتاحها وانغلاقها، بإنارتها وعتمتها.  أن نكون في ضيافة الكلمة هو أن نحاورها، نحاورَ الكائن الذي يسكنها، الوجود الذي يقيم فيها، السرُّ الذي يلوذ بها، فالضيافةُ، حيث يقع «الحوار» حدثاً، لاتنفكُّ موضعاً لانكشاف الأسرار، وإضاءة الضيف والمضيف؛ ففي الحوار تضيئنا «الكلمة»، ننهض بها وتنهض بنا؛ لهذا فنداؤها واجبٌ ينبغي أن يُلَبَّ؛ فهي لاتنادينا إلا إذ كانت مكتظةً بالأسرار. وتبتغي إفضاء السرِّ، سرّ الكينونة، به، بالكائن، وله…

  VIII                                                          

الشّعرُ انبثاقٌ الرَّغبةُ في صورتِهَا الوحشية…!

IX

النَّصُّ العَالي،

 النَّصُّ السَّاميُّ، النَّصُّ الذي لا يَسمحُ لك باستكمال قراءته، النَّصُّ الذي لا يكفُّ عن تدقُّق اللذة ومحاصرتك بالتخييل، هذا النَّصُّ الفاخرُ ليس إلا الليل وقد انغمسَ بفداحةٍ في غوايةِ الشَّكل ــ النّهار…!

X

القصيدة الشعرية،

 القصيدة الحقة لا تُكتب لكي تُستهلك بقراءة واحدة، القصيدة الحقيقية تقضُّ مضجعَ المؤوّلين والقرّاء مدى أعمارهم، القصيدة الحقيقية تقود قراءها إلى السَّراب ثم تتكىء على حافة التاريخ، لتتأمل صراع التأويلات بغبطةٍ…

على سبيل الخاتمة:

مَذَاقُ

العِنَبِ في شَفتيكِ

يُخْتَلِسُنِي

مَسَاءً بأكمَلِهِ…!

جملة النصوص مستلّة من مخطوط منجز في هذه السنة 2023.

شارك هذا المقال: