مسلم عبد طالاس
نتيجة لتزايد الحروب والكوارث الطبيعية، يرتفع عدد اللاجئين في جميع أنحاء العالم، وتمتد إقامتهم في البلدان المضيفة لفترة طويلة. بالترافق مع ذلك يتحول الناخبون نحو اليمين ويصبح الساسة أقل استعداداً لقبول اللاجئين في بلدانهم. في نفس الوقت فإن العديد من البلدان المضيفة، وخاصة تلك التي تعاني من التحولات الديموغرافية (ألمانيا على سبيل المثال)، تحتاج إلى العمالة والإمكانات الاقتصادية للاجئين ذوي المهارات المنخفضة والعالية. كل هذا يتطلب مقاربة ذات جدوى اقتصادية أكبر وقبول سياسي أعلى.
المقاربات الحالية لا تحقق النتائج المطلوبة لسببين. أولا, يتم النظر إلى قضية اللاجئين على أنها مشكلة خارجية، أو مسألة علاقات دولية. فهي تبدأ بوصول اللاجئين ويجب معالجتها في المقام الأول من خلال السياسات الدولية، مع وجود بعض السياسات المحلية المكملة. وهذا يؤدي إلى عدم استخدام الموارد البشرية والاقتصادية للاجئين بشكل فعال، كما أن الفوائد المحتملة للبلد المضيف واللاجئين أنفسهم تقل. ثانياً، يُنظر تقليدياً إلى اللاجئين من خلال عدسة إنسانية، باعتبارهم أشخاصاً محتاجين ينبغي مساعدتهم لأسباب أخلاقية. وهذا يتطلب استخدام الموارد المحدودة للبلد المضيف لاستضافة اللاجئين أثناء انتظارهم للعودة إلى بلدانهم. ونظراً لان هذا يعني اعادة توزيع الموارد المحلية المحدودة لمصلحة اللاجئين، فمن المفهوم أن تكون ردة فعل عامة الناس سلبية، حيث ينظرون إلى اللاجئين كمنافسين. ويساهم رد الفعل السلبي هذا في خلق بيئة سلبية داخل الأطر المؤسسية المسؤولة عن توظيف موارد اللاجئين.
وعلى الرغم من أنا هناك دعوات, ظهرت مؤخرا, لاتباع مقاربة تنموية تعتمد على وجود مصالح للسكان المحليين في موارد اللاجئين، إلا أن المقاربة الانسانية لا زالت سائدة. على سبيل المثال، على الرغم من ان المناقشات المتعلقة بسياسة اللاجئين بين الحكومة الفيدرالية الالمانية والولايات في بداية مارس 2023 اهتمت بدمج اللاجئين في سوق العمل. لكنهم أكدوا أن “السبيل الوحيد لاستيعاب ودمج اللاجئين هو من خلال المقاربة الانسانية والنظام بالتزامن مع إدارة الهجرة غيرة النظامية “. علاوة على ذلك، أكد تقرير البنك الدولي عن التنمية في العالم 2023 على موارد اللاجئين، لكن العلاقات والسياسات الدولية ظلت في مقدمة الاهتمام.
كيف يمكن تحفيز الأشخاص والمؤسسات على استقبال اللاجئين بمزيد من الانفتاح ومنحهم وصولاً أفضل إلى الفرص الاقتصادية؟ قد يكون من الممكن اتخاذ خطوة إلى الأمام من خلال النظر إلى اللاجئين كمورد في سياق اقتصاديات الشبكة ونظرية حقوق الملكية. قد تساعد اقتصاد الشبكة على تهدئة المخاوف المحلية بشأن المنافسة مع اللاجئين على الموارد المحلية المحدودة. وتشكل نظرية حقوق الملكية وسيلة أفضل لتعبئة موارد اللاجئين لتحقيق المنفعة المشتركة للاجئين والسكان المحليين.
اقتصاديات الشبكة (المعروفة أيضًا باسم العوامل الخارجية) هي ظاهرة يتم فيها تحديد القيمة أو المنفعة التي يستمدها المستخدم من سلعة أو خدمة من خلال عدد مستخدمي سلع أو خدمات مماثلة. على سبيل المثال، في شبكة الهاتف التي تضم عددًا أكبر من المستخدمين، يمكن للمرء استخدام هاتفه للاتصال بعدد أكبر من الأشخاص، مما يجعل الشبكة أكثر جاذبية للمستخدمين الجدد. وحتى مع احتمال أن يقوم المستخدمون الجدد بزيادة الازدحام على الشبكة، لكنهم يدفعون مزود الخدمة إلى استثمار المزيد من الأموال في تحسين البنية التحتية والتكنولوجيا. وبالمثل، من المتوقع أن تساعد موارد اللاجئين في تحسين الفرص الاقتصادية ومستويات الدخل للسكان المحليين عند المشاركة في الأنشطة الاقتصادية وربطها بالموارد المحلية. ويمكن أن يأتي التحسن من توسيع السوق وتغيير تقسيم العمل الحالي. والقضية الأكثر أهمية هنا هي تحسين عملية الاعتراف بحقوق ملكية اللاجئين للموارد التي يجلبونها معهم (البشرية والمالية والاجتماعية).
ترى نظرية حقوق الملكية أن حقوق الملكية على الموارد والأصول، وليس الموارد أو الأصول نفسها، تشارك في تبادل وتقسيم العمل. إن حقوق الملكية، بمعناها الأوسع، تحدد الموارد التي يمكن أن يتم امتلاكها، ومن يملكها، وكيف يمكن استخدامها. على سبيل المثال، إذا لم يعترف المجتمع بملكية الأصل (أو المورد)، فلن يتمكن المالك من بيعه في السوق. ويؤدي ذلك إلى استبعاد هذا المورد من الأنشطة الاقتصادية أو التقليل من قيمته، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تهميش صاحبه في المجتمع. ونتيجة لذلك، يتعين على النظام الاجتماعي المضيف أن يعترف بموارد اللاجئين وأن يعمل على توسيع حقوق الملكية الخاصة بكل منهم، وهي خطوة مهمة نحو منحهم القدرة على الوصول بشكل جيد إلى الشبكة والأنشطة الاقتصادية المحلية. تتضمن هذه العملية مجموعة متنوعة من الإجراءات، مثل تصاريح الإقامة، وتصاريح العمل، والاعتراف بالمهارات، ومعادلة الشهادات، وحل النزاعات، والترخيص التجاري، وما إلى ذلك.
وأخيراً، من الأهمية بمكان أن ندرك أن هذه المقاربة لا تقلل من أهمية الجهود الإنسانية، وخاصة في المراحل الأولى من الاستضافة وإعادة التأهيل، بل تكملها من خلال التركيز على نهج أكثر استدامة في التعامل مع قضايا اللاجئين.
This column originally appeared in the „Current Column“ of the German Institute of Development and Sustainability (IDOS) that comments every Monday on the latest issues and trends of international development policy.
المقال الاصلي منشور كعمود رأي باللغة الالمانية والانكليزية في موقع المعهد الالماني للتنمية والاستدامة وينشر بموجب اذن خاص من المعهد.
Refugee resources, network economy and property rights
Going beyond humanitarian aid in addressing refugee issues
Musallam Abedtalas