من رسائل المستشرق أوسكار مان 

شارك هذا المقال:

الترجمة عن الألمانية  جان دوست

ولد المستشرق الألماني وعالم الدراسات الإيرانية أوسكار مان Oscar Mann  في برلين عام 1867. درس العربية والآرامية والسنسكريتية وكذلك اللسانيات المقارنة Comparative linguistics في برلين وهايدلبرغ. قام برحلات إلى تركيا وإيران لدراسة اللغات الإيرانية. التقط مان خلالها كثيراً من الصور الفوتوغرافية ( منها صورة نادرة للمغني الشعبي الكُردي شيخ يوزان من قبيلة برازا في أورفة ننشرها مرفقة مع هذه المادة). ولأوسكار مان دراسات عديدة عن اللغة الكردية والمجتمع الكردي والأماكن التي زارها.

وقد زار مدينة مهاباد في مطلع القرن العشرين والتقى هناك بالفتى الكردي جواد قاضي الذي سيقوم بتعليم السيد مان اللغة الكردية فيما بعد مقابل تعلمه الإنكليزية على يد مان. (سوف ننشر قصة هذا اللقاء مستقبلاً). وقام  اوسكار مان مع جواد قاضي خلال أيام وأسابيع عديدة بعد لقائهما في مزگه‌وتی سوور (المسجد الأحمر بمهاباد) بجمع نصوص كردية عديدة نشرها في برلين بعنوان التحفة المظفرية (تحفهء مظفري).

وله بالإضافة إلى ذلك كتب ودراسات عديدة منها بحثه المعنون Über meine Reise im türkischen Kurdistan  (حول رحلتي إلى كُردستان التركية) نشره عام 1910 في كراسة التقرير السنوي الجغرافي والإحصائي- فرانكفورت.

أما رسائله الهامة (تقارير الرحلة الكردية والفارسية Persische und Kurdische Reisberichte) والتي أرسلها إلى شقيقته في برلين (والتي ننشر إحداها هنا) فهي أبحاث مهمة عن المجتمع الكردي وطبيعة الحياة في بداية القرن العشرين، كذلك هي شهادات على نمط حياة المستشرقين في المناطق الكردية وتحت سلطة الدولة العثمانية والصعوبات التي كان يلاقيها الرحالة والمستشرقون والدبلوماسيون الغربيون. ففي هذه الرسالة التي أرسلها اوسكار مان من بدليس مثلاً نطلع على حياة البعثات الدبلوماسية الأجنبية. ونصادف اسم السير مارك سايكس الضابط الإنكليزي الشهير الذي قام فيما بعد مع نظيره الفرنسي فرانسوا بيكو بكتابة اتفاقية سايكس-بيكو عام 1916.

من الضروري في اعتقادي أن تهتم الدوائر الثقافية الكردستانية بهذه الرسائل وغيرها من نتاجات علماء الكردولوجيا وتقوم بترجمتها إلى الكًردية ومناقشتها على المستوى الأكاديمي في الجامعات والمعاهد وحتى مناقشتها في وسائل الإعلام لما فيها من معلومات هامة تفيد البحث العلمي والتاريخ الكردي.

الترجمة من الألمانية: جان دوست

بدليس. 25 أيلول 1906

أختي العزيزة!

أنتظر اليوم رسالتك المؤرخة في 28 آب. رسالتك المرسلة بتاريخ 13 آب (أو 14؟) لم تصل إلى دياربكر. يبدو  أن السلطات التركية وضعت اليد عليها. انظري إن كان في إمكانك أن تحصلي في بريد برلين على وصل تسليم يخص تلك الرسالة.

أرسل اليوم لك رسالة من السيدة كوخ وكذلك من الآنسة كوخ.

اكتبي رسالة شكر للسيدة كوخ وأرسلي لها جزءًا من مدوناتي وصوري التي يمكن أن تكون السيدة كوخ مهتمة بها. وعلى سبيل المثال تلك التي أتواجد أنا فيها أو خيولي أو المناظر الطبيعية المميزة. ماذا عن السفرجل؟ هل يوجد منها في برلين؟ وهل أرسلت لك الآنسة كوخ وصفة صناعة المربى؟ يجب أن يتم تقشير الثمار ثم غليها. هذا يعطي لوناً أحمر رائعاً.

بعد ذلك مباشرة يتم إخراج القشور المتبقية مرة أخرى.

بالإضافة إلى الرسالة سوف تصلك بطاقتان بريديتان تركيتان. لم أكتب عليهما شيئاً لكنني أرسلتهما لأجل طوابعهما البريدية.

بعد وصول رسالتي هذه أرجو أن ترسلي الردود على العنوان التالي:

Aux soins-du Consulat d’Allemagne a Mosul!

هل استلمت البرقية التالية “أرسلوا الصندوق إلى بغداد عبر شركة هامبورغ أمريكا-أوسكار” ؟ لقد أرسلتها من هنا بتاريخ 18 أيلول. أرجو أن تبعثي لي قائمة بمحتويات الصندوق (مع كشف الأسعار) وقائمة مماثلة للسيد ريتشارد في بغداد (بدون كشف الأسعار).

و: رجاءًا اذهبي إلى السيد Rühe . ينبغي أن يتجه إلى متجر الكتب الألمانية في اسطنبول، أعتقد Lorentz، ويسأل إن كانت هناك إمكانية شراء كُرَّاس سياحي عن تركيا واليونان. أحتاج ذلك لأجل رحلة العودة.

إذا كان الحصول على الكراس غير ممكن فلستِ مضطرة لإحضاره معك لأن سلطات الرقابة التركية السيئة سوف تصادره منك بالتأكيد.

على كل حال سوف يرسله لي أحد الأشخاص إلى الإرسالية الألمانية في طهران (لكن ليس قبل أيار 1907).

…….

لم أجد أشياء مهمة أفعلها هنا. بحثت عن {متحدثين بـ} لهجة بوطان لكنني لم أعثر على مغنين مشهورين {بتلك اللهجة}  مثل المغني رحمان في ساوجبلاغ {مهاباد} أو شيخ بوزان في أورفة.

المغني الشعبي الكردي شيخ بوزان

وبسبب ذلك اضطررت إلى حصر عملي هنا في شرح وترجمة الشعر التعليمي الكردي وقد قطعت في ذلك شوطاً هاماً.  إن القسم الأكبر مما أنجزته في هذا المجال كان موجهاً لبيان أخطاء مارتن هارتمان في اللغة الكردية.

وفي الأسبوع الماضي تلقيت دعوات عديدة. ففي الخميس الفائت دعيت إلى مأدبة غداء في القنصلية الروسية. وكما درجت العادة لدى جميع الروس كان هناك الكثير لنحتسيه. حتى الشامبانيا كانت هناك. وحين عدت إلى المنزل عند الساعة الخامسة كنت قد شربت بما فيه الكفاية.

وفي يوم الخميس دعاني نائب القنصل البريطاني السيد Geary حيث التقيت ضابطاً إنكليزياً هو السيد سايكس كان برفقة زوجته. وهما يسكنان في القنصلية البريطانية.

ومنذ عشر سنوات دأب السيد سايكس على التجوال في تركيا حيث يقضي في كل سنة بضعة أشهر لدراسة العلاقات القبلية والتاريخ الكردي.

كانت أمسية رائعة بالفعل. وكانت زوجة السيد سايكس لطيفة جداً، ودودة وحلوة. وتجاذبنا أطراف الأحاديث وتعارفنا. ومساء الأحد كان السيد سايكس عندي لمدة ثلاث ساعات تبادلنا خلالها المعارف والمعلومات.

بعد ذلك ذهبنا معاً مرتين إلى الصيد  وتمكنت بنادقنا من اصطياد كثير من طيور الحجل والحمام. في يوم الجمعة عاد الوالي إلى زيارتي ليودعني. كان يزمع على القيام برحلة تفتيشية في الولاية.

في يوم الثلاثاء الماضي أرسلت بطاقة تهنئة بمناسبة عيد ميلاد باول ريشتر Paul Richter كما كتبت للسيد  شتراوس Strauss . سيأخذ البريد هذا اليوم بطاقات بريدية كتبتها إلى Neuendorf والبروفسور Barth والدكتور لوثر، وإلى باول ريشتر لأنه يجمع الطوابع البريدية، كما أرسلت بطاقات إلى مسؤول الغابات فوكر Fücker   بالإضافة إلى رسالة شكر للسيدة كوخ Koch .

أما بصدد رسالتك المرسلة بتاريخ 28 آب والتي انتظرتها بشوق هذا اليوم، فهي لم تصل. ويبدو أن السلطات التركية اللعينة قد وضعت اليد عليها. لكن على أي حال فقد أرسلت لك اليوم تلغرافاً.  ويجب عليك أن تتبعي بكل ما لديك من عزم وطاقة، أثر تلك الرسالتين وتتحققي من مصيرهما.  ومن الضروري طرد هؤلاء الموظفين الأتراك الكلاب من العمل.

كما أن عليك التوجه إلى وزارة الخارجية فيما إذا أكدت تحقيقات البريد الألماني في برلين أن الرسالتين قد وصلتا بالفعل إلى تركيا. هل كتبت في أي واحدة منهما شيئاً ما؟ أرجو ألا ترسلي إلي مزيداً من الصحف بعد الآن. لقد تعودت على العيش دون أن أسمع أخبار أوربا وبإمكاني فعل ذلك لمدة أطول.

تلقيت اليوم تهنئة بعيد ميلادي من عائلة كرونيتز Krünitz و رابنهاوس Rabenhaus وكذلك رسالة من Sarre.  هو لا يستطيع المجيء لأنه كان مريضاً. ربما يتمكن من ذلك في بداية العام. هذا سيناسبني بالطبع.

يبدو أنني لن أتلقى هذا العام تهنئة منك بمناسبة ميلادي. لم يكن العام الفائت جيداً بالنسبة لنا. لقد سلبنا أفضل وأغلى الأشياء التي كنا نملكها.

آمل أن نبقى معاً لفترة أطول.

تحيات قلبية وقبلات من أخيك المخلص أوسكار

في يوم الخميس القادم المصادف 27 أيلول سوف أنطلق من هنا إلى سيرت والجزيرة (جزيرة بوطان). ربما تصلك رسالتي القادمة خلال أربعة عشر يوماً فلا تقلقي.

أخوك أوسكار

هل ما زالت عندك الأوراق التي أرسلتها لك من دياربكر وسامسون؟

أرجو إرسال نسخة من صور مباني دياربكر، من المسجد، إلى السيد Sarre. أرجوك.

تنشر هذه المادة بالاتفاق مع مجلة Kurdistan Chronicle  الصادرة بالإنكليزية في أربيل- إقليم كردستان

شارك هذا المقال: