كتاب صدر عن دار النشر (دار) للدكتور نضال محمود حاج درويش
قامشلو، الطبعة الأولى 2017 م، رقم الإصدار: 4- 1234- 2856، يقع في (375) صفحة من القطع المتوسط.
لا نستطيع التحدث عن الحضارة من دون الإشارة إلى تاريخ نشوئها؛ وذلك لأنها مرتبطة بالتاريخ ارتباطاً وثيقاً؛ فأي حضارة هي ثمرة جهد الإنسان الذي يبذله في سبيل تحسين حياته، وظروف معيشته، وهذا الجهد يتم في زمان ومكان محددين، ولن تقام أية حضارة إلا بالعمل الجاد، والدأب المستمر في مرحلة ما من مراحل التاريخ، من أجل تأسيسها، ويتوقف مستوى حضارة، تاريخ، تطور أي مجتمع، واستمراريته في الحياة على مدى توفر نسبية الاستقرار فيه، فكلما كان هناك استقرار، استطاعت تلك الحضارة قطع أشواط في طريق التطور والإبداع، والعكس صحيح، وهذا بالطبع ما نلاحظه لدى قراءتنا لتاريخ أية دولة، أو امبراطورية تاريخياً…
ففي الدراسة التاريخية الأثرية التي قام بها الباحث نضال درويش لمملكة أوركيش الخورية (تل موزان)، نرى ذلك، إذ أنه يشير إلى أن مملكة أوركيش بقيت غائبة عن التاريخ الذي نعرفه، وبمنأىً عن الدراسات التاريخية والأثرية، إلى أن تم اكتشافها من قبل علماء الآثار الذين وقفوا عندها فيما بعد، وركزوا عليها في دراساتهم، وتفرغوا لها من خلال البعثات الأثرية التي قامت بالتنقيب عنها، وهي البعثة الألمانية والأمريكية.
تتألف الدراسة من مقدمة، وثمانية فصول، يتحدث الباحث في المقدمة عن الموقع والأهمية الاستراتيجية لها، أما الفصول فهي: لمحة تاريخية عن الخوريين، التنقيبات الأثرية في تل موزان، مراحل تطور الاستيطان فيه، العمارة، القبور، التشكيل الفني، الأختام، لقى أخرى، وخاتمة تلخص مضمون الدراسة. ويشير إلى أن تل موزان الأثري يقع حوالي 25 كم غربي مدينة القامشلي، و5 كم شرقي بلدة عامودا، في منطقة مثلث الخابور، يبلغ طول التل 600م، وارتفاعه 28م، ومساحته بحوالي 130 هكتاراً.
وتميزت المنطقة المحيطة بتل موزان بأمطارها الغزيرة، الأمر الذي جعلها صالحة للاستقرار، وممارسة الزراعة البعلية، وكانت المنطقة محاطة بالغابات خلال الألف الثالث قبل الميلاد، هذه الميزة دفعت بالإنسان إلى اتخاذ الموقع مكاناً لاستقراره منذ ما يعرف بحضارة حلف (6000 ق. م)، واستمر الاستيطان إلى القرن (13 ق. م)، إضافة إلى غنى أوركيش بمنتجاتها الزراعية، فإن موقعها الاستراتيجي كان أحد الأسباب الرئيسة في نمو وازدهار المدينة؛ فوقوع أوركيش في الحافة الشمالية لسهل الخابور، بالقرب من معبر ماردين، سمح لها بالسيطرة على الطرق التجارية المؤدية إلى مناجم النحاس، (وربما القصدير)، في شرقي الأناضول، وبشكل خاص تلك المناجم الغنية القريبة من مدينة ديار بكر.
وتشير النصوص المسمارية إلى أن منطقة الخابور، ومن بينها تل موزان، كانت منطقة عبور للتجار الآشوريين منذ بداية الألف الثاني إلى المستوطنات التجارية -(كانت تسمى كاروم باللغة الآشورية)- الآشورية في الأناضول، ومن بين تلك المستوطنات كاروم كانيش (كلتبه/ Kultepe)، وقد شاركهم الخوريون أيضاً في تلك التجارة، حيث وجدت أسماء وحكومات وأشخاص خورية ضمن أرشيف المدينة.
ويرد في أحد النصوص أن القوافل التجارية كانت تتجه من آشور إلى إيمار، (مسكنة الحالية 85 كم غرب الرقة)، كانت تقف في طريق العودة في أوركيش؛ ونظراً للأهمية السياسية والدينية لتل موزان، والتي تظهر جلياً من خلال وجود القصر الملكي الضخم، والمعبد البيضوي، فإنها ارتبطت على الأغلب بـ (علاقات ثقافية وتجارية) مع القرى الجبلية التي كانت موجودة في الشمال، وسكانها الخوريين، هذه العلاقة سهلت لأوركيش الوصول إلى موارد المرتفعات بدون فرض الإدارة المباشرة، أو القيام بالأعمال العسكرية ضد تلك المناطق.
أما بالنسبة للشعب الذي سكن فيها، وأقام دولته وحضارته فهو الشعب الخوري الميتاني، الذي يعتبر أحد أقدم شعوب الشرق القديم، وتنتمي لغتهم إلى العائلة الشمالية الشرقية للغات القوقازية، وهي من اللغات المعرفة باللاصقة، وتمتُّ بصلة القرابة مع لغة الأوراراتيين الذين أسسوا مملكة قوية، (كان مقرها منطقة وان)، في الألف الأول قبل الميلاد، ويرجح معظم الباحثين إلى أن الخوريين قد هاجروا من مناطق القوقاز عبر بحر قزوين، واستقروا في المناطق التي كونوا فيها لاحقاً كيانهم السياسي، فبعد انهيار مملكة أكد على يد الكوتيين (Gutian)، عام (2154 ق. م)، ازداد وجود الخوريين في المنطقة، واستطاعوا تأسيس كيانات سياسية مستقلة جديدة، يحكمها خوريون، ولعل أبرز أولئك الحكام هم: نيريش خوخا، حاكم أربيل (أوربيلوم)، وإلى هذه الفترة يعود ختم الملك الخوري تلبوش آتيلي حاكم تل براك (ناكار)، الأمر الذي يشير إلى الوجود الكثيف للخوريين خلال هذه الفترة.
وكان الأمراء الخوريون يحكمون ممالك امتدت من شمال سوريا عبر شمال بلاد الرافدين إلى شرقي نهر دجلة، ويعتمد هذا الحكم على أسماء الحكام، وكثافة الأسماء الخورية في تلك المنطقة، إحدى الإمارات الخورية الكبرى في هذه المرحلة كانت بوروندوم، والتي ارتبطت بعلاقات مع ماري، حيث زوّج زيمري ليم أخته لأحد أمراء المملكة، ويبدو بأنه كانت لهذه المملكة دور في استعادة زيمري ليم لعرشه في ماري.
وبعد اختفاء ماري كقوة سياسية على يد حمورابي ملك بابل، عام (1759 ق. م). ومن بعدها يمخاض (1595 ق. م). على يد مورشيلي الأول ملك الحثيين، بدأ الخوريون بالتوسع أكثر في مناطق شمال سوريا، ولعبوا دوراً هاماً في مدن مثل حلب وأورشوم وخاشوم (شمال غرب حلب)، ويظهر هذا التأثير من أسماء الأشخاص في ألالاخ، حيث تظهر الأسماء الخورية في الطبقة السابعة، والتي تعود إلى القرن (17 ق. م).
ويعتقد البعض بأن ازدياد وجود الخوريين، وبكثافة في شمال سوريا، كان وراء دفع الهكسوس (حوالي 1650 ق. م) نحو مصر. ويظهر ازدياد الوجود الخوري بشكل واضح في الشرق أيضاً. فقد أسس الخوريون كياناً سياسياً لهم في شمال بلاد الرافدين، عرف بالدولة الخورية الميتانية.
وأقدم ذكر للاسم ميتاني، والذي أطلق على -الخوريين – الميتانيين- يرد في كتابة موجودة على قبر في (طيبة بمصر)، لشخص يدعى أمينيمنحت – (Amenemhet)، يصف فيها حملة عسكرية مصرية إلى سوريا، والصراع ضد الميتانيين، ويرجح الباحثون على أن الحملة حدثت في عهد تحوتمس الأول.
وتتصف مملكة ميتاني بميزتين هامتين، تميزها عن غيرها من الممالك الخورية الباكرة، أو المتأخرة: الأولى هي سيادة أناس يتحدثون اللغة الخورية، أما الثانية فهي أن أسماء حكام المملكة كانت -هندو -أوربية- وهم ينتمون إلى طبقة النخبة التي تسمى مارياني (Maryanni)، أي (النبلاء)، والتي تمتعت بمكانة سياسية وعسكرية بارزة، وقد اشتهرت باستخدام عربات حربية خفيفة تجرها الأحصنة، وأقدم ذكر لهذه الطبقة يعود إلى القرن 15 ق. م.
وقد كان اسم أوركيش معروفاً بين الباحثين من خلال عدة كتابات وصلت عن طريق تجار الآثار إلى أيدي العلماء، منها نقش ملك أوركيش أتل شين الموجود في متحف اللوفر، والكتابات الموجودة على لوح تيش أتل المرافق لأسد أوركيش الموجود في المتحف نفسه، وكذلك من خلال الأساطير الخورية من أرشيف خاتوشا عاصمة الحثيين.
ورغم ذلك لم يكن بالإمكان تحديد موقع المدينة، إلى أن بدأت التنقيبات الأثرية الأمريكية في تل موزان، حيث عثر على كتابات تشير إلى اسم المدينة القديم أوركيش، وأهميتها، وطبيعة سكانها.
وقد بدأت التنقيبات الأثرية في تل موزان في عام 1934م، من قبل عالم الآثار البريطاني ماكس مالوان، وبعد ذلك بـ 50 عاماً، أي في عام 1984م، بدأت بعثة أمريكية تحت إشراف جيورجيو بوتشيلاتي بالتنقيب في الموقع، واستمرت حتى سنة 2010م، ونقبت بجانب البعثة الأمريكية بعثة ألمانية، بإشراف بيتر بفلتزنر، ولمدة ثلاث سنوات، عام 1998- 2001م. وأسفرت تلك العمليات عن الكشف عن آثار تعود إلى عصور مختلفة.
واعتمد في تتبع مراحل تطور الاستيطان في تل موزان بشكل أساسي على ملاحظة التطور التاريخي للفخار المنتج محلياً فيه، فضلاً عن طبعات أختام أسطوانية تعود إلى مراحل تاريخية مختلفة.
تمكن عملية المقارنة بين نماذج الأواني الفخارية المختلفة في جميع القطاعات المنقب عنها في تل موزان من دراسة وربط جميع مراحل الاستيطان في كامل المدينة (انطر الجدول 2)، وهذا يشكل أساساً في عملية الربط التاريخي لمناحي التطور التي مرت بها مختلف مناطق المدينة وذلك بغية الوصول إلى تصور واضح لتطور كامل المدينة.
التاريخ
1300
1500 عصر البرونز الحديث 1600
1700
1800
1900
عصر البرونز الوسيط 2000
2100
2200
2300
2400
2500
2600 2700
2800 عصر البرونز الباكر |
فترات الجزيرة | التسلسل الزمني في بلاد الرافدين |
عصر الجزيرة الوسيط 1 (I)
|
العصر الميتاني/العصر البابلي الوسيط |
|
عصر الجزيرة القديم 3 (III)
|
المرحلة المتأخرة من العصر البابلي القديم |
|
عصر الجزيرة القديم 2 (II)
|
المرحلة الوسيطة من العصر البابلي القديم |
|
عصر الجزيرة القديم 1 (I)
|
المرحلة المبكرة من العصر البابلي القديم/عصر إيسين- لارسا |
|
عصر الجزيرة الباكر 5 (V)
|
عصر سلالة أور 3 |
|
عصر الجزيرة الباكر 4 (IV)
|
العصر الأكدي الوسيط والمتأخر |
|
عصر الجزيرة الباكر 3ب (IIIb) |
المرحلة المتأخرة من عصر فجر السلالات الثالث والمرحلة المبكرة من العصر الأكدي | |
عصر الجزيرة الباكر 3أ (IIIa)
|
المرحلة المتأخرة من عصر فجر السلالات 2 والمرحلة المبكرة من السلالات 3
|
|
عصر الجزيرة الباكر 2 (II) |
عصر فجر السلالات الباكر 2
|
|
عصر الجزيرة الباكر 1 (I) |
عصر فجر السلالات الباكر 1
|
الجدول 1: التسلسل الزمني لتأريخ الجزيرة وفق فترات الجزيرة
منطقة القصر AA | منطقة مصطبة المعبد | ساحة ماكس مالوان | الحي الاستيطاني C2 | التأريخ | مرحلة الاستيطان |
– | الطور 7-8 | C3 | 1550-1300 | الجزيرة الوسيط 1 | |
– | الطور 6 | C4 | C4 | 1800-1550 | الجزيرة القديم 2 |
المرحلة 5c: الدمار الكامل المرحلة 5a-b: الأخير | الطور 5 | C6-5 | C6-5 | 2000-1800 | الجزيرة القديم 1 |
المرحلة 4a-b: الاستيطان الأول | الطور4 | C7 | C7 | 2100-2000 | الجزيرة المبكر 5 |
المرحلة 3: إعادة استخدام القصر،المرحلة 2: قصر توبكيشAP | الطور 3 | C8 | C11-8 | 2300-2100 | الجزيرة الباكر 4 |
المرحلة 1 : ما قبل القصر | الطور 2 | – | C12 | 2400-2300 | الجزيرة الباكر 3ب |
– | – | – | C16-13 | 2600-2400 | الجزيرة الباكر 3أ |
– | الطور 1 | – | – | 2800-2600 | الجزيرة الباكر 2 |
الجدول 2: جدول زمني للتسلسل الطبقي المقارن في تل موزان.
ويشير الباحث إلى أن العمارة في تل موازن تتألف من قسمين: القسم العلوي من التل، ويضم المدينة العليا، بينما يتركز في القسم السفلي المدينة المنخفضة، ويحيط بالمدينة العليا سور مبني من اللبن، يعود بناؤه إلى نهاية عصر فجر السلالات الثاني، 2750- 2600 ق. م. أو بداية عصر فجر السلالات الثالث. ويبلغ ارتفاعه 5 م، وعرضه 4 م.
أما المعبد البيضوي فيقع في الجزء الشمالي الشرقي من مركز المدينة العليا، وقد بني على مصطبة بيضوية مبنية من اللبن، ذي أحجام مختلفة، لذلك سمي بالمعبد البيضوي.
وسميت الحفرة التي كانت تؤدى فيها الطقوس الدينية بحفرة الآبي، وهي تسمية أطلقت عليها من قبل المنقب.
وتبلغ مساحة القصر الملكي 3500م اكتشف منها 1700م. ويتألف قصر تل موزان الأثري من جناحين، جناح رسمي، وآخر للخدمة. بلغت مساحة جناح الخدمة 1000م.
ويتألف جناح الخدمة من المطبخ، ومخزن المواد التموينية القيمة الخاصة بالعائلة الملكية، ومنطقة خدمة، ربما نفذت فيها احتياجات القصر الملكي، أما القسم الرابع فيصب التعرف إليه؛ نتيجة التدمير الذي حدث بفعل عوامل الحت والتعرية.
تم الكشف في هذا الجناح عن أرضيات من الطين. أما الباحة فقد كانت مفروشة بالحجر، كما تم العثور على أقنية لصرف المياه ضمن القصر. أما الجناح الرسمي فقد دمر بشكل كبير، وقد كان مقراً للملك وعائلته يدير فيه شؤون حكمه.
وكثرت القبور المكتشفة في منطقة أوركيش والتي تعود إلى فترات زمنية مختلفة تمتد من عصر الجزيرة الباكر الثاني (2800- 2600 ق. م)، إلى العصر الميتاني، وبالنسبة إلى القبور العائدة إلى عصر الجزيرة الباكر الثاني فقد عثر عليها في الجزء الشمالي الغربي من المدينة المنخفضة، وبشكل خاص في السبر OA4 والسبر OB1، الذي على ما يبدو أنه استخدم في تلك الفترة كمقبرة خارجية لسكان المدينة العليا، وقد وجدت في السبر OB1 جرار من الفخار وأدوات من البرونز.
وقد عثر على 5 قبور من عصر الجزيرة الرابع العصر الأكدي في الطبقة 9- 11 وفي الحي السكني ومن الطبقة التاسعة توجد لدينا ثلاثة قبور.
بالنسبة لقبور عصر الجزيرة الباكر 5، فقد عثر عليها في طبقة الاستيطان 7، وضمت (14) قبراً، وهي تضم قبور أطفال وحديثي الولادة وكبار السن، نصف هذه القبور تعود للأطفال.
وقد أعطى المنقبون لكل قبر رقماً خاصاً به من قِبلهم، وهي القبور (21- 12- 36- 52- 46- 51- 48- 60- 11- 13- 7- 27- 30).
أما قبور الألف الثاني، والتي اكتشفتها البعثة الألمانية في الطبقات الأثرية، C6- C5 من الحي السكني، وهي تعود إلى عصر الجزيرة القديم (2000- 1800 ق. م)، فقد بلغ عددها 25 قبراً، عشرة منها تعود إلى الأطفال، وحديثي الولادة. وهي القبور: (44- 45- 67-6-9-37- 26- 18- 19- 29- 40- 1- 3- 8- 14- 10- 4- 15- 28- 31- 61- 25- 33- 49- 43).
ويتبين من وصف قبور هذه المرحلة بأنها ضمت قبور أطفال وحديثي الولادة ونساء ورجال، تم دفن الموتى داخل، وخارج المنازل. ودفن الأطفال على الأغلب ضمن جرار فخارية، وقد تنوعت أشكال القبور ما بين حفر بسيطة، وقبور مبنية من الحجر واللبن.
عثرت البعثة الأمريكية في المجال AA، على قبور تؤرخ في الفترة من نهاية الألف الثالث إلى العصر الحديث حيث عثرت على حوالي 100 جثة، 18 جثة منها وجدت ضمن 12 قبر، وهي تعود إلى عصر الخابور المبكر، وجثث وجدت ضمن قبور تعود إلى الفترة المتأخرة من عصر الخابور.
وتوجد في التشكيل الفني الحجري فقط أربع قطع فنية مصنوعة من الحجر؛ اثنتان منها تنتمي إلى نموذج النحت الناتئ، أما الأخريان فهما تنتميان إلى نموذج النحت المجسم. وفي الفنون المعدنية نلاحظ وجود ثلاثة تماثيل مصنوعة من البرونز، اثنان منها للأسد، أما التمثال الثالث فهو للمرأة العارية، وبالنسبة لتمثالي الأسد فهما يُعرفان في الأبحاث بأسود أوركيش، والتمثالان مجوفان من الداخل، وقد وصلا عن طريق تجار الآثار إلى كل من متحف اللوفر في باريس، ومتحف المتروبوليان في نيويورك، ويرى بوتشيلاتي المنقب، أن التمثالين ربما كانا في الأصل موجودان ضمن حطام أساسات المعبد BA، وأن الإله نركال الذي ورد ذكره
في النص، هو كوماربي الإله، وهذا النص موجود مع الأسد في متحف باريس، والنص يعود إلى أحد ملوك أوركيش، ويدعى تيش أتل، الذي حكم خلال المرحلة المتأخرة من عصر سلالة أور الثالثة، وهو أول حاكم ترك كتابة باللغة الخورية تتعلق ببناء معبد نركال… (انظر الشكل 57).
الشكل 57
وإلى جانب الفنون الحجرية والمعدنية نلاحظ وجود الفنون الطينية الفخارية، والكثير من التماثيل البشرية التي صنعت منها، والحيوانية أيضاً.
أما بالنسبة للأختام فيقف الباحث مطولاً عليها، مقسّماً إياها إلى مراحلها المختلفة، وهي على الشكل التالي:
– أختام عصر أوروك (4500- 3100 ق. م).
– أختام عصر الجزيرة الباكر (2800- 2300 ق. م).
– أختام عصر الجزيرة الباكر (العصر الأكدي 2300- 2100 ق. م).
– أختام عصر الجزيرة الباكر (2100- 2000 ق. م).
– أختام عصر الجزيرة الوسيط (العصر الميتاني1550- 1300 ق. م).
ويوضح ماهية هذه الأختام، وطبيعة الرسوم والأشكال الموجودة فيها، ودلالاتها، ورموزها بشكل واضح.
ويشير في نهاية البحث إلى اللقى الأخرى التي اكتشفت في تل موزان الأثري أوركيش، مثل الخرز، القلائد، أعداد هائلة من الجرار، قطع الفخار من مختلف الطبقات الأثرية، قطع المعادن كالدبابيس، والمسامير البرونزية، ورؤوس الحراب، والملاعق، إضافة إلى أعداد كبيرة من المشارط والمقاحف المصنوعة من حجر الصوان والأوبسيديان. ويختصر لنا الدراسة بخاتمة يشير فيها إلى أهمية البحث وفصوله، وما تم تناوله في تلك الفصول..
والتي تظهر بوضوح من خلال موقع أوركيش المميز، وعلاقاتها مع الدول والممالك الأخرى، وأهم الآثار التي تم التنقيب عنها في هذه المملكة، وطرق البناء، والفنون الحجرية والمعدنية فيها.
تعريف بالباحث (نضال محمود حاج درويش)
ولد في دمشق عام 1972، تخرج في جامعة دمشق، قسم (التاريخ) عام 1996، أنهى دراسة الآثار الشرقية القديمة واللغات السامية في جامعة مارتن لوثر/ هالة ألمانيا عام 2006، ونال شهادة الدكتوراه فيها عام 2010. كتبه المنشورة هي:
1- Gefäßständer und zugehörige Gefäße in der Mittel- und Spätbronzezeit in Mesopotamien (is published in Academia.edu 2006).
2- Götter und Mischwesen in Syrien undWestmesopotamien in der Frühbronzezeit (Printed in Germany PeWeVerlag– Gladbeck 2010).
أما كتيه المترجمة فهي:
1- ترجمة رسالة الدكتوراه: 3- الآلهة والكائنات المركبة الأسطورية في سوريا وغرب بلاد الرافدين في الألف الثالث قبل الميلاد (دار الزمان 2016).
2- أكراد سوريا في مرآة مصادر الأرشيف العثماني خلال القرن 18 للميلاد، مترجم عن اللغة الألمانية للباحث شتيفان فينتر، نشر في: ذين (مجلة مؤسسة ذين لإحياء التراث الوثائقي والصحفي الكردي) العدد 6، السنة 2014، الصفحات 282-298.
3- الامبراطورية الميتانية والسؤال عن الكرونولوجيا المطلقة، ترجم عن اللغة الانكليزية للباحث ميركو نوفاك، نشر في موقع أكاديميا العلمي.
وهو عضو في العديد من البعثات التنقيبية، يتقن اللغات: الكردية، العربية، الانكليزية، الألمانية، يدرس حاليا في قسم الآثار في جامعة السليمانية، وله العديد من المقالات المنشورة.
(https://sulaimaniu.academia.edu/NedalHajDarwich)