تركيا والكرد : من المأزق إلى الفرصة – الحلقة الأولى

شارك هذا المقال:

Turkey and the Kurds: From Predicament to Opportunity

ÖmerTaşpinar and GönülTol

تركيا والكرد : من المأزق إلى الفرصة

عمر تاشبينار وغنل تول

الترجمة عن الإنكليزية : د. مسلم عبد طالاس

US – EUROPE ANALYSIS SERIES NUMBER 54, January 22, 2014

The Brookings Institution

Center on the United States and Europe

مركز الولايات المتحدة وأروبا[ في معهد بروكنغز] CUSE يرعى المستوى العالي من الحوار بين أوربا والولايات المتحدة حول التغيرات في أوربا والتحديات التي تؤثر على العلاقات عبر الاطلسي. ويقدم المركز أبحاث ومقترحات مستقلة للمسؤولين وصناع السياسة في الولايات المتحدة وأوروبا, ويعقد المؤتمرات والمنتديات العامة حول القضايا المتعلقة بالسياسة.

 

ترجمة: د. مسلم عبد طالاس

الحلقة الأولى

 

بعد ثمانين عام من تأسيس الجمهورية التركية, يبدو أن أنقرة  على حافة تغيير نموذجي في مقاربتها للمسألة الكردية. من المبكر جداً القول ما إذا كانت المحادثات الجارية بين أنقرا وحزب العمال الكردستاني PKK ستفضي لتلبية مطالب الكرد الثقافية والسياسية. مع ذلك, وربما للمرة الأولى في تاريخها, تبدو الجمهورية التركية مستعدة لدمج الكرد في النظام السياسي بدلا من مواجهتهم عسكريا. حاولت تركيا على مدى عقود صهر (هضم)أقليتها الكردية الضخمة, البالغة حوالي 15 مليون شخص, أو حوالي 20% من مجمل سكانها. منذ أواسط العشرينات [القرن العشرين] وحتى نهاية الحرب الباردة, تجاهلت أنقرا وجود القومية الكردية وحقوقها الثقافية. تطلب الأمر ثلاثة عقود من تمرد PKK لكي تبدأ الجمهورية بتقبل حقيقة الوجود الكردي وتطبق إصلاحات ثقافية[1]. وربما هذا هو تفسير كون قائد PKK  السجين بطلاً قوميا في أعين قسم كبير من المجتمع الكردي.

       من أصل حوالي 30 مليون كردي في الشرق الأوسط, نصفهم تقريبا يعيش في تركيا[2]. ويشكل الكرد كذلك أقلية كبيرة في الدول المجاورة : العراق وإيران وسوريا.  ورغم أنه غالبا ما يشار للفلسطينيين كأشهر حالة لأمة بلا دولة في الشرق الأوسط, لكن الكرد الذين يتجاوز عددهم عدد الفلسطينيين بخمسة أضعاف, هم مجموعة قومية أكبر بكثير في المنطقة, ساعية للحكم الذاتي القومي. لذلك فإن مستقبل تركيا والشرق الأوسط مرتبط بقوة بالمسألة القومية الكردية.

       خلال السنوات العشر الماضية, بدأت تركيا طريقا طويلاً بمنح بعض الحقوق الثقافية للأقلية الكردية. على سبيل المثال يقوم التلفزيون الحكومي بالبث باللغة الكردية. ومن الممكن أيضا الان تعلم الكردية كلغة اختيارية في المدارس العامة. لكنهذه الاصلاحات أقل من أن تلبي التطلعات الكردية المتصاعدة. والنقاش الدائر حاليا حول الحقوق الثقافية للكرد غير محصور بتعليم الكردية كمادة اختيارية, بل المسألة الأهم هي التعليم باللغة الكردية, أي الحق في دراسة المرحلة الابتدائية والثانوية باللغة الكردية. التعليم بالكردية مسألة محورية لأنها يمكن أن تضع نهاية للسياسة التقليدية في إجبار الكرد على الانصهار في المجتمع التركي, وأن تمهد الطريق لتركيا متعددة الثقافات. وقد أثار النقاش ايضاً إمكانية شكل من الحكم الذاتي للكرد, وهي فكرة تسير بشكل عكسي تماماً للطبيعة الواحدية للجمهورية التركية.

الاسئلة المثارة حول البنية الأساسية للجمهورية يمكن ان تعالج في غياب العنف. لكن التسوية تصبح صعبة جداً في ظل العودة المتقطعة للعنف بين تركيا وPKK.وهذا هو سبب أن معظم المفاوضات التي جرت مؤخراً بين الحكومة التركية وعبد الله أوجلان  تشكل فرصا حاسمة. التحدي الذي تواجهه أنقرة هو النظر للمسألة الكردية من منظور سياسي بدلا من منظور الامن القومي ووضع نهاية للسياسات ذات التوجه نحو صهر وقمع الكرد, والتي اتبعت خلال الـ90 سنة الماضية. هناك مجال لتفاؤل حذر. خلال السنوات القليلة الماضية, بدا أن تركيا على مسار يحاول كسب الكرد واستمالتهم بدلا من مواجهتهم. ويبدو هذا الاتجاه واضحاً من خلال انغماس تركيا بشكل متزايد اقتصادياً وسياسياً وديبلوماسيا في كردستان العراق. وفي الداخل هناك الإطار الجاري العمل ضمنه, أي عملية إمرالي (على اسم الجزيرة التي يقضي فيها عبد الله أوجلان حكمه بالسجن مدى الحياة). هدف الحكومة التركية هو إقناع مقاتلي PKK بإلقاء السلاح ومغادرة تركيا[3]. وفي المقابل يبدو أن أنقرة التزمت بفتح المجال بشكل أوسع أمام الحقوق والحريات الكردية, وربما يمهد هذا الطريق للامركزية إدارية وربما حتى شكل من الحكم الذاتي.

       إن المفاوضات مع الكرد خطرة جدا وواعدة جداً بالنسبة لحزب رئيس الوزراء الحاكم رجب طيب أردوغان, حزب العدالة والتنمية AKP. فحل المشكلة الكردية في الداخل باتمام اتفاق السلام مع PKK, سيعزز قوة أنقرة في السياسة الخارجية, وبشكل خاص في علاقاتها مع سوريا والعراق. على سبيل المثال فإن حزب الاتحاد الديمقراطي(PYD), التابع لحزب العمال الكردستاني, يقاتل ضد الجماعات الاسلامية الراديكالية, وهناك تقارير بأن تركيا تدعم تلك الجماعات ضد PYD[4]. قصر النظر هذا المعتمد على فكرة أن عدو عدوي صديقي لن تبقى إن استطاعت تركيا استمالة PKK إلى اتفاق السلام. في نفس الوقت فإن PKK تقليديا يتمتع بملاذات آمنة في قنديل في كردستان العراق. ولدى تركيا الآن العديد من صفقات الطاقة مع حكومة اقليم كردستان في أربيل. إن النمو الاقتصادي في تركيا ونمو الحاجة للطاقة يفرض شراكة قوية مع كردستان العراق الغنية بالنفط. مع ذلك يمكن لوجود PKK في المنطقة أن يسمم العلاقات الاقتصادية والسياسة المتنامية بين أنقرة واربيل. مع الاخذ بعين الاعتبار تصميم انقرة على تخفيض اعتمادها على العراق وروسيا في مجال الطاقة, فإن لـAKP مصلحة ضخمة في عدم السماح لتحدي PKK أن يصبح مضراً في شمال العراق.

        لكن منح الحقوق الثقافية والسياسية للكرد يمكن أن يبدو وكأنه تنازل لـPKK وهذا أمر منفر للناخبين من القوميين الأتراك. إن AKP كحزب محافظ ذو شعبية واسعة وميول قومية, لا يستطيع تحمل تكلفة خسارة قسم كبير من الناخبين الترك في عملية التفاوض مع PKK. إن إيجاد شكل من التوازن بين مطالب الكرد ومخاوف قاعدته من القوميين الترك سيكون أمرا شاقا بالنسبة لـAKP. في نفس الوقت يحتاج الحزب للتعامل مع التطلعات المتصاعدة للكرد نحو الحقوق الثقافية والسياسية, وبشكل خاص أن هناك مخاوف من أن عدم تلبية المطالب الكردية يمكن أن يؤدي لعنف غير مسبوق.

        إن المعارضة الكمالية العلمانية في حزب الشعب الجمهوري CHP وحزب الحركة القومية المتطرف MHP تقف بالمرصاد للاستفادة من أي فشل في عملية السلام مع PKK. وأخيراً هناك تساؤلات جدية تثار حول احتمال قيام رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بمجرد عملية تجميلية في المفاوضات مع PKK من أجل تحقيق مكاسب على اجندته السياسية الخاصة. وهناك سر معروف بأن أردوغان يخطط لانتخابات الرئاسة في يوليو 2014 , وستعمل الانتخابات المحلية القادمة في مارس ككاشف عباد الشمس له ولبرنامجه وحزبه. نتائج تلك الانتخابات المحلية يمكن أن تحدد طبيعة العلاقة مع الرئيس عبد الله غول, الذي ربما كان يخطط للبقاء في الحياة السياسية التركية إما كرئيس لفترة ثانية أو كرئيس وزراء جديد. مع الاخذ بعين الاعتبار هذه العوامل فإن أردوغان ربما كان يعتقد أنه يحتاج لعملية السلام والاستقرار في الجبهة الكردية حتى الانتخابات المحلية. وفي الوقت الذي تضررت فيه صورة أردوغان الدولية بشدة وظهرت ميوله التسلطية في قمع مظاهرات تقسيم في استنبول خلال صيف 2013, لكنه من غير الواضح مدى استعداده للتسوية في مواجه مطالب PKK.

        وهناك أيضا مخاطر على الجبهة الكردية. عدم توحد الكرد مشكلة ذات جذور عميقة في التاريخ. تريد أنقرة علاقات جيدة مع أربيل ورئيس اقليم كردستان  مسعود البرزاني. وينظر للبرزاني كمحاور كردي ذو تاثير في المنطقة مع بعض النفوذ على كرد تركيا. لكن البرزاني كان على نزاع مع PKK وهناك مشكلات جدية حول الطبيعة الاستفراديةللـPKK. وعلى الرغم من أن أوجلان قوي, لكن نفوذه على مختلف شرائح PKK ( له فروع في أوربا والعراق وسوريا وإيران) قد لا يكون مطلقاً. PKK كيان ضخم لديه بضعة آلاف من المليشيا المسلحة, وشبكة قوية ومؤسسة بشكل جيد وينافس الفصائل المتشددة. مع ذلك فإن العملية الجارية بنيت على افتراض أن أوجلان يتمتع بسطة مطلقة على PKK . لذلك فإن عدم توحد المجموعات الكردية حول اتباع الحل التفاوضي قد يكون مشكلة.

على الرغم من هذه التحديات, هناك القليل من الشك بأن المفاوضات الجارية تمثل فرصة كبيرة لكل الاطراف المعنية. إن عوامل مثل الموقف القوي لـAKP في البرلمان التركي, وضعف مقاومة الجيش التركي لعملية السلام, واستعداد أنقرة للتعاون مع أربيل وPKK لأسباب اقتصادية وسياسية يتيح بعض المجال للتفاؤل. تحلل هذه الورقة جدوى الحل السياسي للمسألة الكردية في تركيا وأبعاد السياسة الخارجية للمشكلة وكيفية تأثير هذه العملية على العلاقات التركية الأمريكية.

عملية إمرالي:

ليست عملية السلام الحالية, والتي سميت سابقا بإمرالي, هي المرة الأولى التي تحاول فيها الحكومة التركية التفاوض مع PKK. في عام 2009 بدأت أنقرة مفاوضات سرية مع PKK, انتهت لما سمي بعملية أوسلو. خلال المحادثات قللت كل من القوى الأمنية التركية وPKK عملياتها الهجومية. لكن المبادرة فشلت قبل الانتخابات العامة التركية في يونيو 2011. ونتج عن ذلك تصاعد العنف وارتفع الضحايا لمستوى لم يبلغه منذ عقد. ومع عام 2012 أصبح واضحاً أن لكل من أنقرا وPKK أنه لن يكون هناك انتصار حاسم لطرف في هذه الجولة الجديدة من العنف.

        أعلن أردوغان في أواخر ديسمبر 2012 أن وكالة المخابرات التركية MIT تقوم بمحادثات مع أوجلان في محاولة لإقناع PKK بإلقاء السلاح والانسحاب من تركيا. وبما لا يشبه محاولات السلام السابقة التي كانت سرية جداً, فإنه تم أعلام الرأي العام بهذه الجولة من المحادثات وكان هذا داعماً للعملية. حيث دعم هذه المفاوضات كل من CHP وحزب السلام والديمقراطية BDP الكردي والعديد من المنظمات المدنية وغالبية الاعلام التركي. وعلى عكس محاولات السلام السابقة كان عبد الله أوجلان في مركز المفاوضات وبدا هذا مسهلا للأمر[5]. وفي لقاء مع أعضاء BDP في البرلمان, عبر كادرPKK في أوربا والعراق عن دعمه للمفاوضات الجارية. ويبدو أن أردوغان عازم على دفع عملية السلام للأمام  ولديه رأسمال سياسي كبير تحت تصرفه طالما أن العملية تحقق السلام والهدوء في الجنوب الشرقي الكردي.

        تتضمن الخطوط العريضة للاتفاق بين أوجلان وMIT: إعلان وقف للنار من قبل PKK, وتحرير الاسرى الترك لدى PKK والانسحاب إلى شمال العراق بعد إلقاء الاسلحة. في المقابل, يتوقع أن تصدر الحكومة التركية تشريعا يعدل تعريف الإرهاب, الأمر الذي يمهد السبيل أمام إطلاق سراح المئات من المعتقلين من النشطاء الكرد.  وكجزء من محادثات التسوية, أعلن PKK وقف النار في آذار 2013 وبدأ في مايو الانسحاب من تركيا نحو معسكرات في شمال العراق. ورغم أنه لم تسجل أية حالات لضحايا منذ ذلك الحين, فإن الوضع السياسي يبقى متوتراً بسبب عدم تلبية التوقعات المتبادلة. كان التقدم محدوداً لكن وقف النار مستمر[6].

         هناك عوامل اقليمية عقدت العملية. فثورات الربيع العربي غذت الطموحات الكردية في المنطقة. ويعتقد القوميون الكرد الآن أن الحركة السياسة الكردية في العراق وتركيا وسوريا على حافة منعطف تاريخي. بالاستفادة من الفوضى في المنطقة وانهيار العلاقات بين أنقرا ونظام الاسد في سوريا, سيطر pyd بحكم الأمر الواقع على أجزاء من شمال سوريا. فهو يمتلك مليشيا مدربة بشكل جيد وأجندة سياسية واضحة حول مستقبل كرد سوريا على شكل حكم ذاتي للمنطقة على الأقل. وربما كان هذا التطور هو الذي دعم تصاعد مطالب بعض المتشددين وسط pkk. حتى إذا انسحب PKK من تركيا يمكن ان يستمر في عملياته من شمال سوريا. لذلك فإن الصفقة بين أنقرة وPKK يجب أن تتناول وجود PKK/PYD في سوريا,بما يضيف تعقيدات إضافية على عملية معقدة أصلاً[7]. وعلى الرغم من كل هذه التحديات, هناك مزاج متفائل في تركيا. يأمل المتفائلون ان سقوط نظام الأسد سيحد من مساحة المناورة أمام PYD, ويضعه في مواجه عداء دمشق واقليم كردستان. ان احتمال مرحلة صعبة سياسياً بعد الأسد, منطقياً, يمكن أن يجبر الجماعات الراديكالية في الحركة القومية الكردية  على المشاركة في المحادثات الجارية بين PKK وأنقرة. من جهة أخرى فإن الحذرون يحذرون من السقوط في جلزون عنف أضخم إذا فشلت المحادثات, وبشكل يشبه العنف الكبير في مرحلة ما بعد فشل عملية أوسلو في عام 2011 [8]. وبغض انظر عمن يقف مع من يبدو أن هناك اجماع على أن فشل أو نجاح العملية سيكون له آثار محلية واقليمية ضخمة.

       محليا, فإن حلا سلميا للمسألة الكردية سيزيل أحد اكبر حجرات العثرة في مواجهة ترسيخ الديمقراطية في تركيا. وكذلك هناك صورة أردوغان, المتطلع لانتخابات الرئاسة عام 2014, التي ستترسخ في التاريخ باعتباره القائد الذي وضع حداً لصراع البلد مع PKK الذي استمر ثلاثين عاماً. مع الأخذ في الاعتبار التطلعات المتصاعدة للكرد, مثل هذه النتيجة الايجابية ستعتمد على فرص تركيا في أن تصبح بلدا ذو درجة أكبر من تعدد الثقافات واللامركزية التي تحمي الحقوق الكردية بموجب القانون. والخطوط الحاسمة في هذا المجال هي ضمان إصلاح الدستور الذي طبقه العسكر عام 1980.

        لكن AKP لا يمتلك الاغلبية البرلمانية اللازمة لتشريع إصلاح دستوري ولذلك يحتاج للتعاون مع أحزاب المعارضة. بعد الانتخابات العامة عام 2011 تم تأسيس لجنة إصلاح دستوري تضم تمثيل متساوي لكل من AKP وCHP و MHP والحزب الكردي BDP (حيث تضم ثلاثة برلمانيين لكل حزب) في سبتمبر من أجل إعداد دستور جديد[9]. وباعتبار أن اللجنة تتطلب الاجماع من أجل المصادقة على التغيرات, فإن تحقيق الاجماع على مسألة خطيرة مثل التنوع الثقافي واللغوي والديني والقومي في تركيا يبدو مستحيلاً. ومن غير المفاجيء أنه حول مسألة الهوية القومية يقف MHP  وBDP على طرفي نقيض في الطيف السياسي. وكذلك فإن مسائل مثل تشديد AKP على النظام الرئاسي فاقم من الحراك السياسي وحد من فرص الاجماع.  بعد فشل لجنة الاصلاح الدستوري في تحقيق نتيجة, قررت حكومة AKP اتباع مشروعها الخاص في للإصلاحات الديمقراطية, جزئيا من أجل معالجة المطالب الكردية التي نوقشت في سياق عملية إمرالي. أعلن اردوغان في سبتمبر 2013  ” حزمة المقطرطة” التي تم انتظارها طويلاً. النقاط المفتاحية في الحزمة ذكرت  أن التعليم باللغة الكردية مدارس يمكن أن يتم في المدارس الخاصة, لكن ليس في العامة[10].  ( من أجل أن يصبح ممكنا أن يتم التعليم باللغة الكردية في المدارس الحكومية. فإن المادة التي تنص على أن التركية هي اللغة الرسمية الوحيدة في تركيا يجب أن تعدل). وستشرعن الحزمة لاستخدام اللغة الكردية ولغات الأقليات الاخرى في المعارك الانتخابية, واستعادة اسماء القرى الكردية في جنوب شرقي تركيا, واستخدام أحرف Q  و W و X التي لا تستخدم في الكردية لكن لا تستخدم في التركية, وكذلك سيلغى القسم الصباحي الذي يردده تلاميذ المدارس والذين ينص على : (أنا تركي, أنا على حق, أنا أعمل بجد)[11].

         فشلت حزمة المقرطة هذه في تلبية مطالب الكرد. فقد كانت آمال الكرد تنصب على  التعليم باللغة الكردية وتعديل قانون مكافحة الارهاب. خيبت الحزمة أمال غالبية الكرد لأنها لم تعالج مسألة التعليم العام باللغة الكردية ولم تغير قانون مكافحة الارهاب. كذلك فشلت الحزمة في تلبية المطالب من حيث عدم اتخاذها خطوات متصلة نحو خفض عتبة 10% اللازمة لأي حزب لدخول البرلمان[12]. وهذه مسألة هامة في المشكلة الكردية , حيث أنها تعرقل أمام التمثيل السياسي لـBDP, وفي الانتخابات الاخيرة اضطر لدخول انتخابات البرلمان بصيغة المستقلين بدلا من الحزب. وفشلت حكومة AKP في تلبية طموحات , باعتبارها أعلنت أن البرلمان سيبدأ بمناقشة هذه المسألة. وحتى الآن ليس واضحاً ما إذا كان AKP يدعم خفض هذه العتبة إلى نسبة 5% من اصوات الناخبين[13]. في مثل هذه الظروف لا يمكن تجنب خيبة الأمل[14].

الأمر الايجابي هو إعلان الحكومة بوضوح أنها مستعدة لبذل جهود تشريعية أكبر نحو المقرطة وأن المقترحات الحالية يجب أن تعتبر البداية, وليس النهاية, في عملية إصلاح طويلة الأجل. على الرغم من الفشل النسبي في تلبية المطالب الكردية في الداخل, يمكن للمرء أن يقول أن أنقرة تسير في طريق طويل من النجاح في استمالة المد المتصاعد للطموحات الكردية. تلك المصاعب في الديناميكيات السياسية في الداخل جعلت بعد السياسة الخارجية في الاستراتيجية الكردية لتركيا الأكثر أهمية  وله أثر مباشر على سياسة تركيا الخارجية فيما يتعلق بإقليم كردستان والأزمة السورية والانعكاسات على العلاقات التركية الأمريكية.



[1]– من أجل تفصيل واسع عن السياسة التقليدية للحكومة التركية تجاه الكرد انظر :

Henri J. Barkey and Graham F. Fuller, Turkey’s Kurdish Question (Carnegie Commission on Preventing Deadly Conflict Series, Lanham, Rowman& Littlefield, 1998).

[2]– الاحصاءات الرسمية التركية لا تسجل الانتماء القومي. ويقدر بأن 15-20% من السكان من أصل كردي. وهذا يعني حوالي 15 مليون. وحسب أرقام من CIA يعيش في كل من إيران والعرق وسوريا /8/ مليون /6/مليون /2/ مليون مواطن من أصل كردي على التوالي. أنظر : https://www.cia.gov/library/publications/the-world-factbook/wfbExt/region_mde.html

[3]– اعتقل عبد الله أوجلان عام 1999 واتهم بالارهاب وحكم عليه بالاعدام , وخفف الحكم لاحقا للسجن مدى الحياة  كجزء من إصلاحات تتم لتلببيه المعايير اللازمة للعضوية في الاتحاد الأوربي . حول اعتقال ومحاكمة أوجلا انظر:

BBC Special Report: The Öcalan File,” Friday, 26 November, 1999, http://news.bbc.co.uk/2/hi/europe/280453.stm

[4]– See Semihİdiz http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2013/08/turkey-considers-support-for-al-nusra.html (August 13, 2013)

[5]–  من أجل الاطلاع على تقييم أكاديمي للجهود المبكرة لأردوغان في المسألة الكردية أنظر:

Çiçek, Demir, “Elimination or Integration of Pro-Kurdish Politics: Limits of the AKP’s Democratic Initiative” Turkish Studies, Vol. 12, No. 1, (2011), pp. 15-26.

[6]– Albayrak, Aldin, “Terrorist PKK Halts Withdrawal from Turkey, Maintains Cease-

Fire,” Today’s Zaman, September 9, 2013, http://www.todayszaman.com/news-325823-terrorist-pkk-halts-withdrawal-from-turkey-maintains-cease-fire.html

[7]– Marcus, Alıza “Kurds in the new Middle East” The National Interest, August 22, 2012, http://nationalinterest.org/commentary/kurds-the-new-middle-east-7377

[8]– Akyol, Mustafa, “Turkey Considers New ‘Peace Process’ With PKK,” Al-Monitor, January 2013, http://www.al-monitor.com/pulse/iw/contents/articles/originals/2013/01/pkk-peace-turkey.html

[9]–  حول عملية مناقشة الاصلاحات الدستورية والمسألة الكردية فيها انظر:

www.turkeyconstitutionalwatch.org.

[10]– Schleifer, Yigal , “Ankara’s New Democratization Package Gets Mixed Reviews” Eurasianet,

October 1, 2013 -,http://www.eurasianet.org/node/67567

[11]-11Aybayrak, Ayla, “Turkey’s Long-Awaited “Democracy Package”: The Rundown” Wall Street Journal Europe, September 30, 2013, http://blogs.wsj.com/emergingeurope/2013/09/30/turkeys-long-awaited-democracy-package-the-rundown/

[12]– لكي يستطيع الحزب أن يصل للبرلمان التركي عليه أن يحصل في الانتخابات على حد ادنى 10% من أصوات الناخبين.

[13]– 13Asalioğlu, Ibrahim, “Government’s proposed election systems favor AK Party,” Today’s Zaman, October 13, 2013,http://www.todayszaman.com/newsDetail_getNewsById.action;jsessionid=0E40D80EE4202E478335FDBFE06046D7?newsId=328844

[14]–  من أجل المزيد من التفصيل حول مخاوف الترك ومطالب الكرد انظر:

“Crying ‘Wolf:’ Why Turkish Fears Need Not Block Kurdish Reform,” International Crisis Group, October 7, 2013, http://www.crisisgroup.org/en/regions/europe/turkey-cyprus/turkey/227-crying-wolf-why-turkish-fears-need-not-block-kurdish-reform.aspx

شارك هذا المقال: