بعد هزيمة الدولة الاسلامية في كوباني ما تبقى هو مدينة من الخراب

شارك هذا المقال:

بعد هزيمة الدولة الاسلامية في كوباني ما تبقى هو مدينة من الخراب

(مع هزيمة الكرد والأمريكان للمليشيات المتشددة يبدو أن النصر كان على حساب تدمير البلدة نفسها)

By  Ayla Albayrak  and  Joe Parkinson

The Wall Street Journal ,  Feb. 1, 2015

ترجمة: د. مسلم طالاس

كوباني- سوريا

تجول القائد الكردي هارون كردستان في بقايا المنطقة نهاية هذا الاسبوع في حافلة صغيرة, وبندقية قنص تعود للعهد السوفيتي مسنودة على مقعده, بعد أن أنهت قواته بنجاح معركة امتدت اربعة أشهر من أجل انتزاع السيطرة على هذه البلدة الحدودية من جهاديي الدولة الاسلامية.

(كان القتال وجها لوجهة, وداخل المباني. كنا نطلق النار من أسفل الدرج بينما كانوا هم في أعلاه)  قال السيد كردستان, خلال قيادته للسيارة على نفس الشارع الذي دخلت منه المليشيات المتطرفة السنة الماضية إلى البلدة. (لقد انتصرنا فقط لأننا نؤمن بقضيتنا).

يبدو أن النصر كان على حساب تدمير المدينة نفسها. الشوارع مغطاة بالخرائب. نظم المياه والطاقة تحطمت. لا زالت هناك الجثث المتحللة للمقاتلين الاسلاميين, بعضهم بملابس ممزقة, وأحدهم مازال ملفوفا بحزام ناسف انتحاري. ألاف الناس قتلوا, وهناك حوالي 200000 آخرين من اللاجئين في تركيا.

قبل حوالي أربعة أشهر, استقطبت هذه البلدة الصغيرة المجهولة الاهتمام بصور متلفزة تبين مقاتلي الدولة الاسلامية وهم يقصفون شوارعها ويرفعون علمهم الاسود على تلة قريبة منها. الان يرفرف العلم الثلاثي الالوان, الاحمر والاخضر والأصفر, عبر المدينة بعد أن أذاق المقاتلون الكرد, المدعومين من قبل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة, الدولة الاسلامية هزيمة مذلة.

لقد كان نصر كرد سوريا حصيلة  عوامل متعددة  ما بين تكتيكات حرب العصابات ومساعدة قوات البيشمركة الكردية العراقية والضربات الجوية. منذ سبتمبر قامت طائرات التحالف بأكثر من 700 ضربة جوية ساعدت بقتل أكثر من 2000 جهادي, وفقا للقيادة المركزية الامريكية. ومع هزيمة الكرد للمتطرفين في ساحة معركة خالية من المدنيين , قال مسؤول أمريكي كبير (كان لدينا بشكل أساسي مجال واسع للمناورة).

لقد كان غياب المدنيين عن كوباني ميزة لا يمكن أن تتكرر في المدن الاكبر التي يسيطر عليها الدولة الاسلامية, بما فيها مدينة الموصل العراقية, التي هي هدف آخر لمخططي الحرب الامريكيين وشركائهم العراقيين.

اعترفت الدولة الاسلامية يوم السبت بالهزيمة في كوباني لكن قالت أنها ستهاجم ثانية. في فيديو نشرته وكالة أعماق التابعة لها القى مقاتلان من الدولة الاسلامية مسؤولية هزيمتهم على الضربات الجوية, وقللا من دور الكرد الذين أسموهم بالجرذان.

وقال وزير الخارجية الامريكي جون كيري يوم السبت أن استعادة كوباني (انجاز كبير) وأن (امامنا طريق طويل في المعارك لكن كوباني كانت هدفا رمزيا حقيقيا واستراتيجيا لداعش). وذلك في مؤتمر صحفي في بوسطن.

وقال الجنرال لويد أوستن القائد الامريكي الاعلى بأن تركيز الامريكيين في ضرباتهم الجوية على كوباني لأنها كانت المكان الذي اختاره أبو بكر البغدادي قائد الدولة الاسلامية أن يسجل موقفا. (لقد قلنا منذ زمن طويل أن كوباني ليست ذات أهمية استراتيجية لنا), قال الجنرال لويد (لكنها ذات أهمية كبيرة لهم……..ومن أجل ذلك لوحدة قضينا على أكثر من 2000 من قواتهم, وهي تضحية لافتة بالنسبة لهم).

عندما بدأت الدولة الاسلامية هجومها على كوباني منتصف سبتمبر, لم تكن هناك تصورات عن الحجم الذي ستبلغه المعركة. في ذلك الوقت أفرغ المقاتلون الكرد القرى المحيطة بكوباني, ودفعوا بالالاف من الناس شمالا باتجاه الحدود التركية السورية, بعد أن حذر المسؤولون الكرد من خطر الموت أو الاسترقاق على يد متطرفي الدولة الاسلامية.

(كان لدينا فقط 30 دقيقة لحزم امتعتنا والمغادرة. من يستطيع القتال يبقى) قال محمد آبو البالغ 22 سنة (قررت عائلتي النزوح إلى تركيا). قام المقاتلون والمتطوعون الذين بقوا, رجال ونساء, بحفر الخنادق وزرع الالغام في المباني الفارغة على أطراف المدينة. تم تعزيز القوات الكردية بالرجال والتدريب والسلاح من فرعهم حزب العمال الكردستاني المدرج على لائحة الارهاب في الولايات المتحدة وتركيا.

موجة النازحين إلى تركيا, كانت أكبر موجة منفردة من النازحين منذ بدء الحرب السورية, اجتذبت أعداد كبيرة من الصحفيين. وأظهرت لقطات حية من المعارك التفوق على الكرد بالعدد والسلاح. في أواخر سبتمبر بدأت الضربات الجوية لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة على مواقع الدولة الاسلامية. وذلك بعد فترة قصيرة من قيام المليشيا الاسلامية , المسلحة بالاسلحة والدبابات والمدفعية الأمركية التي تم الاستيلاء عليها من قواعد الجيش العراقي, بسحق خطوط دفاع الكرد ودخول المدينة ورفع علمهم الاسود فيها إشارة للانتصار.

في واشنطون قال المسؤولون الامريكيون أنهم لا يستطيعون منع كوباني من السقوط. كذلك رفض الرئيس رجب طيب أردوغان السماح بإمداد الكرد بالسلاح والامدادات. انسحب المقاتلون الكرد إلى عدة مباني في موقف أخير نظر له العديدون في الغرب كرمز هام للمقاومة ضد الجهاديين. داخل كوباني قال المقاتلون الكرد بأن معرفتهم بالمدينة وخبرتهم في قتال العصابات القريب أوقف تقدم الدولة الاسلامية. يقول المقاتلون أنهم استخدموا الشراك الخداعية وشبكة معقدة من الانفاق حفرت بين البيوت من أجل الهجوم على مقاتلي الدولة الاسلامية وتجنب قناصيها.

لقد جرحت أفيندار بركل, البالغة 24 سنة والمقاتلة ضمن الوحدات النسائية, عندما دخلت منزلا يسيطر عليه الجهاديون. (اعتقدنا أن الشقة فارغة. لقد بدو مندهشين كما نحن) قالت أفيندار (قام رجل قوي البنية بلحية سوداء برمي قنبلة يدوية باتجاهي). ولا يزال كاحلها المصاب مربوطا حتى نهاية هذا الاسبوع.

قالت الدولة الاسلامية نهاية اكتوبر بأن الضربات الجوية الامريكية قليلة التأثير ونشرت فيديو, أشر بواسطة الصحفي البريطاني السجين جون كانتلي, بأن الجهاديين على وشك الانتصار والقضاء على باقي المقاتلين الكرد. لكن الكرد تلقوا الدعم أوائل نوفمبر مع وصول 160 بيشمركه من شمالي العراق. وكانت القوة مسلحة بالمدفعية من أجل صد هجمات الدولة الاسلامية وقصف مواقعها.

مع تموضع الدولة الاسلامية في مواقعها حول البلدة, تطور دور الولايات المتحدة بسرعة  من حيث تصعيد الضربات الجوية والتنسيق الوثيق مع القادة الكرد السوريين, الذين قدموا معلومات دقيقة عن الاهداف للطائرات الامريكية.

أخيرا بدء الوضع يتحول. بدء الكرد في الميدان وغرفة العمليات المشتركة في أربيل استخدام نفس الخرائط والصور التفصيلية التي تستخدمها القوات الامريكية. ساعدت المعلومات التي قدمتها القوات الكردية عن مواقع الدولة الاسلامية للولايات المتحدة بضبط أيقاع الضربات, حتى في الطقس السيء, كما قال مسؤول أمريكي. وهذا قوض تكتيك هام للدولة الاسلامية المتمثل في بدء الهجمات في الجو الغائم. وأخيرا فإن الضربات الجوية ساعدت الكرد في كسور الخطوط الدفاعية الاخيرة  للدولة الاسلامية. كما قال مسؤول.

الكرد في كوباني (كانو سادة قتال الشوارع, لكن نحن جلبنا السلاح الثقيل في لحظة حرجة من الزمن, عندما كانت الدولة الاسلامية على وشكل حصارهم) قال الرائد عزالدين تمو, طبيب البشمركه, يوم الجمعة.

مع ارتفاع المعنويات بوصول البيشمركه, وضربات الطائرات الامريكية , تعرض الجهاديون لخسائر كبيرة, كما قال المسؤولون الكرد والأمريكيون. في يناير بدء الغزاة بالانسحاب من مركز المدينة إلى القرى المحيطة.

أعلن الكرد الانتصار الاسبوع الماضي, وتم الاحتفال في شوارع كوباني المحطمة.  المقاتلون مثل عكيد بوطان, قائد مجموعة من 40 رجل والقائد في غريلا ب ك ك, طاردوا جهاديي الدولة الاسلامية.(نحاول تجنب الصدامات وخسارة مسلحين)                                   يقول السيد بوطان, الكردي التركي الذي يرتدي قبعة لا عب بيس بول سوداء عليها صور لغيفارا. ( لقد فقدنا سابقا المئات من مقاتلينا).

قال المقاتلون واللاجئون أنهم يسعون لفهم مهمة إعادة بناء المدينة, التي يعتقدون أنها ستستغرق عدة سنوات. على السلطات المحلية الحصول على معدات ثقيلة, بالاضافة لإيجادة الطريقة الأكثر أمانا لإزالة الانقاض والخرائب التي يمكن أن تحتوي على ذخائر غير منفجرة.

ينتظر لاجئو كوباني على الجانب التركي من الحدود, حيث انتهت تركيا رسميا من بناء أكبر مخيم للاجئين يستوعب 35000 شخص. هناك مواطنون من كوباني يقولون أنهم سيعودون إن سمحت لهم الجهات الكردية حتى لو كانت منازلهم الآن كومة من الخراب.

بالنسبة للعديدين من الذين قاتلوا هنا, كوباني هي فقط النصر الأول في صراع أوسع. (على الرغم من انتهاء معركة كوباني , لكنني لن أعود للمنزل) قال السيد بركل, المقاتل الكردي, الذي كان يحمل بندقية كلاشنكوف على ظهره (سأستمر في القتال في الاجزاء الاخرى من كردستان سوريا ).

 

 

شارك هذا المقال: