إلى أي مدى سوريا آمنةٌ للمرحلين من المانيا؟

البروفسور فرهاد سيدا
شارك هذا المقال:

انتشر منذ مدة خبر  عن ترحيل اللاجئين السوريين المقيمين في المانيا إلى سوريا وذلك بعد مناقشة وزراء داخلية الولايات الألمانية هذا الموضوع. ومنذ ذلك لاوقت والأمر أصبح حديث الصحافة الألمانية التي أسهبت في الموضوع وناقشت الأمر من جوانبه العديدة. وبالرغم من أن وزارة الداخلية الألمانية نفت موضوع الترحيل إلا أن السوريين المقيمين في المانيا باتوا قلقين على وضعهم خاصة أن الحرب لم تنته في بلادهم وأن العودة إلى سوريا يعني في أحسن الأحوال الوقوع بين براثن نظام لا يرحم وبعض المجموعات المسلحة التي لا يمكن لأحد أن يأمن جانبها.

في هذا الحوار الذي أجرته صحيفة تاغيس شو Tagesschau في الثالث والعشرين من الشهر الجاري مع البروفسور فرهاد سيدا السوري المولود عام 1950 عامودا شمال سوريا والمقيم منذ أكثر من أربعين عاماً في المانيا، مقارنة بين سوريا وأفغانستان ومدى الخطورة التي يمكن أن تشكلها  عملية الترحيل.

المترجم جان دوست

إلى أي مدى سوريا آمنةٌ للمرحلين من المانيا؟

حوار مع د. فرهاد سيدامختص في العلوم السياسية

جامعة إرفوتالمانيا

تاغس شو: كيف تقيمون الوضع الأمني لمن يمكن ترحيلهم إلى سوريا؟

فرهاد سيدا: يتعلق الأمر بكل منطقة من مناطق سوريا. على سبيل المثال يمكن اعتبار المنطقة في شمال سوريا  والتي يسميها الكرد روجافا وتقع تحت سلطة حزب الاتحاد الديمقراطي آمنة بشرط ألا يكون المرء معارضاً لسياسات هذا الحزب. وهي منطقة غير آمنة للإسلاميين أيضاً. هؤلاء ستتم ملاحقتهم. الناس العاديون الذي لا علاقة لهم بالشأن السياسي يمكنهم العيش هناك ببساطة.  أما الكرد المعارضون وكذلك الإسلاميون فلا يمكنهم ذلك. لا يغيب عن بالنا طبعاً التهديدات المستمرة التي يطلقها الرئيس التركي أردوغان ضد المنطقة تلك.

دمشق هي أيضاً منطقة آمنة نوعاً ما. جميع المناطق التي وقعت تحت سيطرة بشار الأسد منذ ثلاث سنوات هي آمنة إلى حد ما. لكنها  ليست آمنة لمعارضي النظام طبعاً. أعتقد أن الغالبية من السوريين الذين لجأوا إلى المانيا ليست لهم أية علاقة بالسياسة مطلقاً. لكنهم بالرغم من ذلك يشعرون بأن حياتهم ستكون معرضة للأخطار في حالوا لو عادوا.

تاغس شو: ما هي الأخطار التي تشكلها العودة إلى سوريا؟

سيدا: لا يمكن في أية دولة من الدول المأزومة أن تعمل المؤسسات بالدقة التي تعمل بها مؤسسات الدولة في سوريا. في دمشق توجد أكبر جامعات البلاد، أكبر المستشفيات وأكبر المصانع أيضاً. المدرسون والموظفون يقبضون رواتبهم شهراً بعد شهر بانتظام. وبغض النظر عن أماكن سكناهم، يقبض الموظفون المتقاعدون أيضاً رواتبهم التقاعدية.

لكن لا يمكننا أن نعتبر سوريا فردوساً لأن مؤسسات الدولة ما زالت تعمل. صحيح أنها ليس دولة فاشلة  لكنها هشة.إن من يحكمون دمشق ليسوا ملائكة. ما زالت الدولة دولة استبدادية. كل من يعود سوف يخضع للاستجواب. فإن ثبت أنه ليس معارضاً للنظام يمكنه، نظرياً، أن يذهب إلى بيته. أما المعارضون فمصيرهم السجن بلا شك.

تاغس شو: ما هي الاختلافات بين سوريا وأفغانستان على صعيد بنية الدولة وهيكليتها؟

سيدا: فكرة الدولة لم تتجذر بعد في أفغانستان. وحق الدولة في احتكار السلطة والقوة في يدها غير مقبول لدى معظم الأفغان. ولكي يتحقق ذلك لا يزال الأمر يحتاج إلى زمن طويل. هناك جماعات عديدة من المجتمع ترى أنها صاحبة الحق في استخدام القوة. المجتمع أقوى من الدولة في أفغانستان.

أما في سوريا فإن فكرة الدولة مقبولة بشكل عام. والدولة السورية ما زالت تملك شرعية دولية ولا أحد أخضعها إلى المساءلة حتى الآن.

تاغس شو: لكن نظام الأسد وبالرغم من حلفائه كان وما يزال موضع مساءلة جدية!

سيدا: ومع ذلك فإن سوريا عضو في الأمم المتحدة. والحكومة السورية تجلس في كل الاجتماعات الدولية وتجري المفاوضات.

تاغس شو: ما هو الفرق بين المخاطر التي تهدد العائدين إلى سوريا والمخاطر التي تهدد العائدين إلى أفغانستان؟

سيدا: عندما يعود اللاجئ إلى أفغاانستان فلا خوف عليه من انتقام الدولة. حتى من المجموعات الأخرى ليس عليه خوف. لم أسمع من خلال بحثي وعملي أن الدولة في أفغانستان استجوبت أحداً من العائدين إليها أو زجت بأحد منهم في السجن وعرَّضته إلى التعذيب كما يمكن أن يحدث في سوريا.

الدولة الأفغانية متسامحة جداً. وبطبيعة الحال فهو تسامح نابع من الضعف.

تاغس شو: لكن هناك في أفغانستان خطر حقيقي يشكله المتطرفون وعلى سبيل المثال حركة طالبان والمجموعة المنضوية تحت لواء تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي الذي ينفذ هجمات منتظمة.

سيدا: لكن حركة طالبان لا تهدف إلى ملاحقة اللاجئين (العائدين. المترجم). عندها أهداف أخرى، أهداف سياسية. يقول العديد من المراقبين أنه عندما تغادر المجموعاتُ الأجنبية البلادَ فإن الزمن لن يطول بحركة طالبان حتى تستولي على دفة الحكم في كابول. وبالطبع الناس العاديون لن تتم ملاحقتهم. هم ببساطة لا يشكلون هدفاً استراتيجياً لحركة طالبان. إن حركة طالبان تستهدف بشكل أساسي إبعاد النخبة الحاكمة المرتبطة بالغرب.

حاوره غونتر ماركس. عن صحيفة tagesshau

شارك هذا المقال: