ماضي وحاضر نشر الكتب باللغة الكردية في تركيا (1-3)

شارك هذا المقال:

بحث أعدّه م. مالميسانيج لصالح مؤسسة نيكست بيج (Next Page) -2006

(الآراء الواردة في البحث تعبّر حصرياً عن رأي كاتبها وليست بالضرورة أن تعكس رأي المؤسسة).

الترجمة عن الإنكليزية  : عمر رسول

المحتوى:

نقاط البحث وبعض المصطلحات

  1. الكتّاب الكرد ونتاجاتهم في تركيا
  2. 1-   لغة أمٍّ محظورة
  3. 2-   الكتابة بلغة محظورة
  4. 3-   المترجمون
  5. المصممون
  6. المدققون
  7. 6-   ما قبل الطباعة
  8. مصممو الأغلفة
  9. 8-   منظمات الكتّاب
  10. المسابقات والجوائز الأدبية
  • نشر الكتب باللغة الكردية في تركيا
  • المرحلة العثمانية ( 1844-1923)
  • عهد الجمهورية (بعد 1923)

– من 1923 إلى 1965

– من 1965 إلى 1980

– من 1980 إلى 2005

  • 3-   رفع الحظر أخيراً
  • 4-   الكتب المنشورة باللهجة الكرمانجكية (الزازية)
  • أنواع الكتب المنشورة
  • شروح الكتب
  • الشروح في المنشورات باللغة الكردية
  • الشروح في المنشورات باللغة التركية
  •  دور النشر الكردية في تركيا
  • الناشرون الكرد ودور النشر
  • 2-   منظمات الناشرين
  • دور النشر والطباعة
  • عدد نسخ الطبعة الواحدة
  • توزيع الكتب وبيعها
  • مكاتب بيع الكتب
  • توزيع الكتب
  • توزيع الكتب في الخارج 
  • في أوربا
  • في كردستان الجنوبية (العراق)
  • 11-          المبيعات
  • الأسعار
  • معارض الكتب
  • حقوق الطبع
  • القرصنة
  • المعيار الدولي لرقم الكتاب (ISBN)
  • قرّاء الأدب الكردي والمكتبات العامة في تركيا
  • نسبة المتحدثين باللغة الكردية
  • معرفة القراءة والكتابة باللغة التركية بين الكرد
  • محو الأمية باللغة الكردية
  • المكتبات العامة في تركيا والإصدارات باللغة الكردية
  • 5-   المكتبة الوطنية

5–  النشر على الانترنيت (النشر الإلكتروني)

6- المشاكل العامة وآفاق التطور المستقبلي لنشر الكتاب الكردي في تركيا

7- اتجاهات جديدة في نشر الكتاب الكردي

الخاتمة والتوصيات

الفهرس

الملاحظات

المصادر

نقاط البحث وبعض المصطلحات

______________________________________________

يعيش الكرد حالياً في الدول التالية: تركيا وإيران والعراق وسوريا وأرمينيا ولبنان. وفي معظم هذه البلدان، تم حظر استخدام اللغة الكردية بطريقة أو بأخرى، وقد ناضل الكرد من أجل الحق في كتابة ونشر الكتب والدوريات بلغتهم الأم لفترة طويلة. سأحاول في هذا البحث أن أصف حالة نشر الكتب الكردية في تركيا وسوريا (في الواقع هذا البحث مخصص لحالة نشر الكتب الكردية في تركيا فقط، وهناك بحث آخر مستقل تحت عنوان: ماضي وحاضر نشر الكتب باللغة الكردية في سوريا للكاتب نفسه نشرت في مدارات كرد عام 2016، لمن يرغب من القرّاء أو الباحثين الأكارم الاطلاع عليه يمكن كتابة عنوان البحث في مربع البحث في الموقع، أو البحث في قسم الترجمات- المترجم).

قد يكون من المفيد تذكير القارئ بالحقائق التالية فيما يتعلق بالبحث:

توجد لهجات مختلفة للغة الكردية وتكتب بثلاث أبجديات مختلفة، وهي: العربية واللاتينية والسيريلية (الإكليركية). كانت الأبجدية العربية تُستخدَم في تركيا حتى عام 1928 ثم تم استبدالها بالأبجدية اللاتينية. يتم التحدث باللهجات الكردية الكرمانجية والكرمانجكية (= كردكية، زازاكية، دِمِلكية) في تركيا، ويتم نشر الكتب بها. بينما يتم التحدث باللهجة الكرمانجية في سوريا، وهي اللهجة الوحيدة المحكية في سوريا. والأبجدية العربية هي الأبجدية الرسمية في سوريا ولا يسمح فيها بكتابة ونشر الكتب باللغة الكردية. تجاهلَ الكتّاب الكرد الحظر، والكتاب الذين يكتبون باللغة الكردية في سوريا يستخدمون الأبجدية اللاتينية مثل كرد تركيا، وليس الأبجدية العربية.

كلمة كردستان تعني “وطن الكرد”، وهي مستخدمة منذ 900 سنة تقريباً. كردستان مقسمة الآن بين تركيا وإيران والعراق وسوريا. ويطلق الكرد على هذه الأجزاء اسم كردستان الشمالية، وكردستان الشرقية، وكردستان الجنوبية، وكردستان الغربية. كردستان الشمالية ستعني في هذا البحث المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية من الأناضول، وكردستان الغربية ستعني الجزء الشمالي من سوريا، بالقرب من الحدود مع تركيا. في هذه الدراسة، يشير مصطلح الكاتب الكردي إلى الشخص الذي نشر كتاباً واحداً على الأقل باللغة الكردية، ومصطلح دار النشر الكردية يشير إلى شركة نشرت كتاباً واحداً على الأقل باللغة الكردية.

  1. الكتّاب الكرد ونتاجاتهم في تركيا

يختلف الكتّاب الكرد عن غيرهم من الكتّاب في جوانب معينة لأنّ لغتهم الأم كانت محظورة. يمكن فهم الوضع الحالي ومشاكلهم الخاصة بشكل أفضل في سياق الأحداث في الماضي، وفي سياق الحظر طويل الأمد على لغتهم والقمع الذي ترافق مع هذا الحظر. هذا ضروري أيضاً لفهمٍ أفضلٍ للوضع الحالي لنشر الكتب الكردية.

لهذا السبب سأركّز أولاً على الخلفية التاريخية ووضع اللغة الكردية في تركيا. متى ولماذا بدأ الحظر على المطبوعات الكردية؟ كيف تم وضع هذا موضع التنفيذ؟

  1. لغة أمٍّ محظورة

في الوقت الحاضر، يُعتبر الكرد “أكبر أمة في العالم، محرومة من دولتها ومن الحكم الذاتي وحقوق الإنسان الأساسية” (1). من الصعب تقدير العدد الدقيق للسكان الكرد في تركيا. والسبب الرئيسي هو أنه لم يُسمح للناس في تركيا أن يطلقوا على أنفسهم تسمية الكرد حتى وقت قريب. تظهر الأبحاث أن الإحصائيات الرسمية عن السكان الكرد لا تعكس الحقيقة. تعطي المصادر المختلفة بيانات متباينة عن عدد الكرد. فيما يلي إحصائيات عن السكان الكرد من مصدرين (2):

م. إزاديثروت موتلوعدد الكرد ونسبتهم المئوية في تركيا
13 800 0007 046 025السكان الكرد في تركيا
24,3  12النسبة المئوية للكرد إلى إجمالي عدد سكان تركيا

ووفقاً لباحثٍ كرديّ آخر، فقد شكّل الكرد 30% من إجمالي سكان تركيا عام 1997 (أي 19 مليوناً) (3).

قبل الحرب العالمية الأولى، كان جزء كبير من كردستان داخل الإمبراطورية العثمانية، والباقي – داخل دولة إيران. على الرغم من أن الإمبراطورية العثمانية فقدت خلال الحرب جزءاً كبيراً من أراضيها، إلا أنّها تمكنت من الحفاظ على كردستان. في 10 آب/ أغسطس 1920، تم التوقيع على معاهدة سيفر بين الإمبراطورية العثمانية المهزومة، وبريطانيا العظمى المنتصرة وفرنسا وحلفائهما. ووفقاً للمادتين 62 و 63 من هذه المعاهدة، تم تصوّر الحكم الذاتي المحلي للمنطقة التي يسود فيها السكان الكرد. علاوة على ذلك، يمكن للكرد مخاطبة عصبة الأمم بالاستقلال بعد عام واحد من دخول المعاهدة حيز التنفيذ، شريطة أن يتمكن الكرد في هذه المنطقة من إثبات أن غالبية السكان هناك يريدون الاستقلال. لو توصلت المنظمة الأممية إلى استنتاج مفاده أن هؤلاء السكان لهم الحق في الاستقلال، وأوصت بأن تعلن تركيا استقلال الكرد، لكان على تركيا قبول هذه التوصية والتنازل عن جميع امتيازاتها وحقوقها في الأراضي المذكورة (4).

لم يحدث شيء من هذا القبيل، بل على العكس من ذلك، اُستبدِلت الدولة العثمانية بالدولة التركية الجديدة في عام 1923، وأعلن مصطفى كمال جمهورية تركيا. حدّدت معاهدة لوزان الموقعة في 24 تموز/ يوليو 1923 بين الجمهورية التركية والدول الغربية حدود تركيا. وفقاً لهذه المعاهدة، تم تقسيم كردستان الغنية بالنفط والموارد الطبيعية الأخرى بين تركيا والعراق وسوريا المعاصرة. بقيت الحدود كما هي اليوم. لم تأتِ معاهدة لوزان على ذكر حقوق الكرد على الإطلاق.

هناك أقليات مختلفة في تركيا مثل العرب واليونانيين واليهود والسوريين واللاز والجورجيين والألبان والشركس والشيشان وغيرهم ممن لغتهم الأم ليست تركية. وبما أن معاهدة لوزان ضمّنت الحقوق العرقية للأقليات غير المسلمة، فقد سُمح فقط لليونانيين واليهود والأرمن بالقراءة والكتابة بلغاتهم الأم.

في 3 آذار /مارس 1924 منعت المطبوعات باللغة الكردية (5). وفقاً للمادة 14 من خطة إصلاح الشرق المؤرخة عام 1925، تم إدراج المدن والبلدات التي يعيش فيها الكرد، وتم حظر التحدث باللغة الكردية هناك:

الأشخاص الذين يتحدثون لغة أخرى غير التركية في مؤسسات الدولة والبلديات، والأجهزة والإدارات الأخرى، في المدارس، وفي الأسواق في المقاطعات والمراكز الإقليمية في: ملاطية، ألازيز، وديار بكر، وبدليس، و وان، وموش، وأورفا، وأرغني ، و هوزات و أرجيش و أدلجواز و أخلاط  و ﭙالو و ﭽارسانجاك وﭽمِشـﮕَزَك و أوفاجيك  وحِصن منصور ر و بهِسني و آركا و حكمهان و بيرجك و جرميك، سيتم محاكمتهم  أمام المحاكم لارتكاب جريمة ضد الدولة والسلطات المحلية “. (6)

أرادت السلطات عرقلة القراءة والكتابة وكذلك التحدث باللغة الكردية خارج المنزل. تم تغيير أسماء القرى والبلدات الكردية إلى التركية. لم يُسمح للآباء والأمهات بتسمية أطفالهم بأسماء كردية، وتم حظر الأغاني الكردية. كان التصريح الرسمي للكماليين، أمام كل هذه الإجراءات، هو أنّ الكرد “أتراك الجبال” وأنّه لا توجد أمةً كرديةً متميّزة. تمت إزالة كلمتي “كردي” و “كردستان” من الخرائط وكتب الجغرافيا، وقد أصبحت هاتين الكلمتين من المحرمات. حدثت أشياء سخيفة بسبب هذا الوضع. فعلى سبيل المثال، ألغت الخطوط الجوية التركية (THY) في عام 2005 تذكرة طائرة لسيدة عراقية مسافرة من ستوكهولم إلى العراق لأنّ اسمها كان “كردستان” (7) . هناك مثال آخر أوردته الصحف وهو إقالة البروفيسور الدكتور ديموت ماجر لتسميته الجزء الشرقي من تركيا بكردستان خلال محاضرته في جامعة بيلكنت في تركيا  (8). (انطلاقاً من ذلك، يُقال أنّ المرحوم مام جلال (جلال الطالباني) طلب من المسؤولين في إيران في إحدى لقاءاته معهم، بأن ينقلوا السفارة التركية إلى شارع كردستان، وهو اسم شارع في طهران، حتى يضطر الترك ذكر كلمة كردستان في مراسلاتهم الرسمية-المترجم).

تحاول السلطات التركية منع الكرد من تسمية أبنائهم بأسماء كردية، ليس فقط في تركيا وإنّما حتى في الخارج أيضاً، وتحاول عرقلة التعليم بلغتهم الأم. على سبيل المثال، في عام 1985، تلقى السفير السويدي في أنقرة ووزارة الخارجية في ستوكهولم إشعاراً تحذيرياً لأن الموظفين الكرد الذين يعتنون بـ 15 تلميذاً كردياً في حضانة في ستوكهولم كانوا يتحدثون الكردية معهم  (9). (لقد تحدَّثَتْ كريمة الشاعر الكردي جكرخوين “بونية”، المقيمة في السويد، عن هذه الواقعة في إحدى المقابلات معها، كونها كانت منخرطة كمعلّمة في تعليمهم آنذاك، وقد أكدّت لي الحادثة مرة ثانية في اتصال مباشر بيننا، بتاريخ 7 شباط /فبراير 2022، أثناء ترجمة هذه المادة – المترجم).

لم يكن هناك حظر على التحدث باللغة الكردية خلال العهد العثماني حتى عام 1898، العام الذي شهد صدور أول صحيفة كردية باسم “كردستان”، والتي تم حظرها على الفور. بين عامي 1908 و 1923 تم حظر عدد قليل من الصحف والمجلات الكردية لأسباب سياسية ولكن اللغة الكردية لم تُحْظَر. لم يتم حظر الكتب باللغة الكردية أيضاً. تم تدريس اللغة الكردية في مدارس كردستان.

ظهر الحظر في هذا المجال في الأيام الأولى بعد إنشاء جمهورية تركيا. ووفقاً للدستور التركي الأول لعام 1924، “الإسلام هو دين الدولة التركية، واللغة التركية هي لغتها الرسمية” (10). اتخذت الدولة إجراءات سياسية تهدف إلى الانصهار القسري للكرد. وخلال ثلاثينيات القرن الماضي، اكتسبت الدولة النظريات الرسمية المعروفة باسم “أطروحة التاريخ التركي” و “نظرية لغة الشمس”. وفقاً للأولى، كان العرق التركي هو أصل كل الأجناس. أما وفقاً للنظرية الثانية، فقد نشأت جميع لغات العالم من اللغة التركية. إنّ السياسة التركية تجاه اللغة الكردية هي مثال نموذجي على إبادة اللغة (11). ووفقاً لعالم الاجتماع التركي إسماعيل بيشيكجي، فإن كردستان لم تكن حتى مستعمرةً لأنّ للمستعمرات حدوداً ومكانة، بينما كردستان هي مقسّمة ويتم نفي وجود الكرد (12).

قام الكرد بالثورة عدة مرات، كرد فعل على السياسة القمعية للدولة التركية. وفي المعارك بين الجيش التركي والثوار الكرد في أعوام 1925 و 1927-1930 و1937-1938، قُتل عشرات الآلاف من الأشخاص وتم إرسال مئات الآلاف إلى المنفى قسراً، إلى المناطق التي يعيش فيها الأتراك.

ازدهرت الحركة القومية الكردية في الستينيات والسبعينيات بعد صمت طويل عندما حاول عدد قليل من المثقفين الكرد نشر كتب ومجلات باللغة الكردية، لكن قوبلت كل محاولة بالإجراءات الصارمة من قبل السلطات.

وفي الأعوام 1960 و1971 و1980 تولّى المجلس العسكري السلطة في تركيا، وكانت هناك اعتقالات جماعية. تعرّض الآلاف من السياسيين والمراهقين الكرد للتعذيب. أُجبر الكثير منهم على الهجرة إلى بلدان أخرى. وفي بعض الأحيان، كان حتى تأليف كتاب للأبجدية الكردية يمكن أن يكون السبب في اعتقال مؤلفه. فعلى سبيل المثال، تم القبض على أمين بوزارسلان، في عام 1968، وسجن لمدة أربعة أشهر لأنه ألّف كتاباً يتناول فيه الأبجدية الكردية (13).

توقّف النشر باللغة الكردية خاصة بعد التدخلات العسكرية في عامي 1971 و 1980. وصدر دستور جديد عام 1982. وطبقاً للمادة 26 من هذا الدستور، “لا يمكن استخدام لغة يحظرها القانون للتعبير عن الأفكار ونشرها”. وطبقاً للمادة 28 فإنّ “الصحافة حرة” ولكن “لا يجوز نشر أي شيء بأي لغة ممنوعة”. في 19 تشرين الأول/أكتوبر 1983 تم تقديم قانون جديد، رقم 2932، لتحديد اللغات “المحظورة”. وبناءً على هذا القانون، تم حظر اللغات التي “لم تكن اللغات الرسمية الأولى للدول المعترف بها من قبل تركيا”. كما أنّ الأشخاص الذين يعبّرون عن أفكار بأية لغة من اللغات المحظورة يُسجنون بين 6 أشهر وثلاث سنوات. وبحسب المادة 31، يمكن إغلاق دار طباعة الكتب باللغات المحرّمة  (14).

يُعدّ عالم الاجتماع إسماعيل بيشيكجي مثالاً جيداً للرجل الذي عانى من الاضطهاد  الكرد. لقد مكث في السجن 17 عاماً وشهرين، لأنه كتب كتباً عن الكرد. كما حُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات و 5 سنوات من الإقامة الجبرية بسبب رسالة كتبها إلى رئيس نقابة الكتاب السويديين في عام 1981. وقد تم حظر 32 كتاباً من أصل 36 كتاباً من كتبه المنشورة حتى الآن (15). وقد تم القبض على ناشره بحجة التحريض على الانفصال.

تم بموجب قانون الحرب على الإرهاب إلغاء القانون رقم 2932، الذي يحظر اللغة الكردية، بتاريخ 12/4/1991. ومع ذلك، لا يزال الحظر مستمراً. على سبيل المثال، تم حظر ومصادرة طبعة اسطنبول لعام 1996 من الملحمة الرومانسية “مم و زين” المكتوبة باللغة الكردية عام 1695، ولأن المترجم محمد أمين بوزارسلان لم يكن يعيش في تركيا، حُكم على الناشر إحسان تركمان بالسجن 13 شهراً و 10 أيام مع غرامة (16).

في الوقت الذي كانت تحاول فيه أن تصبح عضواً في الاتحاد الأوروبي، وجدت تركيا نفسها في وضع لا يمكنها فيه الدفاع علانية عن القيود القديمة المفروضة على الكرد. تظهر بعض وثائق الدولة السرية التي تم الكشف عنها علناً (17) أنّه تم استخدام أساليب أخرى لإعاقة تطور اللغة الكردية. فالوثيقة الرسمية رقم 472 التي أرسلها وزير الداخلية ميرال أكشنر إلى الأجهزة الأمنية في 3 كانون الثاني / يناير 1997 هي مثال على هذه الوثائق السرية. وتقول الوثيقة: “اتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية بحق من يفتح مؤسسات بحثية لنشر اللغة الكردية، وتطويرها إلى لغة مكتوبة وأدبية، وبحق كل من ينظّم دورات في اللغة الكردية….” (  18).

كان التطور الجديد في شمال كردستان في التسعينيات هو قضية الهجرة. أحرقت قوات الأمن التركية آلاف القرى الكردية رداً على حرب العصابات التي خاضها حزب العمال الكردستاني، مما أدى إلى إخلاء قرى بأكملها من السكان. اضطر عدة ملايين من الناس من هذه القرى إلى الهجرة إلى المدن. وهكذا حاولت الأجهزة الأمنية إنهاء دعم ثوار حرب العصابات في القرى. ثمة سبب آخر للهجرة القسرية وهو أنّ الكرد الذين استقروا في المدن التي يتم فيها التحدث باللغة التركية، سيكون من السهل انصهارهم وتتركيهم فيها.

بعد هذا التفصيل الذي أعتقد أنه سيساعد في توضيح بيئة القمع والمضايقة، يمكننا أن نوجّه انتباهنا إلى مشاكل الكاتب.

2-الكتابة بلغة محظورة

قبل سنوات قليلة أجاب 37 كاتباً على استبيان كنت قد أعددته لفهم كيف يعيش الكتّاب الكرد في شمال كردستان في ظل ظروف من الحظر والرقابة الشديدة وتأثيراتها عليهم (19). كان معظم الكتّاب الكرد الذين يعيشون في السويد الآن أطفالاً في وقت القمع الشديد ضد اللغة الكردية في تركيا، وقت لم يتم نشر أي كتاب باللغة الكردية تقريباً. كانوا يتحدثون الكردية في المنزل وفي الشارع ولكن هذا كان كل شيء. سألت الكُتّاب كم كان عمرهم عندما شاهدوا كتاباً باللغة الكردية لأول مرة، وإليكم إجاباتهم (20):

  عدد الكتابالعمر الذي رأوا فيه الكتاب لأول مرة باللغة الكردية
40-10
161015
121620
52128
37المجموع 

ونادراً ما كان آباؤهم يعطونهم هذه الكتب، ومن الأسباب هي أمية الوالدين، واعتبار هذه الكتب “خطرة” وسبباً للعقوبة الشديدة.  وعادة كان أصدقاؤهم هم الذين أعطوهم الكتاب الكردي الأول  (21).

  عدد الكتابكيف حصلوا على كتابهم الأول بالكردية
4من والدهم
1من خالهم
2من عمهم
2من أخوهم
2من الإمام
4في البيت
1في مكتبة لبيع الكتب
11من صديق
1بعد وصولهم إلى السويد
9لا يتذكرون
37المجموع الكلي

ماذا كان رد فعلهم على اول كتاب باللغة الكردية؟ أجاب معظمهم: “كنت سعيداً جداً”.  كشف بعضهم أنهم فوجئوا.  لم يؤمنوا بوجود كتب باللغة الكردية قبل ذلك.  تسببت سياسة الدولة المهينة في فَقْدِ الكثير من الكرد ثقتهم بأنفسهم وجعلتهم يعتقدون أنّ لغتهم ليست لها قيمة (22):                                     الإحصاءات أدناه تعكس الوضع الحالي للناشرين الكرد الذين قابلتهم في تركيا:    

  عدد الناشرينأعمار الناشرين الذين شاهدوا كتاباً بالكردية للمرة الأولى
1010
110-15
4    1620
2    3021
4    لا يتذكرون
12              المجموع الكلي

سجن معظم الكتاب الكرد بسبب أنشطتهم السياسية أو بسبب كتاباتهم. تعرّض بعضهم للتعذيب (23). كما يقول أحدهم (24): “خاض الكتّاب تجربة في السجن أو السياسة أو الجبل  (25).

كانت أسباب اعتقال بعض الكتاب مختلفة تماماً. على سبيل المثال، تم القبض على كاتب لأنه كان يوزّع كتاب الأبجدية الكردية. تم القبض على آخر لأنه وجد بحوزته أغانٍ كردية، وكاتبين آخرين لأنهم باعوا كتباً باللغة الكردية. تعرّض معظمهم للضرب على أيدي معلميهم في طفولتهم لأنهم يتحدثون الكردية في المدرسة (26). وهناك عدد غير قليل من الكتاب الذين قُتل أشقاؤهم أو أقاربهم على يد الأجهزة الأمنية.

بدأت أعنف أشكال القمع بعد التدخل العسكري عام 1980. فعلى سبيل المثال، تم تعذيب الشباب الذين ألقي بهم في السجون العسكرية بإجبارهم على حفظ الشعارات والألحان والأغاني التركية العسكرية وترديدها يومياً. لم يُسمح للسجناء في السجون العسكرية بالتحدث باللغة الكردية، أثناء زيارات السجون، مع أقاربهم الذين لا يتحدثون أي لغة سوى اللغة الكردية.

أرسل نادي القلم الدولي هارولد بينتر إلى تركيا في عام 1985 للقاء الكتاب في السجن، وكتبَ مسرحية “لغة الجبل”  (Mountain Language ) مستوحاة من الوضع هناك. تدور المسرحية التي مُثِّلت في دول مختلفة حول العالم، حول السجناء الكرد الذين لم يتمكنوا من التحدث باللغة الكردية مع أمهاتهم أثناء زيارات السجون (27).

كان رد فعل الدولة التركية على المنشورات الكردية أشدّ من ردّ فعلها على الأسلحة. يقول كاتب كردي:عثرتْ الشرطة على صورة ومسدس عندما فتشتني. كانت الصورة ملتقطة أمام صحيفة “روجا ولات” الكردية. لم أتهم بحيازة السلاح ولكن تم نقلي إلى المحكمة بسبب الصورة التي التقطت أمام ملصق إحدى الصحف الكردية “(28).

أخبرني شاب كان طالباً في ذلك الوقت بما يلي:

في عام 1978 اعتقلتني الشرطة لأنها عثرت على كتب كردية في منزلي. عذبوني. عندما اعتقلوني مرة أخرى في عام 1981، قال لي أحد الأصدقاء، بأنه تعرض للتعذيب أثناء الاستجواب، بمجرد أنه كان يتكلم الكردية بشكل جيد، وكانوا يشغلون الموسيقى الصاخبة أثناء التعذيب”. (كانت الشرطة تشغل موسيقى صاخبة لإسكات صراخ الأشخاص الذين يتعرضون للتعذيب) (29).

لذلك، تعرّضَ الناس للتعذيب ليس فقط لأنهم كتبوا باللغة الكردية، وإنّما أيضاً لأنهم قرأوا أو وزعوا أو واحتفظوا بالمنشورات الكردية في المنزل، أو حتى عندما “كانوا يعرفون اللغة الكردية بشكل أفضل”. لقد أوضحتْ نتائج الاستبيان مع الكتاب الكرد (30) ومحادثاتي مع المؤلفين والناشرين وأصحاب دور النشر أن معظمهم، وخاصة خلال فترة المجلس العسكري، اضطروا إلى إخفاء كتبهم في حفرٍ تحت الأرض، كمثال، حتى لا تعثر عليها الأجهزة الأمنية. وقد أحرق الكتّاب أحياناً الكتب بأنفسهم أو من قبل عائلاتهم إذا كانوا بعيدين عن البيت، خوفاً من أن يتم القبض عليهم.

تم طرد العديد من كتّاب اليوم الذين كانوا معلمين في وقت التدخل العسكري في عام 1971 وعام 1980، أو تم إرسالهم إلى المنفى أو منعهم من التدريس في كردستان.

ستساعد هذه التوضيحات في إلقاء الضوء على الصعوبات التي واجهها الكتّاب في الماضي.

باستثناء عدد قليل من الأشخاص الذين درسوا في ستوكهولم وباريس، لم يدرس الكتّاب الكرد من كردستان الشمالية لغتهم الأم في المدرسة ولكنهم تعلموها بأنفسهم. أوضحتْ إجاباتهم على الأسئلة الواردة في الاستبيان أن 20 من أصل 37 كاتباً تعلّموا الكتابة باللغة الكردية بعد سن 18 (31).

  العددالعمر الذي تعلّموا فيه الكتابة بالكردية
48  -10
1311  -18
2019 35
37المجموع الكلي

لم يكن يتحدث أي من هؤلاء الكتاب التركية تقريباً قبل أن يبدؤوا الدراسة. نشأ الكتاب المعاصرون في ظل  ظروفٍ كانت لغتهم الأمّ محظورة من دون أن تتاح لهم فرصة دراستها. لهذا السبب يكتب معظمهم بلغتين – الكردية والتركية. بل إن بعضهم ترجموا الكتب التي كتبوها باللغة التركية وأعادوا نشرها باللغة الكردية.

ومن النتائج المثيرة للقمع والحظر استخدام الأسماء المستعارة. يستخدم ما لا يقل عن ثلث الكتاب الكرد في تركيا أسماء مستعارة. هناك أسباب مختلفة لذلك. أحدها هو الخوف من أن يُعرفوا من قبل المسؤولين الرسميين وقوات الأمن. يستخدم بعض الكتّاب أسماء مستعارة لأنهم يعملون في مؤسسات الدولة ويجدون أنه من الخطر الكشف عن أسمائهم.

يستخدم الكاتب أحياناً أسماء مستعارة مختلفة من أجل تقديم المزيد من الأسماء لتوقيع المقالات في الصحف والمجلات. على سبيل المثال، بدلاً من كتابة ثلاثة أو أربعة مقالات موقعة بالاسم نفسه في صحيفة من الصحف، يستخدم الكاتب اسماً مستعاراً مختلفاً لكل مقالة.

هناك سبب آخر لاستخدام المؤلفين اسماء مستعارة وهو توقيع أعمالهم بأسماء كردية بدلاً من أسمائهم الحقيقية من أصل عربي أو تركي. قام عدد قليل من الكتاب الكرد الذين يعيشون في أوروبا بتغيير أسمائهم إلى أسماء أوروبية مثل فريد إليفسون وجان كلود هوسايس.

يستخدم بعض الكتّاب أكثر من اسمٍ مستعار. لا تزال الهوية الحقيقية لبعض الأسماء المستعارة التي استخدمها الكتّاب الكرد في الماضي دون حلّ حتى يومنا هذا.

بسبب المشاكل المذكورة أعلاه، لا يمكن توزيع كتب الكتّاب الكرد على نطاق واسع لبيعها بشكل جيد. هذا هو السبب في أنّ الكتب المنشورة لا تضمن ربحاً كافياً. لا يوجد كتّاب كرد في شمال كردستان يكسبون عيشهم من الكتب. مع استثناءات قليلة، لم يحصل أي كاتب على إتاوات أو رسوم مقابل الكتب الكردية التي كتبها لأن الناشرين يقولون إنّ هذه الكتب لا يمكنها حتى تغطية تكاليف الطباعة. إذاً لماذا يكتب هؤلاء بالرغم من كل الصعوبات والمخاطر؟

ليس من السهل تحديد سبب لجوء الكاتب إلى الكتابة، أو ما هي العوامل والدوافع التي تغذي كتابته وتؤثر عليه. إنّ كشف أسباب الكتابة أمر صعب حتى بالنسبة للكاتب نفسه، لكن يمكن للمرء أن يقول إن معظم المؤلفين الكرد يكتبون لأسباب مثالية وليس من أجل الربح. أعتقد أن هناك عدة أسباب للكتابة ولا شك في أنها تختلف من كاتب إلى آخر. فالكتابة باللغة الكردية تعني الدفاع عن هويتك، وبالنسبة لبعض الكتاب فهي مسألة شرف (32).

يقول معظم الكتّاب الذين أجابوا على الاستبيان إنّ الكتابة باللغة الكردية واجب وطني. أعتقد أن هذا وحده لا يمكن أن يفسّر بشكلٍ كافٍ لماذا يكتب الكتّاب. يعتقد الناس أنّ التعبير عن المشاعر والأفكار بلغتهم الأم هي أكثر أهمية وذات مغزى. يريدون إرسال رسالة إلى المجتمع عن طريق الكتابة. يحتاج البعض منهم للتعبير عن أنفسهم بهذه الطريقة. أحياناً تكون الكتابة نوعاً من العلاج. بالنسبة للبعض، تعتبر الكتابة، خاصة في المنفى، وسيلة لمحاربة العزلة، ووسيلة للتواصل مع الآخرين.

من ناحية أخرى، تحظى الكتابة بالاحترام بين الكرد. وبالتالي، فإن العوامل النفسية مثل محاولة تحقيق مكانة اجتماعية عالية تؤثر أيضاً على الكتابة. ليس من السهل شرح الشعور الذي يشعر به المرء عندما يقرأه الآخرون.

أعتقد أنّ اضطهاد الدولة وتعذيبها قد حفز بعض الناس على الكتابة. هناك أدلة على هذا الدافع في تفسيرات بعض الكتّاب (33). ربما بدأ بعض الكتّاب الكتابة بسبب التعذيب الذي تعرضوا إليه. رائحة التعذيب والسجن تتخلل أعمالهم.

للكتّاب الكرد دوافع مختلفة للكتابة، ولكن يبدو أن البيئة السياسية، والقمع القومي، من العوامل المشتركة.     فيما يتعلق بعدد الكتاب الكرد، فقد تمكنت من معرفة 254 مؤلفاً كتبوا بلهجات الكرمانجية والكرمانجكية (الزازية) حتى عام 2006 في تركيا، بما في ذلك العهد العثماني. توجد 6 نساء فقط بينهم يكشفن عن حقيقة مكانة المرأة في المجتمع الكردي. فيما يلي بعض الخصائص الأخرى للكتّاب الكرد الذين نشروا كتباً في تركيا:

الكتّابالعدد
كتّاب من كردستان الشمالية يكتبون باللهجة الكرمانجية           195
كتّاب من كردستان الشمالية يكتبون باللهجة الكرمانجكية (الزازية)     39
كتّاب من كردستان الغربية (سوريا)                               10
كتّاب من كردستان الجنوبية (العراق)                            1
كتّاب من كردستان الشرقية (إيران)                                1
كتّاب من أرمينيا                                                     8
العدد الإجمالي                                                               254

كتّاب من كردستان الشمالية صدرت كتبهم في تركيا:

الكتّابالعددالنسبة المئوية
الكتّاب الذين يعيشون في شمال كردستان وتركيا14863,24
الكتّاب الذين يعيشون في أوروبا                   5623,93
الذين وافتهم المنية                       3012,83
المجموع الكلي234100

بقدر ما تمكنت من معرفة التوزع الجغرافي للكتّاب، هو أن عدداً كبيراً منهم من مدينتي ماردين وديار بكر.

عدد غير قليل من الكتّاب الكرد الذين يعيشون في تركيا هم مدرّسون ورجال دين (ملا). يلعب المعلمون بشكل خاص دوراً مهماً بين رجال الأدب الكرد المعاصرين. يحاول الكثير التدريس والكتابة في الوقت نفسه.

هناك أيضاً كتّاب كرد يكتبون في السجن. ولكن يواجه هؤلاء الكتاب الذين يكتبون بلغتهم الأم مشاكل إضافية حيث تطلب إدارة السجن منهم ترجمة تركية لكل عمل وإلا فلن يتم منح الإذن بإرساله إلى الناشر. لذا فالكاتب المسجون الذي كتب بالفعل كتاباً كردياً، لا يأخذ على عاتقه عادة القيام بالترجمة أيضاً، لهذا السبب نراه يتخلى عن نشر كتابه.

3- المترجمون

وجدت 67 ترجمة من بين الكتب الكردية المنشورة في تركيا (10,2%). تمت ترجمة نصفها على الأقل من التركية والباقي – من الإنجليزية والعربية والفارسية. هناك أيضاً بعض الكتب المترجمة من الكردية الجنوبية (لهجة سوران) إلى اللهجة الكرمانجية. هناك ترجمات لموليير، وإرنست همنغواي، وتشي جيفارا، وألكسندر سولجينتسي، وفيكتور هوغو، ت. إليوت ، إدغار آلان بو، عزرا باوند ، والت ويتمان ، ويليام بتلر ييتس ، هارولد بينتر.

إلى جانب الترجمات من اللغات الأخرى، هناك طبعات جديدة من الكتب الكردية المكتوبة سابقاً باللغة العربية أو الأبجدية السريلية المنقولة إلى الأبجدية اللاتينية. كانت هناك العديد من الأعمال الكردية المكتوبة بالأبجدية العربية في جميع أنحاء كردستان خلال الفترة العثمانية، وفي الوقت الحاضر توجد مثل هذه الأعمال في جنوب وشرق كردستان. إذا تم أخذ جميع الأعمال الكردية المكتوبة بخط اليد والمطبوعة بالخط العربي في الاعتبار، فسيتم فهم أهمية هذا التراث التاريخي بشكل أفضل. من المهم جداً نسخها إلى الأبجدية اللاتينية من أجل إتاحتها للأجيال الجديدة. ينطبق الأمر نفسه على نسخ مئات الكتب المكتوبة بالأبجدية السيريلية والمنشورة في أرمينيا.

يمنح الناشرون عادة الكتب للمترجمين بدلاً من المال. من بين المترجمين للكردية، يمكن تسمية يعقوب كارادمير، كاوا نمر، مظلوم دوغان، سليم تمو، عثمان محمد. وفقاً للمعلومات التي قدّمها عثمان محمد (34 عاماً)، إذا تم دفع أجور المترجمين، فإنهم يتقاضون أجوراً أقل بكثير من المترجمين للغات أخرى في تركيا. علاوة على ذلك، غالباً ما تتأخر المكافآت الفخرية، وبشكل عام، لا يأخذ الناشرون المترجمين إلى اللغة الكردية على محمل الجد. عثمان محمد الذي عاش لبعض الوقت في جنوب كردستان وكان مترجماً هناك، يقول إن أتعاب الترجمة هناك أعلى بمرتين مما هي عليه في تركيا.

الترجمة إلى اللغة الكردية لم تصبح مهنة بعد. إنّها لا تضمن ربحاً كافياً، لذلك يتعين على المترجمين القيام بعمل آخر أيضاً. من ناحية أخرى، لا توجد رقابة على جودة الأعمال المترجمة والمنسوخة، وبما أنه لا يوجد تقريباً أدبيات جادة للنقد حول هذا الموضوع، فهناك العديد من الترجمات غير الدقيقة والنسخ المليئة بالأخطاء.

4- المصممون

لقد تمكنت للتو من مقابلة أحد مصممي الكتب والتحدث معه (35). لا يزال مصممو الكتب لا يتقاضون الرواتب مقابل عملهم.

5- المدققون

عادة ما يتم تدقيق القراءة من قبل الناشرين الكرد أنفسهم أو موظفيهم. أولئك الذين لا يعرفون اللغة المكتوبة جيداً بما يكفي لتدقيق النصوص الكردية، فإنّهم يطلبون من أصدقائهم ومعارفهم القيام بالمهمة. تدقيق القراءة يندرج في نوع من الخدمة للأصدقاء وليس عملاً مدفوع الأجر. يقوم بعض الكتاب بتدقيق قراءة كتبهم أو يقدمون كتبهم للناشرين في نسخها النهائية (36).

يتم إجراء تدقيق القراءة أيضاً مقابل رسوم، وإن كان نادراً. يكشف عثمان محمد، الذي يقوم أحياناً بالتدقيق اللغوي مقابل رسوم، أن المدفوعات متواضعة جداً وعادة ما تكون متأخرة جداً  (37).

6- ما قبل الطباعة

يستخدم المؤلفون أجهزة الكمبيوتر والآلات الكاتبة أو يقومون ببساطة بإرسال المخطوطات المكتوبة بخط اليد إلى الناشرين.

من بين 12 ناشراً تحدثت إليهم (38)، قال مالك دار نوبِهار للنشر فقط إنهم يدفعون مقابل التدقيق قبل الطباعة؛ في حين يعترف باقي الناشرين بأنهم يفعلون ذلك بأنفسهم أو يطلبون من أصدقائهم مساعدتهم مجاناً (39).

7- مصممو الغلاف

على الرغم من وجود ناشرين كرد يصنعون أغلفة كتبهم بأنفسهم، إلا أن هذا يتم بشكل عام بواسطة مصممين وفنانين محترفين، وما إلى ذلك. يتراوح سعر الغلاف بين 60 و 300 ليرة تركية جديدة (بين 42.84 و 214.20 دولاراً أمريكياً) (40). هناك بعض الأغلفة الرائعة. على سبيل المثال، تمت الإشارة إلى بعض أغلفة الكتب في دار نشر Avesta في معرض النتاجات الرسومية في اسطنبول في عامي 1999 و 2000.

8- منظمات الكتّاب

تأسست منظمة Kurd-PEN في ألمانيا عام 1988 وهي عضو في منظمة PEN-International الدولية، وتهدف إلى تطوير اللغة والأدب الكرديين.  تتعامل مع مشاكل الكتّاب الكرد، ومن وقت لآخر يعمل مع منظمات الكتاب من البلدان الأخرى.

قبل بضع سنوات تم تأسيس جمعية تسمى “جمعية الكتّاب الكرد Kurd-PEN ” في ديار بكر. ومع ذلك، نظراً لأن مركز PEN الدولي لم يعترف بها وكان موقع Kurd-PEN في ألمانيا ضده، فقد اضطرت الجمعية للتخلي عن استخدام هذا الاسم.

9- مسابقات وجوائز الأدب

على الرغم من عدم وجود منظمات في تركيا لمنح الجوائز للمطبوعات الكردية سنوياً، فقد أُجريتْ بعض المسابقات للقصص القصيرة والشعر. فعلى سبيل المثال، نظّمَتْ مجلة “Jiyana Rewşen” في كل عام ابتداءً من 1997 إلى 2001، مسابقة للقصص القصيرة والقصائد، شارك فيها حوالي 50 شاعراً و 30 كاتباً. ونظم المعهد الكردي في اسطنبول مسابقة القصص القصيرة عام 2003 (41). كما قام المعهد الكردي بمنح جائزة باسم فقي حسين صاغنِچ Feqî Huseyn Sağnıç  منذ عام 2005.

كما تمنح بعض المنظمات الكردية في أوروبا جوائز للكتاب الكرد. ففي عام 2002، على سبيل المثال، منحت دار Apec للنشر في السويد جوائز لكاتبي القصة القصيرة روشان لزكين ودلاور زراق اللذين يعيشان في ديار بكر. منحت دار Apec للنشر جائزة في الترجمة للمترجم عثمان أوزجليك (42). كما منح اتحاد جمعيات كردستان في السويد جوائز مماثلة في السابق.

في السنوات الأخيرة، قام اتحاد النقابات العمالية في كردستان (كوم كار)، الذي يمتلك فروعاً له في عدة مدن في ألمانيا، بمنح جوائز سنوية. يمكن إضافة جائزة ݒيرَمرد من جنوب كردستان إلى القائمة.

2-  نشر الكتب باللغة الكردية في تركيا

إنّ مجمل ما توصلتُ إليه بعد بذل قصارى جهدي لمعرفة العدد الإجمالي للكتب الكردية التي تم نشرها في تركيا، بما في ذلك العهد العثماني، حتى عام 2006، هو 654 كتاباً.

1- العهد العثماني  ( 18441923)

إنّ الكتب الكردية التي تعود للعصر العثماني هي في الأساس مخطوطات شعرية. فعلى الرغم من وجود بعضها مكتوبة بالأبجدية الإيزيدية أو الأرمنية أو الآشورية، إلا أن معظمها كُتِبت بالأبجدية العربية. تلعب الصحافة والمطبوعات دوراً مهماً في نشر الأفكار وتوحيد اللغة. ومع ذلك، لم يكن للكرد في كردستان مطبعة حتى الحرب العالمية الأولى. كانت المطابع الحالية مملوكة للدولة أو لمبشرين غربيين. وهذا هو سبب طبع الكتب الأولى باللغة الكردية خارج كردستان في مدن مثل القاهرة واسطنبول.

بدأت الحركة الوطنية للكرد ضمن بنية إقطاعية، وقد جاءت متأخرة عن تحركات الشعوب الأخرى التي كانت تعيش داخل الإمبراطورية العثمانية. ويعكس تطور النشر الكردي تقدم النهضة الوطنية بشكل عام.

كانت هناك مطبعة لصحيفة كردستان عام 1898 في القاهرة (43)، بالإضافة إلى مطبعة                  “Metbe’a Kurdistan ’Ilmiye” “مطبعة كردستان العلمية” التي يملكها كردي يُدعى فرج الله زكي الكردي عام 1911، لكننا لا نعرف ما إذا كانت الكتب الكردية قد طبعت هناك (44). حاول الكرديان عبد الرحمن بدرخان وعبد الله جودت، المعارضين للسلطان العثماني، شراء مطبعة أثناء إقامتهم في سويسرا، لكن سفير الدولة العثمانية انزعج وأعرب عن قلقه لمسؤولي الدولة هناك (45).

أسّس كل من “لِجيلي كوردي زاده أحمد رامز” و “موتكيلي خليل خيالي” مطبعةً كرديةً في إسطنبول عام 1908 مع أصدقائهم (46). ومن المعروف أيضاً كانت هناك مطبعة آمدي -Amedi، في اسطنبول عام 1910، والتي كان يملكها رجل من ديار بكر، حيث طُبِعتْ كتب متعلقة بالكرد  (47).

كان أكرم جميل باشا أول القوميين من شمال كردستان يشتري مطبعة في ديار بكر وينشر جريدة ﮔازي – Gazi في عام 1918  (48).

طُبع أول كتاب كردي في إسطنبول عام 1844. ولم يكن هذا الكتاب الذي ألفه الصوفي الشهير مولانا خالد نقشبندي باللغة الكردية بالكامل. وهي تتألف من شعر باللغتين العربية والفارسية مع بعض القصائد بالكردية.

بقدر ما تمكنت من معرفة عدد الكتب المنشورة باللغة الكردية منذ عام 1844 حتى إعلان الجمهورية التركية عام 1923 حوالي 20 كتاباً تم نشر كل هذه الكتب في اسطنبول باستثناء كتابين أحدهما في ديار بكر والآخر في القاهرة.

خاطبَ لِجيلي كوردي زاده أحمد رامز، الذي كان ينشر ويطبع الكتب في القاهرة وإسطنبول خلال العهد العثماني، خاطبَ القراء على الغلاف الخلفي لكتابٍ كردي نُشر في القاهرة عام 1906 بالكلمات التالية:

… ”  سأقوم بنشر وطباعة الكتب والكراسات باللغة الكردية هذه المرة. أرجو أن ترسلوا إليّ الكتب الكردية التي بحوزتكم لكي أطبعها بأسماء فضيلتكم أو كهبة منكم، أو على شرف شعبكم ومواظبته. بعد ذلك سأمنح [الأشخاص الذين أرسلوا الكتب] عدداً قليلاً من النسخ ومعها النسخة الأصلية  “(49).

ما يقرب من نصف الكتب الكردية المكتوبة بالأبجدية العربية والمنشورة في العهد العثماني قد ظهرت في 1918-1919. والسبب أن الجيش العثماني هُزِم في الحرب العالمية الأولى، واحتل الإنجليز ما هو اليوم العراق، والفرنسيون – سوريا. إن ضعف الأتراك شجع الوجهاء الكرد، الذين كانوا يعيشون في اسطنبول في ذلك الوقت، من إنشاء منظماتهم ونشر بعض المجلات والكتب.

خلال العصر العثماني نشر الأرمن والمبشّرون الغربيون بعض الترجمات الكردية للكتاب المقدس. نُشرت في إسطنبول بين عامي 1856 و 1911 ما لا يقل عن خمسة كتب مقدسة باللغة الكردية مع كتاب في الأبجدية الكردية مكتوباً بالأبجدية الأرمنية (50). ونُشرت ترجمتان كرديتان للكتاب المقدس في عامي 1922 و 1923.

خلاصة القول، لقد تم نشر حوالي 30 كتاباً كردياً بأبجديات مختلفة خلال العصر العثماني.

ووفقاً لمعاهدة لوزان عام 1923، قسّمت تركيا وإنجلترا وفرنسا كردستان فيما بينها. بقيت كردستان الشمالية في تركيا، وكردستان الجنوبية تحت الحكم البريطاني، وكردستان الغربية – تحت الحكم الفرنسي. كانت السياسة البريطانية في كردستان الجنوبية مختلفة عن السياسة التركية. وبدلاً من حظر اللغة الكردية، بدأوا في استخدامها لأهدافهم الخاصة، ونشروا المجلات في بغداد والسليمانية تحت سيطرتهم. قاموا بدعاية لهم باللغة الكردية. استمر النشر باللغة الكردية بعد الانسحاب البريطاني من العراق.

2 الحقبة الجمهورية (بعد عام 1923)

من عام 1923 إلى عام 1965

خلال الفترة الجمهورية مارست الحكومة في تركيا ضغوطاً أكبر على اللغات من تلك التي كانت تمارسها السلطات العثمانية. فعلى سبيل المثال، نشرت الدولة العثمانية بعد عام 1839 أول صحيفة رسمية     “Takvim-i Vakayi”  (جريدة تقويم الوقائع- المترجم) باللغات التركية والعربية واليونانية والأرمنية.

 نظراً لاستخدام الأبجدية العربية في تركيا قبل التحول إلى الأبجدية اللاتينية في عام 1928، لم تتمكن الأجيال الجديدة من قراءة الأدب المنشور خلال العصر العثماني.

حتى عام 1946 كان يحكم تركيا حزب واحد وزعيم واحد. بعد عام 1946 بدأ تشكيل أحزاب أخرى. لم يكن من الممكن نشر الصحف والمجلات الكردية حتى عام 1948 بسبب القهر. بعد عام 1948 تحدّث بعض المفكرين الكرد عن الكرد ليس بشكل علني، ولكن بشكل غير مباشر مع تلميحات في المجلات التي نشروها باللغة التركية.  ومع ذلك كانت هناك بعض الاستثناءات تجرّأَ فيها بعض الكتاب على الحديث بصراحة عن الكرد وحقوق الإنسان. ففي عام 1959، عندما طبعت صحيفة ” İleri Yurd” التركية بضعة أسطر باللغة الكردية لموسى عنتر، فُتِحت على الفور دعوى قضائية ضد الكاتب.

بسبب السياسة التركية في الفترة الواقعة بين 1923-1965، تم نشر كتابين دينيين فقط باللغة الكردية. كلاهما بالأبجدية العربية. ونظراً لعدم قدرة الأجيال الجديدة من قراءة المخطوطات والمنشورات المطبوعة بالأبجدية العربية قبل عام 1928، واستحالة نشر كتب جديدة بالأبجدية اللاتينية، فقد اختفت اللغة الكردية المكتوبة تقريباً. وكادت الأجيال التالية أن تتوقّف عن الاعتقاد بوجود الكتب الكردية أو إمكانية تأليف الكتب باللغة الكردية.

-من عام 1965 إلى عام 1980

تم ذكر بعض الحقوق الديمقراطية الجديدة في الدستور المعدّل لعام 1960. ومع ذلك، لم يسمح بتأسيس المنظمات الكردية. في عام 1965 حدث تغيير، تمكن الكرد من تأسيس حزبٍ خاصٍ بهم لأول مرة في عهد الجمهورية في تركيا. تم تشكيل هذا الحزب بشكل غير قانوني وكان له ورثة كثر في السبعينيات – منظمات وأحزاب أخرى. وعادة ما تقوم هذه المنظمات بنشر الدوريات (51). تم حظر معظم هذه الدوريات القانونية وغير القانونية. كان أولى الكتب التي صدرت عام 1965 بعد صمت دام 40 عاماً: مسرحيةً باللغة الكردية وكتاب في قواعد اللغة الكردية. المسرحية كتبها الكاتب والصحفي موسى عنتر في السجن. اُغتيل عنتر على يد الأجهزة الأمنية بعد بضع سنوات، كان ذلك في عام 1972، عن عمر يناهز 74 عاماً (52).

تم نشر ثلاثة كتب أخرى بين عامي 1966 و 1970. مع تولي المجلس العسكري زمام الأمور في عام 1971، تم نشر كتاب كردي واحد فقط بين عامي 1971 و 1975.

تم نشر عدد قليل من الكتب بعد عام 1975؛ بين عامي 1975 و 1980 تم نشر تسعة كتب إجمالاً.

تم حظر تلك الكتب كلها.

باختصار، لم يتم نشر أكثر من 20 كتاباً كردياً في تركيا في الفترة الواقعة بين 1923-1980.

من 1980 إلى 2005

استولى المجلس العسكري على السلطة مرة أخرى في عام 1980. وكان من المستحيل نشر الكتب باللغة الكردية مرة أخرى حتى عام 1990. لم يحظر المجلس العسكري الكتب والدوريات الكردية فحسب، بل حظر العديد من المطبوعات التركية أيضاً. ووفقاً لبحثٍ، تم حظر 3472 منشوراً في تركيا بين عامي 1949-1984 و 927 – بين 1980-1984  (53).

اتخذت الدولة خلال الحظر الطويل على استخدام اللغة الكردية كل الإجراءات لعرقلة طباعة وتوزيع المطبوعات الكردية. بصرف النظر عن الرقابة الذاتية، يمكننا سرد ما يلي:

تم تمرير القوانين التي تنص على معاقبة الأشخاص الذين يكتبون ويوزعون ويمتلكون المطبوعات الكردية. صادرت الشرطة منشورات تمكنت من الظهور على الرغم من الحظر. تم اعتقال الكتّاب والصحفيين الكرد وتعذيبهم وجرحهم وحتى اغتيالهم. في الواقع، اُغتيل الكاتبان موسى عنتر وحسين دنِز. ووفقاً لجمعية الصحفيين المعاصرين، اُغتيل ما لا يقل عن 14 شخصاً من العاملين في الصحف الكردية بين عامي 1992 و 1996 (54). ووفقاً لبحث آخر أجراه الاتحاد نفسه، اُغتيل 14 مراسلاً صحفياً في شمال كردستان في عام 1993 فقط (55).

لم تطبع دور الطباعة عادةً الأعمال الكردية بسبب المخاطر. كان التوزيع أيضاً مشكلة كبيرة حيث لم تعمل مكاتب البريد وشركات التوزيع مع المطبوعات الكردية. كانت حيازة كتاب كردي بالنسبة للشرطة تعد جريمة. يقول عارف سـِﭬِنـچ، صاحب دار  Dengللنشر، إن نشر الأدب الكردي في هذه الظروف الصعبة كان نوعاً من حرب العصابات التي تتم في المدن.

حكمت كردستان قوانين عرفية مختلفة لفترة طويلة وخاصة ما يعرف بـ (OHAL) (الحكم الإقليمي في حالة الطوارئ -المترجم). كان هناك قمع أكثر شدة على الأدب الكردي خلال هذه الفترة التي استمرت حتى      30/11/2002.

باختصار، كانت المطبوعات الكردية في تركيا تتبع نفس الروتين: نُشر كتاب ثم تم حظره، واتهم الكاتب والناشر على حد سواء. كما حوكم القراء الذين ضُبِطت لديهم أو في منازلهم مطبوعات كردية.

3-  وأخيراً رُفِع الحظر

بعد كل هذه الإجراءات القمعية المذكورة أعلاه حدثت تغييرات مهمة في التسعينيات. تم رفع الحظر المفروض على نشر الكتب والدوريات الكردية في عام 1991 بإلغاء القانون رقم 2932. ألغيت المادة 28 في عام 2001. في 3 آب / أغسطس 2002، اعتمد البرلمان التركي حزمة التنسيق الخاصة بالاتحاد الأوروبي. ترتيب قانوني يجعل دورات خاصة لتدريس اللغة الكردية قانونية والسماح بالبث الإذاعي والتلفزيوني باللغة الكردية في ظل ظروف معينة. وفي عام 2003 تم تغيير قانون الأسماء الكردية. تم إلغاء المادة 8 من القانون رقم 3713 الخاص بالحرب على الإرهاب بتاريخ 15/7 / 2003 بموجب القانون رقم 4928. بعد رفع الحظر، زاد عدد الكتب الكردية المنشورة، حيث وصل إلى 212 كتاباً بين عامي 1990 و 1999.

على الرغم من أن رفع الحظر عن اللغة الكردية يعني إزالة عقبة كبيرة جداً في طريق الكتابة بها، إلا أنه لا تزال هناك بعض العقبات في التطبيق. حتى في عام 2006 كانت هناك قضايا ضد أسماء كردية في المحاكم. فعلى سبيل المثال، وجّه مكتب المدعي العام في سيرت اتهاماً لمركز الثقافة والفنون في بوطان بسبب لوحته الاعلانية باللغة الكردية “Navenda Çand û Hunera Botan” (مركز الثقافة وفنون بوطان) (56). وفي الوقت نفسه، على الرغم من ندرة ذلك، تم فتح قضايا قضائية ضد عدد قليل من الكتب الكردية. ومن الأمثلة على ذلك القضايا المرفوعة ضد ” Girê Şêran” ( جبل الأسُود) لمناف عثمان و ” Gulên Azadiyê” (أزاهير الحرية) لقاهر فرات من بين منشورات آرام.

لفت بعض الأكاديميين الجامعيين الانتباه إلى حقيقة مفادها: إذا ما أُخِذتْ اتفاقيات الأمم المتحدة بعين الاعتبار، على الرغم من رفع الحظر، سنجد بأن هناك إبادة لغوية ضد اللغة الكردية، وإبادة ثقافية ضد الثقافة الكردية في تركيا، بسبب إعاقة التعليم في البلاد باللغة الأمّ بالإضافة إلى أسباب أخرى (57). حتى عندما لا تكون اللغات محظورة، فإن “التوزيع غير المتكافئ للقوة الاقتصادية والسياسية والثقافية يعمل ضد بقاء اللغات المحرومة”  (58).

من ناحية أخرى، بعد رفع الحظر عن اللغة الكردية، يمكن رؤية مشاكل أخرى تتعلق بالكتابة ونشر الكتب الكردية بشكل أكثر وضوحاً. أولاً وقبل كل شيء، تعتبر اللغة الكردية المكتوبة إشكالية حيث تم حظرها لفترة طويلة ولم يتم استخدامها في التعليم. إمكاناتها محدودة للتعبير، خاصة في الموضوعات العلمية. كما أن هناك مشاكل في المصطلحات. وفي الوقت نفسه، يواجه القراء الذين لم تتح لهم الفرصة لدراسة هذه اللغة في المدرسة صعوبات في فهمها.

توضح الأرقام أدناه تطور نشر الكتب الكردية حسب السنوات.

كتب باللغة الكردية صدرت في الفترة بين 1923-2005:

عدد الكتب الصادرةالسنة
619231970
11971
ـــ19721974
11975
21976
21977
21978
21979
ــ1980-1989
31990
181991
381992
191993
191994
181995
241996
151997
261998
321999
342000
352001
692002
792003
772004
732005
     33كتب سنة نشرها غير معروفة
628المجموع

ومن المعروف أنّ ما لا يقل عن 103 من هذه الكتب نُشرت في الخارج لأول مرة، وخاصة في السويد.

4- الكتب المنشورة باللهجة الكرمانجكية

على الرغم من أن الكرمانجية هي اللهجة التي يتحدث بها الأغلبية في شمال كردستان، إلا أن اللهجة الكرمانجكية (الزازاكية) يتم التحدث بها في بعض المحافظات. وتشير التقديرات إلى أن من يتحدثون باللهجة الكرمانجكية يمثلون ربع إجمالي سكان الكرد هناك.

فمن إجمالي 654 كتاباً كردياً نُشر في تركيا، فإن 74 كتاباً ((11.3%)) هي مكتوبة باللهجة الكرمانجكية، والأخرى 580 بالكرمانجية. تنشر دار Vate  (الكلمة) للنشر الكتب باللهجة الكرمانجكية فقط.

5- أنواع الكتب المنشورة

تتراوح معظم الكتب المنشورة بين الأدب القصصي والشعر.

يمكن تصنيف الكتب الكردية (المنشورة في تركيا) حسب نوعها على النحو التالي:

عدد الكتب المنشورةنوع الكتاب
174شعر
69روايات
65قصص قصيرة
61فلكلور
15كتب الأطفال
12مسرحيات
9مذكرات
8سير ذاتية
4انطولوجيا
3تاريخ الأدب
38قواميس
26كتب دينية (ما عدا الشعر)
19الكتب المدرسية والمساعدات المدرسية
12كتب الأبجدية
8كتب القواعد
11كتب التاريخ
8كتب سياسية
4الريبورتاج (التحقيقات الصحفية)
3فلسفة
3قواميس التهجئة 
2أسماء كردية
2مجموعات المقالات
21موضوعات أخرى
77موضوعات غير معروفة
654المجموع

فيما يلي تصنيف الكتب المترجمة: 

عدد الكتب المنشورةنوع الكتاب
22شعر 
12روايات
6قصص قصيرة
3مسرحيات
2كتب الأطفال
2مذكرات
1سير ذاتية
9ديني (عدا الشعر)
3سياسي
2تاريخي
1قواميس
4موضوعات غير معروفة
67المجموع

من الواضح أن الشعر والروايات والقصص القصيرة تسود بين الأعمال الأصلية والمترجمة. يبرز عدد كبير من الكتب الدينية المترجمة من بين الكتب غير الأدبية. تصل نسبة الكتب الدينية المترجمة إلى 13.47% ونسبة المؤلفات الدينية الأصلية 2.89%. أعتقد أن قلة الترجمات أو الكتب النقدية الأصلية والكتب العلمية والعلوم الاجتماعية لها علاقة بمشاكل المصطلحات في اللغة الكردية المكتوبة وعدم كفاية اللغة الكردية لمن لديهم المعرفة للكتابة في هذه المجالات. يكاد يكون التراث المكتوب حول هذه الموضوعات غير موجود في حين أن هناك تراثاً غنياً نسبياً من كتب الشعر.

يمكن إضافة الكتب الـ 29 التي تم نشرها في 2004-2005 من قبل المؤسسة الثقافية الكردية في ستوكهولم إلى كتب الأطفال الأصلية والمترجمة أعلاه. تم نشر هذه الكتب بدعم من الوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي (سيدا). من بين تلك الكتب، كُتبِ 18 كتاباً باللهجة الكرمانجية و11 كتاباً باللهجة الكرمانجكية (الزازاكية). تم توزيعها من قبل المعهد الكردي في اسطنبول. تم طباعتها في تركيا، بعضها بطباعة 5000 نسخة، والبعض الآخر – 2000 أو 3000 نسخة، وتم توزيعها على الأطفال في البلدات التي يعيش فيها الكرد (59). من بين هذه الكتب ترجمات لأعمال مؤلفين مثل دانيال ديفو وفيكتور هوغو.

لا توجد كتب كردية مسجلة صوتياً للمعاقين بصرياً في تركيا، ولكن تم إعداد عدد قليل منها في السويد  (60).

6- مراجعات  الكتب

قد يصادف المرء شروحات للكتب الكردية في الصحف والمجلات الكردية أو التركية التي ينشرها الكرد. كما يمكن العثور عليها أيضاً في المجلات التابعة لبعض الجماعات السياسية التركية، مع أنها نادرة جداً.

باستثناء ثلاثة ناشرين (61)، فإن جميع الناشرين الآخرين الذين تحدثت معهم يقولون إنّهم لا يدفعون مقابل مراجعات الكتب المنشورة حديثاً في المجلات والصحف. فدار نشر Deng هي الوحيدة التي لديها قائمة (كتالوغ) بالمنشورات. لدى معظم الناشرين قوائم من صفحة واحدة أو صفحتين لمنشوراتهم. يقدمون هذه القوائم إلى الموزعين أو المكتبات أو يأخذونها إلى معارض الكِتاب وغيرها من النشاطات.

يقدّم البث التلفزيوني “روج” باللغة الكردية مراجعات للكتب، من وقت لآخر، ولكن في الغالب لمؤلفين وناشرين مقربين من حزب العمال الكردستاني.

لم أتمكن من العثور على أي من مواقع الويب الخاصة بالناشرين الكرد على الإنترنت. يقول بعض الناشرين إنّهم لا يستطيعون تحمّل تكاليفها.

7- مراجعات  في المنشورات باللغة الكردية

بعد عام 1990 أصدر الكرد عدة صحف ومجلات. هناك أكثر من 20 دورية ثنائية اللغة وأقل منها باللغة الكردية أو التركية. إن الدوريات المذكورة دامت عموماً لفترة قصيرة. ومن الدوريات التي بقيت حتى يومنا هذا، تمكنت من رؤية ما يلي:

دوريات اللغة الكردية – آ Azadiya Welat (حرية الوطن)، Nûbihar (الربيع الجديد)، Vate (زازية وتعني: الكلمة)، و Wêje Çand Huner (أدب ثقافة فن).

ثنائية اللغة (بالكردية والتركية): Dema Nû (العصر الجديد)، Tîroj (الشعاع)، Bîr (الفكر)، و Vesta.  

باللغة التركية فقط Ülkede Özgür Gündem (الأجندة الحرة في البلاد) و Deng  (الصوت)، و Serbesti (الحرية).

يمكن العثور على التعليقات التوضيحية وإعلانات الكتب في كل منها. عادةً ما تشتمل مراجعات الكتب في الدوريات الكردية على معلومات موجزة جداً حول كتاب تم نشره حديثاً أو وصفاً أطول يشيد بالكتاب. يقومون أحياناً بطباعة أغلفة الكتب أو قوائم المنشورات، ولكن نادراً ما يمكن العثور على مراجعات نقدية جادة هناك. تنشر هذه الدوريات من وقت لآخر مقابلات مع المؤلفين.

8- الشروحات في المنشورات باللغة التركية

من بين الدوريات التي ينشرها الكرد باللغة التركية، يمكن العثور على الشروحات حول الكتب الكردية في   lkede Özgür Gündem  و Deng و Serbesti ، وكذلك بعض الدوريات للمنظمات اليسارية التركية. ومن وقت لآخر، تقدّم الصحف الإسلامية Yeni Şafak  (الفجر الجديد)، و Akit (العقد، العهد)، الأدب الديني من إصدارات Nûbihar.

تقدم الصحف والمجلات الكردية أحياناً أو تعلن عن كتب للناشرين الذين تربطهم بها علاقات تجارية أو يشاركونهم آراء سياسية مماثلة، فعلى سبيل المثال:

الجريدة أو المجلةدار النشر
Ülkede Özgür Gündem, Vesta, Azadiya Welatدار نشر آرام (Aram)
Serbesti  دار نشر دوز (Doz)
Deng, Dema Nû  دار نشر دَنك ( Deng )
Nûbiharدار نشر نوبهار (Nûbihar)

من بين دور النشر الكردية قامت دار دوز للنشر فقط بالإعلان عن كتبها في الدوريات مثل الصحف اليومية التركية الكبيرة “حريت” و”ميليت” و”راديكال”. يعدّ قبول الإعلانات باللغة الكردية أمراً جديداً على الصحف التركية. قال صاحب دار دوز للنشر إنه حاول الإعلان في صحيفة أوزغور غونديم (Özgür Gündem ) أيضاً، لكن الصحيفة رفضت العرض (62).

بصرف النظر عن ذلك، يمكن العثور على قوائم المنشورات الكردية في بعض الفهارس مثل كتالوغ الكتب الذي تنشره شركة  TÜRDAV.

يتبع …

شارك هذا المقال: