عن اللقاء بين قنصل بريطانيا في حلب و مصطفى شاهين بك عضو البرلمان السوري عام 1945

شارك هذا المقال:

اصدارات أرشيف جامعة كامبريدج
المجلد 10
1945-1950

إعداد: ا.ل.ب. بورديت [1]

أضع بين يدي القراء والباحثين المهتمين بتاريخ الحركة الكردية في سورية ترجمة  نص الرسالتين بخصوص القضية الكردية في سوريا  أثناء الحرب العالمية الثانية .الرسالة الأولى موجهة من القنصل البريطاني في حلب إلى مفوضية بيروت بخصوص لقائه  مع الأخوين مصطفى وبوزان شاهين بيكوات  عشيرة البرازا، أما الثانية فهي مذكرة رد على الرسالة الأولى. الرسالتان مستلتان  من المجلد العاشر ،  الصفحة 239-241 .

الرسالة الأولى

رسالة سرية من القنصل البريطاني في حلب فوكهان روسيل (J.R. Vaughan Russell)  إلى السلطات البريطانية   (الرسالة موجودة في الصفحة 239-240 من المجلد)

(1) في الحادي عشر و الثاني عشر من شهر تشرين الأول قمت بزيارة مصطفى ابن ابراهيم آغا, ( مصطفى ابن شاهين بك  والمعروف في  كوباني باسم حرجو بك . المترجمة ) النائب عن مدينة عين العرب (عرب بينار) و أخيه بوزان شاهين آغا, و هو رئيس اتحاد عشائر البرازية.  يتمتع هذان الشخصان بسلطة قوية في هذه المنطقة ذات الغالبية الكردية, حيث عبرا لي عن السخط و المرارة من الطريقة التي يتم بها التعامل مع الكرد من قبل السلطة السورية. و تمحورت الشكاوى الرئيسية حول النقاط الآتية:

  • رفض الحكومة السورية تعليم اللغة الكردية في المدارس.
  • الفشل في إقناع الحكومة بتزويد المدارس و المؤسسات الطبية باللوازم الطبية الأساسية في المناطق ذات الكثافة السكانية الكردية.
  • عدم رغبة الحكومة السورية بتوظيف الكرد و عدم منح أي شواغر وظيفية لهم.

(2) تم فرض حالة من التخلف و الإهمال المتعمد على الكرد و هذه السياسة كانت بدون شك منظمة و مخطط لها مسبقا لمنع تطور الشعور القومي لدى الكرد. هذا الشعور الذي لطالما استمر ليس فقط في سوريا, بل في تركيا و العراق و إيران, و الذي جوبه بالظلم نفسه كما في سوريا.

(3) أشار مصطفى و اخوه بوزان بأنهم على إتصال دائم مع الكرد الذين الفارين  من بطش الأتراك الذين ازداد ظلمهم بحق الكرد وبشكل خاص في السنوات الأخيرة, كما عبروا عن الاستياء الشديد من الظلم و القسوة التي تمارسها الدولة التركية بحق الكرد , حيث تقوم الدولة التركية بنقل الكرد من المناطق ذات الغالبية الكردية في جنوب شرق البلاد إلى وسط الأناضول بهدف تتريكهم و محاولة طمس الشعور القومي لديهم. لكن مصطفى و بوزان أكدا بأن الاتراك سوف يفشلون في سياستهم.

(4) و بخصوص سؤالي لهم ،حول موقف الكرد من تركيا ، فيما إذا دخلت الحرب ضد روسيا,  أكدا مصطفى و بوزان  بأن الكرد لا يرغبون بكردستان تحت النفوذ السوفياتي, و أبدوا رأيهم بأن تركيا سوف تمنح الكرد أوضاعا أفضل و سوف تسمح لهم بمشاركة أكبر في الحكومة في المناطق التي يشكل فيها الكرد غالبية السكان, و رأوا بان الكرد سوف يقفون إلى جانب تركيا في حربها ضد روسيا. بالطبع هذا الشعور المعادي للشيوعية ليس غريبا من قبل مالكي الأراضي الأغنياء ذوي النظرة الإقطاعية. مهما كانت الجماهير الكردية مهمشة وتعاني الفقر فإن الكثير منهم سوف يعادون الشيوعية.

كان من المستحيل أن أكتشف ذلك خلال زيارتي القصيرة لعين العرب, لكن من المحتمل أن غالبية الكرد سوف يخضعون لإرادة زعمائهم في اتخاذ هذا القرار.

بوزان بك ( 1890- 1968م) – مدارات كرد

(5)  مصطفى و بوزان أكدا لي  بأن الكرد سوف يقفون إلى جانب الأتراك في حربهم ضد السوفييت بشروط محددة, و ذلك بغرض حماية الكرد لأنفسهم من الإنصهار و الخضوع للسيادة السوفيتية. كما اكدا عدم صحة إدعاءات كل من روسيا و تركيا بخصوص الولايات الشرقية السبع, حيث ادعت تركيا بأن سكان تلك الولايات هم اتراك, بينما ادعت روسيا بأن سكان تلك الولايات كانوا سابقا من الأرمن و لذلك يجب ضمها إلى سيادة أرمينا السوفيتة. بعكس تلك الإدعاءات, فإن سكان تلك الولايات كانوا في غالبيتهم كردا حتى قبل ترحيل الأرمن من قبل تركيا من تلك الولايات. في تلك الولايات التركية كان الأتراك و مازالوا يقومون بترحيل الآلاف من الكرد من مناطفهم و إجبارهم على السكن في وسط الأناضول في تجمعات صغيرة. لهذا فأن للكرد الأحقية أكثر من الأتراك و الأرمن للمطالبة بتلك الولايات لأنها موطنهم الأصلي.

أعربا مصطفى وبوزان أن معظم الكرد كانوا لسنوات عديدة يأملون من بريطانيا أن تكون مخلصة لتاريخها و تكون داعمة للأقليات المظلومة و تصحح أخطائها التي ارتكبتها عند تفكيك الإمبراطورية العثمانية وإعادة رسم الحدود التركية في عام 1923-1924 و ضم الجزء الأكبر من كردستان إلى تركيا و إيران.

مصطفى بك ( حرجو بك ) ( 1889 – 1953م ) – مدارات كرد

خلال سنوات الحرب الأخيرة, تأمل الكرد بأن تقوم تركيا باتخاذ موقف خاطئ كأن تعلن وقوفها إلى جانب دول المحور, فيكون هذا الأمر مبررا للقوات البريطانية للتقدم إلى شرق تركيا لتشكيل الاتصال مع روسيا. كان من المؤكد أن النتيجة المرجوة من هذه الخطوة هو تشكيل كردستان مستقلة و عاصمتها دياربكر, لقد انهار هذا الحلم و تلاشى بعيدا, بالرغم من ذلك لم يتخلى الكرد عن جميع آمالهم و هذا ما أكدته المذكرة الكردية التي قدمت لمؤتمر الدول العظمى.

  • يوجد 3 ملايين كردي في تركيا واثنان ونصف مليون في إيران و واحد ونصف مليون في العراق و ربع مليون كردي في سوريا, وبذلك يبلغ إجمالي عدد الكرد سبعة ملايين، هذا يعطيهم الحق بالإيمان بفكرة تأسيس كردستان مستقلة. بلغ عدد سكان كل من سوريا و العراق حوالي ثلاث ملايين نسمة, و مع ذلك لم يتم اعتبارهما دولا صغيرة و غير مؤهلة لمنحهم الإستقلال.
  • أشار مصطفى و أخيه بأن بريطانيا وإن رأت انه من غير المناسب في الوقت الحالي تشكيل دولة كردية مستقلة, فإن على بريطانيا على الأقل أن تتدخل لتؤمن حياة كريمة للكرد في الدول الأربعة كأقليات.

القنصلية البريطانية في حلب

توقيع القنصل

 

الرسالة الثانية

ملاحظات بخصوص مذكرة القنصل البريطاني في حلب

السيد تالبوت

بالإشارة إلى مذكرة القنصل البريطاني في حلب و المؤرخة في 20 تشرين الأول  الأرقام 103/13/45,اعتقد انه في أي رسالة يتم ارسالها يجب الإشارة إلى أن مصطفى و أخوه بوزان و بالرغم من تأثيرهم في الوسط المحلي, إلا انهما لا يتمتعان بأهمية كبيرة. إلى الشرق, فإنني لم اجد أي استياء أو شكاوى من قبل الكرد, أما بخصوص الشكاوى رقم 2 و 3 فإنها شكاوى عامة في أجزاء أخرى من البلد. لا أعقد بان السطر الأول من المقطع الثاني صحيحة. الكرد في سوريا مقتنعين بأوضاعهم في هذا البلد كأي قومية أخرى متخلفة. وهم ليسوا متلهفين لفكرة دولة كردستان المستقلة على عكس الكرد في العراق و تركيا و إيران. ليس للاضطرابات ** الأخيرة في العراق  أي انعكاس على الكرد في سوريا.

صادر عن المفوضية البريطانية في بيروت

20 تشرين الأول 1945

التوقيع

*مصطفى بك  ( 1889- 1953م)  و بوزان بك  (1890 – 1968م)  من أبناء شاهين بك . ( توضيح من الموقع  )

** إشارة إلى الصدام المسلح بين الكرد بقيادة الراحل ملا مصطفى البارزاني و الحكومة العراقية – المترجمة

 

[1]A.L.P. Burdett, Records of the Kurds: Territory, Revolt and Nationalism, 1831–1979
British Documentary Sources (2015).

 

شارك هذا المقال: