بعض الأفكار حول إعادة إعمار سوريا اقتصادياً

شارك هذا المقال:

 

منطقيا مسألة معالجة نتائج حدث ما سواءا كان كبيرا أو صغير تتطلب تحديد أسباب الحدث والتداعيات التي ترتبت عليه ومن ثم التفكير بمعالجة النتائج المترتبة على الحدث. في حدث مثل حدث الثورة السورية وتحولها لحرب أهلية مدمرة لا يخرج الامر عن السياق السابق. بمعنى أن التفكير في إعادة اعمار ما دمرته الحرب في سوريا اقتصاديا  يفرض علينا التطرق لتلك النقاط, ونفكر بالاسباب الاقتصادية  والتداعيات الاقتصادية وإعادة الاعمار اقتصاديا.

هل كانت هناك اسباب اقتصادية للحدث السوري؟

يبدو أن الاجتماع الانساني يستبطن صراع المصالح كأحد المكيانيزمات الاسياسية لتطوره واستقراره وانحداره. وقد تكون هذه المصالح هي الموارد الاقتصادية أو السلطة السياسية أو المكانة الاجتماعية  أو مزيج منها. يظهر الصراع في أعنف أشكاله في الحرب والقتل, وفي أشكاله السلمية يظهر على شكل حوارات ومساومات سلمية على أشكال معينة من تقاسم المصالح. وهنا تجتهد التجمعات البشرية من أجل فرز آليات متنوعة لتأطير هذا الصراع سلميا ووضع قواعد معينة لكي تتم المساومات في إطارها, يمكن تسميتها بالمؤسسات. وبهذا المعنى يمكن أن تكون المؤسسات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية. في النتيجة فإن قدرة تلك المؤسسات على تأطير لعبة الصراع ووضع قواعد عادلة لها تقنع المتصارعين, يعني أن المجتمع سيستقر على حالة معينة, لكن فشل المؤسسات في  تلك المهمة يعني لجوء الافراد والجماعات إلى العنف. ولا بد من الاشارة هنا إلى أن المؤسسات يمكن أن تعوض فشل بعضها البعض. بمعنى أن فشل المؤسسات الاقتصادية قد يعوضه كفاءة المؤسسات السياسية أو الاجتماعية في تأطير الصراع أو  بالعكس. وفشل مؤسسات أحد المجالات قد يجر المؤسسات الاخرى للفشل أيضا.

في إطار المنطق السابق لا يمكن أن نعزو العنف والثورات والحروب الاهلية فقط للعامل الاقتصادي لوحده أو السياسي أو الاجتماعي بل تعتبر العوامل الثلاث مسؤولة بدرجات متفاوته عن الحدث. ونحن هنا سنسائل العامل الاقتصادي, مع الاشارة سلفا إلى أنه ليس العامل الوحيد في الازمة السورية.

لنلق نظرة على الاداء الاقتصادي العام لسورية خلال الفترة التي سبقت الثورة . معظم الدراسات والاحصاءات تقول إن الاداء الاقتصادي السوري خلال الفترة سبقت الثورة كان مرضيا بمعظم المؤشرات الاقتصادية.  ويشير تقرير للبنك الدولي لما يلي:

في الفترة بين عامي 2000 و 2008 ، تضاعف نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي إلى 2806 دولارات, وأنه وخلال السنوات السابقة لعام 2010 استقرت المالية العامة وانخفض الدين العام وارتفعت احتياطيات النقد الاجنبي وتم احتوا ء عجز الموازنة, عند مستوى 4%  من الناتج المحلي وحقق التضخم مستويات مقبولة.  وبات بمقدور نحو 92% من السكان الحصول على الكهرباء، مع وصول هذه النسبة إلى 100% في المناطق المدنية. وتم توفير مرافق الصرف الصحي المحسَّن لنحو 95% من الأسر وبلغ متوسط العمر المتوقع 72 عاما. ووصلت نسبة تغطية التحصين باللقاحات إلى 84% من السكان في عام 2010 ، وانخفض معدل وفيات الأطفال من 38 وفاة  لكل ألف مولود في عام 1990 إلى 13 وفاة في عام 2010. وتوفرت سبل الحصول على التعليم لجميع الأطفال في سن الدراسة. (المرصد 2017).

باعتبار أن ما يدفع للثورة قد لا يكون الفقر ذاته  وإنما ادراك الفقر أو الاحساس به أو الاحساس بالتمييز والاقصاء,  فإنه يجب عدم الاكتفاء بهذه المؤشرات الكلية الايجابية  وأنما الدخول في التفاصيل التي التي ربما كانت تخفي أشكال من التوزيع تحفز على الاحساس بالفقر والاقصاء. وفي هذا الاطار يورد التقرير السابق نفسه المعطيات التالية:

  • وصل معدل البطالة الرسمي إلى نحو 9% في عام 2010 وغير الرسمي إلى 20%، مع تجاوز معدل البطالة بين الإناث نسبة 23% وبلوغه بين الشباب حوالي 19% مع تراجع كبير لنسبة المشاركة في قوة العمل.
  • تعرضت البلاد بين عام 2008 و2009 لموجات جفاف دمرت محاصيل وسبل عيش مئات الالوف من المزارعين ودفعتهم للهجرة  للضواحي الفقيرة  للمدن الكبرى. وخصوصا في المنطقة الشمالية الشرقية والجنوبية.
  • بين عامي 1997 و 2004 ، ارتفع مؤشر جيني للفقر ، من33 إلى 0.37 وأظهر تقرير  لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي  أن نسبة من يقل إنفاقهم عن خط الفقر الوطني الأدنى ارتفعت من 30.1% إلى  33%  بين عامي 2004 و 2007 بما يمثل نحو 6 ملايين شخص.
  • تزايد شعور السوريين، لاسيما الشباب منهم، بعدم الرضا عن نوعية حياتهم. وانخفض مؤشر متوسط تقييم الحياة في سوريا، الذي أعدَّه معهد جالوب والذي يقيس نوعية الحياة وفقا لتصورات المواطنين، من 5,4 في عام 2008 إلى 4,4 )بالنسبة لمؤشر ( WP16في عام 2010 ومن  6,4إلى5,7 خلال الفترة ذاتها )بالنسبة لمؤشر  WP18) وبحلول عام 2011 ، انخفض كلا المؤشرين انخفاضاً حاداً إلى 4 و 5 على التوالي واستمرا في الانخفاض، مما يشير إلى تدهور عميق في الشعور بالرضا عن الحياة بين السوريين. (المرصد 2017)

يتفق عدد كبير من الباحثين على ان نموذج النمو الاقتصادي في سوريا لم يكن تضمينيا,أي أن خيراته الاقتصادية لم تشمل الجميع(Phillips , 2012)(الحوراني  2014), وأن النظام رعى ارتفاع التطلعات لدى فئات كثيرة من المجتمع وكانت بنيته المؤسسية عاجزة عن تلبية تلك التطلعات (نصر 2013). لم تكن هناك آلية موضوعية شفافة عادلة  لتوزيع نتائج النمو الاقتصادي(وهذه قد تبدو مفارقة في نظام تأسس نظريا على فكرة التوزيع الاشتراكية). يمكن القول أن نتائج للنمو الاقتصادي أو الموارد الاقتصادية أو الريوع والاموال المحصلة بالاعتماد على الموقع الجيوسياسي لسوريا وزعت على أساس فكرة الاستثناء الممنوح من السلطة. وفكرة الاستثناء هي ثابت أساسي في نمط إدارة الاقتصاد الذي اتبعه النظام وربما كان ذلك الاستثناء نقطة الضعف التي ستدفع الناس للثورة عليه. وخصوصا أن الاستثناء احيانا توافق وتراكب مع التقسيمات الطائفية والقومية وهو ما يرفع درجة خطورته. (مصطلح استثناء هنا يستخدم اجرائيا ريثما يتم ضبط مصطلح آخر).

لم يؤسس النظام قواعد وقوانين ومؤسسات واضحة تتولى تنظيم اللعبة الاقتصادية سواء كانت انتاجا أو توزيعا. بل أسس قاعدة من المؤيدين اقتصاديا على أساس الاستثناءات الممنوحة لعدد من الفئات: الفئات العليا من النخب السياسية والاقتصادية حصلت على استثناءات من أجل مراكمة الثروات الهائلة, على شكل فرص للفساد الكبير والعقود الحكومية والامتيازات الاحتكارية في السوق, من حيث الانتاج أو التجارة أو الاستيراد أو التصدير, ويمكن أن نسمي هذا بالاستثناء الاولي . أما الفئات الشعبية فقد تم رشوتها بتقديم استثناء دعم لأسعار بعض المواد الاسياسية وفرص التوظيف في القطاع العام, ويمكن تسميته الاستثناء الثانوي. وما حدث في مرحلة حكم بشار الاسد هو أنه حدث انزياح في الاستثناء بحيث أن الاسثتناء الاولي تضخم من حيث الحجم لكنه تركز بشكل اكبر في الفئات المحظوظة من أقرباء او زبائن  نخبة الحكم الضيقة, يمكن أن نشير هنا لحالة رامي مخلوف. وتآكل الاستثناء الثانوي ولم يبق منه سوى هامش بسيط, بسبب ضغط التوظيف في القطاع العام ورفع الدعم أو تقليصه على الكثير من السلع الضرورية. ويبدو لي أن تغير وانزياح الاستثناء, وزيادة اقترابه من خطوط التقسيمات الطائفية والقومية,  كان مساهما كبيرا في تشكيل الوقود الذي ينتظر شرارة الاشتعال.

الاثار الاقتصادية للحرب:

إن آثار الحرب في سوريا على الاقتصاد قاسية جدا وتفوق المعايير المتعارف عليها في النزاعات الاهلية. لكن من الصعب الحصول على احصاءات دقيقة عن حجم الدمار الاقتصادي الذي لحق بسوريا, وسنورد هنا بعض التقديرات المتعمدة لدى بعض الجهات والباحثين.

حسب تقديرات  مركز البحوث والدراسات بلغت الخسائر التراكمية  حتى عام 2014 حوالي 229% من الناتج المحلي بالاسعار الثابتة لعام 2000. وبالاسعار الجارية 120 مليار دولار وهناك تقديرات أخرى تشير لمبالغ تتراوح بين 200-300 مليار دولار (Butter, 2015).  كان الانكماش خلال السنوات الاربع 2011-2014  مقدار 3,9 و30,9 و36,5 و10 % على التوالي. وإذا قارنا هذه الارقام مع متوسط خسائر الحروب الاهلية يمكن أن نشعر بحجم الدمار المرعب, بالقياس إلى أن  بعض الدراسات إلى أن الناتج المحلي الحقيقي ينخفض عادة بأكثر من نقطتين مئويتين في  الحروب الاهلية (المرصد 2017).

كذلك حسب تقديرات المركز السوري لبحوث السياسات فإن أعداد القتلى نحو 471 ألف شخص والجرحى حوالي 1.1 مليون, وانخفض عدد السكان في سوريا من 21.8 مليون في عام 2010 إلى  18.5مليون في عام 2015 )انخفاض بنسبة 15%(، وارتفع معدل البطالة إلى 56% في عام 2014 ليزيد بذلك عدد العاطلين عن العمل إلى 3.7 مليون شخص.  انخفض مؤشر التنمية البشرية  لسوريا بنسبة 2% سنوياً خلال الفترة 2010-2015، مما أسفر عن تراجع وضع سوريا في الترتيب العالمي من المنتصف في عام 2010 إلى المرتبة 134 من بين 187 بلدا في عام 2015 . وهناك أضرار كبيرة لحقت بالبنية التحتية والخدمات العامة تتراوح ما بين 10-70%.(المرصد 2017). على المستوى الكلي تدنت معظم مؤشرات الاقتصاد الكلي وتشوهت هيكلية الاقتصاد القطاعية. حيث تراجع مجمل التكوين الرأسمالي السنوي وحصة القطاع الخاص منه وتراجع نصيب الصناعة من الناتج المحلي على حساب زيادة نصيب الخدمات الحكومية والزراعة. والجدول التالي فيه بعض التفصيلات المتعلقة بالاعوام 2010-2013:

2010 2011 2012 2013
الناتج المحلي بالاسعار الثابتة (مليون ليرة سورية) 2791775 2847000 2498000 1500000
نسبة النمو في الناتج المحلي الاجمالي % 11 -15 -35 -60
مساهمة الزراعة في الناتج المحلي% 20 24 30 32
مساهمة الصناعة والتعدين في الناتج المحلي % 28 22 18 12
مساهمة البناء والتشييد في الناتج المحلي % 4 4 2 1
مساهمة تجارة الجملة والمفرق في الناتج المحلي % 22 30 40 40
مساهمة النقل والمواصلات والتخزين في الناتج المحلي% 10 8 6 4
مساهمة المال والتأمين والعقارات  في الناتج المحلي% 5 5 4 3
مساهمة الخدمات الشخصية وخدمات المجتمع  في الناتج المحلي% 2 2 2 2
مساهمة الخدمات الحكومية في الناتج المحلي% 10 7 5 3
تكوين رأس المال (مليون ليرة سورية) 579911 572001 34320 150000
نسبة التكوين الرأسمالي للناتج المحلي % 20.8 19.6 13.7 10
نسبة الاستثمار الخاص للتكوين الرأسمالي% 60 52 30 20
نسبة الاستثمار العام للتكوين الرأسمالي% 40 48 70 80
معدل البطالة % 8.6 14.9 35 50
الفقر (الحد الادني)% 15 22 35 40
معدل التضخم % 4.4 17.2 36.7 50

المصدر: الحوراني, 2014

بالاضافة للتشوهات الهيكلية نشأ في سوريا اقتصاد حرب لا بد من أن يؤخذ في الاعتبار عند التفكير في مستقبل سوريا وإعادة اعمارها. في مناطق المعارضة تراجعت الخدمات الحكومية والخدمات العامة وظهرت محلها شبكات للخدمات المحلية, ومع الفوضي وسقوط الامن ظهر اقتصاد قائم على النهب والاختطاف والسرقة والتهريب. وظهرت شبكات اعمال ورجال اعمال جدد بدلا من التقليديين على طرفي النزاع. ويمكن أن نشير هنا لسرقة المدينة الصناعية بحلب والبنك المركزي بالرقة, وإلى شبكات تجارة النفط وعبور البضائع بين مختلف مناطق السيطرة. وهناك رجال اعمال اغتنوا من التحايل على العقوبات  واعمال الحراسة وتوليد الكهرباء, وهناك  من استفاد من سوق الصرف الاجنبي من خلال العلاقة بين شركات الوساطة والبنك المركزي. أي أن هناك مصالح ومراكز قوى اقتصادية لأمراء حرب ورجال أعمال جديدة ظهرت مع الحرب وتتغذى منها وتتوزع عبر البلاد حسب تنوع القوى المسيطرة على الارض. (Yazigi, 2014). وهناك مئات ألوف الشباب الذين تحولت الحرب لمصدر عيش لهم.

بعض تحديات إعادة إعمار سوريا اقتصاديا:

لا شك اعادة الاعمار اقتصاديا موضوع يطرح تحديات متعددة لكن النقطة الهامة التي تطرح هنا هي أن إعادة الاعمار لمرحلة ما بعد الحرب هي عملية اقتصادية تنموية لكن ليست عملية تنموية عادية. وهذا ناتج عن أن التنمية في الظروف العادية عادة ما تكون محكومة بأولويات اقتصادية لكن في ظروف ما بعد الحرب تكون محكومة بأولويات أكثر قوة من تلك الاولويات الاقتصادية هي أولويات منع الانتكاس للحرب مرة ثانية . ما بين تحقيق التنمية الاقتصادية ومنع الانتكاس للحرب الكثير من حالات التوافق لكن هناك حالات يفترض فيها أن يتم ترجيح احد الاطراف وهنا طبعات الارجحية لمنع الانتكاس للحرب.

إعادة الاعمار القادرة على انجاز التنمية ومنع الانتكاس للحرب مهمة متعددة الوجوه  تتطلب عدة تحولات يمكن اجمالها بثلاث تحولات(Del Castillo, 2008):

السياسي: من العنف وغياب الامن  وانعدام القانون والاقصاء السياسي إلى تطوير المؤسسات وتحسين الامن العام وإقامة حكومة تشاركية واحترام حكم القانوني وحقوق الانسان.

الاجتماعي: من حالة الصراع الايديولوجي أو الاثني أو الديني أو الطبقي  إلى المصالحة الوطنية وتطوير أطر مؤسساتية تعالج الخلافات المستقبلية بوسائل سلمية.

الاقتصادي: من اقتصاد مدمر ويسيطر عليه الفساد واقتصاد والسياسات الجامدة والاختلالات الماكرواقصادية الضخمة   إلى البدء بأعادة البناء الاقتصادية وخلق اقتصاد حيوي  يوفر للناس عيشا كريما مشروعا.

إن وضع التصورات حول عملية إعادة الاعمار الاقتصادية في سوريا يصطدم بحقيقة أن الحرب لم تتوقف بعد وأن الدمار الاقتصادي مستمر ومن الصعب حاليا تحديد مقدار الدمار  الحاصل, وهو عنصر مهم من أجل تصور إعادة الاعمار إلى جانب العنصر الاخر المتمثل في الجذور الاقتصادية للأزمة.  لكن يمكن في البداية وضع بعض النقاط والمباديء التي يجب التركيز عليها.

إن القيام بأي مشروع اقتصادي كبير وصغير يتطلب توفر عنصرين أساسين المال والبشر, أعني رأس المال المادي والانساني, وهما قد يشكلان مشكلة في الحالة السورية من حيث النزيف الكبير الذي تعرضت له البلد فيما يتعلق بهجرة رؤوس الاموال المادية والبشرية, ولابد من أن يبدأ التفكير بهما وكيفية استرداد رأس المال المهاجر ذاك. ولا بد من بنية تحتية ومؤسساتية للعمل في سياقها وهذا يطرح مسألة البدء بالبنية التحتية والخدمات العامة والاصلاح المؤسساتي. لكن النقطة الاكثر أهمية والتي يمكن أن تساعد أو تعرقل في هذا السياق هي الامن وهذا يطرح مسألة  ما يسمى نزع السلاح والتسريح واعادة ادماج المتحاربين في الاقتصاد السلمي كأولوية سياسية وامنية واقتصادية كبرى.

حسب دليل (USAID, 2009) ودراسة لمعهد بروكنز (Heydemann, 2017) لكي تنجح عملية إعادة الاعمار يجب أن تنبي على المقومات التالية:

  • وصوح الاهداف وبناء نوع من الاتفاق حولها: نظرا للفوضى والتشوس في مرحلة ما بعد النزاع يبدو أن هناك حاجة لكل شيء وفي الحال, وقد يكون هناك اطراف عديدة ذات أولويات مختلفة.  وفي العموم يجب أن يهدف البرنامج الاقتصادي للنمو لـ: 1- إعادة تأسيس الوظائف الاقتصادية الاساسية للدولة واستعادة مشروعيتها مع ضرورة نزع المركزية عن تلك الوظائف وتوزيعها بشكل لامركزي بين الاقاليم  . 2- تشجيع الاستخدام وتحسين الرفاه بأسرع ما يمكن. 3- مواجه الجذور الاقتصادية للنزاع وخصوصا منطق الاستثناء الاقتصادي ومنعه من السيطرة على عملية اعادة الاعمار . 4- تحقيق الاستقرار الاقتصادي ووضع على مسار النمو.
  • الحساسية للسياق: في سياق ما بعد النزاع يجب أن تكون هناك حساسية عالية جدا للابعاد السياسية والاجتماعية للنزاع. ويجب أن تواجه برامج النمو الاقتصادي تلك الابعاد.  وأن تهتم بطبيعة النزاع وطبيعة السلام ومستوى التنمية الاقتصادية للبلد عند خروجه من الحرب. ولكي تكون عملية إعادة الاعمار فعالة في مثل هذه البيئة السياسية الحساسة, يجب أن يتضمن كل قرار متعلق بإعادة الاعمار اعتبارات الاثر على مشروعية الحكومية وفرص العمل والرفاه الاقتصادي والعدالة او تصورات العدالة لدى مختلفة المشاركين في النزاع. وهنا يمكن أن يكون مفيدا أن يتم تصميم عمليات اعادة الاعمار من الاسفل إلى الاعلى بالاعتماد على الفعاليات المحلية (لامركزية إعادة الاعمار).
  • البراغماتية : ويعني أدراكا واسعا للعوائق الاساسية التي تقف في وجه النمو الاقتصادي. ومواجه المسائل البسيطة أولا وإزالة العوائق أمام القطاع غير الرسمي, ويتم هيكلة العمل بحيب يتم تحقيق أكبر منفعة مباشرة بطريقة عادلة.
  • القيادة المحلية : يجب أن يقود البرامج القيادات المحلية باستخدام النظم والمؤسسات المحلية عند وجودها. ويجب أن تطور المبادرات من خلال عملية تنسيق بين مختلف الفعاليات. وإذا لم يوجه تمويل إعادة الاعمار إلى الفعاليات المحلية ولم تدار محليا, فإن المشروعات ستعكس الأهداف السياسية وأولويات نظام الاستثناء السابق بدلا من المجتمع.
  • بناء الامكانيات: سواء المادية أو البشرية من خلال وضع خطط وبرامج من أجل استعادة رأس المال المادي والبشري من الخارج وتفعيل برامج للتدريب المهني خارج وداخل العمل وإعادة ترميم نظام التعليم.

 

المراجع:

  • الحوراني أكرم, 2014, مرتكزات الاقتصاد السوري وكفاءتها في مرحلة إعادة البناء والتنمية, مؤتمر إعادة البناء والتنمية في سورية.
  • المرصد الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, 2017, اقتصاديات إعادة الإعمار بعد انتهاء الصراع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, البنك الدولي للإنشاء والتعمير.
  • نصر ربيع وآخرون, 2013, الجذور والاثار الاقتصادية والاجتماعية , المركز السوري لبحوث السياسات.
  • Butter David, 2015, Syria’s Economy Picking up the Pieces, Research Paper, Chatham House, Middle East and North Africa Programme.
  • Del Castillo Graciana (2008) “Economic Reconstruction of War-Torn Countries: The Role of the International Financial Institutions,” Seton Hall Law Review: Vol. 38: Iss. 4, Article 3. 1265-1295
  • Heydemann Steven, 2017, Rules for reconstruction in Syria, BROOKINGS. https://www.brookings.edu/blog/markaz/2017/08/24/rules-for-reconstruction-in-syria/
  • Phillips Christopher, 2012, Syria’s Bloody ArabSpring,  https://cjophillips.wordpress.com/2012/05/15/syrias-bloody-arab-spring/
  • USAID, 2009, A GUIDE TO ECONOMIC GROWTH IN POST-CONFLICT COUNTRIES.
  • Yazigi Jihad, 2014, SYRIA’S WAR ECONOMY, EURPEAN COUNCEL OF FOREIGN RELATIONS.

شارك هذا المقال: