المنظمات النسائية الكرديّة وتحديات المجتمع المدني في سوريا

شارك هذا المقال:

ملخص البحث:

إنّ الغاية من هذا البحث، هو تسليط الضوء على واقع المرأة الكرديّة بأبعاده الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية ضمن إطار الدولة السورية التي تعيش فيه، في ظلّ سلطة حزب البعث العربي الاشتراكي، وما رافق ذلك من تحدّيات جسيمة عرقلت مسيرتها في إثبات كيانها الإنساني والاجتماعي وهي مزنّرة بالقيود المُكبِّلة لها والمعيقة لتحررها الفكري، كامرأةّ أولاً وككردية ثانياً، وغير قادرة في الوقت ذاته على ممارسة المدنية والتفاعل الحضاري في الضفّة الأخرى من الحياة الطبيعية ككائنٍ إنساني يقع على عاتقها جانباً من مسؤولية النهوض بالمجتمع الذي تنتمي إليه لتحقيق المدنية والديمقراطية، ولا سيما في زمن التسارع التكنولوجي الهائل والعولمة حيث تحوّل العالم إلى قرية صغيرة وأصبح فيه اختصار الجهد والوقت هاجساً لكلّ المعنيين بالشأن الحضاري.

إلى جانب ذلك، يسعى هذا البحث لتقصّي محاولات المرأة الكردية ضمن الحركات النسائية والمنظمات المدنية للوصول إلى السبل الكفيلة لإيجاد بصيص ضوء ضمن سراديب النظم الاجتماعية لإخراجها من تقوقعها الاجتماعي وتمكينها ثقافياً واقتصادياً وسياسياً، لتتفاعل مع العالم الحضاري وتلعب دوراً إيجابياً في بناء الدولة المدنية التي تصبو إليها وترسم ملامحها مع الآخر، الرجل، في أفقٍ ديمقراطيٍّ رحب.

 

محتويات البحث:

المقدمة: موجز تاريخي عن واقع المرأة الكردية في سوريا.

أولاً: حاجة المجتمع الكردي في سوريا إلى تنظيمات مدنية نسوية.

ثانياً: أهمية وجود التنظيمات النسوية في المجتمع الكردي وضروراته.

ثالثاً: تحديات المجتمع المدني في سوريا عموماً وكردستان سوريا خصوصاً:

1 – تحديات سياسية

2 – تحديات اجتماعية

3 – تحدّيات دينية وقانونيّة

4 – تحديات اقتصادية

رابعاً: الحركات والجمعيات والتنظيمات النسوية الكردية في سوريا :

1 – قبيل الثورة السورية

2 – في أعقاب الثورة السورية.

خامساً: دور المنظمات الكردية زمن الثورة السورية

سادساً: طموحات المرأة الكردية لتحقيق كيانها الإنساني في دولة مدنية ديمقراطية.

سابعاً: كلمة أخيرة: المرأة الكردية إلى أين؟

ثامناً: المصادر والمراجع

 

 

المقدّمة

إنّ المجتمعٍ الحضاريٍّ كي يتمكّن من تحقيق تقدمه بشكلٍ سليم ومعافىً لابدّ وأنّه يحتاج إلى توأمين متلازمين هما (الديمقراطية والمدنية)، واستناداً إلى ذلك فإنّ بحثنا هذا يدفعنا إلى طرح جملةً من الأسئلة التي من شأنها فتح الباب للنقاش عن المرأة السوريّة عموماً والكرديّة خصوصاً كإحدى حوامل التطور المجتمعي، الأسئلة التي ظلت عالقة في أذهاننا عن نضال المرأة الكردية ضمن البلد الذي تعيش فيه “سوريا” وهي تدافع عن قضيتها المستعصية، قضيّة المرأة المضطهدة اجتماعياً وسياسياً ودينياً واقتصاديّاً:

1ـ المرأة هي نصف المجتمع وأم للنصف الآخر، هل هذه حقيقة أم جدل؟

2ـ كيف تصلح أن تكون المرأة شخصية سياسيّة قيادية قبل الاعتراف بها ككيان مستقل؟

3ـ أيّهما أكثر ضرورة لتحقيق طموحات المرأة الكردية: النشاط الفردي أم الجماعي؟

4ـ ما هي المعوقات التي تواجه المرأة السورية عموماً والكردية خصوصاً على طريق تحقيق حريتها؟

5ـ هل حققت المنظمات النسائية الكردية في سوريا بعد انطلاق الثورة السوريّة ما كانت تصبو إليه المرأة الكردية وتنتظره منذ عهود قبل حلولها؟

6ـ هل تمكّنت المرأة الكردية السورية من إشهار قضيتها أمام الرأي العام العالمي في المؤتمرات الدولية؟ وما الذي أعاقها؟

7ـ ما هي مسؤولية المرأة الكردية لتحقيق مجتمعٍ مدنيٍّ ضمن إطار دولة مدنية ديمقراطيّة؟

هذه الأسئلة وغيرها من الأسئلة المستفيضة سنحاول الإجابة عنها في سياق هذا البحث المخصّص لقضية المرأة الكردية وقدرتها على ممارسة نشاطها المدني، وإبراز ماهية المعوقات التي تعرقل مسيرتها المدنية للعمل على فتح الآفاق أمام طاقاتها وإمكاناتها وتفعيلها في المجتمع  لتحقيق حياةٍ حرّة كريمة ضمن إطار دولةٍ مدنيّةٍ علمانيّة ديمقراطية.

 أولاً: موجز تاريخي عن واقع المرأة الكردية في سوريا

إنّ المحاولات الكثيرة التي تمخّضت عنها مسيرة المرأة السورية عموماً والكردية خصوصاً منذ الثلث الأخير من القرن الماضي للعمل على مساواتها بالرجل على كافة الأصعدة، قد جاءت أشبه بمولود وُلِدَ قبل أوانه أي (خُديجاً) أقلّ وزناً واكتمالاً، ويعود ذلك إلى نقص في المواد الأوليّة الداعمة التي تغذّي تلك المساواة، كتحرير الرجل من العقلية الاجتماعية المتقوقعة التي ترى المرأة ضلعاً قاصراً، وتهمّش رأيها، وترفض إشراكها في الحياة السياسية، ممّا ساهم في التقليل من شأنها وهمّش شخصيتها، ودفع بالنظر إليها كجسدٍ وعاطفة لا كعقل وكيان مستقلَّين.

وكذلك تأثير الدين والعادات والتقاليد البالية على الرجل، فالنقص في توافر هذه المكونات وغيرها من الأمور المشابهة حالت دون السماح للمرأة للدخول إلى الساحة المدنية لتكوين مجتمعٍ ديمقراطي حقيقي متساو في الحقوق والواجبات للجنسين.

واستناداً للنظرة التاريخية للمرأة وللعراقيل الاجتماعية التي كانت ولا زالت المرأة الكردية تتعثّر بها في المجتمع السوري، لكونها أنثى من جهة ولكونها كرديّة من جهة أخرى في دولة يتحكّم بها نظام استبدادي قمعي لا يجد لحرية الفرد سبيلاً، ويضع حواجز قانونية أو تشريعية أمام حرية المرأة، تجنّباً لنقمة المجتمع والدين عليه، ورغم ذلك، فإنّ المرأة الكردية كانت عبر التاريخ تتولى المهام الجسام ويُسند إليها الكثير من المسؤوليات الكبيرة التي كان الرجل منوطاً بالقيام بها في مجتمعه، وهذا لا ينطبق على المرأة الكردية السورية فحسب، وإنّما على كلّ النساء الكرديات في الأجزاء الثلاث الأخرى من كردستان الكبرى: تركيا والعراق وإيران، وهي حقيقةٌ أشار إليها الدكتور طاهر حسو الزيباري ، حيث أورد ذلك في محاضرة له عن “بنية المجتمع الكردي” مؤكّداً دور المرأة الكردية الإيجابي  في المجتمع الكردي، مستشهداً بقولٍ لـ (مينورسكي) الذي يقارن بين الكرد وباقي أقوام المنطقة من العرب والفرس والترك، ويصرّح بأنّ نظرة الكرد إلى المرأة هي الأكثر تحرراً وتسامحاً، فيقول الزيباري:

“تشكل العائلة واحدة من بين أهم مصادر القيم السائدة في المجتمع الكردي خاصة أنّها تشكل وحدة إنتاجية تقتضي التشديد على العضوية والعصبية والتعاون والالتزام الشامل بين أعضائها. ومن بين الاتجاهات القيمية التي تتصل اتصالاً مباشراً بالحياة العائلية، ما يتعلق بدور المرأة في المجتمع الكردي. وهنا يمكن أن نلحظ ظاهرتين متلازمتين، فمن ناحية وكما يؤكد مينورسكي: (فإن الكرد هم أكثر تسامحاً من جميع الشعوب الإسلامية الأخرى المجاورة تجاه المرأة)، ويعني بالتسامح هنا حرية التعبير والرأي وإعطاء المرأة مكانتها التي تستحقها. وبذلك فالكرد أكثر تقبلاً لحرية المرأة ومكانتها قياساً بالأقوام الإسلامية (الترك والفرس والعرب) التي بدت  لمينورسكي (غير متسامحة مع المرأة) ويعزى هذا الاهتمام النسبي بالمرأة الكردية من قبل الرجل الكردي وثقته العالية بها، إلى أسباب أو عوامل تاريخية ودينية وأنثروبولوجية ممتدة إلى عمق التاريخ لا مجال لتحليلها”[1]

وبحسب رأي الزيباري ونظرة مينورسكي، فإنّ المرأة الكردية لم تجد صعوبةً في التفاعل مع حياتها الاجتماعية، ولكن إذا ما أمعنّا النظر في هذه الحالات وهذه المقارنات بين شعوب المنطقة ونظرتها للمرأة بشكلٍ عام وأخذنا المرأة الكردية كمثال، سنجد أنّها لم تكن تحظى بما تستحق من حقوقها من الأسرة والمجتمع والدين والدولة مقابل التضحيات التي كانت ولا زالت تقدّمتها، وأنّ كلّ ما قدّمته كان موضوعاً ضمن خانة الواجبات المترتبة عليها دون الاعتراف بحقوقها الإنسانية والاجتماعية والماديّة والقانونيّة.

والمرأة الكردية في سوريا قد عانت شظف العيش وقساوته على المدى الطويل، واستطاعت الانسجام مع إيقاع حياتها الرتيب راضية قانعة إلى جانب زوجها تحت رحمة سياط العادات والتقاليد، دون أن تفكّر في التحرر أو خلق تغيير في حياتها، لأنّ ذلك يُعتبر تمرّداً وخروجاً عن المألوف وهو كافٍ لوضعها أمام فوهة مدافع المجتمع وقذائفه، وهذا التمرّد لا يؤثّر عليها فحسب بل إنّه من الممكن أن يظلّ وصمة عار تلاحقها وأسرتها ضمن محيطها الاجتماعي على المدى الطويل.

ويعود رضوخها لقسوة المجتمع الذكوري وإهمال المجتمع لها أيضاً، إلى حالة الفقر المتشظيّة الممنهجة من قِبل السلطات السياسية في المناطق الكردية لإبقاء المجتمع الكردي متخلّفاً جاهلاً فقيراً لينحصر تفكير الكردي في كيفية تأمين قوته ولقمة عيش أولاده ولئلا يتمكّن من التفكير بالمطالبة بحقوقه المدنية أو الدستورية أو القومية في بلدٍ يعتبر عضواً في الأمم المتحدة.

فتلك الحالة الكرديّة المستعصية كانت تُلزم المرأة للقيام بالكثير من الأعمال القاسية التي لا تتناسب مع قدراتها البنيوية كالزراعة والرعي، لتأمين حياة ميسورة آمنة لها ولأولادها دون التفكير في حقّها في التقدّم والتعليم، لأنّها كانت تراه حكراً على الرجل فقط، ولكن هذا لا يعني بأنّها انجرفت عن ركب التطوّر والتقدّم في أواخر القرن العشرين، فالتاريخ السوري للمرأة الكردية يشهد بأسماء نساء كرديات لمعنَ في سماء الثقافة والأدب والعلم والسياسة مثل الكاتبة والأديبة روشن بدرخان .

 

ثانياً: حاجة المجتمع الكردي في سوريا إلى تنظيمات مدنية نسوية:

بعد تقدّم المجتمع البشري وانفجار الثورة الصناعية في العالم الغربي، وتصاعد الامبريالية الغربية وما رافقتها من تطورات مجتمعية داخلية لمنحها ديناميّة أكبر على الصعيدين الداخلي والخارجي، احتاجت تلك القوى في سياق مشروعها الاستعماري، إلى تطوير بعض البنى الاجتماعية في الأوطان المستعمَرة بما يخدم مصالحها؛ الأمر الذي ترك تأثيراً إلى حدٍّ ما على تلك الأوطان ولاسيما البلدان التي وقعت تحت الانتدابين الفرنسي والبريطاني مثل سوريا والعراق.

وقد كان الوجود التاريخي الاستعماري في تلك الأوطان قد وضع المرأة أمام تحدّيين لإثبات وجودها ونيل حقوقها وهو مقارعة المستعمِر الذي يهدّد وجودها من جهة والنظم الاجتماعية التي تقيّدها من جهةٍ أخرى لأنّها وجدت نفسها محاصرة بينهما معاً؛ فغدا تحررها الفكري وحراكها ونضالها لنيل حقوقها ضرورة ملحّة، وكان للتعليم دور كبير في هذا النضال، فالنساء اللاتي عشنَ في المدن الكبرى آنذاك مثل دمشق وحلب، كنَّ في طليعة النساء اللواتي لعبن دوراً كبيراً في هذا المجال مثل “نازك العابد، مريانا مراش، ماري عجمي، كوليت خوري، عادلة بيهم الجزائري، ثريا الحافظ، ألفة الأدلبي، غادة السمان”[2].

والمرأة السورية في تلك الحقبة الزمنية لم تكن ضعيفة وجاهلة وإنما استطاعت أن تساهم إسهاماً فكرياً وثقافياً وسياسياً واجتماعياً، في التأثير على غيرها من النساء تأثيراً إيجابياً لتحقق صيرورة تطورها داخليّاً ضمن محيطها الاجتماعي الذي تعيشه رغم الركود الثقافي والوضع الاقتصادي السيّء والمفاهيم الاجتماعية المتخلّفة.

فالمصطلحات والعبارات مثل تحرر المرأة، تعليم المرأة، سفورها، تمكينها، مساواتها مع الرجل، التوازن المجتمعي، وغيرها شغلت حيزاً من اهتمامات منظمات المجتمع المدني المحليّة والدوليّة والمنظمات الإنسانية المعنيّة بحقوق الإنسان فيما بعد، والتي أخذتْ على عاتقها حرية المرأة المنوطة بتقدم أيّ مجتمعٍ وتطويره؛ فتلك المصطلحات والعبارات من شأنها أن تبرّر للمرأة نضالها من أجل نيل حقّها المدني في مجتمعٍ تنتمي إليه باعتبارها تمتلك فيه حق المواطنة أسوة بالرجل.

 

وقد تضافرَ هذا النضال مع عدّة عوامل منها، رغبتها في التخلص من حالة التقوقع البنيوي للمجتمع الذي تعيشه، ووعيها بأهميّة دورها في المساهمة في بناء مجتمعها وتطويره،  وكذلك تطورالمجتمعات في البلدان المتقدّمة، مع الحفاظ على خصوصية كلّ مجتمع، وتُستثنى من هذه الخصوصية العادات والتقاليد البالية وبعض الشرائع الدينية التي انتهكت إنسانيتها من جهة، وتطورها الثقافي والفكري من جهة ثانية من خلال العمل على الاجتهاد في بعض النصوص الدينية التي جارت عليها، بما يتناسب مع العصر دون الإخلال بجوهر النص القرآني.

وهذا النضال أتاح لها أيضاً التفكير في ضرورة أخذ مكانها المناسب في الدولة المدنية الديمقراطية التي تحلم بها، والتي تدحض كلّ المحاولات الاستغلالية لوجودها والتي تجعل من العبارة المألوفة المتداولة (المرأة نصف المجتمع) مثلاً، شمّاعةً تعلّق عليها كلّ المصالح الشخصية والسياسية والاقتصادية.

وفي العقود الأخيرة من القرن العشرين، ورغم الثورة الثقافية والفكرية، اعتُبر بقاء المرأة كربّة منزل ملازمة لبيتها ومربية حاضنة لأولادها وعدم مغادرتها بيتها، هو الخيار الأنسب للرجل في المجتمع الذكوري وبالتالي غدا ترك دفّة قيادة المجتمع وإدارة الشؤون السياسية والاقتصادية حكراً على الرجل فقط.

والسلطة السياسية كان لها دور كبير في الإبقاء على إحدى جناحي المجتمع مهيضاً مشلولاً، ليضمن عدم بلوغ المرأة درجة الريادة الفكرية فتطالب بعدئذٍ بحقوقها الإنسانية والثقافية والسياسية والاقتصادية، وبالتالي تتضافر جهودها مع جهود الرجل ويطالبان معاً بما يتجاوز السقف الإنساني والسياسي الممنوح والمسموح لهما كمواطنَين سوريَين، وكانت وسيلة  تسليط علماء الدين وأئمة المساجد باسم الدين وتغليب سيطرة الرجل على المرأة  من خلال القوانين الدستورية المجحفة بحق المرأة (كقوانين الزواج والطاعة والإرث وجرائم الشرف) فضلاً عن خلق مجتمع ذكوري متخلّف من خلال النظم والشرائع الاجتماعية العشائرية التقليدية البالية مثل(الحيار، مقايضة زوجة بزوجة، وغيرها)[3]، هي الوسيلة الأنسب التي لجأ إليها النظام السوري ليضمن بقاء سوطه على رقاب الشعب من خلال إلهاء الشعب بالنظم والخلافات الاجتماعية أو التزهّد في الحلال والحرام، رغم مناداته بشعارات عن تحرر المرأة في المنابر الدولية وتمجيده للديمقراطية الهلامية التي فصّلها بما يتناسب مع وسع كرسيه.

ومن جهةٍ أخرى فإنّ ثقافة الشراكة الزوجية داخل الأسرة في المجتمع بين الرجل والمرأة، فيما يتعلق بتربية الأولاد وإدارة شؤون البيت وتقاسم الرأي في اتّخاذ أي قرار يخصّ الأسرة، تلك الثقافة لم تكن مقبولة إلى حدٍّ ما لحدّ الآن، وإن كانت مقبولةً فهي (غير سارية المفعول) في كثير من الأحيان في المجتمع الكردي كمجتمع شرقي، فلا يمكن للزوجة، مثلاً، أن ترفض أو تناقش قراراً مصيرياً اتخذه الزوج في تزويج بناته أو أبنائه ممّن يرغبه.

فأيّ قرار يكون للرجل فقط حقّ اتخاذه، ويعتبر رأي المرأة في بعض الحالات ـ إنْ وجِد ـ استشارياً فقط، كما لا يحقُّ لها التصرّف في النظام المالي للأسرة دون إذن زوجها، وهذا كلّه بسبب استخدام الدين أداة لاستغلال المرأة، والأنكى من ذلك نجد كثيراً من النساء راضيات بهذا الظلم وهذا الاضطهاد لا بل إنّهنّ يَعبن على نساءٍ أُخريات تمرّدهنَّ على هذا الظلم، إمّا غيرةً من تلك النساء أو كونهنّ يجدنَ في هذا الرضا والرضوخ للرجل، طاعةً لله ولشريعته السماويّة، وأيّ اعتراض له أو تمرّد عليه هو معصية للخالق.

كما إنّ سياسات التفقير والتجهيل الممنهجة التي مارسها النظام البعثي في المناطق الكردية قد بلغت ذروتها لمنع انتعاشها اقتصادياً أو تقدّمها علميّاً بغية الإبقاء على الركود الاقتصادي والعلمي فيها، لتبقى تلك المناطق سوقاً لتصريف منتوجات المحافظات السورية الأخرى مثل دمشق واللاذقية وطرطوس وحلب وحمص وحماه، رغم أنّ المناطق الكردية في عموم محافظة الحسكة تمتاز بالثروات الزراعية الرئيسية كالقمح والقطن، والحيوانية والنفطية والمائية بالإضافة إلى الطاقات البشرية الشابة؛ إلا أنّ النظام السوري كان حريصاً على عدم الترخيص لافتتاح أي مشروع أو استثمار خاص فيها كمحالج للقطن أو شركات للغزل والنسيج أو مصانع للحبوب أو شركات غذائية كمعامل للكونسروة والمربيات، إنما كانت تسمح بافتتاحها في اللاذقية وحلب وحمص وطرطوس، هذا من الجانب الاقتصادي، أما من الجانب العلمي فقد كان النظام يحرص أشد الحرص على الإبقاء على السُبات العلمي في المناطق الكردية ، كمنح درجات إضافية مثلاً للطلاب الناجحين في الشهادة  الثانوية، حسب حاجة الطالب للدرجات عند تقدّمه للفرع الذي يرغبه، وقد تصل تلك الدرجات الممنوحة من (15إلى 30درجة) وهي فقط للطلاب البعثيين الذين قاموا بدورات المظلّيين والصاعقة ضمن صفوف الحزب نفسه، مما يتسنّى للطالب الحزبي (دون الكردي) الحصول على فرص أكبر لإشغال المقاعد الجامعية في الفروع التي يرغب بها بالرغم من أنّه لا يستحقّها قياساً إلى درجاته المتدنّية قبل المنح.

ناهيك عن القيام بلعبةٍ أكثر قذارة لإفشال مستقبل الطالب الكردي وذلك بتهديده بالفصل من المعهد الإلزامي الذي يدرس فيه “إن لم يتقدّم بطلب انتسابٍ لصفوف حزب البعث”[4]،

ناهيك عن أنّ النظام لا يمارس هذا التهديد على الطالب إلا في اليوم الأخير من امتحان السنة الثانية للمعهد ليضيّع على الطالب الكردي أو الطالبة الكردية فرصة التقدّم لفرعٍ جامعيٍّ آخر في السنة نفسها.

أضف إلى ذلك عدم السماح بافتتاح جامعات أو معاهد نسيجية أو علمية وغيرها في المناطق الكرديّة، ولكنها استدركت في زمن سلطة الأسد (الابن) بعد أن لاحظت الكمّ الهائل من الطلبة الكرد المتفوقين يتوافدون على الجامعات الكبرى في دمشق وحلب واللاذقية وحمص، فقامت بافتتاح جامعتين في دير الزور والحسكة، لغايةٍ في نفس يعقوب، تبيّنتْ تلك الغاية من خلال تخصيصها كادراً تدريسيّاً من الدرجة الثانية لتينك الجامعتين دون مستوى الكوادر التدريسية في الجامعات الكبرى الأخرى، فيؤمها الطلبة الكرد من المحافظة نفسها بسبب تدنّي المستوى المعيشي ولقرب هاتين الجامعتين من مناطق سكناهم.

ونتيجةً لتلك السياسات الممنهجة وسياسات (الحزام العربي) أيضاً، التي قام بها النظام البعثي في سبعينيات القرن الماضي، وذلك بسلب الكرد أراضيهم لتفقيرهم وإخراجهم من مناطقهم وإعطائها للعرب المغمورين الوافدين من محافظة الرقة الذين غمر سدّ الفرات أراضيهم ومن محافظات أخرى أيضاً؛ فبموجب تلك السياسات غدتْ المرأة الكردية إحدى ضحاياها وأثّرت تأثيراً سلبياً على قضيتها، وهذا الحال كان يفرض عليها المساهمة في تخفيف مسؤوليات الأسرة المادية على زوجها أو أهلها بالعمل أو اختيار دراسة تتناسب مع الإمكانات الاجتماعية والمادية المحدودة، وقد لا يتوافق ذلك الاختيار مع طموحاتها كعدم إتمام دراستها الجامعية مثلاً، فاختيارها لمهنة تدريس المراحل الابتدائية أو العمل كموظفة بدوام نصف يوم براتبٍ زهيد (على أساس الشهادة الثانوية) هو الخيار الأنسب لها للتوفيق بين عملها وأعباء المنزل وواجبات الزوج والأسرة. فالسماح إذاً للمرأة بالخروج للعمل كان سببه الحاجة والفقر وغلاء المعيشة ولم يكن يعود ذلك إلى إيمان المجتمع بدورها في تطويره أو قناعته بحقها في التعليم والعمل وإغناء طموحاتها العلمية والفكرية والثقافية والسياسية.

وفيما يتعلّق بنشاط المرأة الكردية على الصعيد الثقافي والفكري والسياسي فيأتي ذلك في المراتب الدُّنيا، لأنّ النظام السوري كان يضع حاجزين تعجيزيين أمام المرأة الكردية، الحاجز الأول كونها كردية والثاني كونها امرأة، وقد تواجدت بعض الحركات النسوية والجمعيات قبل الثورة السورية ضمن الأحزاب الكردية وخارجها ولكن بنسب ضئيلة جداً لا تتعدّى أصابع اليدّ بسبب السياسات الخانقة المتّبعة من قبل النظام.

 

ثالثاً:أهمية وجود التنظيمات النسوية في المجتمع الكردي وضروراته:

بما أنّ المجتمعات الشرقيّة المتخلفة لا تنفكُّ عن ممارسة انتهاكات متواصلة بحق المرأة، ضاربة بعرض الحائط كلّ القيم الحضارية التي من شأنها أن تسمو بالإنسان وترقّيه في كل مجالات الحياة، فالمرأة تتطلع بموجب ذلك، إلى عدالةٍ تُنصفها في المحيط الاجتماعي الذي تتخبّط فيه كعصفور جريح،  لتحريرها من أصفاد الاستبداد واللامساواة الممارس بحقّها من قِبل السلطات القامعة التي تعتبر نفسها الوصي الديني والاجتماعي والاقتصادي عليها بالنظر إليها على أنّها ضلع قاصر مستندين إلى أحاديثٍ نبويّةٍ موضوعةٍ وغير موثوق بصحتها كـ: (النساء ناقصات عقلٍ ودين).

وكما أنّ حاجة المجتمع الكردي إلى تنظيمات مدنيّة نسوية خارجة عن الخط السياسي، بصفة مستقلّة، تستوجب إلقاء الضوء على سَير الحياة الاجتماعية للمرأة وتفعيل كل الحلول التي من الممكن إخراجها من شرنقتها الاجتماعية المتقوقعة لتحلّق في سماء حرية الفكر والمعرفة والثقافة والسياسة، دون أن تقلّدَ تقليداً أعمى تنظيماتٍ نسوية أخرى سارت على خطى من سبقتها من تنظيمات في مجتمع متقدّم آخر شكلاً لا مضموناً، فخرجت من العملية المدنية خالية الوفاض، بخفّي حنين دون أن تحقّق غاياتها المرجوة.

إلا أنّ الهدف الحقيقي الذي ينبغي أن تسعى إليه تلك التنظيمات وهو تطبيق الحرية الحقيقية الممنوحة لها وفق الشرائع والقوانين الدوليّة التي تنص عليها الأعراف الدولية ووفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 الذي ينطلق من مكانة الإنسان السامية وتقديسه ككائن اجتماعي مدني داخل المجتمعات التي يعيشها.

كما أنّ المرأة الكرديّة في سوريا كواحدة من النساء اللاتي يرتأيْنَ للنهوض بأنفسهنّ للارتقاء بالعملية السياسية المُجهضة لحقوقها؛ تعتبر نفسها جزءاً من تلك العملية وإنْ لم تدخل معترك العمل السياسي داخل تنظيمٍ حزبيٍّ ما، وتسعى أيضاً لتكون فاعلةً في الساحة السياسية بنسبةٍ تخوّلها بأنْ تشترك مع الرجل في بناء مجتمعها الديمقراطي المتقدم الذي لا بدّ وأن يؤمن بأنّ المرأة بإمكانها القيام بالمعجزات إن مُنحت الثقة والحق ـ دون استغلال ـ في كل مجالات الحياة وليس السياسية فحسب، لتحقيق مبدأ المساواة بينها وبين الرجل على مختلف الأصعدة .

ولكن معظم عمليات النهوض التي حاولت المرأة القيام بها لتحقيق تلك المساواة كانت تصطدم بالكثير من التحدّيات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية التي حالت دون بلوغها الهدف المنشود، بالرغم من أنّ الاتفاقيات الدولية نصّت على إزالة كافة أشكال التمييز ضدّ المرأة ومنها منظمة مراقبة حقوق الإنسان، Human Rights Watch)) وكذلك اتفاقية، القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة(UNFile-CEDAW) الصادرة بقرار(180/34) المؤرّخ 18/12/1979 والذي بُدأ التنفيذ به بتاريخ: 3/9/1981 طبقاً لأحكام المادة (27) ومن بعض موادها: ” اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضدّ المرأة:

المادة 1: تعرّف التمييز ضدّ المرأة بأنّه أي شكل من أشكال التمييز التي تحول دون مساواة المرأة في الحقوق والحريّة.

المادة 2: الالتزامات الخاصة بالقضاء على التمييز.

المادة 3: التدابير المناسبة لتطور المرأة وتقدّمها.

المادة 4: تسريع إجراءات المساواة بين الرجل والمرأة ـ التمييز الإيجابي.

المادة 5: الأدوار النمطية القائمة على أساس الجنس.

المادة 6: مكافحة استغلال المرأة.

المادة 7: الحياة السياسيّة والعامة.

المادة 8: التمثيل والمشاركة على المستوى الوطني.

المادة 9: الجنسية.

المادة 10: التعليم.

المادة 11: العمل.

المادة 12: المساواة في الرعاية الصحيّة.

المادة 13: المنافع والتقديمات الاقتصاديّة والاجتماعيّة.

المادة 14: المرأة الريفيّة.

المادة 15: المساواة أمام القانون في الشؤون المدنيّة.

المادة 16: المساواة في الزواج وفي قانون الأسرة”[5].

وإذا ما قمنا بمقاربة منطقية بين محتويات هذه الاتفاقيات وما يجري في دول الشرق الأوسط  التي لها عضوية في الأمم المتحدة (سوريا انموذجاً)، وألقينا نظرة على طرق التعامل مع المرأة ومدى الالتزام بهكذا اتفاقيات رغم توقيعها عليها، سوف نجد النتيجة دون المستوى المطلوب إلى حدٍّ كبير، وهذا ما يعلل ضرورة وجود تنظيمات نسوية مدنية مدافعة بشكلٍ جدّي عن حقوق المرأة وتحررها ضمن المجتمعات التي تعيشها للتخلص من خلالها من المعوقات والتحدّيات التي تواجهها على طريق تحررها وارتقائها اجتماعيّاً وفكريّاً وثقافيّاً وسياسيّاً.

 

رابعاً: تحديات المجتمع المدني في سوريا عموماً وكردستان سوريا خصوصاً:

1ـ تحديات سياسية:

بما أنّ القضية الإنسانية تشمل المرأة والرجل على حدٍّ سواء، فالظلم حين يكون إيديولوجيّاً فإنّه لا يميّز بين رجلٍ وامرأة أو بين امرأة وأخرى أو بين رجلٍ وآخر ولا سيما إن ترافقت هذه الإيديولوجيات مع المصالح العليا للسلطة الحاكمة.

والمرأة السورية تعرّضت للاضطهاد على المدى الطويل في الدولة السورية وبدا ذلك جلياً في الثورة السورية، حيث غُيّبت الكثير من النساء إما في الثرى أو في سجون النظام السوري وتعرضن للقتل والتعذيب بسبب مواقفهنّ الوطنية المعارضة للنظام الحاكم ومنهنّ لا زلنَ مجهولات المصير حتى الآن مثل المحامية رزان زيتونة، والمرأة الكردية أيضاً كغيرها من النساء السوريات، تعرضت للظلم والاضطهاد وحُرمت من كافة حقوقها المدنية في ظلّ نظام البعث الحاكم (بعهديه) ومؤخراً في ظلّ الثورة السورية أيضاً.

وبما أنّ المجتمع الكردي كان متساهلاً مع المرأة وكان يعطيها مكانةً إلى حدٍّ ما لتدير شؤون بيتها ـ مثلاً ـ وتستقبل الضيوف والرجال في غياب زوجها، والمجتمع الكردي يقبل بزعامتها حسب رأي مينورسكي: “الكرد هم أكثر شعوب المنطقة تسامحا تجاه المرأة ويعطونها مكانة كبيرة ويقبلون بزعامتها”[6].

فما الذي جعلت مكانة المرأة الكرديّة تتدنّى إذاً؟

هناك عاملان طاغيان لعبا دوراً كبيراً في تراجع مكانة المرأة في المجتمع الشرقي عموماً والمجتمع الكردي على وجه الخصوص، فالعامل الأول الطاغي هو (العامل القَبلي)، حيث كانت العصبية القبلية، التي أورثها الحكم العثماني لشعوب منطقة الشرق الأوسط لأربعة قرون، تلعب دوراً كبيراً في طمس شخصية المرأة وتهميش دورها، فكانت تُمنع من الخروج من بيت أبيها إلا إلى بيت زوجها ولاسيما لدى العائلات المُحافظة في بعض الأرياف والقرى التي على أطراف المدن.

وأما العامل الثاني فهو (العامل الديني) وزيادة طرق التصوف، وعلى الأرجح هذ العامل هو الذي حرّم على المرأة استنشاق نسائم الحرية التي جعلت الرجل يميل إلى عدم إظهار أفراد أسرته من النساء لإبراز سلطته الذكوريّة الدكتاتورية بحجة الحلال والحرام وتفضيل ممارسة هذه السلطة على المرأة بعدم السماح لها بالخروج لا بل تعنيفها أيضاً وفق ما يشرّعه له الدين مستنداً إلى الآية القرآنية: “واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً”[7]، وبالتالي فإنّ ذلك دفعها دفعاً للانزواء صيانة لشرف وسمعة العائلة على أساس إنّ أيّ ظهورٍ لها خارج البيت هو عارٌ على الأسرة ووصمة تدنّس أسمها.

وقد لعب النظام السوري دوراً سلبياً في تغذية هذين العاملين للحفاظ على سلطته وحمايتها.

وكشفت الأحداث السياسية التي عُرفتْ بالربيع العربي الهادفة للتغيير عن الواقع الحقيقي للأوضاع الأسرية والاجتماعية والاقتصادية، والمستوى المتدني لتطور المرأة وتحررها.

حيث أنّ أحداث الثورة السورية مثلاً في 2011 كان سيفاً ذو حدّين على المرأة، حيث فتحت الثورة أمامها نافذةً للتعبير عن رأيها ومشاركتها في الحياة السياسية ومنحها دوراً فعالاً في إشغال المواقع والمناصب السياسية، وجعلها أيضاً تضطلع على الكثير من حقوقها الطبيعية التي حُرمت منها كامرأة ومواطنة سوريّة، بعد اطلاعها على قوانين حقوق المرأة المنصوص عليها في المواثيق والقوانين الدولية.

ولكن بالمقابل فإنّ هذا المتنفّس قد أدّى لاستغّلالها سياسيّاً، لأغراض حزبية، حيث استُخدمت بروتوكولياً (شكلياً) في المنظمات والمحافل الدوليّة والمحليّة والتنظيمية وحتى الانتخابية، دون الأخذ بعين الاعتبار ما إذا كانت جديرة بأخذ تلك المكانة وذاك المقام السياسي أم لا، وبذلك غدا وجودها في أيّ منصبٍ تشغله اضطهاداً لها بحدّ ذاته وهي راضية بذلك الاضطهاد دون أن تدرك حقيقة ذلك.

فمبادرة النساء السوريات، مثلاً، التي قُدمت إلى المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان دي مستورا تزامناً مع بدء مفاوضات (مؤتمر جنيف3) في شباط 2016 استناداً إلى نص قرار مجلس الامن رقم 1325 الذي ينص على مراعاة خصوصية المرأة وإشراكها في عمليات الحفاظ على الأمن وبناء السلام وخصوصاً  في المناطق المتضررة من النزاع، والدّفع باتجاه الضغط من أجل  مشاركة  النساء السوريات بعملية المفاوضات بغية  ضمان حقوق النساء وباتجاه الحل السياسي وتفعيل دورهن، وعليه ،فقد تشكلت هذه المبادرة (مبادرة نساء سوريات من أجل السلام والديموقراطية) بمشاركة 40 عضوة من النساء السوريات. لكنّ تلك المبادرة أُجهِضت “لجعل النساء السوريات بلا كرامة” وفق قول الكاتبة (ريما فليحان) في تحقيق خاص لها لصحيفة السوري الجديد:

“على الرغم من موضوعية ورزانة الرؤية ونجاح انطلاقة (مبادرة النساء السوريات من أجل السلام والديموقراطية) في عامها الأول، إلا أنّ المبادرة التي سعت أو ادعت تمثيل شريحة كبرى من النساء السوريات، لم تنجح في الحفاظ على مسيرتها نحو النجاح وشهدت مطبات كثيرة منذ ولادتها وحتى اللحظة، وتضمّنت سجالات بين عضواتها وتجميد عضوية البعض وانتهت الى انسحابات”[8].

وقد وضعتْ تلك النساء جملةً من النقاط التي من شأنها ضمان سلامة الإنسان السوري في هذه الحرب التدميرية ضمن وثيقة تتعلق بوقف الاقتتال وتحقيق السلم وفك الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية والصحية، وحثّ مجلس الأمن الدولي على إصدار قرارات وتعيين وإرسال مفاوضين سياسيين ومراقبين وقوات حفظ السلام.

 “نصت وثيقة تأسيس المبادرة على حيثيات تضمن حقوق السوريين وتشجع على الحل السياسي، وشكلت توافقاً نادراً بين مكونات مختلفة من السوريين، وأساساً هاماً للعمل”[9].

وقد أكّدت فليحان بأنّه أُريد تقزيم المبادرة من خلال العبث بها لإهانة المرأة السورية: ” لقد تمّ العبث بمسيرة المبادرة، وفقدان الثقة بآليات العمل وتحايلت الأمم المتحدة على السوريات لجعلهنّ بلا بكرامة”..!!![10]وتضيف الكاتبة (فليحان):

“لا أظن أن قرار مجلس الأمن 1325 كان يريد من النساء السوريات أن يكنّ منمّطات في خانة اللاموقف أوالبكّائيات، بل كان يريد منهن أن يكن فاعلات قويات في عملية السلام، السلام الذي يحقق كرامة الشعوب ولا يهادن بها، السلام الذي تأتي به الديموقراطية ودولة المواطنة وليس الدولة الأمنية”[11].

وبناءً عليه فإنّ الكاتبة، ريما فليحان، كانت ترى أن الأجدر بـ (مبادرة النساء السوريات) العودة للتوافق لتجنب (الموت السريري) وتجنب الفشل لجهودهن المبذولة لضمان حقوق ومستقبل النساء السوريات ليكنّ فاعلات ومشاركات في الحياة العامة، كما والجدير بالذكر بأنّ هذه المبادرة كانت تشمل جميع النساء السوريات من جميع مكونات المجتمع السوري وقد شاركت فيها النساء الكرد أيضاً، وتُشير (فليحان) إلى تلك المساواة والحياد قائلةً:

“إننا نعتبر أن روح المبادرة وبوصلتها هي في وثيقتها التأسيسية التي تنص على إنهاء كل أشكال الاستبداد وبناء دولة المواطنة المتساوية، الحيادية تجاه جميع مكوناتها وايديولوجياتهم، دولة تجرّم العنف والتمييز ضد النساء”[12].

وفي الساحة الكردية لم تكن المرأة الكردية بأوفر حظاً من نظيراتها من النساء السوريات رغم محاولاتها الحثيثة في إثبات جدارتها وقدرتها على المشاركة في العمل السياسي للوصول إلى دولة المواطنة المتساوية في الجنسين، فقد كان الاستغلال السياسي هو السجادة الحمراء التي كانت تُمشّى عليها في كل إنجازٍ سياسيٍّ يخدم القضية الكردية، حيث أنّ معظم مشاركات المرأة في المجال السياسي في سوريا كان تحت غطاء حزبي أو بموافقات أمنيّة كإشراكها في قوائم الجبهة الوطنية (قوائم الظل) في انتخابات مجلس الشعب السوري أو مجالس القيادات القطرية قبل اندلاع الثورة السورية.

وفي حالة المرأة الكردية فإن القبول بمشاركاتها كان لتحقيق أهداف وغايات حزبية ولترجيح كفة هذا الحزب الكردي على ذاك من خلال استغلال وجودها (بروتوكولياً) كشمّاعة كاذبة  لمساواةٍ وهميّة تنخدع بها المرأة، وللحصول على أكبر قدر ممكن من الأصوات جماهيرياً، حيث يكون صوت المرأة مسموعاً في الساحات الانتخابية ومخنوقاً ومكبوتاً في الوقت ذاته خلف الأبواب الموصدة، فهذا يعني بأنّ هذه الحرية السياسية الممنوحة للمرأة ليس اقتناعاً بدورها في بناء أي مجتمعٍ مدني وتطويره، وانتخابات المجلس الوطني الكردي (للنساء المستقلات) في سنوات الثورة (2012و 2014) وانتخابات اللجان المنطقية والمركزية ضمن الأحزاب الكردية نفسها هي خير دليل يدعم صحة هذا الكلام، وما رافق ذلك من ضغائن وتنابذ وسجالات كلامية دون أن تمسّ تلك الانتخابات جوهر العمل السياسي الذي يعني الوصول إلى شاطئ الديمقراطيّة والسلام بروح الجماعة الفذّة.

ويتّضح من خلال هذه العملية بأنّ المرأة تبقى هي الضحية لأنها قَبِلت بأن تلعب دور الضحية والجانية على نفسها في آن واحد.

أمّا بالنسبة للمرأة المستقلة فإنّها تبقى خارج نطاق العملية السياسية إلى أنْ تُبدي ولاءها لجهة حزبية معينة أو طرفٍ كرديٍّ محدّد ليتمّ دعمها جماهيرياً، أي أنّ المرأة الكردية حتى الآن لا تملك شخصية مستقلّة في اتخاذ أي قرار أو عرض أي مشروع سياسي أو مدني قبل تمريره على طاولة الأحزاب السياسية. فنضال المرأة الكردية بقي منذ عقود متعلّقاً بوجودها القومي فانصهر كل نضالها في بوتقة العمل على الاعتراف الحقيقي بإثبات وجودها الكردي كأمّة وشعب وليس كفرد، وبذلك كان من الصعب عليها البحث عن كينونتها الشخصيّة في ظلّ غياب الدولة الكردية التي تحلم بها.

ومقارنةً بمجتمعٍ آخر مؤمن بالديمقراطية ومتطور في بنيته الاجتماعية تترشّح فيه امرأة لرئاسة أعظم دولة في العالم، ويتم انتخابها لتصبح الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتّحدة الأمريكية في انتخابات الرئاسة لعام 2017 ويتم انتخابها بقناعة ليس لكونها أنثى وإنما لأنّها تمتلك امتيازات فكرية وثقافية وتتمتّع بإمكانيات تؤهلها لتولّي ذاك المنصب، يتجلّى وعيها في تقبلها للخسارة بالابتسامة لا بالانشقاقات الحزبية أو الحروب والتدمير كما في مجتمعاتنا، وقد أكّدت ذلك تلك المرشّحة (هيلاري كلنتون) علناً أمام الإعلام المرئي والمسموع في اليوم الثاني لظهور نتائج الانتخابات وهي تكشفُ عن هزيمتها في الانتخابات، بقولها:

“إنّ الديمقراطية تفرض الانتقال السلمي للسلطة” وفي قولها لبنات جنسها:

“أنا فخورة بأن أكون بطلةً للنساء اللواتي وثقن بي” وفي تقبلها للنتيجة أيضاً تقول: “الإخفاق هو جزء من الحياة ويجب علينا الدفاع عمّا نؤمن به”.

فبحسب قناعات “كلنتون” فإنّ المرأة يجب عليها أن ترضى بالإخفاق في كلّ نضال تقوم به، على ألا تتراخى أو تتقاعس في الدفاع عما تؤمن به وعمّا هو لها ومن حقّها، وهذا ينطبق على كل النساء في كل بقعةٍ من العالم. وهي تعبر عن هذه القناعات رغم أنها تعيش في دولة توصف بـ “الشيطان الأكبر” عالمياً.

2ـ تحديات اجتماعية:

ـ من الناحية الاجتماعية:

إنّ العلاقات الاجتماعية السائدة في أيّ مجتمع يترك للمرأة بصمة ومكانة في ذلك المجتمع حسب نوعية تلك العلاقات ومدى تفاعلها وتفعيلها، وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى تطور البنية الاجتماعية العامة أو تخلّفها عن ركب الحضارة، فالمجتمعات الشرقية المتخلفة، مثلاً، عادةً ما تكون المرأة فيها سلعة يتم تبادلها ومقايضتها، كأن يزوج الأب ابنته لقاء زوجة له أو الأخ كذلك، أو يطلب لقاء تزويجها مهراً خيالياً ليكون في (مقدمه ومؤخره) ضمانة ومكانة لابنتهم ـ حسب اعتقادهم ـ لعدم تطليقها من زوجها وحفاظاً على استمرارها معه كورقة ضغط في صفقة تجاريّة، ولكنّ ذلك لا يمنع الزوج الثري من الإتيان بزوجةً ثانية وثالثة ورابعة، أو أنّه يسعى لتعنيف تلك الزوجة في أضعف الحالات لأنّه يُجيز لنفسه حرية التعامل معها كونها كلّفته ثمناً باهظاً في شرائها، فنحن إذاً نقدم للمجتمع مبررات ووسائل كافية لإبقاء العنف قائماً ضدّ المرأة وإبقاء التخلف مباحاً فيه.

وهذا لا يقاس منطقيّاً بالمجتمعات المتقدّمة التي تعي أهميّة المرأة ودورها الفعّال في تعزيز البُنى الأساسيّة لذلك المجتمع بدءاً بالأسرة وانتهاءً بالدولة مروراً بكافة أصعدته الفكرية والثقافية والسياسيّة والاقتصادية لإعادة تكرير مجتمع ليغدو صحيحاً من الناحية الحضارية.

ـ أمّا من الناحية التربويّة:

فالأسرة هي الخلية الأولى والقاعدة الأساسية للشكل الهرمي للمجتمع، والأبوين هما المسؤولان المباشران عن تعنيف المرأة منذ طفولتها أو عدمه والكفيلان بتحقيق مبدأ المساواة بين الذكر والأنثى من الأبناء والبنات في الحقوق والواجبات وفي عدم تفضيل الذكر على الأنثى في المقتنيات والحاجيات.

فالدور الذي ينبغي على المرأة أن تلعبه هو التعاون والشراكة بينها وبين الرجل في الحفاظ على هذه الخلية، وذلك بتربية أبناء الأسرة تربية سليمة بعيدة عن القمع والاضطهاد، لأنّ العنف يولّد العنف ويفرز نفسه من جديد عبر الأجيال في أيّ مجتمعٍ مكبوت، فنجد بذلك صعوبة في الحصول على مجتمع صحيح معافى من العنف المجتمعي، إن لم يساهم كلّ من الرجل والمرأة معاً في تقاسم أداء الأدوار المنوطة بهما.

ولكن بما أنّ الرجل يجسّد الموروث الاجتماعي الذي عاش فيه، فإنّه لن يتمكّن من ممارسة الحرية أو حتى المناداة بها ما لم يتحرر من سطوة السلطة التي تعلوه (السلطة الحاكمة للدولة) والتي تقمعه وتقمع المرأة أيضاً بأشكالٍ شتّى سواء بسواء، وهذا التحّرر يحتاج إلى نظام ديمقراطي مدني لا ديكتاتوري قمعي، عندئذٍ تكون الدولة مسؤولة عن حرية المواطن (رجلاً كان أم امرأة) وفق قوانين وقرارات دستورية تسنّها وتضمن حقوق المواطنة والمساواة بين أفرادها دون تمييز بين الجنس واللون والعرق والديّن.

والمرأة الكرديّة في المجتمع الكردي يُوكل إليها الكثير من المهام كالبيت وتربية الأولاد والاهتمام بدراستهم وتحمل كلّ أعباء الأسرة، وحدها دون مشاركة الزوج، وهي وحدها من تتحمّل نتائج فشل الأولاد أو أخطاءهم ولا سيما البنات عند حدوثها ويتمّ لومها وتقريعها، في الوقت الذي يتمّ توجيه الثناء والمباركة للأب فقط في حال نجاح الأولاد وتفوّقهم؛ فمجتمعٌ كهذا هو بالضرورة مجتمع مريض متخلّف بحاجة إلى توعية جذرية وإعادة تكرير فكري من الداخل وتعزيز فكرة أهمية المرأة ودورها الفاعل في تقدّم المجتمع الناشئ وتطويره.

وغالباً ما يكون للمرأة الدور الأكبر في هضم حقها بنفسها، وذلك ينعكس على سلوكها وتعاملها مع مثيلاتها من بنات جنسها، فتكون مُساهِمة مع الرجل والمجتمع في قمع ابنتها أو أختها داخل الأسرة أو توجيه العيوب لقريناتها أو جاراتها، إمّا إرضاءً ورضوخاً لذلك المجتمع الذكوري وخوفاً منه، أو غيرةً من نساءٍ متفوقاتٍ عليها فكرياً وثقافياً ومستقلات اقتصادياً.

لذا فالتوعية ضرورية حتى تتمكن المرأة من ممارسة دورها بحرية، وإلا فنضالها أمام هذا التحدّي الاجتماعي سيكون أشبه بظامئٍ يسبح في بحرٍ من الرمال بحثاً عن ماءٍ يشربه.

وهنا يأتي دور المنظمات والحركات والجمعيات النسائية في نشر ذلك الوعي المشترك بين الرجل والمرأة وتلك الثقافة المجتمعيّة من خلال إبراز دور الرجل والمرأة معاً في بناء الخلية الأولى بناءً رصيناً دون إخلال أيٍّ منهماً بدور الآخر في ذلك البناء.

3ـ  تحديات دينية وقانونية:

المرأة الكرديّة في سوريا هي واحدة من النساء السوريات اللاتي عانينَ القهر والظلم الاجتماعي والديني والاقتصادي والسياسي وذُقن مرارة التحكّم بمصيرهنّ، واعتبرت المرأة قاصرة سياسياً ولا تصلح للقيادة وهذا استناداً إلى أحاديثٍ نبوية موضوعة ومشكوكة في نسبها إلى النبي (ص) مثل (لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة)[13]، وكذلك الآيات التي يستنبطها مفسرو الدّين كما يحلو لهم مثل “للرجال عليهنّ درجة”، أو الآية “إنّ الله خلق المرأة في المقام الثاني بعد الرجل ومنه ولذلك فهي أقلّ شأناً”[14].

وكان الدستور السوري أيضاً منذ وضعه مساهماً في زيادة الطين بلّة من حيث التقليل من شأن المرأة بتأييده للظلم الواقع عليها من خلال إقرار قوانينٍ مستوحاة من الأعراف الاجتماعية المهترئة القائمة على نظام العشائر أو المستندة أيضاً من النصوص الدينية التي يستغلّها المفسّرون، وبذلك يتّضح خبث النظام المستبد من خلال تجنّب سخط وتأليب المجتمع العشائري والدّيني عليه ليضمن ولاءهم وطاعتهم له بما يخدم بقاء عصاه قائماً على رقاب الشعب حتى لو كان ذلك على حساب إنسانية المرأة.

فالدولة مسؤولة عن حرية المرأة وأمامها لأنّها هي من تسنّ قوانين وشرائع تقوّي سلطة الذكر على المرأة وتبرّر أفعاله دستوريّاً مثل (تخفيف جرائم الشرف، والقوانين التأديبية كإجبار الزوجة على الامتثال لأوامر الزوج من خلال الإخضاع لبيت الطاعة وغيرها).

وكثيراً ما كان فقهاء وعلماء الدين يتحجّجون بحجج واهية ليبرّروا شرعية نصٍّ قرآنيٍّ أو حديثٍ نبويٍّ فيستشهدون بشخصيات نسويّة دينية في زمن الأنبياء والمرسلين لدفع النساء للاقتداء بهنّ بما يتوافق مع مصالحهم والتي تتوافق مع البلاط الرئاسي مثل (طاعة المرأة العمياء لزوجها، وحقّ الرجل في تعدّد الزوجات، ملازمة المرأة لبيتها، نصيبها من الميراث وفق الشريعة السماوية.. إلخ).

ولكن يتمّ تجاهل نصوص دينية أخرى تضمن للمرأة حقها وإنسانيتها وبالتالي يضمن مساواتها بالرجل على حدٍّ سواء مثل ” يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً ونساء”[15].

والآيات “المؤمنين والمؤمنات”، “الصابرين والصابرات”، “الصائمين والصائمات”، “القانتين والقانتات” وغيرها من الآيات الكريمة الواردة في القرآن الكريم.

وأمّا المرأة الكرديّة بالإضافة إلى هضم حقوقها الإنسانية من قبل المجتمع والقانون، فقد كانت تتلقّى الألم مرّتين في كثير من القضايا، كالميراث مثلاً، مرّة لأنّها مسلمة والمرّة الثانية لأنّها كرديّة، فالأعراف الكردية تفرض على المرأة التنازل عن نصيبها من الميراث لأخوتها الذكور أو والدها، وإن رفضتْ أو طالبتْ به فيُحكم عليها بالقطيعة عن الأسرة والعائلة وتبقى محرّمة على أخوتها ووالدها والعائلة، والمفارقة بأنّ الأم غالباً ما يكون لها الدور الأكبر في إجبار الابنة  على التنازل عن حقّها لأخوتها ووالدها.

فهكذا مجتمع متآكل كيف له أن يدافع عن قضيّةٍ كرديّة عامة ويطالب بحقّ تقرير المصير لأمّةٍ يناهز الأربعين مليون نسمة، طالما أنّه يقضم حقّ المرأة ويرفض مطالبها؟

3ـ تحديات اقتصادية:

يلعب العامل الاقتصادي دوراً هامّاً في بلورة شخصية المرأة ويحدّد سماتها في المجتمع كونها تمثّل “نصف المجتمع”، وعنصر فاعل في تطويره، كما أن الهجرة إلى العالم الغربي بعد ثورات الربيع العربي خفّفت من تعرض المرأة  الشرقية للعنف لأن القانون هو الفاصل بينها وبين الرجل في الدول المّهاجرة إليها، وهذا تفسيرٌ لزيادة نسب الطلاق بين الزوجين في الأعوام الأخيرة بين العائلات السورية المهاجرة بسبب استقلال المرأة الاقتصادي حيناً، وبسبب إنصاف القانون لها في تلك الدول حيناً آخر، ولكنّ من جهةٍ أخرى ولّدت هذه المساواة أسراً مفككة أثّرت سلباً على التماسك الأسري، فكأنّما كان هضم حق المرأة وصمتها أمام تعنيفها في وطنها قبل الهجرة؛ كان صمام الأمان للحفاظ على الروابط الأسرية المزيفة في كثير من الأحيان في بلدانها الأصلية.

بالإضافة إلى أنّ طبيعة النظم الاقتصادية في كل مجتمع تلعب دوراً بارزاً في تفاوت سبل التعامل مع المرأة واختلافه من نظام اقتصادي إلى آخر، فالنظم الاقتصادية التي تعتمد على الصناعات اليدوية التي تتطلب الجهد، تتعرض فيه المرأة للظلم لأنّ أجرها يكون أقل من الرجل مقارنةً مع النظم الاقتصادية القائمة على الآلة التي تلغي الفوارق بين الجنسين ولا تعتمد على جهد الرجل أو المرأة.

والنمط الاقتصادي يلعب دوره أيضاً في رسم شكل العلاقات بين الرجل والمرأة في الأسرة الشرقية حتى ضمن الأسرة الواحدة، وتحرير المرأة اقتصادياً كفيل باستقلاليتها وبالحدّ من العنف الواقع عليها في أغلب الأحيان.

وهذا ينطبق على المجتمع الكردي أيضاً، فنجد في بعض العائلات شكلاً من أشكال استقلالية المرأة كإدارتها للشؤون الاقتصادية لمنزلها؛ لكنها لا تحظى بدورها في اتخاذ القرار إلا إذا كانت منتجة ومستقلة اقتصادياً، عندئذٍ تكون قادرة على المشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بالأسرة، وإلا فإنّ الرجل غالباً ما يمتلك زمام الأمور المادية في الأسرة وله حرية التصرف فيها، ويكون هو صاحب القرار المصيري في كلّ الأمور الاقتصادية في البيت.

خامساً: الحركات والجمعيات والتنظيمات النسائية الكردية في سوريا[16]:

ككلّ مجتمع خاضعٍ لحركة التطور التاريخية وللصيرورة الاجتماعية والمدنيّة والفكريّة التي تتطلب مساهمة فعالة من المرأة في عملية التغيير والبناء، خضع المجتمع الكردي أيضاً لهذه الحركة التطورية حيث برزت أسماء نساء كرديات تفوقهنّ في نضالهنّ على الصعيدين الثقافي والسياسي في كلّ من سوريا والعراق وتركيا وإيران (كردستان المقسّمة).

و”المرأة الكردية لم تصل لهذه المرحلة من نيلها لحقوقها، ومشاركتها في صناعة القرار إلا بعد نضال طويل، فبرز أسمها في ثورات قديمة، كثورة أرارات 1930 حيث برزت (ياشار خانم) عقيلة الجنرال إحسان نوري باشا قائد الثورة، إلى جانب أسماء أخريات من عشيرة الجلالي، وفي انتفاضة ساسون 1925-1936، برز إسما (زاريا خانم علي يونس ورقية خانم علي يونس)، وفي عام 1946 كان لـ (مينا خانم) زوجة الشهيد قاضي محمد دور لا يستهان به في ترسيخ بنيان جمهورية مهاباد، وذلك عبر تأسيسها لاتحاد النساء الديمقراطي الكردستاني في مدينة مهاباد وحثها لزميلاتها في نشر الوعي والاطلاع بين النساء الكرديات، أما الأميرة روشن بدرخان فكان لها الدور القوي والفعال بين الأوساط الثقافية الكردية في دمشق ويعود لها شهرة ولقب أول امرأة تقرأ وتكتب باللغة الكردية – الأبجدية اللاتينية – وذلك عبر مجلة ”هاوار ” ووقوفها المتواصل إلى جانب زوجها الأمير جلادت بدرخان خلال مسيرته الثقافية، وكانت روشن من المؤسِّسات لجمعية ( إحياء الثقافة الكردية في دمشق 1954-1955 ) وأيضا نذكر (ليلى قاسم) التي أعدمها النظام العراقي في 13-5-1974 وغيرهنّ”[17].

وقبل الخوض في ذكر أسماء المنظمات والجمعيات النسائية الكردية في سوريا، لابدّ من إلقاء بعض الضوء على مجمل الجمعيات والمنظمات النسوية السورية، حيث أنّ سوسن رسلان في محاضرة لها بمدينة إدلب بتاريخ 26 شباط 2008، بعنوان (المرأة السورية منجزات وآفاق مستقبلية) أشارت إلى معظم الجمعيات النسائية في سوريا بعد أن قدمت نظرة تاريخية لواقع المرأة السورية ومساهمتها في بناء الوطن وتحقيق الاستقلال مؤكدة دورها الريادي في هذا المجال، دون أن تتطرق بأي شكل من الأشكال إلى وجود المنظمات النسوية الكردية من عدمه، كما لو أنّها في لا وعيها العميق تعتبر أن الكرديات لسنَ سوريات:

“الجمعيات النسائية في الوقت الحاضر: ‏ يأتي في مقدمة الجمعيات النسائية في القطر: ‏

الاتحاد النسائي العام: الذي تم إعادة هيكلته في العام 1967 وهو يمثل النساء ويدافع عن قضايا المرأة وقد قام بجهود كبيرة منذ تأسيسه وحتى الآن في تنمية المرأة ورفع مستواها الصحي والثقافي الاجتماعي. ‏

رابطة النساء السوريات: تأسست عام 1948 وتقوم بإعداد دراسات حول المرأة ومشاركاتها وخلال العقود الماضية. ‏

الهيئة السورية لشؤون الأسرة: أُنشئت عام 1993 وترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء.‏

مؤسسة مورد: وهي مؤسسة غير حكومية أُنشئت عام 2003 بدعم ورعاية من عقيلة السيد الرئيس السيدة أسماء الأسد وتهدف إلى تطوير وتفعيل مشاركة المرأة السورية في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وهي تمثل سيدات الأعمال السوريات اللواتي يعملن ويقمن في سورية وخارجها.‏

الجمعية السورية للنساء الكفيفات: تأسست عام 2007 وتهتم برفع مستوى للمرأة والفتاة الكفيفة اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً.‏

الجمعية الوطنية لتطوير دور المرأة وهي تعمل في مجال الدراسات الاجتماعية.‏

وهناك عدة جمعيات تعمل تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وهي تهدف إلى رعاية الفتيات وكفالة الايتام وغيرها”[18].

ومن الملاحظ مما ورد في المحاضرة بأنّ معظم النشاط النسوي الذي كان في أوجه في سوريا في ظل العهد الرئاسي الجديد كان مدعماً من عقيلة الرئيس، وقد اقتصر ذلك الدعم وتلك النشاطات على المحافظات والمدن الكبرى، ولم تلق محافظة الحسكة نصيبها من أيّة عناية من هذا النوع لا بل كانت كل الجهود من الجهات الرسمية آنذاك تنصب في وضع حصار شامل وخانق على المجتمع الكردي برمته لمنعه من القيام بأية نشاطات مجتمعية تثقيفية أو توعوية عامة.

وإذا أردنا كشف النقاب عن التنظيمات النسائية الكردية في سوريا قبل اندلاع الثورة السورية، والتي كانت تعمل بشكلٍ سرّي فإنها لم تكن تُعدّ على أصابع اليد، فالسلطة الديكتاتورية الحاكمة كانت لا تسمح بقيام المرأة الكردية بأي نشاطٍ مدنيٍّ أو سياسي، وكانت تتعامل مع هذا الأمر بقبضةٍ من حديد، فإذا كانت تلك المرأة لا تحظى بأيّة حرية اجتماعية أو اقتصادية فكيف يمكنها التفكير بالنشاط السياسي أو المدني؟ وإن وُجدتْ فستكون إمّا من عائلة ارستقراطية غنية تهتم بالعلم والفكر والثقافة مثل الأميرة والكاتبة (روشن بدرخان) أو منتمية لحزب كردي محظور يعمل بشكلٍ سرّي ولها في الحزب نفسه شخصيات مسؤولة تعتمد عليهم في تحركاتها.

ناهيك عن أن العاملَين الاجتماعي والاقتصادي المتردّيين كانا يمنعانها من مزاولة النشاط المدني أو التوعوي.

1ـ المنظمات والجمعيات النسوية التي تأسست قبيل الثورة السورية:

منظمة المرأة الكردية الحرة:

منظمة مستقلة تأسست في قامشلو عام 1994بهدف تفعيل دور المرأة في المجتمع وتمكينها ثقافيّاً واجتماعيّاً وسياسيّاً من خلال الندوات والورشات التدريبية، التي كانت تُقام بشكلٍ سرّي، وتوقفّت المنظمة عن العمل بسبب المضايقات الأمنية، ولكنّها استأنفت نشاطها بعد الثورة السورية (وسنأتي على ذكرها لاحقاً في هذا البحث)

جمعية المرأة الكردية:

وقد أسّستها الدكتورة والناشطة ميديا محمود في قامشلو عام 2006، ولكنّ الجمعية لم تدم طويلاً حيث تمّ إيقاف نشاطها لأسبابٍ أمنية.

جمعية النساء الكرديات السوريات:

أسّستها مجموعة من النساء الكرديات ومن بينهنّ الدكتورة ميديا محمود عام 2011، ولكنها تم وأدها في مهدها بسبب الالتفافات بين العضوات داخل الجمعية نفسها.

لكن ينفرد تنظيم “اتحاد ستار” بإبراز تبعيته (بشكلٍ علني) لحزبٍ كرديّ على اختلاف الجمعيات والمنظمات النسائية الأخرى التي تحرص على الحفاظ على سريّةِ لا بل وإنكار تبعيتها لحزبٍ معيّن بغية الحصول على أكبر دعم جماهيريٍّ ممكن.

ـ اتحاد ستار: (Yekîtiya Star)

وهو تنظيم تابع لحزب الاتحاد الديمقراطي(PYD) تأسس الاتحاد في 15/1/ 2005 وتُبيّنُ هدية علي يوسف، القيادية في تنظيم اتحاد ستار وفي لجنة العلاقات الداخلية والخارجية، سبب تأسيس الاتحاد وضرورته قائلة:

“تأسس الاتحاد على وضعية النضال الذي دام لسنين لتجميع قوة وطاقات النساء الكرد في إثبات جهودها كجنس لها الحق في الحياة كالرجل وأنّه يتوجّب عليها أن تكون لها المكانة التي تليق بها في المجتمع الإنساني وحق القرار وتقرير المصير”[19].

وعن أهداف هذا التنظيم تُضيف هدية يوسف: “يهدف التنظيم إلى بناء المجتمع الديمقراطي الإيكولوجي التحرري الجنسوي في غربي كردستان سوريا، وإزالة كافة أشكال اللامساواة النابعة في العلاقة المبنية على أساس الملكية بين الجنسين، ومناهضة ثقافة الاغتصاب المطبقة بحق المرأة والمجتمع. ويهدف إلى توعية وتنظيم النساء من النواحي الاجتماعية والسياسية والحقوقية والاقتصادية، ذلك لإعادة بناء مجتمع سياسي أخلاقي حرّ. كما يهدف إلى حلّ القضيّة الكردية بالسبل الديمقراطية ضمن إطار مشروع الإدارة الديمقراطية وتنظيم المرأة بشكل مستقل وبالتالي الوصول إلى بناء النظام الكونفدرالي للمرأة وترسيخ إيديولوجيّة المرأة في المجتمع.

يعتمد التنظيم على السبل الديمقراطية في كل فعالياتها ونشاطاتها وتهتم بالكمّ والنوع في الوقت نفسه، وهي تمثّل كل الشرائح النسوية في المجتمع، ويعمل التنظيم على احتضان كل النساء بغض النظر عن قومياتهنّ أو معتقداتهنّ أو انتماءاتهنّ، فالأسلوب الديمقراطي هو الأساس في الانتخابات الإدارية للتنظيم”[20].

أما عن الهيكلية التنظيمية لاتحاد ستار فتتدرّج هدية يوسف بهيكليته من الأدنى إلى الأعلى بشكلٍ تصاعدي قائلة:

“تتشكّل هيكلية اتحاد ستار من القاعدة النسوية حيث تبدأ من الأدنى إلى الأعلى:

أولاً: الكومون النسائية: وهي التنظيم الذي يمثل الشارع أو القرية المعنية أو الحي، وهي تمثل الشكل العملي في اتخاذ القرارات الأساسية المتعلقة بالجوانب الحياتية كالاقتصاد والشؤون الاجتماعية والسياسية والثقافية والصحية والتعليمية والدفاع الذاتي.

ثانياً: المجلس النسائي في المدينة أو المنطقة: يتألف من ممثلات الكومونات، ويقوم بمناقشة القضايا المتعلقة بالمرأة والمجتمع، وصلاحيات المجلس بناء الكومونات والمؤسسات واللجان الاجتماعية والتعليمية والحقوقية والثقافية والفنية والصحيّة.

ثالثاً: الهيئة التنسيقية للمجلس النسائي في المدينة أو المنطقة: يقوم المجلس بانتخابها لتقوم بمتابعة القرارات التي يتّخذها المجلس المعني، ويقوم بإعطاء التوجيهات للجان والكومونات التابعة لها، وتقدّم تقارير عملها للمجلس النسائي في المكان المعني وتكون مسؤولة أمامه.

رابعاً: مجلس اتحاد ستار العام: هو الجهاز التشريعي الأعلى الذي يتّخذ القرارات المتعلّقة بالنساء والمنظمات في بنية اتحاد ستار، ويتشكّل من العضوات المرشحات للمجلس من قِبل المجالس المحليّة والمنظمات والقاعدة النسائية عن طريق الانتخابات في كافة المناطق، ويعقد اجتماعه الدوري سنويّاً ويرسم سياسات تنظيم اتحاد ستار ويحدّد مساره وهويته التنظيميّة ويقوم بانتخاب الهيئة التنفيذية العامة لمجلس اتحاد ستار، ويتشكل من 100 عضوة يجري انتخابهنّ كل عامين مرّة.

خامساً: الهيئة التنفيذية: هي الجهاز التنفيذي الأساسي لمجلس اتحاد ستار العام، ويجري انتخابها من قِبل المجلس ومن عضواته، وهي مسؤولة أمام المؤتمر العام والمجلس لتنفيذ القرارات المتّخذة، وتراقب النشاطات على أرض الواقع وتوجّه وتنظّم اللجان المتشكّلة لهذا الغرض. تعقد اجتماعها الدوري كل ستة أشهر وتنتخب الهيئة هيئةً عليا فيما بينها لمراقبة الأعمال.

سادساً: المؤتمر العام: هي أعلى سلطة قرار في اتحاد ستار، يعقد المؤتمر العام للمجلس كل سنتين مرة بانضمام ثلثي العضوات على الأقل، ويقوم المؤتمر بتعديل أو قبول ميثاق الاتحاد ووضع المخطط السنوي وتحديد التوجيهات المناسبة للعمل التنظيمي للاتحاد، ويأخذ قراراته بالأغلبية الساحقة، كما يتّخذ مبدأ السريّة في التصويت والعلنيّة في فرز الأصوات، ويتمّ الفرز من قِبل لجنة الانتخابات المنتخبة في جلسة المؤتمر”[21].

2ـ التنظيمات والحركات والجمعيات النسوية التي تأسست في أعقاب الثورة السوريّة:

إبان الثورة السورية شعرت المرأة الكردية بضرورة تنظيم قواها من جديد للقيام بدورها التاريخي في عملية التغيير والنهوض ولا سيما بعدما وجدت متنفسّاً لها في البداية للتحرر من وطأة الأجهزة الأمنية، فتأسست منظمات واتحادات وجمعيات نسائية كثيرة وفي مقدمة تلك المنظمات برزت منظمة نسوية سعت لتحقق آمال المرأة الكردية في كردستان سوريا، وهي:

منظمة الاتحاد النسائي الكردي في سوريا (Hevgirtina Jinên Kurd Li Sûrîyê):

وهي منظمة غير حكومية مستقلة انطلقت شرارتها الأولى في ديرك (المالكية) في محافظة الحسكة بتاريخ 13/2/ 2012 وتُعد أولى المنظمات الكردية النسوية التي تأسست في سوريا بعد الثورة، حيث عُقد مؤتمرها التأسيسي الأول في ديرك 17/7/2012، وموقعها على الفيس بوك: (الاتحاد النسائي الكوردي في سوريا Hevgirtina jinên kurd li Sûriyê)

وقد تفرّع الاتحاد في كافة المناطق الكردية في محافظة الحسكة وأصبح له إمتداد وفروع في عفرين وكوباني ودمشق، وقد استمرّ ممارسة نشاطاته ومازال حتى الآن وأصبح للاتحاد فروعاً في أوروبا وخاصةً بعد زيادة الهجرة في 2016 و 2017 و 2018. ومن أهم أهداف المنظمة:

ـ رفع الغبن والظلم عن كاهل المرأة الكرديّة وتحريرها من قيود العادات الاجتماعية والتقاليد البالية توعيتها وتثقيفها.

ـ تحقيق المساواة بينها وبين الرجل في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ـ ترسيخ دور المرأة الكردية الريادي سياسياً لتكون عنصراً مشاركاً مع الرجل في خلق حياة مدنية ديمقراطية وتوثيق حقوقها دستوريّاً وقانونيّاً.

ـ إتاحة الفرصة للمرأة لإبراز دورها في المجتمع وتفعيل قدراتها وطاقاتها وإمكاناتها تعليمياً ومهنياً لتحقيق مبدأ الاستقلال الاقتصادي الذاتي لها، ولتحقيق وطن متقدّم يتساوى أفراده في الحقوق والواجبات دون تمييز بين الجنسين.

وقد قامت المنظمة بالكثير من النشاطات التي لاقت استحساناً لدى المجتمع الكردي بشكل عام والنسوي بشكلٍ خاص بعد عقد مؤتمرها التأسيسي الأول في 17/7/2012 منها:

1ـ تشكيل لجان صاغها دستور الاتحاد الذي تمّ وضعه في مؤتمره التأسيسي الأول وضمّت تلك اللجان جميع المجالات: (لجنة العلاقات العامة، اللجنة القانونية، اللجنة الإعلامية، الطبية، الاجتماعية، لجنة أمانة السرّ، اللجنة المالية، اللجنة الشبابية وغيرها). لتتولّى كلّ لجنة القيام بدورها الفاعل لإثبات رغبة المرأة الملحّة في الارتقاء والمطالبة بحقوقها في كافة المجالات.

2ـ إقامة عدّة معارض فلكلورية للتعريف بالتراث الكردي والتذكير به في معظم فروع الاتحاد في مناطق تواجده.

3ـ إقامة ندوات ومحاضرات طبية للأمراض المزمنة ومحاضرات طبية لمعالجة الحروق والجروح الناتجة عن الحروب وأيضاً كيفية طرق الوقاية من الغاز الكيماوي باستخدام أدوات يدوية الصنع، بالإضافة لندوات تثقيفية عن أمراض النساء وتوعية المرأة المتزوجة والأم الحامل والمرضعة وتزويدها بالمعلومات عن الزواج والإنجاب والأمومة.

4ـ إقامة دورات تعليمية لتعليم اللغات (الكردية والإنكليزية والفرنسية) لكافة الأعمار كل ثلاثة أشهر، ودورات المناهج لطلاب المراحل الانتقالية بإشراف مدرسين مختصين، ودورات لتعليم المهن كالخياطة والتطريز وحياكة الصوف والحلاقة النسائية والتمريض لتمكين المرأة مهنيّاً، والمشاركة في ورشات التدريب وتنفيذ مشاريع صغيرة مع منظمات المجتمع المدني الأخرى.

5ـ توزيع مساعدات إنسانية مالية من تبرعات عضوات الاتحاد للمحتاجين من ذوي العاهات وذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك توزيع سِلال غذائية على الفقراء من أهالي مدن ديرك وقامشلو وكركي لكي وغيرها.

6ـ القيام بحملات مدنية لتنظيف الشوارع وزرع الأشجار انطلاقاً من نشر ثقافة حماية البيئة والحفاظ على جمالية البلدة، كتنظيف شوارع قامشلو والمشفى الوطني في ديرك (انموذجاً).

7ـ إقامة حفلات سنويّة لتكريم المتفوقين من طلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية في كل مدارس ديرك العامة والخاصة لكافة مكونات المنطقة دون تمييز وكذلك تكريم أمهاتهم بهدايا رمزية، وإقامة حفلات سنوية للمناسبات القومية، فضلاً عن إقامة حفل سنوي بمناسبة تأسيس الاتحاد في الثالث عشر من شباط من كل عام.

8ـ القيام بالكثير من المشاريع الصغيرة مع منظمات مدنيّة أخرى، مثل مؤسسة (البدائل) المدنيّة، وتلقيها الدعم المعنوي من المنظمة النرويجية (PAO) بتكريم الهيئة الإدارية للاتحاد، بالإضافة إلى حضورها ومشاركتها الكثير من الورشات التدريبية عن المرأة والطفل.

ومن أهم النقاط الإيجابية التي تميّز بها الاتحاد النسائي:

ـ اتّبع الاتحاد سياسة الحياد والاستقلالية في أي قرارٍ تتخذه رغم أن المنظمة تضمّ الكثير من النساء الكرد من اتجاهات فكرية وحزبية وعقائدية متعددة ومختلفة.

ـ جمع الاتحاد كل الفئات العمرية بين عمري (16ـ 55 سنة) وبدا الإقبال كبيراً للانتساب للمنظمة كونها المنظمة النسائية الكردية الأولى منذ بدأت الثورة السورية والتي شملت جميع النساء الكرد من كافة الاتجاهات والأعمار.

ـ انتشار أهداف الاتحاد في كافة المناطق الكردية بدءاً من ديرك (المالكية) وحتى عفرين مروراً بكافة مناطق محافظة الحسكة كركي لكي(معبدة) وجل آغا(الجوادية) تربه سبي (القحطانية) وقامشلو(القامشلي) ودرباسية وعامودا وتل تمر وانتهاءً بسري كانيه (رأس العين) بالإضافة إلى افتتاح فروع لها في (الشيخ مقصود) بحلب، زورآفا (وادي المشاريع) وحي الأكراد (ركن الدين) بدمشق.

ـ تضمّن الاتحاد الكثير من النخب الثقافية والعلمية من ذوي الكفاءات والاختصاصات (الطبية والقانونية والأدبية والإعلامية والتربوية والتعليمية) إضافة إلى أنّ الاتحاد ضمّ الكثير من النساء من ذوي المهارات اليدوية الشعبية.

ـ الاعتماد المادي للاتحاد بقي على اشتراكات كوادره ومساعدات عضواته الشخصية ومساهماتهنّ الطوعية الذاتية دون أي دعم مادي من أيّة جهة.

ـ للاتحاد ممثليّة في المجلس الوطني الكردي وفي الأمانة العامة للمجلس نفسه.

لكنّ المنظمة لاقت تناقصاً في عدد أعضاءها، بسبب تدخلات بعض الأحزاب الكردية واستمالتها لبعض عضوات الاتحاد للانضمام إلى صفوفها، وقد ظهر ذلك بشكلٍ جليٍّ في انتخابات المجلس الوطني الكردي للنساء المستقلات في عامي 2012و2014 السالفة الذّكر، ومن جهة أخرى فقد سببّت الهجرة المتزايدة من البلد نتيجة سوء المستوى الأمني والمعيشي والتعليمي في المناطق الكردية منذ عام 2016 تناقصاً نسبيّاً في عدد أعضاء الاتحاد.

ولكنّ القشّة التي قصمت ظهر الاتحاد في هذا التناقص كان في المضايقات التي سببتّها الإدارة الذاتية (PYD) لأعضاء الاتحاد والتي انتهت بإغلاق الإدارة الذاتية لمكاتب فروعها في كلّ مناطق تواجدها، أسوةً بإغلاقها لمكاتب المجلس الوطني الكردي كون الاتحاد لها ممثلية في المجلس وإغلاق المكاتب الحزبية الكردية أيضاً بحجة عدم ترخيصها من قِبلهم.

ولكنّ تلك الإجراءات وغيرها التي استهدفت المنظمة قد ذهبت هباءً، بجهود النساء المستقلات والغيورات على الاتحاد ليحافظنَ على استقلاليته وإبقائه منبراً مدافعاً عن حقوق المرأة واستقلاليتها ومنعها من الاستغلال، بعدئذٍ لجأت بعض الأحزاب الكرديّة إلى خيارها الوحيد لإحداث فجوة في داخل الاتحاد النسائي وهو تأسيس منظمات نسائية رديفة ومنافسة لها واستقطبت النساء الحزبيات من داخل الاتحاد النسائي الكردي بعد أن قدّمت الدعم المادي اللازم لهنّ وأغرتهنّ بالانسحاب من الاتحاد والانضمام للمنظمات الجديدة التي شكّلتها.

والجدير بالذّكر أنّ تلك المنظمات الوليدة لم تَدُم طويلاً أو بقيت هشّة لأنّها لم تكن مبنيّة على أسس وأهداف راسخة للدفاع عن المرأة وحقوقها ورفع مستواها في كلّ المجالات، أي أنّ وجود المرأة الكرديّة في تلك المنظمات الرديفة لم يكن لتمكينها لبلوغ أهدافها المرجوّة في نيل حقوقها وتحررها سياسيّاً واجتماعيّاً واقتصاديّاً وفكريّاً بل كانت تُستغل لتحقيق غايات حزبية لا أكثر، ولضمان تحصيل صوتها لكسب رقم حسابي أو كرسي في الانتخابات السياسيّة، وللأسف فقد قَبِلت المرأة الكردية، وبمحض إرادتها، بأن تكون بيدقاً على رقعة المؤامرات السياسيّة ولقمةً سائغة في أفواه من ينهشون كيانها المستقل.

وقد برزت الاتحادات والتنظيمات والجمعيات النسائية بعد أن لمع اسم الاتحاد النسائي الكردي في سوريا كأول منظمة نسائية بعد الثورة السورية في الساحة الكردية ومن هذه المنظمات:

الاتحاد النسائي الكردي في سوريا ـ رودوز:

وهي النسخة الكربونية للاتحاد النسائي الكردي في سوريا. قامت بها ثلّة صغيرة من النساء المنشقات عن الاتحاد النسائي الكردي في سوريا بإدارة نجاح هيفو سنة 2015، لدواعٍ شخصيّة ومنافع خاصة. بعد أن رفضتْ قرارات الاتحاد في الكوانفرانس الذي انعقد في قامشلو في العام نفسه لأنه لم يحقق منافعها الشخصية، وقد سُميَتْ هذه المنظمة بـ (النسخة الكربونية) لسببين:

1ـ لأنها حملت اسم المنظمة نفسه (الاتحاد النسائي الكردي في سوريا) وأهدافها ومنطلقاتها.

2ـ لأنها أبرزتْ نفسها بشعارها الدائري نفسه المحتوي على أشكالٍ لنساء مرسومة ولكن بخلفيةٍ زرقاء بدلاً عن اللون الأصفر الذي يمثّل أحد ألوان العلم الكردي الأربع (الأخضر والأحمر والأصفر والأبيض) والذي يتضمّنه شعار المنظمة الرئيسي.

وقد كانت إدارة الاتحاد النسائي الكردي في سوريا (المنظمة الرئيسية) قد طلبت من نجاح هيفو تغيير اسم منظمتها وعدم انتحال اسم الاتحاد أو تمثيله في أي مكان وزمان تحت طائلة المسؤولية.

 اتّحاد نساء كردستان ـ سوريا Yekitia jinen kurdistana suriye)):

منظمة نسائية تأسست في ديرك بتاريخ 25/12/2012 وعقدت مؤتمرها الأول في القامشلي بتاريخ 8/2/2014 ومن أهم أهدافها:

ـ العمل على دمج المرأة في عملية التنمية الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية.

ـ جعل نسبة من النساء في مواقع صنع القرار.

ـ توعية المرأة بحقوقها وواجباتها والدفاع عن حقوقها ونشر الوعي القانوني في الوسط النسائي.

ـ إعداد البرامج والمشاريع التدريبية لتأهيل المرأة كعضو أساسي في بناء الأسرة والمجتمع.

ومن النشاطات التي قامت بها المنظمة:

ـ فتح دورات تعليمية مهنية ثقافية للمرأة، تنفيذ مشاريع صغيرة.

ـ مشاركتها في الورشات التدريبية للمنظمات المدنية على نطاق المشاركة والتدريب.

ـ مشاركتها في كافة النشاطات المدنية والسياسية في المنطقة، ندوات ثقافية وجلسات حوارية ومحاضرات في جميع المجالات وبمواضيع مختلفة.

وتكمن نقاط القوة والضعف في المنظمة: فالقوة تكمن في كثرة الأعضاء وبخبرات وشهادات جامعية والتي تشكّل دعماً ومساندة على الصعيد الثقافي، كما يتضمّن الاتحاد الفئة العمرية التي تتراوح بين 18ـ50 سنة، أما نقاط الضعف فتكمن في الصعوبات المعيشية والاجتماعية.

وقد أثّرت الهجرة أيضاً في تناقص عدد الأعضاء وإغلاق مكاتبها أسوةً بكل مكاتب منظمات المجتمع المدني والمكاتب الحزبية التي لم ترخّص لها الإدارة الذاتية ولكن نشاطات المنظمة بقيت مستمرة وإن كانت محدودة.

وتعتبر المنظمة المرأة أساساً للمجتمع المدني ولابدّ لها لعب دورها وإثباتها كشريكة في صنع القرار وتفعيلها في المنظمات المدنيّة والسياسة والاقتصاد لأنّ الديمقراطية ـ من وجهة نظر المنظمة ـ لا تتحقق بدون المرأة.

شبكة المرأة السوريةـ نساء شمس (ٍSyrian Wome’S Network):

منظمة غير حكوميّة تأسست في 26/12/2014 وهي تضم شخصيات ومنظمات ديمقراطية غير حكومية مستقلة تعمل على المساواة بين الجنسين وعلى ترسيخ مبدأ الديمقراطية وحقوق الإنسان والسلم الأهلي وتحقيق العدالة الانتقالية ومشاركة المرأة في صنع القرار في سورية المستقبل، وتشكيل قوة فاعلة في عملية التحول الديمقراطي نحو سوريا مدنية ديمقراطية حرّة موحدة ذات سيادة، وتكون دولة المواطنة متساوية دون أي تمييز على أساس الجنس أو الدين أو القومية أو الإثنية أو الاعتقاد أو الثروة أو الجاه.

وتعتبر هذه الشبكة أنّ سلطة القانون هي السلطة العليا التي تكفل حق المساواة بين أفراد الشعب الواحد كما تعمل على التشبيك مع المنظمات والمجموعات ذات الأهداف المشتركة بهدف تمكين المرأة على كافة الأصعدة.

شبكة المرأة الديمقراطية Demcratic Woman Network)):

تأسست بتاريخ 14/3/2012 في قامشلو وانعقد مؤتمرها الأول فيه. ومن أهم أهدافها:

ـ تأهيل وتثقيف وتحرير المرأة وتمكينها على كافة الأصعدة الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

ـ نشر ثقافة المجتمع المدني وحقوق الإنسان والتنمية البشرية عبر ورشات تدريبية وندوات تثقيفية من خلال منظمات قانونية ومدنية.

ـ تطوير المجتمع وتكريس مبدأ (الجندر)[22] والمساواة الحقيقية والعدالة الاجتماعية.

ـ تأمين الحماية والرعاية الكاملة للنساء والأطفال من الفئات المتضررة استناداً إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمن المتحدة 1325 الصادر عام 2000

ـ بناء القدرات وخلق قيادة مجتمعية نسائية في مجال القيادة والإصلاح المجتمعي والتشاركية في حلّ النزاعات المتعلقة بالمرأة.

من أهم نشاطات الشبكة:

ـ مشروع “أزهار السلام” الذي دام ثلاثة أشهر بتدريب الشباب والشابات في ورشات تدريبية عن مفاهيم بناء وتعزيز وحفظ السلام برعاية مؤسسة “البدائل”،

وقد أغنت الدورة المحاضرات التثقيفية والندوات التنموية عن المجتمع المدني وحقوق الإنسان والتنمية البشرية والعدالة الانتقالية وفضّ النزاعات والجندر والمواطنة والسلم الأهلي والانتخابات والتجنيد الاجباري وتجنيد القاصرين والقاصرات والرّصد والتوثيق.

وتكمن نقاط القوة والضعف:

الإيجابيات: تمكين المرأة وتثقيفها بمفاهيم السلام والعمل والنضال والتربية والتعليم والتوعية والتنمية. وأمّا السلبيات: الضعف في الدعم المالي المقتصر على اشتراكات الأعضاء.

وتشمل الفئة العمرية الأكثر توافداً إلى الشبكة هي الفئة الشبابية بين 15ـ30 سنة، وتكمن أسباب التزايد في الانتساب للمنظمة ـ حسب رأي أعضائها ـ بأن المنظمة سورية تضم كافة مكونات المجتمع السوري من الكرد والعرب والسريان والأرمن والآثور.

وترى المنظمة ضرورة وجود منظمات المجتمع المدني النسوية لأنّ النساء دائماً من أنصار السلام ضدّ الحرب، وهي الوطن الذي يجعل الحياة جنة الدنيا.

كما ترى أنّ بإمكان المرأة أن تكون مركز القرار وصانعته ومنفّذته حين تتّسم بالوعي والثقافة والتحرر فكرياً، وعندها يمكن إطلاق صفة “المرأة الحرّة” عليها، ولابدّ من أن تتصف هذه المرأة بالتكنوقراطية أيضاً لتكون عنصراً فاعلاً في عملية التحوّل الديمقراطي.

 منظمة جيان للمرأة(Rêxistina Jiyan Ya Jinê):

تأسست في ديرك بتاريخ 8/3/2013 وفيه عقدت مؤتمرها الأول. ومن أهم أهدافها:

ـ دعم المرأة وإيجاد توفير فرص العمل لها، ودعم المرأة المتخصصة بتطوير كفاءاتها العملية وتطوير المرأة ثقافيّاً وسياسياً واجتماعياً.

ـ دعم المشاريع الصغيرة والورش لتأهيل المرأة وإيجاد مشاريع لدعمها اقتصادياً.

ـ إعطاء محاضرات عن طريق المؤتمرات المحلية.

ومن أهم نشاطات المنظمة:

ـ إحياء مناسبات كردية كمناسبة يوم الزي الكردي.

ـ إقامة حفلات كحفلة بمناسبة يوم الطفل العالمي، وحفل ترفيهي للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة بمناسبة رأس السنة الميلادية، نشاط ترفيهي صيفي للأطفال في منتجع عازار بديرك.

ــ توزيع سلال طبيّة (30) سلّة طبيّة على المرضى المحتاجين من أهالي ديرك.

ـ إقامة ورشات تدريبية لـ (لا للعنف ضدّ المرأة) دامت لثلاثة أشهر على شكل حملات توعية في القرى المحيطة بالمدن.  ومن أهم نقاط القوة التي تتمتّع بها المنظمة:

ـ دعم النساء وتطويرهنّ وتدريبهنّ بإرسالهنّ إلى عنتاب وبيروت لتلقي الورشات التدريبيّة.

ـ دعم المرأة والطفولة.

أما نقاط نقاط الضعف فهي:

ـ عدم وجود دعم وتمويل مادي ثابت تعتمد عليه، وعدم وجود مكتب خاص بها للعمل فيه.

ـ الإقبال على منظمة “جيان” ضعيف نسبياً وهذا يرجع إلى عدم شهرة المنظمة بين المجتمع كونها لا تمتلك مقراً لها ومعظم نشاطاتها تُقيمها في مكاتب المنظمات الأخرى.

والفئة العمرية الأكثر توافداً لها هي الفئة الشبابيّة بين 25ـ 35سنة أكثر أو أقل بقليل.

وترى منظمة جيان ككل المنظمات النسائية الكردية ضرورة وجود منظمات للمرأة لتحقيق العدالة الانتقاليّة ولتوسيع الأطر الثقافيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وكما ترى بأنّ المرأة لا بدّ لها من تطوير كفاءاتها وخبراتها العلمية والعملية للمشاركة في عملية صنع القرار السياسي، ولتكون (تكنوقراطياً) العنصر المناسب في المكان المناسب.

 جمعية المرأة الكردية في سوريا: آفرين Komela jina kurd li sûrîyê) AFERÎN:):

أعلنت الجمعية بيانها ‏التأسيسي في قامشلو بتاريخ ‏17 تموز 2012‏ومن أهم أهدافها:

ـ توعية المرأة الكردية وتنمية قدراتها وتطوير دورها الثقافي والاجتماعي، وتشجيعها للإسهام الفعال في جميع المجالات.

ـ تغيير وضع المرأة غير العاملة وتمكينها لتكون منتجة وفاعلة في المجتمع.
ـ إنجاز دراسات تحلل واقع المرأة الكردية وتساعد على تحديد معوقات التطور، ووضع
التصورات والبرامج المساعدة على تذليلها.

ـ تنفيذ نشاطات نظرية وتثقيفية وإقامة دورات عملية تأهيلية، إدارة مشروعات انتاجية صغيرة وتشكيل لجان للدراسات والاستشارات.
ـ توسيع وسائلها لتحقيق أهدافها تبعاً للظروف والإمكانات، وتوثيق علاقاتها مع المؤسسات والجمعيات التي تسهم في تحقيق أهداف الجمعية.
ومن أهم النشاطات التي حققتها المنظمة:

مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وسعي المنظمة إلى تسليط الأضواء على واقع المرأة الكردية، وضع برامج لتنظيم جهودها وإزالة المعوقات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها في أداء دورها بشكل متميز وتمكينها اقتصادياً.

 مبادرة نساء سوريات من أجل السلام والديمقراطية:

تضمُّ طيفاً واسعاً من نساء منتميات إلى قوى سياسية مختلفة مثل هيئة التنسيق الوطنية والمجلس الوطني وهنّ خليط من المؤيدين للنظام والمعارضة بمختلف الانتماءات والاعتقادات والمذاهب والأديان، وكان هناك مجموعة من النساء الكرديات انضممنَ لهذه المبادرة.

وتزامناً مع بدء المفاوضات في مؤتمر “جنيف3” في 2016، شاركت مجموعة من النساء السوريات في رفع هذه المبادرة للمؤتمر، للمشاركة في المفاوضات في مستقبل سوريا والمطالبة بإخراج المعتقلين والمعتقلات من سجون النظام، والوقوف في وجه الانتهاكات التي تُمارَس ضدّ المعتقلات السوريات في تلك السجون. (وقد تمّت الإشارة إلى هذه المبادرة آنفاً في سياق هذا البحث).

توليب لدعم المرأة والطفل:(TSWK):

منظمة غير حكومية لدعم وتمكين المرأة والطفل ماديّاً ونفسيّاً وتقديم المساعدات اللازمة لهم، ولا سيما النساء المتضررات والأطفال المتضررين من كوارث الحروب والدمار والتنظيمات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة. وإسماع أصواتهم للرأي العام العالمي عبر قنوات الاتصال والتواصل الاجتماعي

النساء الآن (Women Now For Development).

منظمة انسانية أثبتت فعاليتها على أرض الواقع وساهمت بوضع بصمتها في الأماكن التي عملت بها بشكل إيجابي في مساعدة الفتيات والنساء والارتقاء بكوادرها.

 

شبكة الصحفيات السوريات (Syrian Female):

“تهدف هذه الشبكة إلى بناء جسور بين الإعلام والحراك النسوي عن طريق تعزيز وتمكين قدرات العاملين والعاملات في المجال الإعلامي، وتمكين النساء الصحفيات للوصول إلى شغل الأدوار القيادية في مؤسساتهن. إلى جانب تفعيل دور الإعلام فيما يتعلّق برفع الوعي المجتمعي بقضايا النساء والمساواة بين الجنسين.

وتعمل الشبكة أيضاً على تحسين صورة النساء في وسائل الإعلام وصولاً إلى مجتمع سوري عادل لجميع مواطنيه من نساء ورجال، وتحقيق تغيّر اجتماعي إيجابي على صعيد التفكير والسلوك فيما يتعلق بالعدالة والمساواة بين الجنسين”[23].

 جمعية جودي للإغاثة والتنمية

جمعية مستقلة غير ربحية تعمل في مجال الإغاثة الإنسانية والتنمية والتأهيل، وتعنى بالمهجرين والمنكوبين السوريين.

جمعية بهار الإغاثية السورية

تأسست في 2012 وورد تعريف هذه الجمعية في المادة الأولى من الفصل الأول من نظامها الأساسي بأنّها:

“جمعية خيرية مستقلّة غير ربحيّة، تساهم في تقديم المساعدات بغض النظر عن الدين أو العرق أو الانتماء السياسي، وتساهم في الجهد العام لتنمية المجتمع. كما أنّ مقر الجمعية الدائم هو مدينة “كلس”، وفي حال نقله فإنه يكون بقرار من مجلس إدارة الجمعية. وقدْ تُشكِّل لها فروع داخل وخارج الأراضي السورية بقرار من مجلس الإدارة”[24].
ومن المبادئ العامة للجمعية التي وردت في المادة الثانية من الفصل الأول للنظام الأساسي:

“الالتزام بالعدالة والمساواة في العمل، وعدم التمييز، والالتزام بالشفافية وبروح العمل الطوعي والجماعي”[25].

وأهم أهدافها: “تقديم المساعدات الغذائية والطبية وغيرها للسوريين، تنمية قدرات المرأة، إقامة المشاريع التنموية التي تساعد المواطنين لتحسين حياتهم.

ويعتمد تمويل الجمعية وفق المادة الأولى والثالثة من الفصل الخامس من النظام الأساسي للجمعية على: رسم الانتساب الذي يُدفع لمرّةٍ واحدة وهو1000 ليرة سورية، اشتراكات الأعضاء السنوية وهي 1000 ليرة سورية أيضاً، والتبرعات والهبات النقدية والعينية، والتبرعات من المنظمات الدولية والمحليّة الحكومية وغير الحكومية، وريع النشاطات التي تنظمها الجمعية بالإضافة إلى ريع المشاريع، ويتم فتح حساب بنكي خاص بالجمعية في بنك يحدّد من قبل مجلس الإدارة، كما يتم اعتماد توقيع رئيس مجلس الإدارة والمحاسب على الشيكات. ومن أهم نشاطاتها:

قامت الجمعية بالمشاريع الإغاثية والمساعدات العاجلة، والمشاريع التنموية وورشات العمل والدورات التدريبية المختلفة”[26]

 منظمة كُليلك ( Kulîlk) للمرأة:

منظمة أكاديمية ثقافية وتنموية تهتم بشؤون المرأة وبقضاياها وبالمساواة بين الرجل والمرأة،

وتعنى كذلك بالطفولة والأطفال لأنّها تراهم (أزاهير الحياة في حدائق كُليلك).

منظمةـ أفين للمرأة للدفاع عن حقوق المرأة والطفل:

تأسست هذه المنظمة في مدينة الدرباسية الواقعة على الشريط الحدودي السوري التركي شمال

مدينة الحسكة، وهي منظمة تعنى كغيرها من المنظمات النسائية بشؤون المرأة. وتركّز على تعليم المرأة وتأهيلها لمنع استغلالها اقتصادياً، وترى المنظمة بأنّه:

” لن تحل مشاكل المرأة إلا بالتعليم والتأهيل لأن الاستغلال الحقيقي للمرأة هو الاستغلال الاقتصادي”[27].

منظمة المرأة الكردية الحرة:

منظمة مستقلة تأسست في قامشلو عام 1994بهدف تفعيل دور المرأة في المجتمع وتمكينها ثقافيّاً واجتماعيّاً وسياسيّاً من خلال الندوات والورشات التدريبية.

(وقد سبق الإشارة بشكلٍ موجز إلى المنظمة آنفاً في سياق هذا البحث).

كما وقد أفادت يسرى زبير مسؤولة المنظمة في مقابلة أجرتها معها إذاعة (ARTA. fm) في برنامجها الصباحي (صباح الخير) في شهر تشرين الثاني من عام 2017:

“كانت فعاليات المنظمة في البداية تقتصر على الجلسات الشعرية والندوات السرية المغلقة وتعليم اللغة الكردية على شكل حلقات صغيرة بأشخاص قلائل خوفاً من لفت انتباه الأمن، وقد قمنا بالمشاركة من خلال الغناء الكردي والمسرحيات الكردية في الاحتفالات القومية الكردية وإحياء المناسبات القومية وكذلك العالمية كيوم المرأة العالمي ويوم الطفل ويوم الشعر الكردي يوم استشهاد ليلى قاسم التي شُنقت على يد الطاغية صدام حسين بسبب مواقفها السياسية، وقد تمّ توقيف نشاطاتنا بسبب الضغوطات الأمنية من قبل النظام السوري.

ولكننّا استأنفنا تلك النشاطات والفعاليات بشكل أوسع مع بداية الثورة السورية في 2011 بتجديد مركزنا في قامشلو وافتتاح فروعٍ للمنظمة في عامودا واسطنبول وألمانيا، بخروجنا للمظاهرات وبالقيام بورشات ودورات تدريبية للأطفال، ومساعدة النازحات الكرديات من مدينة كوباني وأطفالهنّ من خلال حفلات ترفيهية ودورات للرسم والموسيقا لهم للتخفيف من معاناتهم”[28].

وبالنسبة لتمويل المنظمة، أدلت يسرى زبير بأن الدعم الخارجي كان عاملاً مهماً لاستمرار فعاليات المنظمة ونشاطاتها ومن مصادر التمويل:

” مساعدات من آرتا الوصل والتضامن، بيتنا سورية، كوكب سوريا لتمويل المشاريع الصغيرة، بالإضافة إلى التمويل الطوعي والمساعدات التي تقدمها عضوات المنظمة”[29].

وعن أهم الصعوبات التي كانت تعرقل مسيرة المنظمة تقول المسؤولة يسرى زبير:

” إنّ النقص في الدعم المادي يؤدي إلى النقص في نشاطات المنظمة ولكن ليس إيقافها بالكامل، بالإضافة إلى أنّ الهجرة أدّت إلى تناقص في أعداد عضوات المنظمة حتى وصلت إلى 70 عضوة بعد أن كان العدد قد وصل إلى 400عضوة مع بداية الثورة”[30].

وعن اهتمامات المنظمة تُضيف (زبير):

“ترتكز معظم اهتمامات المنظمة على الجانب التوعوي اجتماعياً وثقافياً، وتتوق المنظمة بأن يكون دورها أكثر فعالية وأن يكون هدف المرأة وفكرها واحد دون بغض أو عِداء بين بنات الجنس الواحد لأنّ قضية المرأة هي قضية واحدة لكلّ النساء”[31].

 اللجنة الكردية للدفاع عن المعنّفات:

وهي لجنة مكوّنة من أربع منظمات كرديّة تدافع عن المعنّفات وتتناهض العنف ضدّ المرأة وتعمل على استخدام كل الوسائل والآليات العصرية لمنع وقوع العنف ضدّ المرأة بكل أشكاله.

وقد أعلنت كلّ من (منظمة المرأة الكرديّة الحرّة، ومنظمة الاتحاد النسائي الكردي ـ رودوز، وجمعية آفرين، وإذاعة هيفي إف إم) في 19/2/2017 عن تأسيس اللجنة التي أُطلق عليها اسم “اللجنة الكرديّة للدفاع عن المعنّفات” وذلك في مقر سوبارتو بقامشلو بحضور العديد من المثقفين والكتّاب والمهتمّين بقضيّة المرأة.

وقد تركّز اللجنة على الاهتمام بقضايا المرأة والدفاع عن حقوقها، حيث أكّدت (يسرى زبير) عضو اللجنة الكردية للدفاع عن حقوق المعنّفات لموقع صحيفة buyerpress:

“إن الهدف من اللجنة هو الدفاع عن حقوق المرأة الكردية وتوحيد كلّ جهود المنظمات المهتمّة بقضايا المرأة وتوفير أرضية لتطوير آليات الدفاع والنضال لأجل المرأة المعنّفة وحقوقها”[32].

شبكة أنا هي:

أطلق مركز المجتمع المدني للديمقراطية (CCSD) بتاريخ 20/4/2015 شبكة (أنا هي)،

من خلال برنامج (نساء من أجل مستقبل سوريا).

“وتقوم شبكة (أنا هي) على أسس الأهداف التي يتطلّع إليها الشعب السوريّ بكافة مكوّناته ومنها: حرية ـ عدالة ــ مشاركة ــ ديمقراطية.

(أنا هي): شبكةٌ من حلقات السلام، بقيادة نساءٍ سورياتٍ، تعمل على تعزيز السلام من خلال مشاركةٍ فاعلةٍ للمرأة؛ سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، من أجل الحرية والعدالة والمشاركة والشفافية لكلّ السوريين، من خلال التدريب والدعم التقنيّ والمناصرة وحملات توعية وتحريك المجتمع في معظم المحافظات السورية”[33].

والشبكة تضم نساءٌ سورياتٌ متنوّعاتٌ من مختلف الطوائف والأديان والقوميات.

رؤية الشبكة تتجلّى بأن يكون للمرأة دورٌ فاعلٌ في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى أنّها تهدف إلى نشر قيم الحرية، والعدالة والمشاركة والشفافية.

تنسيقية كجا كورد (Hevrêza Keça Kurd):

وهي تُعتبر من التنسيقيات النسوية التي عملت منذ بداية الثورة السورية، وضمّت العديد من الشابات والفتيات اللاتي تتراوح أعمارهنّ بين 16ـ 40سنة، ودأبت على القيام بالاعتصامات والمظاهرات مع المعارضة السورية وتنظيمها ضدّ النظام السوري وطالبت بإسقاطه، ولكنها انخرطت بعد ذلك في التنظيمات النسويّة الكردية وانحلّت فيه بعد أنّ شدّد النظام السوري قبضته على الشباب والشابات في التنسيقيات واستهدفتهم بالقتل والاعتقال.

وهناك العديد من الجمعيات والمنتديات غير المشهورة والتي ولم نتطرّق إليها في هذا البحث بسبب عدم وفرة المعلومات والمصادر عنها، ففي كل مدينة من المناطق الكردية تتواجد جمعيات وحركات صغيرة هامشية مثل (جمعية روضة المرأة Baxê jinê) ومنتديات للمرأة مثل (منتدى روشن بدرخان).

ولكنّ هذا التزايد في وجود المنظمات والجمعيات والحركات النسائية التي تدور في حلقةٍ مفرغة بنشاطاتها تعكس واقعاً سياسيّاً متشرذماً، ولا تختلف كثيراً عن حالة تكاثر الأحزاب الكردية  التي تشبه أسراب الجراد الذي يهشّمّ حقلاً ذابلاً انقطع عنه الماء، وهذا الحقل ـ للأسف ـ هو الشعب بكل تأكيد.

سادساً: دور التنظيمات الكردية زمن الثورة السورية:

نشطَت المنظمات والحركات والجمعيات النسائية الكردية مع هبوب نسائم الحرية في سورية، وترافق ذلك النشاط مع الاهتداء ببصيص ضوءٍ خافت في السرداب السوري الطويل المظلم مع بدايات الثورة السورية المنطلقة من درعا، وما انفكّت هذه المنظمات الكرديّة تعمل كخلية النحل لاستقطاب أكبر عدد من النساء الكرديات لنشر رسائل المساواة والتحرر من القمع والاضطهاد المجتمعي ودفع المرأة للمشاركة في العملية السياسية بكلّ ما تملك من طاقاتٍ فكرية وإيمان راسخٍ بقضيتها التاريخية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بقضية الأمة الكرديّة ككل.

وكان للكثير من تلك المنظمات سمات إيجابية برزت في بداية الثورة، من رصّ صفوف النساء وتوعيتهنّ بضرورة تحرير المرأة من القيود الاجتماعية والسياسية والتشريعية والقانونية التي تكبّلها، بالإضافة إلى دفعها قدماً لتكون إحدى اللبنات الأساسيّة لتطوير المجتمع، كونها تمثّل نصف المجتمع من جهة والأم المثالية للنصف الآخر من جهةٍ أخرى، وقد انتشرت فروعٌ للكثير من المنظمات النسائية في السنوات الثلاث الأولى للثورة في مناطق تواجدها.

ولكن ما إنْ لاحت في الأفق السياسي بوادر المنظمات الدولية لدعم منظمات المجتمع المدني، حتى هرعت ثلّة من الفئات المستغلّة من النساء لحمل ملاعقها لإبراز أسماء منظماتها  واستخدامها للتكسّب أو القيام بالانشقاقات عن المنظمة التي كانت منتسبة إليها لتحقيق منافع شخصيّة، ناسية تلك المرأة أو متناسية بأنّها ستكون القربان الذي سيُقدّم على مسالخ المجتمع في النهاية، وستكون للأسف، هي المُشاركة في شحذ تلك السكاكين فتضحّي بنفسها وببنات جنسها وتضحّي بقدراتها وإمكاناتها التي كان من المفترض أن تكون في خدمة حقوق المرأة وحريتها.

وهذا فضلاً عن دور الأحزاب السياسية الكردية الرضيعة من الإيديولوجيا البعثية في التسلط، فقد كان لها الدور الأبرز إما في تأليب المنظمات النسائية الكردية على بعضها ولا سيما في الانتخابات وضربها ببعضها، للمساهمة في إحداث انشقاقات داخل المنظمات المستقلّة التي تعجز عن ترويضها لصالح أهدافها الحزبيّة، وبذلك تعمل على تقليص النشاط المدني للمرأة في المجتمع وتحرّفها عن دورها السامي (الإنساني والمدني) التي تصبو إليه.

 

سابعاً: طموحات المرأة الكردية لتحقيق كيانها الإنساني في دولة مدنية وديمقراطية والحلول المطروحة:

لا بدّ وإنّ المرأة الكرديّة تطمح إلى المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات وتدعو للحدّ من العنف القائم على ركائز أساسيّة والتي تقوم على ثلاث مستويات أساسية وهي:

الوقاية، الحماية، تفعيل القانون.

ـ تمكين المرأة على أساس اليونيفيم (UNIFEM)[34].

ـ عدم استغلال المرأة سياسيّاً وتفعيل قانون (الكوتاquota)[35] على أساس عدد الأصوات لا على أساس تواجدها البروتوكولي في المجالس السياسية.

ـ ضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً في المجالس النيابية

ـ المساواة بينها وبين الرجل في الحقوق المدنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية.

ـ منع التمييز بكافة أشكاله وتحميل الدولة مسؤولية اتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحته.

ـ فتح مراكز لتوعية المجتمع وبيان أهمية دور المرأة وعدم اعتبارها ضلعاً قاصراً أو كائناً أنثوياً (وحسب) لحمايتها من التحرّش والاعتداء الجنسي، وسن أقسى العقوبات لمرتكبي هذه الجرائم.

ـ المطالبة برفع مستوى المرأة قانونياً (في الأحوال الشخصيّة) والمصادقة عليها وتغيير بعض المواد الدستورية المجحفة بحق المرأة ولاسيما فيما يتعلق بالزواج والميراث.

ـ استخدام قوانين وعقوبات لوضع حدٍ للعنف الأسري وعدم تبريره على أساس حق الزوج أو الأب أو الأخ في تأديب المرأة.

ـ وضع حدّ لجرائم الشرف والعمل على تعزيز ثقافة الاعتراف بكيان المرأة وإفساح المجال لها في المشاركة في القرارات المتعلقة بمصيرها.

 

ثامناً: كلمة أخيرة: المرأة الكردية إلى أين؟

بهذا البحث المتواضع نكون قد أوجزنا بعضاً من معاناة المرأة الكرديّة في الواقع السوري كواحدة من النساء (الشرق ـ أوسطيات) اللاتي يعانين التخلف الاجتماعي وعدم وثوق المجتمع بقدراتهنّ وإمكاناتهنّ الفكرية والثقافية والسياسية لبناء مجتمع متكامل تتوافر فيه سمات الديمقراطية المدنيّة والفردانية المرتبطة بمفهومي “العقلانية والاستقلالية”[36].

إلا أنّ المجتمع الكردي يختلف عن باقي مجتمعات الشرق الأوسط ، فالعوامل الجغرافية والتاريخية والحروب والصراعات الدموية والعشائرية الموروثة من قبل الإمبراطورية العثمانية خلال قرون تحكّمت بحياة الأفراد، والمرأة الكردية كشخصية فردية انحلّت واضمحلّ دورها في النظام الاجتماعي الذي تتوسّطه لصالح الشخصية الجَمْعيّة، فالمجتمع الذي تتوسّطه المرأة الكرديّة تظل فيه الفرديّة موضعُ استهجان وتبقى تلك الفرديّة أيضاً متّهمةً بأنّها تُعيق وحدة العشيرة والدين والقومية لدى الكرد، فضلاً عن أنّ المرأة الكرديّة في سوريا كانت تفتقد لحسّ الانتماء الوطني لذلك البلد الذي تجذّرت فيه كونه يحمل اسم الجمهورية (العربيّة) والذي لا يعترف بها ولا بحقوقها، لذلك فمن الطبيعي أن يكون الاهتمام لديها منصبّاً أولاً على قضية الانتماء القومي والاعتراف بالوجود الكردي في سوريا ثمّ تأتي قضيتها قضية المرأة الكرديّة في المرتبة الثانية.

وتبقى هناك عدّة أسئلة تُشغل بال هذه المنظمات النسائية، بالتزامن مع التطورات الدولية وتفاهمات الدول الكبرى من تحت الطاولة حول مستقبل بلدان الشرق الأوسط، والضبابيّة السياسية التي لا تنقشع عن مستقبل سوريا والمنطقة، وما ينتج عنها بعد سنوات عجاف من النضال المرير ومدى استمرارية هذه الصراعات النفسية أو انتهائها؛ ومنها:

ـ أين موقع المرأة الكردية في الحقبة التاريخية القادمة من عُمر سوريا الجديدة كامرأة كرديّة أولاً وكمواطنة سورية ثانياً؛ موقعها اجتماعياً واقتصادياً ودستورياً وقانونيّاً وسياسياً؟

ـ هل يمكن أن تكون التغيرات التي فجّرها الربيع (الشرق ـ أوسطي) قد أثّرت تأثيراً إيجابياً في أخذ المرأة السورية عموماً والكردية خصوصاً، مكانها المناسب التي تمكّنها من لعب دورها في بناء مجتمعها وتطويره نحو الأفضل؟

ـ ما هي الأنظمة المستقبلية التي يمكن أن تحكم سوريا المستقبل، نظام (إسلامي أم علماني)؟

ـ ما هو مقدار الحرية الممنوحة للمرأة للنهوض بقضيتها وتفعيلها في دستور الدولة الجديدة وقوانينها؟

هذه الأسئلة وغيرها من الأسئلة الكثيرة المشابهة ستشكّل هاجساً للإنسان السوري، وكلّها ستكون مرتبطة بمدى توفّر الأمن والأمان والشعور الوطني بحرية الانتماء وحرية الفكر ضمن وطنٍ حرّ يكفل لمواطنيه كرامتهم واستقرارهم بكافة أطيافهم وانتماءاتهم المختلفة (السياسية والدينية والأثنية والعرقيّة والعقائديّة والمذهبية).

 

 

 

تاسعاً: المصادر والمراجع:

 

(1) بنية المجتمع الكردي http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/00546bbf-037d-

4fbd-842f-25c2f8ac04cb#15

(2) دور المرأة السورية في مقارعة الاستعمار الفرنسي (نازك العابد انموذجاً) https://www.iasj.net/iasj?func=fulltext&aId=133848

(3) Human Rights Watch  https://www.hrw.org/legacy/arabic/un-files/text/cedaw.htm

(4) السوري الجديد Newsrian.net

(5) شبكة الصحفيات السوريات.  www.sfjn.org/%D8%AD%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AA

(6) مجلة الجماهير، العدد 12556, 2008/03/26

(7) صوت الكورد (Sawtlkurd) العدد 1627:2013

(8) النوع الاجتماعي أو الجندر أو الجنوسة :(Gender) ويكيبيديا https://ar.wikipedia.org/wiki/

(9) شبكة الصحفيات السوريات Syrian Female Jouralists Network

https://soundcloud.com/sfjn-1

(10) جمعية بهار الإغاثية السورية

https://www.facebook.com/…/photos/جمعية- بهار…السوريةالنظام…/542207629157424/

(11) منظمةـ أفين للدفاع عن حقوق المرأة والطفل.

https://de-de.facebook.com/530600730331067/.

  artafm.com/program/8012  – صباح الخير ARTA FM(12) إذاعة أرتا إف. إم 23/11/2017

(13) اليونيفَم  “UNIFEM”ويكيبيديا https://ar.wikipedia.org/wiki/صندوق_الأمم_المتحدة_الإنمائي_للمرأة

 

(14) الكوتا quota المحاصصة النسائية (ويكيبيديا) https://ar.wikipedia.org/wiki/

(15) صحيفة بويربريس buyerpress.com/?p=47089

(16)suwar-magazine.org/details/ شبكة-أنا-هي..-نساءٌ-من-أجل-مستقبل-سوريا/24/ar

(17) حازم صاغيه (كاتب وصحفي وناقد لبناني)، مأزق الفرد في الشرق الأوسط:

اسم الكتاب: (( The Predicament of the Individual in the Middle East دار الساقي ـ بيروت ـ لبنان، تاريخ الإصدار 2005

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(المصدر: مركز أسبار للدراسات والبحوث)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1]ـ د. طاهر حسو الزيباري، أستاذ علم الاجتماع المساعد كلية الآداب/ جامعة صلاح الدين/ أربيل ـ  بنية المجتمع الكردي http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/00546bbf-037d-

4fbd-842f-25c2f8ac04cb#15

 

 

[2]ـ أ.م.د شيماء فاضل مخيبرـ جامعة تكريت ـ كلية التربية للعلوم الإنسانية: دور المرأة السورية في مقارعة الاستعمار الفرنسي (نازك العابد انموذجاً)  https://www.iasj.net/iasj?func=fulltext&aId=133848

 

[3]ـ الحيار: وهو تزويج الفتاة من ابن عمها وهي رضيعة باتفاق بين والديهما أو منعها من الزواج من رجل آخر إن كانت الفتاة رافضة لابن العم حتى آخر يوم في حياتها.

وأما المقايضة: فهي التبديل، أي أن يزوج الرجل ابنته لرجل لقاء الزواج من ابنة ذلك الرجل، أو أن يزوج الأخ أخته مقابل أخت العريس.

[4]ـ هي المعاهد التي تمكّن خرّيجيها من التوظيف بشكل مباشر في دوائر الدولة دون مسابقة.

[5]ـ  اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة UNFile-CEDAW))،منظمة مراقبة حقوق الإنسان، المعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، Human Rights Watch https://www.hrw.org/legacy/arabic/un-files/text/cedaw.htm

[6]ـ د. طاهر حسو الزيباري، أستاذ علم الاجتماع المساعد كلية الآداب/ جامعة صلاح الدين/ أربيلـ  بنية المجتمع الكردي

http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/00546bbf-037d-

4fbd-842f-25c2f8ac04cb#15

[7]ـ الآية 34 من سورة النساء.

[8]ـ ريما فليحان، تحقيق خاص للسوري الجديد Newsrian.net

[9]ـ المصدر نفسه.

[10] ـ ريما فليحان، تحقيق خاص للسوري الجديد Newsrian.net

[11]ـ المصدر نفسه.

[12]ـ المصدر نفسه.

[13]ـ رواه البخاري من حديث عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه.

[14]ـ الآية 228 من سورة البقرة.

[15] ـ  الآية 1من سورة النساء.

[16]ـ كلّ ما ورد في البحث من معلومات عن الجمعيات والتنظيمات والحركات النسائية كان استناداً إلى استبيان بعثته لها طالبة منها ملأه، وقد تضمّن الاستبيان أسئلة عديدة منها، تاريخ تأسيس الحركة أو الجمعية أو المنظمة وأهدافها ونشاطاتها ونقاط القوة والضعف فيها وغيرها من الأسئلة.

[17]ـ مصطفى عبدي/ كوباني. شبكة الصحفيات السوريات ـ عن تحرر المرأة الكردية في سوريا وقوانين مساواتها مع الرجل.

 

[18]ـ سوسن رسلان (المرأة السورية منجزات وآفاق مستقبلية) مجلة الجماهير، العدد 12556ـ 26/3/2008

 

[19]ـ هدية علي يوسف ـ قيادية في تنظيم اتحاد ستار وفي لجنة العلاقات الداخلية والخارجية، صوت الكورد (Sawtlkurd) العدد 1627:2013

[20]ـ المصدر نفسه.

 

[21]ـ هدية علي يوسف ـ قيادية في تنظيم اتحاد ستار وفي لجنة العلاقات الداخلية والخارجية، صوت الكورد (Sawtlkurd) العدد 1627:2013

1ـ النوع الاجتماعي أو الجندر أو الجنوسة بالإنجليزية: (Gender) هو مجموع الصفات المتعلقة والمميزة ما بين الذكورة  والأنوثة. اعتمادًا على السياق يمكن أن تشمل هذه الصفات الجنس البيولوجي (أي حالة كون الإنسان ذكر أو أنثى أو ثنائي الجنس والأخير هو اختلاف قد يعقد تعيين الجنس)، إن البنى الاجتماعية المعتمدة على الجنس (بما فيها من أدوار جندرية وأدوار اجتماعية أخرى)، أو الهوية الجندرية.

وفي غالب الحالات يُرى أن المرأة هي النوع الاجتماعي الذي يحتاج إلى تعديل دوره الاجتماعي. ( ويكيبيديا) https://ar.wikipedia.org/wiki/

 

 

[23] ـ شبكة الصحفيات السوريات Syrian Female Journalists Network https://soundcloud.com/sfjn-1

[24]ـ جمعية بهار الإغاثية السوريةhttps://www.facebook.com/…/photos/جمعية- بهار…السورية النظام…/542207629157424/

[25] ـ المصدر نفسه.

[26] ـ جمعية بهار الإغاثية السوريةhttps://www.facebook.com/…/photos/جمعية- بهار…السورية النظام…/542207629157424/

 

[27]ـ منظمةـ أفين للدفاع عن حقوق المرأة والطفل.https://de-de.facebook.com/530600730331067/.

[28] ـ  إذاعة آرتا إف ـ إم  artafm.com/program/8012  – صباح الخير ARTA FM 23/11/2017

 

[29] ـ المصدر نفسه.

[30]ـ إذاعة آرتا إف ـ إم  artafm.com/program/8012  – صباح الخير ARTA FM 23/11/2017

[31] ـ المصدر نفسه

[32] ـ صحيفة بويربريس buyerpress.com/?p=47089

 

[33] ـ suwar-magazine.org/details/ شبكة- أنا-هي..-نساءٌ-من-أجل-مستقبل-سوريا/24/ar

 

[34]ـ صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، ويعرف اختصاراً باسم يونيفَم  “UNIFEM” تأسّس في ديسمبر1976  بعيد انشاء صندوق للتبرعات أثناء الاحتفال بعام المرأة العالمي الذي احتفل به طوال 1975 وكانت مديرته الأولى هي الدكتورة مارغريت سنايدر. ويقوم البرنامج على توفير المساعدات الاقتصادية والتقنية للبرامج المبتكرة والاستراتيجيات التي ترقى وتحفز بالمرأة وحقوق الإنسان والمشاركة السياسية وتمكينها اقتصادياً وتعزيز دورها داخل المجتمع لضمان حياة آمنة لها.(ويكيبيديا) https://ar.wikipedia.org/wiki/ صندوق_الأمم_المتحدة_الإنمائي_للمرأة

 

[35]ـ الكوتا quota المحاصصة النسائية: أي تخصيص نسبة, أو عدد محدد من مقاعد الهيئات المنتخبة مثل: البرلمانات والمجالس البلدية للنساء وذلك لضمان إيصال المرأة إلى مواقع التشريع وصناعة القرار. باعتبار الكوتا يمثل أحد الحلول المؤقتة ، التي تلجأ إليها الدول والمجتمعات.(ويكيبيديا) https://ar.wikipedia.org/wiki/

[36] – لوريس درمون (مقالات في الفردية) من كتاب مأزق الفرد في الشرق الأوسط، ص25، إعداد: حازم صاغيه (كاتب وصحفي وناقد لبناني)

اسم الكتاب: (( The Predicament of the Individual in the Middle East دار الساقي ـ بيروت، تاريخ الإصدار 2005

شارك هذا المقال: