وثيقة بريطانية عن الحراك السياسي والثقافي للكرد في سوريا خلال الحرب العالمية الثانية

شارك هذا المقال:

سجلات الكرد، الإقليم و الثورة والقومية (1831-1979)
المصدر: وثائق بريطانية
اصدارات أرشيف جامعة كامبريدج
المجلد العاشر 1945-1950
إعداد: ا.ل.ب. بورديت
الترجمة عن الإنكليزية : وسام حسن
الصفحات (244-245 ) من المجلد العاشر
الصفحة الأولى من نص الإيفاد غير متوفرة في المجلد

إيفاد من الوزير البريطاني في سوريا و لبنان (بيروت) Terrence Shoneإلى وزير الخارجية البريطاني في لندن Ernest Bevin في 21 كانون الثاني عام 1946 (الرقم 13) فيما يتعلق بآراء محلية أن الأحداث الأخيرة التي جرت في أذربيجان وكردستان العراق كانت بدعم وقيادة الإتحاد السوفييتي بهدف التضييق على تركيا, مشيراً إلى مجتمع كردي صغير نسبياً في بلاد الشام يقدر بحوالي (200,000) نسمة, غالبيتهم تعيش على طول الحدود السورية التركية, كيف أصبحت هذه القضية ذات أهمية حقيقية؟
يذكرفيها أدلة محدودة على التأثير السوفييتي بين الكرد في بلاد الشام, كما يدرس موقف الأرمن من نفس المنظار.
– الحركات بين الأقليات على جانبي الحدود الشرقية والجنوبية والشرقية الجنوبية لتركية ولا سيما بين الكرد والأرمن, قد يكون من المفيد وضعها في سجل للمعلومات حيث يكون من السهل الحصول عليها فيما يتعلق بسوريا.
2- يقدر عدد المجتمع الكردي في بلاد الشام بحوالي 200,000 نسمة(حيث لا توجد إحصائية دقيقة), الكثير منهم تم استيعابهم ضمن السكان المحليين. يوجد عدد قليل منهم في لبنان, يتوزع بعضهم في تجمعات صغيرة في المدن السورية الرئيسية, لكن الغالبية العظمى تعيش في مجموعات قبلية على طول الحدود الشرقية السورية التركية مع البدو والتركمان. هذه المجموعات القبلية, التي تعمل في الزراعة والرعي, متخلفين ومعظمهم أميين و مرؤوسين من قبل آغواتهم (رؤوساء العشائر) ورجال الدين والطبقة المثقفة. وعادة يلجؤون إلى قادتهم حالهم كحال باقي الأقليات للشكوى عن سياسة التمييز التي تمارسها الحكومة السورية ضدهم, و مع ذلك لم يظهروا حتى الآن أي نشاطات تذكر تتعلق بحركات إنفصالية. و بالرغم من انهم في الآونة الأخيرة أبدوا اهتماما متزايداً بشؤون المجتمع الكردي على الطرف الآخر من الحدود التركية, إلا أنه لا توجد أدلة على أن لديهم علاقة وثيقة مع الكرد في العراق و إيران.
إلى أي مدى قد تؤثر قوة الجذب على هذه المجتمعات المنعزلة عن بعضها البعض في حال أصبحت فكرة كردستان موحدة حقيقة؟
إنها مسألة تخمين, في الوقت الحالي تبدو الفكرة غير جدية بالنسبة لهم و لأسباب مذكورة في البند الخامس في الأسفل, حيث قادتهم غير راضين لفكرة الميل باتجاه الإتحاد السوفييتي.
3- يوجد ضمن المجتمع الكردي الصغير في دمشق, فصيلان هما: (رابطة الكرد) و (نادي صلاح الدين), الأول بقيادة الأخوين جلادت و كاميران بدرخان وهما من أنصار تشكيل دولة كردية مستقلة, وهذا الفصيل هو الذي أصدر كتيبا مرفقا في خطاب مندوب بيروت في الثالت من تشرين الأول عام 1945.
أما الفصيل الثاني فهو من دعاة إعادة إحياء اللغة الكردية ورفع مكانة الكورد في دول المواطنة, لكن لا يبدو أنهم يميلون إلى تغيير وضعهم الحالي من اجل قضية كردستان المعقدة.
4- ظهرت من ضمن المجتمع الكردي في دمشق عصابة منظمة من البلطجية مستعدة لإثارة المشاكل. وكان قد تم الإبلاغ عنها قبيل أحداث أيار عام 1945 على أنه تم استخدامهم لخلق المشاكل بين السوريين والفرنسيين.
5- خالد بكداش زعيم الحزب الشيوعي اللبناني وهو من أصل كردي, لكنه تلقى تعليمه في موسكو, بالرغم من أنه ذكر اسمه مؤخرا في تقرير سري في بغداد يفيد بتورطه بمؤامرات روسية بين الكرد, إلا انه لا يوجد دليل على أنه كرس نفسه لخدمة مجتمعه أو أنه يتمتع بأي تأثير خاص بينهم: فهو يعتبر نفسه شيوعياً بالدرجة الأولى ولبنانياً بالدرجة الثانية وكردياً بالدرجة الأخيرة. ليس للشيوعية فرصة كبيرة للإنتشار بين العشائر الكردية في الظروف الحالية, لأن زعماءهم ومثقفيهم الذين تم ذكرهم سابقا أظهروا استياءهم من مبادىء الشيوعية التي ستقضي في النهاية على نفوذهم و مكانتهم. ومن الواضح أنها لم تعد لها شعبية في أوساط المجتمعات الكردية المتحضرة في المدن السورية. كانت هناك شائعات غامضة عن تقارب السوفييت من الكرد, لكن بدون أي تفاصيل تذكر ولا يوجد تعاطف سوفييتي واضح حتى الآن تجاههم, حتى بين الكورد الذين يعيشون في المدن, كاميران بدرخان وفي حديث له مع مكتب الشرق أظهر أن آماله كانت معلقة على الدعم البريطاني للقضية الكردية, لكن القادة الكرد في دمشق أعربوا عن خيبة أملهم من التحفظ البريطاني بخصوص الطموح الكردي, ومن الممكن أن يقفوا إلى جانب روسيا السوفياتية في نهاية المطاف. حتى لو فعلوا ذلك, فإن فرصهم في تنظيم حركة إنفصالية بين المجتمع الكردي غير المهم نسبيا في سوريا تبدو بعيدة في الوقت الحاضر.
6- يبلغ عدد الأرمن في سوريا حوالي 120,000 نسمة وفي لبنان حوالي 70,000 نسمة, معظمهم لاجئين فارين من المذابح التركية, جاؤوا إلى بلاد الشام بين عامي( 1922 و 1938 ) وفي داخلهم حقد على الأتراك, معظمهم حرفيين وعمال في مختلف الصناعات والمهن التي نادرا ما يعمل فيها باقي السكان المحليين. وقد حصلوا على الجنسية السورية أو اللبنانية منذ وصولهم إلى بلاد الشام, وفي معظم الحالات أثبتوا جدارتهم في التجارة وأسسوا لأنفسهم أوضاع معيشية مقبولة.
بذلت الحكومتان السورية واللبنانية مؤخرا جهودا خاصة لاقناعهم بأنه لايوجد ما يثير مخاوفهم و بأنه مرحب بمهاراتهم و صناعاتهم. لكن الأرمن لديهم ذاكرة حية عن معاناتهم في تركيا, ويرغبون قبل كل شيء بالعيش في إنسجام مع محيطهم و تجنب الإنخراط في أي نشاطات سياسية قد لا تكون لصالحهم. يشكل الأرمن الكاثوليك نسبة 25% من الأرمن في سوريا, و هم في حماية الفرنسيين, لذك لم يتم انصهارهم في الدولة السورية كبقية الأرمن الأرثوذوكس الذين يشكلون الأكثرية. وهم حريصون على عدم تعريض موقعهم للخطر في الدولة القومية التي يعيشون فيها.
7- إن رسالة تاس التي أشير إليها في برقية موسكو (رقم 5193) في الرابع من كانون الأول عام 1945 تعلن عن تسهيلات للأرمن بشأن الهجرة إلى أرمينيا السوفياتية, أثارت هذه التسهيلات بعض الحماس بين الأرمن و خاصة في حلب, حيث نشرت الصحافة بعض النقاط حول هذا الموضوع. كانت إحدى تلك النقاط تقول في حين أن العديد من الأرمن يفضلون البقاء في الدول التي يقيمون فيها, يمكن لفئة الشباب الإستفادة من العرض السوفييتي هذا. و كان لبث إذاعة ييريفان في السابع من كانون الثاني عام 1945 بشأن برقية موسكو رقم (5326) تأثير على تعزيز روح الإنتماء العرقي بين الأرمن, وكذلك الشائعات الروسية بما فيها نية الحكومة السوفيتية فتح قنصلية عامة في حلب, وأخرى تقول بأنه طلب من الحكومة السورية قبول ممثل عن الأرمن السوفييت, والتي تم رفضها لاحقا.
8- تخللت على الأقل اثنان من الانقسامات السياسية بين الأرمن بتأثير السوفييت, و التي حصلت بسهولة بسبب أحقادهم على الأتراك من جهة وانتساب العديد من الأرمن إلى الأحزاب الشيوعية من جهة أخرى, والتي وجدت في المجتمع الأرمني داعما رئيسيا لها- على كل حال- كان للحماس الذي أثاره رسالة تاس و بث إذاعة ييريفان تأثيرا قصير المدى, وذلك بدون شك للأسباب التي ذكرت في البند السادس. بعد ذلك أعلنت صحافة حلب بأنه على المجتمع الأرمني الكبير البقاء في المكان الذي هو فيه. كما توصل أرمن لبنان إلى النتائج نفسها في اجتماعاتهم بهذا الخصوص.أضف إلى ذلك أن الأرمن الذين رحبوا بفكرة العودة إلى موطنهم السابق في شمال الأناضول لم يكن لديهم الحماس الكافي لفكرة الهجرة إلى أرمينيا السوفييتية المجهولة بالنسبة لهم.
9- بما أنه لا توجد حتى الآن إشارات جدية لحركات إنفصالية وتخريبية بين الكرد والأرمن في بلاد الشام سواء برعاية سوفييتية أو غيرها, فإن هذه المجتمعات وبشكل خاص الأرمن, ستكون الأداة الأكثر جاهزية والأقرب إلى اليد السوفييتية في حال قررت الحكومة السوفييتية أن تشرع سياستها المستقبلية في بلاد الشام. كما ذكر سابقا في بداية هذا التقرير بأنه ليست هذه هي القضية, تبدو المفوضية السوفييتية في بيروت ودمشق مهتمة بجمع معلومات عن تفاصيل الوضع المحلي أكثر من الانخراط في أي نشاط إيجابي. كما لا توجد أي إشارات عن الدعاية السوفييتية النشطة في بلاد الشام, عدا نشاطات بعض الأحزاب الشيوعية السوفييتية. الخوف وعدم الثقة بروسيا السوفياتية قوي بين قادة العشائر والإقطاعيين والتجار الذين ما يزالون مسؤولين عن تكوين رؤية عامة في البلدين. جاءت أحداث أذربيجان كصدمة قوية وخلفت إنطباعا بين تلك الطبقات التي رأت أن التأثير السوفييتي أخذ يمتد على مقربة منهم ومن الممكن أن ينتشر بشكل أكبر من ذلك. كما أن الإستياء الحالي من الفرنسيين ومن السياسة البريطانية في بلاد الشام جعلت البعض يجادل بأن الاتحاد السوفييتي كان لابد له أن يأتي, و يمكن تسخيره لدعم التطلعات الوطنية لسوريا ولبنان والتي يعتقد بأن الحكومة السوفييتية متعاطفة معها.
10- أرسل نسخاً من هذا الإيفاد إلى سفراء جلالته في كل من القاهرة وبغداد وطهران والمفوضية العليا في فلسطين والأردن والقدس, وإلى وزير جلالته في جدة وإلى المكتب البريطاني في الشرق الأوسط (القاهرة).

شارك هذا المقال: