الكرد والمدينة

شارك هذا المقال:

الكرد والمدينة

مارتن فان برونسين  

الترجمة عن الإنكليزية: راج آل محمد

في السادس عشر من أيلول 1996 عقدنا أنا وجويس بلو وبرنارد هوركيد Bernard Hourcade مؤتمراً عن مكانة المدينة في التاريخ والمجتمع الكرديين. بمشاركة أكثر من ثلاثين مشاركاً من أكثر من خمس عشرة دولة مختلفة بما فيهم متحدثين من جمهوريات ماوراء القوقاس وآسيا الوسطى في الاتحاد السوفييتي السابق ، كان ذلك حدثاً مثيراً وبارزاً. للأسف الشديد كنا جميعاً منشغلين بالتزامات أخرى شغلت تفكيرنا، لذلك لم نتمكن أبداً من نشر محضر جلسات المؤتمر. أنا أعرف أن جويس بلو تشعر دوماً بالأسف على ذلك، ولهذا، وكنوع من التعويض، أقدم هنا بعض الأفكار عن الموضوع.
اهتمامي الشخصي بالتساؤل عن العلاقة بين الكرد والمدينة توّلد لدي نتيجة بعض القلق من خلال عملي السابق عن الأكراد. لقد كتبت أطروحتي عن القبائل والطرق الصوفية كأنماط رئيسية للتنظيم الاجتماعي للمجتمع الكردي وعن التفاعل بين التشكيلات الاجتماعية والدولة[1]. كان تركيزي منصباً بالكامل على المجتمع الريفي وقد منحتُ الامتياز للقبائل البدوية وشبه البدوية على أنها ممثلة للمجتمع الكردي بشكل عام. في ملخص الأطروحة الذي أصدرته باللغة الهولندية وصفتُ الأكراد بداية بـ”شعب رعوي بدوي”ثم صححت نفسي لاحقاً بتسميتهم “بشعب مسلم مؤلف بشكل عام من الفلاحين. صحيحٌ أنني بحثتُ ووجدتُ أكراداً من البدو والفلاحين، ولكن معظم أصدقائي من الأكراد لم يكونوا في الحقيقة لا من البدو ولا من الفلاحين بل متعلمين حضريين. أول لقاء متعمد لي مع كردي كانت في بغداد 1967 (لقد أثرّ الرجل فيّ عندما علّق بشكل عرضي “أنا كردي، وأقربائي في الجبال يقاتلون الحكومة” بعد ذلك بكثير أدركتُ أنه هناك الكثير من الأكراد الذين يعيشون في تلك المدينة. اهتمامي بالثقافة والتاريخ الكرديين زاد خلال إقامتي في مهاباد في عام 1970 وقد ساعدني المدّرس عزيز مرواني الذي أصبح صديقاً لي فيما بعد عندما بدأتُ أبحاثي الأنثروبولوجية في كردستان. لقد كان المعلمون والطلاب، وليس الفلاحون، هم من ساعدوني في عملي الميداني. وتراءى لهم، مثلما تراءى لي، إن المجتمع الكردي متواجد في القرى والمراعي الجبلية رغم أن قسماً كبيراً منهم يعيش في المدن والبلدات.وقد قضيتُ في الواقع وقتاً لا بأس به في المدن والبلدات أثناء السنتين الأوليتين من دراستي الميدانية في كردستان، لكن البعد المدني (الحضري) للمجتمع الكردي بقي دون تحليل في أطروحتي.
كنتُ مدركاً، بالطبع، لحقيقة أن القومية الكردية لم تولد بين البدو والقرويين بل بين الأكراد المتعلمين في أماكن مثل استانبول حيث تأسست أولى الجمعيات الكردية الرسمية في بداية القرن التاسع عشر. كما كنت أعرف أن انتفاضات الشيخ محمود البرزنجي والشيخ سعيد في العشرينات [من القرن التاسع عشر] حيث شاركت شرائح من السكان المدنيين من السليمانية ودياربكر وأن تلك المدن بقيت مراكز فكر بالنسبة للحركة الكردية خلال ذلك القرن. ولكن لم يخطر ببالي أن أناقش المدينة كعنصر بنيوي هام في المجتمع الكردي.
عندما سمعت أن الرحالة التركي من القرن السابع عشر أوليا جلبي قد كتب بشكل موسع عن الكرد، ولأنني رغبتُ في أن أضع عملي الأنثروبولوجي وفق منظور تاريخي أكثر، تعلمتُ التركية العثمانية وبدأتُ بقراءة كتابه عن الرحلات والمعنون بـ(سياحتْنامه). مع مجموعة صغيرة من الأصدقاء نشرتُ كتاباً عن إقامة أوليا في ديار بكر والذي حاولتُ من خلاله أن أراجع ما علمنا إياه أوليا ومصادر أخرى عن الجماعات العرقية المختلفة في مدينة وإقليم ديار بكر. يميز أوليا جلبي ومصادر عثمانية أخرى وكذلك الرحالة الغربيون بين الجماعات غير الإسلامية ولكنهم يعرّفون غالباً الجماعات الإثنية الإسلامية كـ”مسلمين” أو سكان المدن  şehir halki. لقد وجدتُ بعض المراجع الواضحة عن السكان الكرد في المدينة وخمنّتُ، ولكن لم أستطع أن أبرهن، أن بعض المسلمين على الأقل الذين قابلهم أوليا جلبي في ديار بكر كانوا أكراداً[2]. ولم يشر أي من الرحالة الذين عبروا المدينة قبل القرن العشرين إلى سكانها كأكراد.
في الدراسات العثمانية والاستشراقية عموماً من غير المألوف أن يُوصف مجتمع ما على أنه مؤلّف من ثلاثة عناصر مختلفة على نحو متميز لكل واحد منها تنظيمها الداخلي وديناميكياتها: القبيلة(البدوية)والقرية والمدينة. من وجهة نظر المجتمع الريفي فإن المدينة عنصر دخيل تستمد فائضها من الضرائب والتجارة. إنها مقر الحامية العسكرية والبيروقراطية الإدارية ومركز التجارة والمهن اليدوية حيث يتم مقايضة المنتجات الزراعية بالنقود والبضائع وهي كذلك مركز المعتقد الديني التقليدي. القلعة والبازار والمدرسة ومحكمة الشريعة في مدن مثل ديار بكر عناصرٌ دخلية على المجتمعات الكردية البدوية وللفلاحين في الريف رغم أنه ثمة تفاعلاً من نوع ما-رغم أن بعض الشخصيات الكردية ربما لعبت دوراً فيها.
الكرد والإسلام والمدينة
ربما تكون نقطة الانطلاق لإعادة التفكير في العلاقة بين الكرد والمدن هي السؤال الذي يبدو ساذجاً والذي طرحه أحد الحضور أثناء المؤتمر: ما هي السمات المميزة للمدينة الكردية؟ كان السائل هو يالجين كوجوك[3] Yalçin Küçü وهو ليس ساذجاً بأمور كهذه. أعتقد أن ما أراد كوجوك قوله حقاً هو هل من معنى للحديث عن “المدينة الكردية”. لقد تجنبنا عمداً ذلك التعبير وتحدثنا عن “الكرد والمدينة” أو “الكرد في المدينة” أو حتى “المدن في كردستان” لكن سؤال كوجوك أثار نقاشاً قصيراً حول مسألة ماالذي يشكّل المدينة الكردية. إن محاولة تعريف المدينة الكردية كان بشكل محتوم بسبب نشوء ردات فعل جوهرية في نقاشات سابقة حيال ” المدينة الإسلامية”[4] وكما هو متوقع، اقترح شخص آخر من بين الحضور (يمثل الحركة الإسلامية الكردستانية) بأن المدينة الكردية تتميز بتنظيم المكان مراعاةً لمتطلبات العبادة الإسلامية والنقاء الشعائري والإحسان.  وبما أن الأكراد مسلمون فإن المدن الكردية، كما قال، تُبنى وفق الوصفات الإسلامية.
ما من شك أن حضور جامعٍ واقع في المركز محاط بسوق كبير إضافة إلى جوامع ثانوية في المناطق السكنية المجاورة يشكل علامة فارقة للمدن في كل مكان من الشرق الأوسط وربما في العالم بشكل عام، ولكن هذا لا يمّيز المدن الكردية عن سواها من المدن في المنطقة. علاوة على ذلك، ليس ثمة فرق بنيوي بارز مقارنة مع المدن ذات الأغلبية المسيحية على البحر المتوسط وفي منطقة الشرق الأوسط حيث تلعب الكنائس الدور ذاته تقريباً.
إحدى المجالات التي لعب فيه الإسلام (ولا يزال يلعب) تأثيراً مميزاً على بينة المدينة المادية والاجتماعية هو الفصل بين الجنسين حيث تكون النساء عادة غائبات عن مركز المدينة الاداري والتجاري وتتمركز الأحياء السكنية(المسلمة) على الحد الفاصل بين المنطقتين العامة والخاصة. لدى زيارته لدياربكر في عام 1655 لاحظ أوليا جلبي أن سكانها كانوا مسلمين أتقياء وأن نساءهم محتشمات وتقيات وأنه حتى النساء المسنات لم يكن يخرجن من السوق (بازار) وأنه إذا ما شُوهِدت فتاة شابة على مرأي من الناس، فإنه من المحتمل أن تُقتل أو يُعاقب والدها[5]. إضافة ذلك فإن بعض المؤسسات المدنية مثل مكانة المحتسب muhtasib المسؤول عن الحسبة hisba وعن النظام الأخلاقي لها مكانة في المخطط الإسلامي. لكن مدن الشرق الأوسط تتشكل نتيجة عوامل عديدة من بيئية واقتصادية واجتماعية وثقافية والإسلام إحدى تلك العوامل وليس بأي شكل من الأشكال العامل المحدد.
مع ذلك هل من المنطق أن نتكلم عن مدينة كردية بأكثر من المعنى الفضفاض كأن نقول مثلاً أن كرمنشاه هي أكبر مدينة كردية أو أن نصنّف مدن مثل أربيل وبتليس ودياربكر، وبشكل أكثر تحفظاً عن كركوك، كمدن كردية؟ بهذا المعنى الفضفاض يمكن أن نصف المدن بالكردية لأن الأكراد موجودون هناك (جنباً إلى جنب قوميات أخرى مختلفة) وربما لأنها لعبت دوراً في التاريخ الكردي. ولكن هل تلك المدن كردية بمعنى أنها تجسّد المدنية والحضارة الكرديتين وتُظهر، مثلاً، طرازاً معمارياً كردياً مميزاً؟
المدينة والحضارة
سؤال متعلق بذلك بشكل مباشر يدور حول وجود حضارة كردية وهو مفهوم مرتبط من حيث جذر الكلمة بالمدينة والتهذيب[6] لقد ميّز ضيا غوكالب وهو عالم اجتماعي وأيديولوجي، بين الثقافة (hars)، أي الثقافة العامية للجماعات العرقية، وبين الحضارة medeniyet ،أي المفاهيم المدنية المتطورة والقواعد والمؤسسات التي من خلالها تستطيع كل الجماعات العرقية الغوغائية أن تتواصل مع بعضها. ربط غوكالب الثقافة (hars) بالقيم الإيجابية والمشاعر مثل التضامن الاجتماعي والهوية الإثنو-قومية ولكنه تأسف بشدة على الحضارة العثمانية وحاملو رسالتها من النخبة المدينية الذين كانوا ضعافاً أخلاقياً ويفتقرون إلى القيم الإثنو-قومية milli. وكان هدفه يتمثل في صهر الثقافة التركية المفعمة بالحيوية مع الثقافة الأوربية بدلاً من الثقافة العثمانية المتدهورة.
وقد قدم غوكالب بعض الملاحظات الوثيقة الصلة عن العلاقة بين الأكراد ومدن المنطقة. ففي دراساته الاجتماعية عن القبائل المحيطة بموطنه ديار بكر، لاحظ أن الكرد الذين هاجروا إلى المدينة تبنوا اللغة التركية كلغة لهم بينما تكرّدت الكثير من القبائل التركمانية في المنطقة تحت تأثير جيرانهم الكرد، وقد صاغ كلمة جديدة لوصف تلك العملية سماها اضمحلال istimlal   (التي يشرحها بأنها تجريد من الطابع القومي أو الصهر)[7] ويصرّ على أن مدن المنطقة الشاسعة (التي يسميها بالجنوب cenup والتي تنطبق على كردستان) جميعها ناطقة باللغة التركية أما الريف فهو كردي بأغلبيته الساحقة[8]
هكذا يبدو أن غوكالب ينكر أنه كان في أيامه ثقافة مدينية كردية رغم أنه كان هناك قاطنو مدن من أصول كردية. إنه لا يقول بشكل صريح فيما إذا كان هو يعتبر أن هؤلاء الناس قد فقدوا هو يتهم الكردية رغم أنه في كتابات سابقة قد توصل إلى مزاعم كهذه لدى كتابته عن استانبول. حيث كتب أن شعوب العاصمة العثمانية ذوي الأصول العرقية والجغرافية المختلفة قد محو هوياتهم بحيث أنهم لم يعودوا أتراكاً أو أكراداً أو لازاً أو أنارؤطاً” قاطنو المدينة ليس هم هوية قومية  (şehrî’nin milliyeti yoktur)
ولكن ألا يمكن القول بوجود طراز معماري مميز للمدينة الكردية؟ إن المدن أكثر المدن المميزة عمرانياً في المنطقة أي دياربكر وماردين تدين بجمالهما إلى محسوبيتها على حاكم أعلى أجنبي مثل الآرتوكديين Artukids أو العثمانيين لاحقاً. لكن البلدات والمدن التي مثلّت قلب الإمارات الكردية مثل بتليس وهسكيف (حصنكيف) وخوشاب والعمادية وجزيرة وباولو يمكنها أن تتفاخر بكون طرازها المعماري المميز قد بُني في ظل حكام أكراد ويمكن تسميتها بـ”طراز معماري كردي” وإن كان قابلاً للجدال، رغم أن المعماريين والبنائين كانوا على الأغلب ربما من الأرمن والسريان واليهود. أسلوبياً تظهر تلك المعالم المعمارية (القلاع والجوامع والمدارس، والحمامات والقصور العائلية) نطاقاً واسعاً من الاختلاف والقليل من المزايا المشتركة مما قد تميّزها عن “الطراز المعماري غير الكردي” ولكن طالما تلك المباني بُنيت في ظل حاكم كردي أعلى فإنه من المنطقي أن نتكلم عن طراز معماري كردي واستطراداً أن نتكلم ثقافة مدنية أو حضارة كردية.
ولكن طالما أن الأغلبية الكبرى من الأكراد لا يزالون ريفيين، فإن الطراز المعماري الكردي بشكل عام هو القرى والخيم[9]. ولكن بما أن الكثير من الكرد يعيشون في القرى التي كانت أساساً إما أرمنية أو سريايانية، فإن الطابع الكردي المعماري الريفي يبقى أيضاً محفوفاً ببعض المشاكل.
 
أنواع مختلفة للمدن الكردية
من الأمثلة المذكورة لغاية الآن يتبين أنه ثمة على الأقل ثلاثة نماذج من المدن والبلدات التي لها علاقة بوضوح مع المجتمع الكردي الريفي أو القبلي. النموذج الأول يضم مدن مثل دياربكر وكرمنشاه المحاطة بريف يقطنه الأكراد بصورة عامة ولكنها تُحكم من قبل الدول الكبيرة التي ضمت أجزاء من كردستان. تلك المراكز ذات الهيمنة العسكرية والبيروقراطية كانت في الوقت نفسه مراكز مهمة للتجارة الإقليمية والدولية، ومراكز لمنتجات الحرف [اليدوية] والتعلم والفنون. تلك المدن ربما شكلّت منطقة فاصلة بين الثقافة الكردية العامية والثقافات “العالية” للدول المجاورة. تجلى التأثير الكردي على الثقافة “العالية” الفارسية والعثمانية (بشكل محلوظ في الموسيقى)[10] في تلك المدن. ويبدو أن مراكز إدارية أخرى كانت ذات تأثير أقل بكثير بسبب مرور الطرق التجارية الرئيسية بها ولكنها، مع ذلك، شكلت نقاط التقاء رئيسية في اقتصاد المحلي.
أما مراكز الإمارات الكردية شبه المستقلة، فإنها كانت أقل عالمية (كوزموبوليتان) ولكن التفاوت بينها وبين المراكز العثمانية والفارسية لابد وأنه كان بطيئاً واستغرق وقتاً طويلاً. إحدى أكبر الأمثلة عن ذلك هو بتليس حيث أن سنه(سنندج) وجزيرة والعمادية تتماثل مع مدن النمط الأول، ولكن مع حضور قوي للعنصر الكردي في سكانها وثقافتها بشكل عام. مدن أخرى مثل بالو وجرموك وشمدينان وخوشاب ربما لم تكن أكثر من حصون تحتضن الأمير وحاشيته محاطة بسوق وعدة بيوت للحرفيين والخدم. المدن الأربع الأولى التي تخص الإمارات الأشهر، شكلّت ابتداءً من القرن السادس عشر فصاعداً مراكز رئيسية للثقافة الكردية والأدب والتعلم والتي قامت برعايتها الأسر الحاكمة[11].
أخيراً كان المجتمع الكردي على اتصال مع مدن وحواضر كبيرة في المحيط الأوسع البعيدة عن كردستان مثل تبريز وأصفهان ودمشق وبغداد واستانبول. كما توجد في الكثير من  المدن في المشرق العربي (دمشق وحلب وبغداد)أحياء كردية متميزة ذات أعداد كبيرة من السكان من أوقات سابقة[12]. في منقلب القرن التاسع عشر كان في استانبول أيضاً أعداد كبيرة من الجاليات الكردية تتألف بشكل رئيسي من أفراد الأرستقراطية الكردية الذين تم إجلائهم و/أو تم منحهم مناصب حكومية هناك من جهة ومن جهة أخرى من البروليتاريا الكردية الذين يعملون بشكل رئيسي كعتالة. وقد جمع روهات آلاكوم بدأب ومثابرة مصادر عن الوجود الكردي المبكر في العاصمة العثمانية[13].
تزايد عدد المدن التي فيها أحياء كردية في القرن العشرين نتيجة لهجرةالعمال،والسعي إلى التعليم والصراع السياسي فبات هناك أحياء كردية متميزة في كل من أضنة وإزمير وبيروت، كما إن برلين وأثينا وستوكهولم وباريس فيها جاليات كردية كبيرة وأصبحت مراكز للأنشطة الثقافية الكردية.
 
 
المدينة والهوية الكردية
ثمة بعض الصواب فيما ذهب إليه غوكالب من أنه لدى الانتقال إلى المدينة يقوم الناس بمحي هوياتهم الإثنية السابقة (şehrî’nin millet yok) ولكن ثمة أيضاً ما هو نقيض ذلك أيضاً إلى حد ما. فقد كان غوكالب يتحدث بشكل خاص عن النخبة في المقام الأول. حيث كانت البيروقراطية العثمانية والطبقات المثقفة تضم في صفوفها رجال من كل الخلفيات الإثنية تضافرت هوياتهم العثمانلية بشكل دقيق. إذ لم تكن الوظائف والنفوذ في النظام العثماني تعتمد على الهوية الإثنية كما لم تكن هناك أيةهوة إثنية بين النخبة.
من الجدير بالملاحظة أن نرى أنه في معاجم الأعلام أن الأشخاص الأوائل ذوي الأصول الكردية الذين ذُكروا في الحقبة الإسلامية والذين عاشوا في القرنين الثاني والثالث الهجريين (الثامن والتاسع الميلاديين) يُعرفون و يلقبون بـ”ابن الكرد”[14]. هذا يشير إلى أن منبتهم الكردي كان يُعترف به ولكن هؤلاء، باعتبارهم رجال مثقفون مدنيون، لم يعودوا يُعتبرون أكراداً. في القرون التالية نرى علماء وموظفين حكوميين معروفين بـ”الكردي” ولكن هؤلاء عبروا عن أنفسهم إلى حد بعيد باللغة العربيةأو الفارسية أو التركية وهي لغات المتعلمين وما من أدلة غالباً أن هؤلاء كانوا يجيدون اللغة الكردية.
من ناحية أخرى، فإن الطبقات الدنيا التي انتقلت إلى المدينة، مثل العتالين  (hammal)الكرد في استانبول في بداية القرن العشرين، غالباً ما بدأت حياتها المدينية في منطقة ذات طابع إثني أو إقليمي. في بيئة كهذه فإن الاحتفاظ باللغة الأم وارد على الأرجح والاندماج يستغرق وقتاً أطول رغم أن أكثر الأعمال تواضعاً كانت بحاجة إلى معرفة معينة باللغة التركية. وبالمثل فإن سكان الأحياء الكردية الكبيرة في المدن العربية احتفظوا بهويتهم القومية رغم أنهم أصبحوا ناطقين بالعربية وتدريجياً فقدوا لغتهم الكردية.
كل ذلك يبدو منطقياً وإلى حد كبير بديهياً. ولكن هناك مسألة أكثر تعقيداً على الشرح شغلت بال الكثير من المثقفين الكرد ألا وهي: لماذا اللغة المحكية في مدن وبلدات كردستان هي التركية (وعادةً ليس التركية العثمانية ولكن ضرباً من اللهجة الأذربيجانية)؟ في المواقع العسكرية على شريط البلدات التركمانية إلى الجنوب من كردستان الحقيقية (تلعفر والتون كوبري وكركوك وطوزخرماتو وكفري ومندلي) فإن العنصر الغالب في سكان المنطقة هم التركمان ولطالما كانت كذلك قبل أن يتم إلحاق المنطقة بالإمبراطورية العثمانية وبالتالي فإن استعمال اللغة التركية في تلك المناطق لا يحتاج إلى أي تفسير.
في أربيل التي كان فيها أتراكاً بالإضافة إلى عدد كبير من السكان الأكراد كانت اللغة التركية هي لغة التفاهم.وقد لاحظ مراقب بريطاني في بداية القرن التاسع عشر بأنه في الأحياء في أربيل كان كردياً بالكامل “و بقية الطبقات الدنيا يشبهون الأكراد في مظهرهم وملابسهم حيث الجميع يستطيع التكلم بالكردية ولكن لغة البيت هي التركية[15]. وكان أهل المدن وإن كانوا من أصول كردية يميزون أنفسهم عن القرويين: “الأربيليون ينظرون باحتقار إلى الكرد باعتبارهم أجلاف وغير مهذبين بينما ينظر الكرد الى أهل المدينة باعتبارهم مخنثون وفاسدون وفاسقون.”[16]
ولكن ماذا عن هيمنة اللغة التركية في مدن وبلدات مثل ديار بكر وبتليس، اللتان تحتلان في عيون الكثير من القوميين الكرد مكانة رئيسية في فكرة الهوية والتاريخ الكرديين؟ هل سكانهما أتراك فعلاً أم أنهم أكراد واختاروا عن عمد محو هويتهم الكردية لكي يميزوا أنفسهم عن الأكراد الريفيين السذج وغير المتطورين في المناطق المجاورة؟ تلك قضية باتت ذات أهمية بالنسبة للمفكرين السياسيين في بداية القرن العشرين. كما ذكرنا أعلاه فإن ضيا غوكالب صاغ نظريته عن الصهر [القومي] لكي يفسّر هذه الظاهرة. لقد تبنى الأكراد الذين انتقلوا إلى المدينة اللغة التركية وأصبحوا، إلى حد ما على الأقل، أتراكاً. بالنسبة لغوكالب فإن الحضارة التركية متفوقة على الثقافات الغوغائية (بما فيها الكردية)، وأصبح بالتالي من الداعين إلى الانصهار الطوعي. آخرون زعموا أن سكان المدن هؤلاء ليسوا فقط أتراك بلغتهم ولكن أيضاً في منبتهم القومي (العرقي)وهو ما أصبح الفكر السائد في تركية الجمهورية. وقد تحدى المتنورون الأكراد لهذا الزعم ودعوا سكان المدن للاعتراف بهويتهم الكردية.
استهلت مجلة زين (الحياة)، التي صدرت في استانبول خلال فترة التحرر النسبي في أعقاب هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى، عددها السادس بمقالة تساءلت عن الهوية العرقية لسكان كردستان المدنيين تحت عنوان: “هل سكان المدن في كردستان أتراك؟[17]لقد اقتصر مؤلف المقالة، خيل خيالي، في نقاشه على مدينتي دياربكر وبتليس، ولكن يمكن تعميم ذلك بسهولة على المدن الأخرى مثل أربيل وكركوك. لقد كان ضد الزعم القائل، والذي تبناه الكثير من المعاصرين له، بأن سكان دياربكر أتراك ليس فقط من جهة اللغة ولكن أيضاً من جهة الأصل وجادل بأنه لا بد وأنه كان هناك الكثير من الأكراد يعيشون في المدينة قبل وصول أول الأتراك إلى المنطقة بكثير. فدياربكر كانت من المدن الرئيسية التي حكمتها الأسرة المروانية الكردية في القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين، وأن جزءاً من السكان لابد أنهم أكراد منذ ذلك الوقت. أما بالنسبة لبتليس فقد استطاع أن يقدم زعماً أقوى حيث يمكن تقديم الدليل على أن معظم العائلات البارزة في البلدةينحدرون من قبائل كردية معروفة في المنطقة. بالنسبة لخليل خيالي فإن سكان بتليس أكراد (و أرمن بالطبع، مع أنه كتب في ذلك الوقت أن القليل من الأرمن قد بقوا في المدينة)[18]
المدينة والقومية الكردية
المسألة الأهم هي بالطبع كيف ينظر سكان دياربكر وبتليس …الخ إلى أنفسهم.ورغم أن الكثيرين منهم اعتبروا أنفسهم مدنيين şehrî وأناس متحضرين (وربما عثمانلية بما تتضمنه من معاني التفوق العرقي للنخبة)ويزدرون البدو والقرويين، فإنه كان هناك أيضاً من سكان المدن ومن كافة الطبقات والمنازل الاجتماعية من بدأ بالتفكير والنظر إلى أنفسهم كأكراد واعتبارهم شعباً مميزاً له مصالحه المشتركة.أول جمعية كردية (جمعية التعاون والترقي الكردية) تأسست على يد أرستقراطيين أكراد في استانبول في عام 1908. بعد ذلك بعقد من الزمن، في سنوات ما بعد الحرب، قامت خليفتها(جميعة التعالي الكردية) بتوجيه خطابها ليس فقط إلى النخبة الكردية ولكن أيضاً إلى البروليتاريا الكردية المتواجدة في العاصمة. (يُقال أن سيد عبدالقادر وسعيد نورسي، الشخصيتين الدينيتين اللتين كانتا ناشطتين في كلتا الجمعيتن واللتين مثلتا التيار غير الانفصالي واللامركزي في الحركة الكردية هما اللذان استطاعا جسر الهوةالطبقية).
في فترة ما بعد الحرب كان هناك أيضاً نادٍ كردي في ديار بكر ويتألف من أفراد من الأسر المحلية البارزة وهو أول مؤشر على انتشار الشعور القومي الكردي بين سكان المدينة الذين من المفترض أنهم يتكلمون التركية. وقد تخلى معظم هؤلاء عن أحلامهم القومية عندما أعلن الكماليون أنفسهم حكاماً جدد، لكن فردين من عائلة جميل باشا زادة بقيا ناشطين كقوميين كرديين لنجدهم بعد فترة في المنفى في سوريا حيث لعبا دوراً في جمعية خويبون. وفي جميعة آزادي السرية التي تأسست في عام 1923 والتي يُزعم أنها لعبت دوراً في التحضير لانتفاضة كردية، فإننا نجد ضباط عسكريين أكراد وموظفين مدنيين بعضهم مدنيون مثل يوسف ضيا (زيا) بي من بتليس ولكن لا أحد من أعيان نادي دياربكر الكردي.
لكن ثورة شيخ سعيد [بيران]، التي تم التخطيط لها بدعم من قبل جميعة آزادي، اندلعت قبل أوانها وربما كان دافعها امتعاضاً قبلياً أو دينياً من الاجراءات التي فرضها النظام الكمالي الجديد أكثر منه لأجندة قومية واضحة لاقت بعض الدعم من شريحة معينة من سكان ديار بكر.  في الأسبوع الأول من آذار 1925، تمكن الثوار من فرض حصار على المدينة التي كان من المستحيل تقريباً خرقها نظراً لمتانة أسوارها. سكان المدينة من الزازائيين، الذين كانوا ربما من رجال قبيلة القوات المحاصِرة،ساعدوا مجموعة صغيرة لتسلق الأسوار ودخول المدينة[19]. تعد هذه من أولى الحالات عن التضامن بين سكان المدن والحركة السياسية المتمركزة في المناطق الريفية، هذه الحركة التي إن لم تكن قومية فإنها كانت ذات بعد إثني على الأقل. لكن الأغلبية الساحقة من سكان المدن لم يكن التمرد يعنيهم في شيء ولم يتماهوا مع المطالب الكردية. مهما تكن الأصول الإثنية لسكان دياربكر فإنها لم تكن مدينة كردية بالمعنى السياسي في العشرينات[20] [من القرن الماضي].
الهجرة الريفية-المدينية: تمدن الكرد وتكريد المدن
شهدت هوية المدن تغيرا مثيراً نتيجة الهجرة الجماعية من الريف والتي أخذت أبعاداً متميزة في الستينات [من القرن الماضي] حينما غادر الشباب قراهم وبلداتهم الصغيرة بحثاً عن التعليم والتوظيف. تلك التطورات يمكن ملاحظتها بوضوح في تركيا حيث الهوية الكردية تعرضت للإنكار وتم حظر تعبيراتها السياسية والثقافية. عُقدت سلسلة من اللقاءات الجماهيرية في أواخر الستينات من قبل DDKO (مواقد الثقافة الثورية في الشرق)في كل من أنقرة واستانبول بالإضافة إلى ديار بكر والمدن الأخرى في شرقي تركي مما يشير إلى أنه في ذلك الوقت كانت أعداد كبيرة من سكان المدن يعرّفون أنفسهم بكونهم أكراد وملتزمون بالنضال من اجل الحقوق القومية الكردية. ركّزت تلك اللقاءات على المشاكل التي تعاني منها المنطقة والتي تم تحليلها على أنها بسبب التنمية غير المتساوية والتمييز المقصود وإنكار الحقوق الثقافية[21]. بعد سنوات عديدة من القمع الشديد في أعقاب انقلاب 12 آذار (مارس) 1971، تزايدت بسرعة الجميعات القومية الكردية عدداً وتأثيراً منتشرة من المدن الجامعية في أنقرة واستانبول باتجاه مدن كردستان.وقد شكل انتخاب الشخصية الوطنية المعروفة مهدي زانا رئيساً لبلدية ديار بكر في عام 1978 حدثاً مهماً الذي يشير إلى أنه في ذلك الحين كان الكثير من سكان ديار بكر قد تماهوا، إلى حد ما، مع البرنامج السياسي القومي الكردي.
وقد تسرعت عملية التمدين التدريجية بسبب عوامل اقتصادية من جهة ونتيجة الإخلاء القسري للقرى التي جرت بشكل منظم في العراق في الثمانيات وفي تركيا في أواسط التسعينات من جهة أخرى. في تلك الدولتين اختفى المجتمع الكردي الريفي التلقيدي وأصبحت الغالبة العظمى من الأكراد سكان مدن وإن لم يندمجوا ثقافياً حياة المدن تماماً. وبطريقة أقل درامية أصبح المجتمع الكردي في كل من إيران وسورية مدينياً أيضاً. ويبدو أن الانتقال إلى الحياة المدينية لا يمكن أن يصبح معكوساً. رغم أن الظروف السياسية السائدة قد تجبر بعض المهاجرين بالعودة إلى قراهم الأصلية، وهو ما يفعله القليلون في الواقع. في غضون عدة عقود، أصبح الأكراد أناساً مدنيون.لكن في المخيلة الكردية فإن القرى والمراعي الجبلية أكثر من المدن هي التي تبقى رمزاً للهوية الكردية.
النتيجة الطبيعية لهذا التمدن الكبير للكرد هو تكريد المدن. بينما كان المهاجرون الأكراد إلى المدينة في الماضي، ولا سيما أولئك الذين ينتمون إلى الطبقات الثرية، يعمدون إلى تنسيب أنفسهم بشكل رئيسي إلى الثقافة المدنية şehriالمتطورة لمحيطهم الجديد أكثر من الثقافة الكردية لقراهم الأصلية، فإن الحجم الكلي للهجرة الكردية قد أفسح المجال لآلية مختلفة تماماً. فقد نشأت حارات جديدة في المدن حيث يشكل الكرد أغلبية قاطنيها ونشأت شبكات اجتماعات جديدة اعتماداً على المنطقة (أو ما يطلق عليه بالتركية  hemşehri  ) والتي تتأثر غالباً بالحدود القبلية والتي باتت عناصر رئيسية في التركيب الاجتماعي في المدينة.
الشبكات الاجتماعية الجديدة القائمة على أساس مناطقي hemşehri  ليست ظاهرة جديدة وهي ليست مقتصرة على المجتمع الكردي. منذ بداية القرن العشرين هناك جمعيات رسمية و أخرى غير رسمية للأشخاص ممن هم من نفس البلدة أو المنطقة والتي ربما قدم نماذج لها جمعيات المهاجرين الألبانيين والقوقازيين. لقد تسارعت الهجرة المتسلسلة -حيث يتبع الأشخاص أقارب أو معارف لهم من ذات القرية أو المنطقة الذين سبق لهم أن استقروا في المدينة قبلهم ويتوقعون مساعدتهم في إيجاد العمل ومكان للعيش- نتيجة وجود تلك الجمعيات المناطقية وقد عززت من قوة ذلك النوع من التنظيم. واجتمعات DDKO في ستينات القرن الماضي التي ذكرناها أعلاه كانت تحمل صفة الأحداث المناطقية hemşehri  . وقد لعبت الشبكات الاجتماعية المناطقية منذ ذلك الوقت على الأقل دوراً في تقوية الشعور القومي الكردي رغم أنه ليست كل الجمعيات المناطقية سياسية بالتأكيد.
إن بروز أحياء ضخمة جديدة يسكنها بصورة عامة الأكراد الذين أُجبروا على ترك قراهم في التسعينات  في استانبول ومدن رئيسية أخرى يعني تعزيزاً للهوية الكردية[22]. وحتى إن كان هؤلاء المهاجرون الجدد يريدون التخلي عن هويتهم الكردية ويريدون أن يصبحوا مدنيون şehri مجهولي الهوية لدى وصولهم إلى المدينة، فإن ذلك  لم يعد خياراً لدى معظمهم.حيث كانوا يعرّفون بكونهم أكراداً ويعاملون على هذا الأساس حيث هم يعانون من التمييز المنظم على نطاق واسع. لقد تم إلغاء السياسة الرسمية بإنكار الهوية القومية الكردية بشكل تدريجي في التسعينات مما سمح باستخدام اللغة الكردية علانية ولكن ذلك برّر أيضاً التمييز المتزايد باتجاه الأكراد. وباتت الهوية الكردية أكثر من ذي قبل وصمة عار اجتماعية. وبات القرويون الذين يصلون إلى المدينة في التسعينات مدركين لهويتهم الكردية.
في تركيا، كما في العراق في وقت سابق، تنظر الحكومة والقوات المسلحة إلى القرية باعتبارها دعامة أساسية ومصدر تمويل اجتماعي رئيسي لحركات التمرد الكردي. إن الجهود الرامية لمنع الدعم الشعبي للغريلا الكردية من خلال منع البدو من المراعي الصيفية وتدمير قراهم تسببت في الكثير من الإرباكات الاجتماعية والاقتصادية ونجم عنها معتقلات مدينية كبيرة من السكان الأكراد مع شعور قوي بهويتهم القومية. وقد تبين أنه من الأسهل تعبئة هؤلاء سياساً أكثر من سكان القرى  وقد اعتمد عليهم الجناح المدني من الحركة الكردية في نشاطات اجتماعية مختلفة. وبما أن السياسة المضادة للتمرد قد أجبرت القرويين الأكراد على إخلاء قراهم، فإنها أعطت نتائج عكسية.
طبقة كردية مسحوقة
لكن المشاكل الاجتماعية التي سببها هذا التمدين السريع بدون منشآت كافية للعمل والتعليم كانت ضخمة للغاية. فقد تم تهميش نسبة كبيرة من هؤلاء الأكراد القادمين حديثاً إلى المدينة ولا يحدوهم الأمل كثيراً في تحسين ظروفهم. إنهم يعيشون في المدينة ولكن لديهم وصول محدود إلى المنشأت وفرص سهولة الحركة الاجتماعية التي تجعل المدينة مكاناً جذاباً للمهاجرين المغامرين. في مدن مثل استانبول ومرسين انضم الكثير ،إن لم يكن كل المهاجرين الأكراد الجدد، إلى طبقة المسحوقين الكبيرة والتي من المستحيل تقريباً الانتقال منها. لقد أصبح هؤلاء المسحوقون ذو طابع عرقي بمعنى أنه ثمة ترابطاً قوياً بين الانتماء إلى الطبقة المسحوقة والقومية الكردية حيث يتراكب الاضطهاد الطبقي مع القومي. لقد باتت القومية الكردية، في عيون الطبقة المدنية الوسطى، تعني وصمة عار إضافية لكل الأمراض التي تلازم البروليتارية الرثة من جريمة وعنف وتعاطي المخدرات.
الأطفال والمرأة بشكل متفاوت هم أكثر من عانوا من هذه الظروف فالبنسبة للمرأة لم يقترن التمدن بالتحرر من أسالبيب الاضطهاد التقليدية بل بالعكس فإن المفاهيم “التقليدية” عن الشرف تعززت أو تحورت لأن الرجال الذين كانوا يشعرون يومياً بالإهانة تمسكوا بشرفهم كوسيلة وحيدة لاحترامهم لذاتهم في الوقت الذين بدت فيه البيئة الجديدة تنطوي على الكثير من التهديدات على شرف الأسرة. لقد تم وضع حد للكثير من حركات التحرر النسائية وازداد حالات العنف أو التهديد بالعنف المرتبطة بالشرف. وقد أدى ذلك في الكثير من الحالات إلى تفشي ظاهرة انتحار المرأة[23].
ورغم التأكيد الشديد على الشرف والتهديد الدائم بالعنف ضد المرأة التي تنتهك مجموعة القوانين القاسية بالسلوك المحترم، فإن الفقر قد أدى بالنساء والبنات الكرديات إلى الدعارة مما جعلهن الأكثر تهميشاً بين المهمَّشين[24]. مجرد الاعتراف بهذا الموضوع مؤلم جداً بالنسبة لمعظم الأكراد، ولكن الدلائل تظهر بأنها مشكلة رئيسية ليس فقط في تركيا بل أيضاً في كردستان العراق. وفي كلتا الحالتين فإن لذلك، ربما، ارتباط بالعمليات الموجهة للتمرد في الماضي القريب حيث تم اغتصاب الكثير من النساء الكرديات ( وبذلك تم انتهاك شرف أسرهن). البعض من تلك النساء قُتلن على يد أقربائهن لاستعادة شرف العائلة بينما أخريات قتلن أنفسهن. وربما تبرأت أسر أعداد أكبر منهن وكان يتوجب عليهن أن يكسبن ما يكفي لبقاءهن على قيد الحياة مجهولات وبدون أية مساندة حيث القليلات منهن استطعن العيش حياة كريمة.
إن أطفال هؤلاء المسحوقين يتعلمون منذ نعومة أظافرهم أن المجتمع يقدم القليل من الأمل لهم من أجل مستقبل أفضل. ومن غير المحتمل أن يحصلوا على أي تعليم أكثر من التعليم الإلزامي لمدة ثماني سنوات –هذا إذا استطاعوا حقاً أن يتحملوا تكاليف الذهاب إلى المدرسة هذه المدة-أو أن يجدوا عملاً أفضل من بائع في الشارع. (لقد أصبح الطفل الكردي الذي يبيع المحارم الورقية ببضع ليرات[25] في شوارع استانبول رمزاً لهذا الموقف). لقد تعلموا عدم الثقة بالدولة والمؤسسات الأخرى وكثيراً ما تكون هناك اشباكات مع الشرطة، وقد قضت أعداد كبيرة من الأطفال بعض الوقت في السجن حيث تعرضوا لصنوف مختلفة من المضايقات (بما فيها الاغتصاب وسوء المعاملة الجنسية) . هذه الظروف تسببت في نوع من تسييس الأطفال إذ وقعت حوادث بأسلوب الانتفاضة [الفلسطينية] حيث مجموعات كبيرة من الأطفال يرشقون الشرطة بالحجارة في حين بات السلاح مظهراً مألوفاً في حياة الأحياء الأكثر تعرضاً للقمع.
ثمة هوة سحيقة تفصل بين المسحوقين الأكراد عن أكراد الطبقة الوسطى الناجحين رغم أن أفراداً من المجموعة الأخيرة قد يكونون منخرطين في المنظمات غير الحكومية التي تسعى إلى الوصول إلى هؤلاء المسحوقين.القبيلة بمعناها التلقيدي والعلاقات المبنية على أساس أسري إضافة إلى انتمائهم إلى المنطقة ذاتها بشكل فضفاض قد توفر درجة ما من الدعم ولكنها تنهار جميعاً أمام المهمَّشين الفقراء.
خاتمة
نتيجة التدمير الفعلي للحياة الريفية أثناء سنوات القتال مع الغريلا أصبحت مدن كردستان تركيا وأجزاءً مهمة من المدن الأخرى في المنطقة كرديةً من جهة السكان واللغة أيضاً. فمع التدفق الكبير للمهاجرين الأكراد لم تعد المدن قادرة على صهرهم في الثقافة القائمة التي تتكلم التركية على العموم. الناحية السلبية في هذا التطور هو نمو أعداد كبيرة من المسحوقين الأكراد الذين يبقون معزولين عن الاتجاه السائد في المجتمع.
قد يعتقد البعض أن التمدن الكبير للمجتمع الكردي يمكن أن يحمل معه بذور نهضة ثقافة القراءة والكتابة الكردية كتلك التي وُجدت في ظل الحكام الكرد شبه المستقلين. تلك الثقافة التي شهدت انحداراً بزاوال الإمارات [الكردية] في القرن التاسع عشر والتي كانت متواجدة في المدرسة medrese والتي تم تهميشها على نحو متزايد بعد تأسيس الجمهورية التركية[26]. منذ أيام جمعية تعالي كردستان فصاعداً، بذلت  الجمعيات الكردية مساعي من أجل إحياء ثقافة القراءة والكتابة ولكن تلك المساعي أُجهِضت بشكل منتظم حتى تحول السياسة في التسعينات حيث سُمِح بطباعة المنشورات ومؤخراً بالبث التلفزيوني باللغة الكردية. إن الدمج بين عدد كبير من سكان المدينة الناطقين بالكردية مع وجود تشيكلة واسعة من وسائل الإعلام المطبوعة والالكترونية سوف يجعلان بشكل مثالي ازدهار الفنون والأدب الكردي ممكناً.
لكن الأعداد الكبيرة من المسحوقين الكرد لا يشكلون جمهور قراءة بالكردية (ولكن يمكن الوصول إليهم عن طريق التلفاز). في حين أن أفراد من الطبقة الوسطى الكردية الذين، لأسباب إيديولوجية، متلزمون بتهذيب الثقافة الكردية يجدون أن أطفالهم وفي حالات كثيرة لا يشاطرونهم ذلك الاتهام باللغة الكردية ويفضلون التركية أو الإنكليزية باعتبارها نوافذ على عالم أوسع. لهذا السبب فإن المطالبة بتعليم اللغة الكردية في المدرسة أصبح مسألة هامة بالنسبة لأولئك المتلزمين بالثقافة الكردية. إن ترقية اللغة الكردية إلى لغة تعليم في التعليم الإبتدائي قد يزيد استخدامها في مجالات أخرى أيضاً. ولكن ما لم يحصل ذلك فإنه من المحتمل أن نشهد انقساماً لغوياً حيث الكردية غير المهذبة تبقى لغة المسحوقين والتركية التي تحمل مفاتيح التقدم الاجتماعي بالنسبة للطبقات الوسطى.
 
[1] مارتن فان برونسين، الآغا والشيخ  والدولة: حول التنظيم السياسي والاجتماعي لكردستان، أوتريخت، أطروحة دكتوراه، 1978 صدرت نسخة معدّلة ومختصرة فيما بعد بعنوان” الآغا والشيخ والدولة: البنى السياسية والاجتماعية لكردستان، لندن، زيد بوكس، 1992. متوفر الكترونيا على bnk.institutekurde.org/catalogue/detail.php?pirtuk=680
[2] مارتن فان برونسين وهندريك بسخوتين “أوليا جلبي في ديار بكر” ليدن، بريل 1988، المقالات الاستهلالية لهذا الكتاب عن المدينة وسكان دياربكر متاحة على الرابط: www.hum.uu.nl/medewerkers,m.vanbruinsessen/publications/Bruinessen  وقد نشر الأمريكي المختص بالتاريخ التركي روبرت دانكوف ضمن نفس السلسلة عن إقامة أوليا في بتليس: روبرت دانكوف: أوليا جلبي في بتليس، ليدن، بريل، 1990. يتكلم أوليا بشكل صريح عن الأكراد في المدينة وعن قبيلة روزيكي Rojiki وبذلك يُعتبر أول باحث يتكلم عن “مدينة بتليس الكردية”
[3] يالجين كوجوك مفكر ذو آراء مختلفة ومستقلة وهو مؤلف مجموعة من المقالات تقع في عدة مجلدّات بعنوان فرضيات عن المثقفين من 1830إلى1980 و فرضيات عن تركيا من 1908 إلى 1978 والذي بدأ بالكتابة منذ التسعينات عن القضية الكردية بدءّ من (فرضيات عن الأكراد) أنقرة، 1990 واستمر بكتابين آخرين من المقابلات مع أوجلان. لكن تعاطف كوجوك شهد تغيراً تجاه الحركة الكردية وتبنى مواقف قومية تتسم بالرهاب والكراهية للغرباء على نحو متزايد.
[4] الفكرة الاستشراقية هي أن الإسلام فرض بنية (أو بالأحرى افتقر إلى بنية) على المدن الإسلامية وجد أقوى تعبير عنه في مقالة غوستاف فون غروينبورد الشهيرة والمعنونة بـ” بنية المدن الإسلامية” في كتابه  Islam: essays in the nature and growth of a cultural tradition, Lodon: Routledge & Kegan Paul, 1961 pp.141-58 […]
[5] بحسب تعبير أوليا çarsu-yi bazarda bir fertute pirezen dahi yokdur. Suk-t sultanide bir bint-î sağire görseler katl ederler yahud perderini te’dib ederler (مارتن فان برونسين وبسخوتين، أوليا جلبي في دياربكر صفحة 182-3)
[6] بات ذلك موضع نقاش ساخن في شباط 2012 عندما أشار بولنت آنج، وهو واحد من أقوى السياسيين في حزب AK بأنه ما من سبب وجيه لجعل اللغة الكردية لغة التدريس في المدارس لأنها ليست “لغة حضارية”  (medeniyet dili)
[7] دراسات غوكالب عن اقبائل الكردية والصهر، كُتِبت بين 1922 و1924 جُمِعت في (دراسات اجتماعية عن القبائل الكردية)  Istanbul, Sosyal yayinlar, 1992
[8] Ziya Gokalp, Kurt asuretleri p136-9
[9] Eckart W. Peters “Kurdenhauser in Ostanalien: Zeitschrift der TU Hannover 3 (1), 1976,4-18: Peter Alford Andrews, National tent types in the Middle East, Wiesbaden: Reichert, 1997.
[10] عن تأثير الموسيقيين الكرد على الموسيقى الفارسية الكلاسيكية خلال فترة القاجاريين انظر  Ella Zonis, Classical Persian Music: an introduction, Cambridge, MA: Harvard University Press, 1973. كان للموسيقيين الصوفين من ديار بكر (رغم أنهم ليسوا بالضرورة أكراداً) تأثيراً على موسيقى البلاط العثماني في القرن التاسع عشر. انظر مارتن فان برونسين” “The Naqshbandi order in 17th Century Kurdistan” in Marc Gaborieau, Alexandre Popvic and Thierry Zarcne (eds). Nashbandis: chminements et situation actuelle d’un order mystique musulman, Istanbul-Paris: Editions Isis
[11] أمراء الجزيرة (جزيرة بوطان) والعمادية رعوا الأدب الكرمانجي. والعلاقات بين ملاي جزيري وأحمدي خاني مع بلاط جزيرة بوطان معروفة جداً في هذا السياق. يكتب أوليا جلبي عن مناسبة إقامته في العمادية ويقول أنه كانت هناك دزينات من الشعراء الكرمانجيين هناك، ويقتبس قصيدة كاملة بالكردية (برونسين، “كردستان في القرنينين السادس عشر والسابع عشر) في سنه، أمراء أردلان برعاية الشعر الكوراني،  (Soane A short anthology of Guran poetry”, Journal of the Royal Asiatic Society 1921 No. 1,1921 p 57-81) أما حالة  بدليس فهي مثيرة للاستغراب إلى حد ما. فأوليا جلبي، الذي قضى وقتاً طويلاً  هناك، جزء منه كضيف دون إرادته في ضيافة الحاكم عبدال خان،  يلاحظ أن التخبة في الإماراة كانت تننتمي إلى قبيلة روجيكي Rojiki ويقتبس قصيدة بالكامل بما يسميه هو الكردية الروجيكية التي تشير نظرة فاحصة لها أن لهجة تركية مع الكثير من المفردات الأرمنية. مارتن فان برونسين Les Kurdes et leur languge au XVIIem siècle: notes d’Evliya Celebi sur les dialects kurdes’ Studia Kurdicha No. 1-5,1988, 13-34 at 9.20
[12] انظر  Issam al-Khafaji, Tormented births: Passages to modernity in Europe and the Middle Eastm London I.B. Tauris, 2004, p102.
[13]Rohat Alakom, Eski Istanbul Kürtleri (1453-1925) [الكرد في استانبول القديمة 1453-1925] Istanbul: Avesta, 1998.  بشتمل هذا الكتاب أيضاً ورقة العمل المذكورة أعلاه المقدمة من قبل روهات .
[14] هؤلاء هم: مهدي بن ميمون الذي عاش في البصرة في القرن الثاني هـ/الثامن ميلادي، وأبو نصر محمد، المعروف بابن الكردي الذي عاش في بغداد في القرن الثالث/التاسع. أنا مدين بالمعلومات عن الأول للمؤرخ جون نواس الذي بحث مطولاً في العلماء المسلمين الأوائل ومعلومات عن الثاني إلى بابا مردوخ روحاني (تاريخ مشاهير الكرد-المجلد الأول (طهران 1364/1985)ص6.
[15] W. R. Hay, “Two years in Kurdistan, Experiences of a political officer 1918-1920 London, Sidgwick & Jackson Ltd, 1921, p.82. Hay’s observations, especially in his Chapter V, “The population of the towns and other races”
[16] Hay, Two years in Kurdistan, p86
[17] كردي بتليسيKurdiyê Bitlîsî مجلة زين (الحياة) العدد السادس 25 كانون الأول 1334 (السابع من كانون الثاني، 1919)، محمد أمين بوزأرسلان: مجلة زين الكردية-التركية المجلد الثاني، اوبسالا منشورات دنك، 1985. كردي بتليسي هو، كما ذكر محمد أمين بوزأرسلان في مقدمة المجلة التي قام  بالعتليق عليها، هو اسم مستعار لخليل خيالي وهو من مقاطعة موكري غربي بتليس.
[18] وقد أدلى بمزيد من الحجج عن كردية سكان بتليس: بعض حارات المدينة سُميت على اسم قرى وقبائل مجاورة ملمّحاً إلى أنها أصل هؤلاء، وأنه لا توجد في كل أرجاء المنطقة قرية تركية واحدة (باستثناء أهلات على بعد سفر يومين إلى الشمال-شرق) وأن لغة المدارس في المنطقة كانت الكردية. واعتقد أن هيمنة اللغة التركية ظاهرة حديثة نظراً لافتتاح مدرسة تركية قبل جيل والضغط الممارس من قبل الموظفين المدنيين المعينين من المركز.
[19] تم دخر هؤلاء الغازين وسرعان ما قُتِلوا. \. لكن هذه الحادثة رُقعت في تقرير من قبل مقيم أجنبي في المدينة والذي انتهى به المطاف إلى ارشيف وزارة الخارجية البريطانية، انظر برونسين: الآغا والشيخ والدولة ص 287 . لسوء الحظ نحن نعرف القليل عن هؤلاء  مناضري الانتفاضة من الزازئيين، ولكن طالما أن المصدر حددهم بالزاازئيين فإنه يوحي بأنهم كانوا يعيشوه في حي من المهاجرين الحديثين نسبياً في المناطق التي تتكلم الزازية في شمالي ديار بكر.
[20] مع ذلك شعر أتاتورك بأنه بحاجة أكثر للتأكيد على الهوية التركية للمدينة ففي 1932 أخبر سكان المدينة أنهم منحدرون من أوغوظ تورك وأن الاسم العربي (ديار بكرDiyar Bekir ) تسمية خاطئة. وقد سماها هو نفسه دياربكر Diyarbakir  نسبة إلى الكلمة التركية bakir التي تعني النحاس.
[21] كان إسماعيل بيشكجي أول من لفت النظر إلى أهمية تلك اللقاءات وحلل الخطاب في الكلمات التي أُلقيت ونُشرت فيما بعد تحت عنوان Doğu Mitingleri’nin analizi (1979)  [تحليل الاجتماعات في الشرق] أنقرة، يورت كتاب، 1992. وقد أعطى فيما بعد مكانة رئيسية في طموحه بمحاولة كتابة دراسة سوسيولوجية عن المجتمع الكردي  Doğu Anadolu”nun düzeni: sosyoekonomik ve etnik temeller [النسق الاجتماعي في شرقي الأناضول: الأسس الاجتصادية والإثنية] استانبول، 1969.
[22] كان هؤلاء المهاجرين يشملون أشخاصاً تم تعذيبهم جسدياً من قبل القوات العسكرية التركية لإجبارهم على ترك قراهم إضافة إلى أعداد أكبر مما غادروا قراهم بسبب الغريلا وعمليات الموجهة للقضاء على التمرد مما جعلت الحياة في القرى محفوفة بالمخاطر. المدن التي فيها أحياء كردية ضخمة تتضمن بورصة وأزمير وأضنة ومرسين. وفي كردستان وخاصة في دياربكر ووان هناك الكثير من الأحياء الضخمة لهؤلاء المهجرين بالقوة وهي مختلفة إلى حد كبير ( من ناحية الطبقة الاجتماعية والثقافة) عن تلك الأحياء القديمة التي يعيش فيها السكان المدنيون منذ وقت طويل.
[23] العنف المتعلق بجرائم الشرف ضد المرأة وعلاقته بالتمدين الإجباري ليس مؤ1ثقا بشكل جيد. موجة من حالات الانتحار بين الشابات (أو الجرائم التي صُورِّت على أنها انتحار) في باطمان لفتت الأنظار على نطاق الأمة كلها تم توثيقها في كتاب موجغان هاليس Müjğan Halis  (النساء يمتن في باطمان)استانبول، ماتيس، 2001[…] كما شهدت كردستان العراق ارتفاعاً ضخماً في جرائم الشرف (الموثقة) منذ 1991 والتي يمكن أن تُعزى في جزء منها إلى عملية التمدين والتهميش. انظر  Nazand Begikhani “Honor-based violence among the Kurds: the case of Iraqi Kurdistan العنف المتعلق بجرائم الشرف بين الأكراد: حالة كردستان العراق في Lynn Welchman: Honor Crimes, Paradigms and Violence against women, Lodon, Zed Books, 2005
[24] التقرير الوحيد المنشورـ على حد علمي، هو تقرير أحمد سمبل  Ahmet Sümbül (الدعارة في جنوب شرق تركيا: حوادث ووثائق ومقابلات) استانبول، إيلما، 2004. يوحي هذا التقرير بأن عدد الداعرات الفقيرات قد ازداد بشكل مثير.
[25] حاشية المترجم: في الأصل بضع سنتات
[26] زين العابدين زنار” ثقافة المدرسة في كردستان  Les annals de l’autre Islam 5, 1998,39-58 المدرسة medrese الأدبية الكردية وجدت تعبيراً جديداً لها في المجلة الشهرية نوبهار التي تنشر منذ 1992 وسلسلة الكتب الكردية الكلاسيكية والأعمال الأدبية الحديثة التي نشرتها المجموعة ذاتها. (www. nubiharyayinlari.com)

شارك هذا المقال: