الإسلام السياسي – أزمة الجذور و الأغصان

شارك هذا المقال:

مفهوم الإسلام السياسي :

يخضع مفهوم الإسلام السياسي لشد وجذب معارضة و تبنياً بين العلماء المسلمين ففي حين تعتبر الكثير من الشخصيات الإسلامية التسمية خروجاً عن جوهر الدين الإسلامي وحقيقته مستندين إلى طائفة من الآيات تتحدث عن شمول الديني للدنيوي و أن الإسلام دين و دنيا و أنه عكس الكثير من الأديان يتضمن العقيدة والشريعة و الشريعة هي الضابط الناظم للأمور الدنيوية ( ألا له الخلق و الأمر تبارك الله رب العالمين ) “1” و ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) “2”  و أن الشريعة تبحث مختلف جوانب الحياة عبادةً و اقتصاداً و سياسة و شؤون حكم و أخلاقاً و قضايا اجتماعية

هنا يقول ابن باز : ” من زعم فصل الدين عن الدولة و أن الدين محله المساجد والبيوت و أن للدولة أن تفعل ما تشاء و تحكم بما تشاء فقد أعظم على الله الفرية و كذب على الله ورسوله و غلط أقبح الغلط بل هذا كفر وضلالة ” بينما يذكر الشيخ العثيمين : ” إن من فصل الدين عن الدولة فقد ضل ” و كذا اعتبرتها اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء السعودية دعوة فاجرة و يجمع هذا التيار أن الإسلام السياسي مصطلح غربي استشراقي و هو ناشئ عن الجهل بالإسلام

يطرح علي عبد الرازق رؤية مخالفة لمفهوم الإسلام السياسي في كتابه الشهير ” الإسلام و أصول الحكم “1925 م حيث أكد أن لا سياسة في الإسلام و يوافقه في ذلك حسين مؤنس و محمد حسين هيكل و محمد سعيد العشماوي : ” أراد الله للإسلام أن يكون ديناً و أراد به الناس أن يكون سياسة ” 3″

و إذا كان الشيخ محمد رشيد رضا اعتمد المصطلح أثناء حديثه عن الحكومات الإسلامية التي تحكم الأمة في إطار الأمة الإسلامية فإنه حسب المفكر محمد عمارة صار يدل عل الحركات الإسلامية التي تشتغل بالسياسة

ولعل تعريف  صادق جلال العظم أدق هنا فهو يعتبره : ” إيديولوجيا تعبوية شديدة التأثير مستمدة و مشكلة بصورة انتقائية و جزئية من بعض نصوص الإسلام المقدسة و من عدد من مرجعياته التراثية و سوابقه التاريخية و حكاياته المتداولة أباً عن جد ومن العجز الإسلامي المزمن و من هامشية العالم الإسلامي و العربي في مجريات التاريخ المعاصر ” 4 ”

و درءاً للاختلافات الكثيرة وصولاً إلى رؤية أوضح للمفهوم وفق خط بياني واضح يبدأ من بدايات الإسلام لمعرفة الجذور سنستفيد من مشروع المفكر المغربي محمد عابد الجابري في محاولته تحديد مقومات العقل السياسي العربي “5” ، هذه المحددات هي :  ( العقيدة ـ القبيلة ـ الغنيمة ) ففي تغليب عاملي الغنيمة و القبيلة مؤشر واضح لبروز ملامح الإسلام السياسي حيث العقيدة واجهة لفعالية مجتمعية ما قبل إسلامية أو لنقل بوصف آخر تجيير الإسلام العقائدي لصالح الإسلام السياسي أو الأخروي لصالح الدنيوي .

ـــ العودة إلى جذور الإسلام السياسي :

تبدأ أولى ملامح الصراع السياسي في الإسلام في سقيفة بني ساعدة / ظروف الحادثة أن جسد الرسول لا يزال مسجى و عليه ابنته فاطمة و ابن عمه و زوج فاطمة علي بن أبي طالب بينما الأنصار مجتمعون في السقيفة لاختيار خليفة للرسول ، يلحق بهم المهاجرون  ، يهم الأنصار بمبايعة سعد بن عبادة و كان ذا سابقة في الإسلام و أحد النقباء الذين بايعوا الرسول في العقبة الثانية فضلاً عن كونه زعيم الخزرج و هم أصحاب العدد و النفوذ و كانت فكرة التداول السياسي للحكم واضحة في قول الحباب بن المنذر : ” منا أمير و منهم أمير ” هذا ما يورده الطبري في تاريخ الأمم و الملوك

فيكون رد عمر بن الخطاب على مشروع الحباب بلهجة فيها تهديد : ” هيهات هيهات لا يجتمع سيفان في غمد واحد ، إنه و الله لا ترضى العرب أن تؤمركم و نبيها من غيركم و لكن العرب لا ينبغي أن تولي هذا الأمر إلا من كانت النبوة فيهم و أولو الأمر منهم لنا بذلك على من خالفنا الحجة الظاهرة و السلطان المبين ، من ينازعنا سلطان محمد و ميراثه و نحن أولياؤه و عشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة ؟! ” 6 ”

إن تحليلاً بنيويا للحوار الذي جرى في السقيفة يظهر جلياً غياب البعد العقائدي لصالح السياسي الدنيوي / أمير ـ لا ترضى العرب ـ نبيها من غيركم ـ سلطان محمد و ميراثه ـ نحن أولياؤه و عشيرته / في حين لم تظهر كلمة ( الخليفة ) ذات البعد الديني ، إنها مصطلحات تنتمي للحقل الدلالي القبلي .

و يمكن القول أن السياسة كانت الأطغى بعد حادثة مقتل عثمان بن عفان و بالتالي انتهي دور العقيدة كمحرك أول للمجتمع الإسلامي الوليد و يمكن القول إن أول تفريخ سياسي بمعنى الأحزاب كان بعد التحكيم بين علي و معاوية فكان الخوارج أول حزب يخرج على التحكيم و المعسكرين المتقاتلين و بعد مقتل علي لم يبق لمفهوم الشورى في الإسلام موضع حيث تحول الحكم وراثة في بني أمية خصوم بني هاشم السياسيين قبل الإسلام لم ينازعهم إياه سوى العباسيين سنة 132هجرية

هنا تكثر الروايات عن خلفاء تحولوا من أئمة و فقهاء إلى سياسيين قلبوا لقيمهم ظهر المجن ، فعبد الملك بن مروان يتسلم الحكم فيغلق المصحف قائلا  له : ” هذا آخر عهدي بك ” و قبل هذا كان قطع رأس الحسين و سبي نساء آل البيت إشارة رمزية واضحة إلى قطع شعرة القداسة مع مفهوم الرسالة و الرسول .

حتى حلم الخليفة المأمون و الذي يذكره ابن النديم في ” الفهرست ” تفسيراً لكثرة كتب الفلسفة و الاهتمام   بالعلم : ” أن المأمون رأى في منامه كأن رجلاً أبيض اللون مشرباً حمرةً واسع الجبهة مقرون الحاجب أجلح الرأس أشهل العينين حسن الشمائل جالس على سريره ، قال المأمون : كأني بين يديه قد ملئت له هيبة ، فقلت من أنت ؟ قال أنا أرسطاليس ، فسررت به و قلت : أيها الحكيم أسألك ؟ قال سل ، قلت ما الحُسْن ؟ قال ما حسن في العقل ، قلت : ثم ماذا ، قال ما حسن في الشرع قلت ثم ماذا ؟ قال ما حسن عند الجمهور ، قلت ثم ماذا ؟ قال ثُمّ لا ثُمّ “7 “حتى هذا الحلم الواضح هدفاً سياسياً يفسره الجابري في عبارة ( ثُمّ لا ثمّ )  بأن المقصود بالنفي هو العرفان الشيعي الذي استطاع التأثير ايديولوجياً في المجتمع فكان على المأمون الاستعانة بمضاد إيديولوجي و هو البرهان الأرسطي ” 8 ”

في ما سبق تتعالى أصوات القبيلة / العائلة / الغنيمة / الدنيوي صارخة كمحدد سياسي اجتماعي بينما لا يكاد يسمع صوت العقيدة إلا من وراء حجاب

ـــ الإسلام السياسي في العصر الحديث

يمكن اعتبار الإسلام السياسي مصطلحاً أكاديمياً استُخدم للتعبير عن حركات تؤمن بالإسلام نظاماً سياسياً للحكم يستقي أفكاره من الشريعة الإسلامية له تجارب في السعودية / الحركة الوهابية و  إيران / نظام الولي الفقيه علماً أن أصحاب المشروع يرفضون التسمية و يفضلون مصطلح الحاكمية الإلهية أو الحكم للشريعة أو الحكم لله

يعتبر مصطلح “الإسلام الأصولي ” أولى التسميات التي أطلقت على ما يسمى اليوم الإسلام السياسي ثم تحول المصطلح إلى” الإسلاميون المتطرفون ” في الأحداث الجزائرية لتستقر التسمية على الإسلام السياسي بعد ضربات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية

و يعزو البعض نشوء حركات الإسلام السياسي في العصر الحديث إلى انهيار الدولة العثمانية و  إلغاء الخلافة في 3 مارس 1924 و تأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك و اعتمادها العَلمانية و تهميشها دور الدين بينما يعتبر آخرون أن الحركات القومية العربية كانت ضربة للإسلام ما خلق رد فعل إسلامي تمثل سياسياً

و إن كان البعض يرجع نشوء الظاهرة إلى المستوى الاقتصادي المتدني للدول الإسلامية خاصة أن المشاريع الاشتراكية في رفع المستويين الاقتصادي والاجتماعي باءت بالفشل بعد انهيار الاتحاد السوفييتي و تفككه

فإن أرجح الأسباب منطقية يعود لقيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية و محاولاتها تصدير ثورتها للجوار و التدخل السوفييتي في أفغانستان و طرح الجهاد الإسلامي ضد السوفييت أمريكياً و تطبيعه عربياً و توتر العلاقات السعودية الإيرانية ( المشروع السني الوهابي و المشروع الشيعي ) لا سيما بعد اعتماد السعودية إستراتيجية مضادة تمثلت في الدعم المادي للمدارس الدينية القريبة من الفكر السعودي و دعم المجاميع المسلحة في البوسنة والهرسك ما شهد صحوة سياسية إسلامية في عقدي الثمانينات و التسعينات ما أنتج بدوره حركات إسلام سياسي ذوات طابع عنفي كما في الجزائر وسوريا أما الحدث الأبرز فكان صعود حركة طالبان للحكم في أفغانستان و تأسيس تنظيم القاعدة على يد أسامة بن لادن و صعود حزب العدالة والتنمية التركي إلى سدة الحكم في تركيا لن نخوض في هذه الدراسة في الأسس النظرية التي استقت منها حركات الإسلام السياسي بنيتها الفكرية إنما يكفي هنا أن نعرف أن معظم الحركات الجهادية إن لم نقل الكل خرجت من عباءة الإخوان المسلمين و كان لها فيما بعد اختلاف في المنطلقات نافلة على القول أن المشترك فكرياً بين تنظيم الإخوان المسلمين و التنظيمات الجهادية هو الارتكاز إلى مبدأ الحاكمية أي الحكم لله

 

ــ مأزق حركات الإسلام السياسي :

يرى المفكر الفلسطيني عزمي بشارة أن الأزمة تكمن في تعثر التحول الديمقراطي لدى الجماعات الإسلامية على الأخص بعد الثورات العربية يضاف إلى ذلك ضمور الثقافة الديمقراطية لدى النخب العربية الإسلامية و غير الإسلامية و أنها تغافلت عن الهدف الحقيقي للثورات في الحرية و العدالة والكرامة الإنسانية التي يوفرها النظام الديمقراطي لصالح هدف آخر هو السلطة فكانت المشكلة استعدادها لتقديم الانتخابات على حساب تثبيت مبادئ الديمقراطية ينطلق بشارة في توضيح فكرته من التجربة المصرية فيرى بداية الأزمة في عدم وعي حقيقة   “أن الديمقراطية هي التي تصنع الانتخابات كآلية في الحكم و ليست الانتخابات هي التي تصنع الديمقراطية أما خارج النظام الديمقراطي فالانتخابات قد تقود إلى الديمقراطية وقد تقود إلى الفوضى و الديكتاتورية “9” كما أن جماعة الإخوان المسلمين افتقدت للرؤية في تحسين المعاش و الوحدة الوطنية

يمكن القول أن الشعب المصري الذي قام بثورة للتخلص من نظام استبدادي وجد نفسه أمام واقع بات يتوق معه إلى الفترة الملكية على الأخص بعد طرح الدستور الإخواني الذي كان خطوة إلى وراء الوراء إذا عبرنا شعرياً عن الحالة

على الطرف الآخر خسرت حركة النهضة التونسية انتخابات أكتوبر 2014رغم أنها تصنف الأقوى فكراً و تنظيماً ، هذه النكسات ربما تعيد تلك الحركات إلى رشدها و توازنها في الأخذ بمعطيات الواقع و التنازل عن وهم تبيئة الماضي في الحاضر فالمجتمعات قد تحن إلى الماضي كقيمة رمزية لا واقعاً معاشاً و إذا أردنا التدقيق أكثر على الحالة سنرى أن محاولات الحركات و التنظيمات الإسلامية تسييس الدين جعل الدين و تلكم التنظيمات موضع شبهة عالمياً ما جعل نظرة الغرب إلى الإسلام تنحو صوب اعتباره ديناً يتساهل مع العنف و هذا ما يفسر بعض موجات العداء للمهاجرين كونهم يمثلون مرادفاً موضوعياً للإرهاب الذي يضرب مجتمعاتهم ( الحوادث الإرهابية في فرنسا و قبلها قتل الصحفيين في شارل ايبدو و ضربات بلجيكا و ألمانيا مؤخراً و الهجوم على مقر للمثليين الجنسيين في أمريكا ) .

ولعل جزءاً من التأزم يعود إلى فشل المؤسسات و المراكز الفكرية الإسلامية في مواجهة التحديات و المشاكل التي انبثقت من الحركات الإسلامية ذات البرنامج الجهادي و يرجع البعض السبب إلى كون المؤسسات الدينية لم تخضع لضغوط كتلك التي مارستها المجتمعات الغربية على مؤسساتها الدينية يضاف إلى ما سبق عدم قدرة المؤسسات الدينية الانتقال بالدين إلى ما يسمى الدين العقلاني و المتمثل في تشكيل عجينة فكرية بين الدين والحداثة في الجوانب السياسية و الاجتماعية والتشريعية

و إذا كانت حركات الإسلام السياسي تقوم في أدبياتها على عنصر جوهري و هو الشوق و الحنين إلى الماضي فإنها لم تستطع تحديد ذلك الماضي زمنياً ، أي ماض يريدون ؟ هل الفترة الراشدية أم فترة الازدهار العلمي و المعرفي من علم كلام و مدارس فقهية و لغوية كما في العصر العباسي مع المأمون أم الفترة الأندلسية الأولى حيث التعايش بين المكونات و الأديان و الرخاء الاقتصادي  ويمكن القول أن ادعاء الحركات الإسلامية امتلاك الحقيقة المطلقة و بالتالي تحولها إلى حالة أيديولوجية شمولية خلق حالة توجس وخوف لدى الأطراف السياسية الأخرى و طبقات الشعب فكل محاولة لنقد مشروعهم السياسي تصطدم بتهم جاهزة من تخوين و تكفير إنه تحويل السياسي المرحلي إلى مطلق ديني ، هذا الوهم في امتلاك الحقيقة أبعد تلك الحركات عن التحالفات مع القوى السياسية الأخرى على قاعدة التعددية السياسية و أنستهم مشروع الحريات المدنية الذي تقوم عليه المجتمعات الحديثة

ولأن المجتمعات الحديثة تقوم على أساس عَلماني والعَلمانية بدورها مرتبطة ممارسة و جوهراً  بالديمقراطية حدث انفصام في رؤية الحركات الإسلامية خاصة أن الديمقراطية ستقودهم إلى موقع السلطتين التشريعية و التنفيذية و بالتالي السهر على تطبيق الديمقراطية بما في ذلك العلمانية و هو ما يناقض نظرتهم في الحاكمية ( الحكم لله أي الشريعة ) كما أن تنظيمات تعتمد التكفير لا يمكن أن تنتهج الديمقراطية هذا إذا علمنا أن معظم القوانين في الدول الإسلامية وضعية في الأصل

ولعل الفكرة الجوهرية التي غفل عنها أغلب الباحثين أن السبب في نجاح المجتمعات الإسلامية كبنية متجانسة في العصور السابقة كان تسخير الدين لصالح السياسة وليس العكس وهو المأزق الأخطر الذي وقعت فيه حركات الإسلام السياسي التى حاولت تحويل الدين لسياسة .

 

رؤى للحل تنطلق من جوهر الأزمة :

في مقاربة للحل تجدر الإشارة إلى إحدى تمظهرات الإسلام السياسي و هو ما سماه صادق جلال العظم : ” الإسلام المتمثل في الطبقات الوسطى و التجارية و أسماه إسلام البازار و الأسواق المحلية و الإقليمية والعولمة و هو معتدل محافظ تكمن مصلحته في الاستقرار السياسي و السلام الاجتماعي و هو غير معني بالمشركين أو الكفار لذا لا ينبغي خلطه مع إسلام الحكم المطلق و يرى أن المستقبل ينبغي أن يكمن في قدرة الإسلام الشعبي التلقائي و الإسلام السياسي البزنسي في استيعاب تيارات الإسلام السياسي الأكثر غلواً و التي اعتبرها منحدرة من إسلام التوتر العالي .” 10 ”

ولعل جوهر الحل يظهر في فصل الدين عن الدولة ،في رؤية للمفكر محمد سعيد العشماوي يقول : ” أراد الله للإسلام أن يكون ديناً و أراد له الناس أن يكون سياسة و الدين عام إنساني شامل أما السياسة فهي قاصرة محدودة قبلية محلية مؤقتة و قصر الدين على السياسة قصر له على نطاق ضيق و إقليم خاص و جماعة معينة و وقت بذاته ، و ممارسة السياسة باسم الدين أو مباشرة الدين بالسياسة يحوله إلى حرب لا تنتهي و تحزبات لا تتوقف و صراعات لا تخمد و أتون لا يهمد فضلاً أنها تحصر الغايات بالمناصب و تخلط الأهداف بالغنائم و تفسد الضمائر بالعروض ” 11 ”

ولا بد من مرجعيات دينية معتدلة تتناسب أفكارها و قيمها مع تطلعات المواطنين في الأمن والسلام و الكشف عن الجوانب الحضارية و الإنسانية في الدين و استثمار الطاقة الروحية والأخلاقية فيه دون إقحامه في حيز الأحكام التقييمية للآخر أما في المجتمعات المتعددة الأديان و الطوائف فتحديد دين رسمي للدولة إنما هو ترسيم لبدايات التأزم

وتجدر الإشارة إلى أن أهم تحول عقلاني فعلي في سيرة الإسلام السياسي ظهر في موقف المفكر الإسلامي التونسي راشد الغنوشي حيث أعلن أنْ ” لم يعد من مبرر لوجود الإسلام السياسي في بلاده ” و قاد حركته ــ  حركة النهضة التونسية ــ للتفريق بين الدعوة و السياسة فلقد أدرك أن المجتمع التونسي قاوم أسلمة المجتمع و شاركت في المقاومة منظمات المجتمع المدني أما أجمل ما قيل في  الغنوشي أنه ” حين وجد في صناديق الاقتراع صدى مقاومة المجتمع التونسي للأسلمة خلع الغنوشي عباءة الإسلام و لبس عباءة تونس .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • سورة الأعراف ، الآية ( 54 )
  • سورة الشورى ، الآية ( 21 )
  • صادق جلال العظم ، الربيع العربي و الإسلام السياسي ، محاضرة ألقيت في برلين
  • محمد سعيد العشماوي ، الإسلام السياسي ، ص 7
  • محمد عابد الجابري ، نقد العقل العربي (3 ) العقل السياسي العربي محدداته و تجلياته ، مركز دراسات الوحدة العربية
  • الطبري ، تاريخ الأمم و الملوك ، ج2 ، ص 243
  • ابن النديم ، الفهرست ، ص 243
  • محمد عابد الجابري ، تكوين العقل العربي ، مبحث ” تنصيب العقل في الإسلام “
  • عزمي بشارة ، مأزق معسكر سياسي ـ الإسلام السياسي في السياسة ـ سلسلة مقالات
  • صادق جلال العظم ، نفس المصدر السابق
  • محمد سعيد العشماوي ، الإسلام السياسي ، ص7

شارك هذا المقال: