الأكراد وإسهامهم في الأدب العربي قراءة مستعجلة

شارك هذا المقال:

الأكراد وإسهامهم في الأدب العربي  قراءة مستعجلة

محمد زكريا الحمد

عند الحديث عن الحضارة الإسلامية التي كانت حضارة جامعة حقيقة احتضنتها هذه المنطقة من العالم على اتساعها من شواطئ الأطلسي إلى تخوم الصين ومن وسط أورية إلى سواحل المحيط الهادي هذه الحضارة التي كانت متميزة ورائعة قدمت الكثير للعالم فبرهنت على أنها عالمية كعالمية الرسالة التي تحملها والتي استقت فكرها منها وبنت نتاجها عليها وتتجلى هذه العالمية بكونها لم تكن حكراً على شعب واحد فقط من شعوب المنطقة ولا على قوم معينين أو محصورة في جغرافية بعينها بل على اختلاف الألسن والثقافات والبلدان وقد صبغت بصبغة واحدة  لتكوّن نتاجاً واحداً متماسكاً و لأن اللغة الدينية  نزل بها القرآن وتكلم بها النبي صلى الله عليه وسلم فصارت اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدول المتعاقبة

هي اللغة العربية التي كانت وعاء للنشاط الثقافي و الأدبي كلّه وذلك لأغلب من انضوى تحت مظلة هذه الحضارة من الفرس والعرب والترك والأكراد والشركس  وغيرهم .

و الأكراد أحد الشعوب الأصيلة التي تعيش في هذه المنطقة إلى جوار إخوانهم العرب والأتراك وقد دخلوا باكراً إلى الإسلام وساهموا مساهمة فاعلة في نشر الدين وبناء الحضارة الإسلامية بكل مكوناتها  ولعل

يمكن تصنيف رجالات الأكراد الذين كان لهم دور بارز  في نشر الحضارة الإسلامية  إلى ثلاثة أصناف مع ملاحظة صعوبة او استحالة الجزم أحياناً بصحة نسبة  بعض هؤلاء إلى الكرد بسبب عدم احتفاء مصادر الترجمة بهذه الناحية ولكن الظن قائم و أحياناً راجح وحيناً مرجوح :

الصنف الأول: القادة العسكريون وحماة الديار الإسلامية:

أسد الدين شيركوه عم صلاح الدين الأيوبي كان من أبرز القيادات العسكرية في جيش عماد الدين الزنكي الذي استطاع أن يقف في وجه الصليبية وأن يعيد مصر إلى أحضان الأمة الإسلامية.

أبو المظفر الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي من أشهر ملوك الإسلام( 1338 -1193) اتفق أهل التأريخ على أن أباه وأهله من دوين) وهي بلدة في آخر أذربيجان وأنهم أكراد روادية

 وممن يعد أيضاً : الحاكم كريم خان زند والحاكم محمد علي باشا و السلطان الصالح نجم الدين الأيوبي والسلطان العادل الأيوبي والسلطان الكامل الأيوبي والسلطان توران شاه الأيوبي  والملك نصر الدولة المرواني   والوزراء البرامكة والوزير العادل بن السلار   والوزير الشاعر أبو نصر الفارقي والقائد الثائر إبراهـيم هنـــانو

 الصنف الثاني:علماء الكرد:

ابن صلاح الإمام الحافظ العلامة شيخ الإسلام تقي الدين أبو عمرو عثمان بن المفتي صلاح الدين عبد الرحمن بن عثمان بن موسى الكردي الشهرزوري الموصلي الشافعي ، صاحب ” علوم الحديث ” . الملقب بابن الصلاح الشهرزوري.

 العلاّمة الموسوعي أبو حنيفة الدِّينَوَري و القاضي كمال الدين الشهرزوري والإمام  أبو القاسم الجنيد

الشيخ  خالد النقشبندي و الإمام الحافظ العـراقي و  الفقيه عيسى الهكاري و النحوي ابن الحاجب

الصنف الثالث : أدباء الكرد وحماة الأدب  العربي:

الأديب الموسوعي أبو علي القالي – الموسيقي إبراهيم الموصلي – الموسيقي إسحاق الموصلي -الموسيقي زرياب- الناقد الحسن بن بشر الآمدي – الأديب جحظة البرمكي – الشاعر المؤرخ خير الدين الزِّرِكْلي – الشاعر جميل صدقي الزهاوي

أمير الشعراء  أحمد شوقي –  الشاعر معروف الرصافي

ولكن لا يتسع المقام لهؤلاء جميعاً بل نقتصر على ذكر الآمدي من القدماء والأسرة التيمورية من المحدثين :

الناقد الشاعر الأدبي الآمدي :

أبو القاسم الحسن بن  بشير يحيى الآمدي وهو آمدي وليس هناك دليل قاطع على كرديته ولكنه ينتمي إلى منطقة جغرافية غالبية أهلها أكراد ولذلك يرجح بعض الباحثين كونه كردياً وقد لد في البصرة ونشأ فيها وقد توفي حوالي سنة (370هـ ) أخذ العلم عن جهابذة العلم في عصره مثل الزجاج والأخفش والسراج وأبي بكر بن دريد ونفطويه ويذكر عن نفسه أنه كان نفسه كان يتلقط محاسن شعر أبي تمام والبحتري سنة 317 للهجرة وأشار ياقوت الحموي إلى أنه ألف كتاب ( تبين غلط قدامة الشعر ) لابن العميد وكان أبو الفضل ابن العميد من أئمة الكتّاب وقد لقّب بالجاحظ الثاني
وتوّلى الآمدي الكتابة لقاضي بلده وأبي عبد الرحمن الهاشمي ثم لأخيه أبي الحسن ثم اعتزل توفي وترك السياسة واعتزلها([1]) .

مؤلفاته وتلامذته :

من مؤلفاته الني تذكر له كتاب المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء ، الموازنة بين الطائيين , نثر المنظوم ، ما في عيار الشعر لابن طباطبا من الخطأ ، كتاب الفرق بين الخاص والمشترك ، كتاب تفضيل أشعار امرئ القيس على الجاهليين ، كتاب معجم الشعراء ، شرح حماسة أبي تمام ، شرح ديوان المسيب بن علس ، ديوان الأعشى الكبير ، كتاب الشعراء المشهورين ، كتاب الأمالي ، كتب أشعار بني يربوع .

أجمعت المصادر على أن سعة علمه ودقة معرفته بالشعر والأدب فقال عنه القفطي ( إمام في الأدب وله شعر  حسن واتساع تام في علم الشعر ومعانيه رواية ودراية وحفظاً و صنف في ذلك كتباً حساناً واتسع في الآداب وبرز فيها وانتهت لاواية الشعر القديم والأخبار في آخر عمره في البصرة إليه ) ([2]) .

وله كتاب( الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري )

وله كتب في النحو منها ( فعلت وأفعلت ) الذي يقول عنه ياقوت الحموي في معجم الأدباء ( غاية لم يصنف مثله ) وذكر أن له كتباً في معنى (قد وهل)

وله مكانة نقدية عالية يقول عنه الدكتور إحسان عبّاس في كتبه تاريخ النقد الأدب عند العرب :  (إن أبا القاسم الحسن بن بشر الآمدي أول ناقد متخصص جعل النقد أهم ميدان لجهوده وفيه جلّ مؤلفاته ) ([3])

ويقول إحسان عباس أيضاً : ( ويأوي الآمدي في نقده إلى ركن شدي يجعله أساساً لنظريته النقدية وهو الرجوع في كلّ أمر يختلف فيه المتذوّقون ألى ما تعارف عليه العرب وأقرّته وأثر عنها فكما أنّ على الشاعر أن يلتزم عمود الشعر فإن على الناقد أن يلتزم عمود الذوق ) ([4])

ويقول الدكتور عبد الله حمد محارب في دراسته حول كتاب الموازنة 🙁 وما من شكٍّ في أن الآمدي كان يتمتع بحسّ فني كاشف وبموهبة في التذوق مرهفة أضفيا على أحكامه لمسات جمالية فجاءت قريبة من القلب وإن خلت في كثير من الأحيان من التعليل ) ([5])

وهكذا نجد شهادات كثيرة من القدامى والمحدثين بخصوص الآمدي الذي يعدّ ناقداً فذّاً من نقَاد الأدب العرب  و ممن له إسهام واضح لا ينكر  في خدمته .

أدب الأسرة التيمورية :

هذه الأسرة أشبه ما تكون بدوحة أدبية فنية عمّ ذكرها وانتشر صيتها قل أن نجد لأسرة من لأسر ما نجده مما اجتمع لهذه الأسرة من الفضائل من غزارة إنتاج وتعدد مواهب وهي الأسرة ذات الأصول الكردية التي لها دور بارز وكبير على العلم والأدب في العالم العربي وهي تنتسب إلى الجد محمد تيمور كاشف الذي يرد اسمه في الأوراق المصرية ( محمد بن إسماعيل بن كرد) بعد خراب قريته التي كانت قريبا من السليمانية والتحق بالجيش العثماني إلى مصر وكان مقرّباً من محمد علي باشا والي مصر وتولى له وظائف عديدة منها ( الكشوفية ) التي صارت له لقباً بعد ذلك ومنها إمارة المدينة المنورة بعد القضاء على الحركة الوهابية ثم اشتهر بلقب تيمور وكان ديّناً صيّناً مثقفاً يعرف الكردية والتركية والفارسية والعربية توفى عن عمر ناهز الثمانين عاما 1265هـ/1848م،  ودفن بجوار مقام الإمام الشافعي بالقاهرة.

اشتهر من هذه الأسرة اسماعيل تيمور باشا الذي أنجب الشاعرة عائشة التيمورية والعلامة الكبير أحمد تيمور باشا الذي أنجب محمد تيمور والقاصّ محمود  تيمور .

وفيما يلي نبذة عن هؤلاء الأعلام المغمورين:

 إسماعيل تيمور باشا( 1230ـ 1289 هـ  1814ــ 1882م)

إسماعيل رشدي باشا الكوراني نشأ نشأة رغيدة و أحب العلوم والآداب في صغره وأتقن التركية والفارسية وبرع في الإنشاء التركي وأصبح الكاتب الخاص  لمحمد علي باشا وتوّلى عدة وظائف رسمية ومن أولاده : أحمد تيمور باشا والشاعرة عائشة التيمورية .

أما خلقه، فالحلم والتواضع مع الشدة، وفصاحة اللسان، والشغف بالعلم والعلماء لا يخلو مجلسه منهم، مولعاً بالمطالعة، شغوفا باقتناء الكتب ([6]). وفيما يلي نبذة عن كل منهما:

1)العلامة احمد تيمور باشا ( 1288ـ 1348هـ =1871ـ1930م)

أحمد بن إسماعيل باشا أديب مؤرخ لغوي مؤرخ توفي والده وهو صغير فتربى عند أخته الشاعرة عائشة التيمورية وقد كان من المولعين بالأدب العربي تعلم العربية والفارسية والتركية كما كان عاشقاً للكتب وقتنائها بلغت  مكتبته 119 ألف مجلد آلت بعد وفاته إلى دار الكتب المصرية كان عضو مجلس الشيوخ المصري ومنح رتبة الباشوية وكان عضواً في المجمع العلمي في دمشق والقاهرة و المجلس العلمي الأعلى لدار الكتاب المصري و عضوا في لجنة الآثار المصرية تزوج من ابنة وزير الداخلية احمد رشدي باشا  وله ثلاثة أولاد إسماعيل ومحمد ومحمود والأخيران أديبان معروفان مشهوران وكان يسمّى بأبي النابغين وله كتب كثيرة منها

“التصوير عند العرب ـ ط”، و”نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الأربعة ـ ط”، و”تصحيح لسان العرب ـ ط” لابن منظور، و”تصحيح القاموس المحيط ـ ط”، و”اليزيدية ومنشأ نحلتهم ـ ط” رسالة، و”تاريخ العلم العثماني ـ ط” رسالة، و”ضبط الأعلام ـ ط”، و”البرقيات والمقالة ـ ط”، و”لعب العرب ـ ط” رسالة، و”أبو العلاء المعري وعقيدته ـ ط”، و”الألقاب والرواتب ـ ط”، و”معجم الفوائد ـ خ” وهو ألام لمؤلفاته كلها، و”الآثار النبوية ـ ط”، و”أعيان القرن الرابع عشر ـ ط” صغير، و”والأمثال العامية ـ ط”، و”الكنايات العامية ـ ط”، و”تراجم المهندسين العرب ـ ط” نشر في مجلة الهندسة، و”نقد القسم التاريخي من دائرة معالم فريد وجدي ـ ط”، و”التذكرة التيمورية ـ ط” مجلدان، و”السماع والقياس ـ ط”، و”أبيات المعاني والعادات ـ خ”، و”المنتخبات في الشعر العربي ـ خ”، و”تاريخ الأسرة التيمورية ـ ط”، و”أسرار العربية ـ ط”، و”أوهام شعر العرب في المعاني ـ ط”، و”ذيل طبقات الأطباء ـ خ” و”مفتاح الخزانة –خ” فهرس لخزانة الأدب للبغدادي ، و”ذيل تاريخ الجبرتي ـ خ”، و”الألفاظ المصرية ـ خ”، و”قاموس الكلمات العامية ـ ط” ستة أجزاء” رسائل بين العلامة احمد تيمور باشا والأب انستاس الكرملي “، و”صناعة الكتاب في علم الحروف ومخارجها ـ ط”، و”أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث ـ ط” ، و”علي بن أبي طالب وشعره وحكمه ـ ط” ، و”أوهام شعراء العرب في المعاني ـ ط”، و”الموسيقى والغناء عند العرب ـ ط”، و”الحب والجمال عند العرب ـ ط”، و”أسرار العربية ـ ط”، و”المختار من المحفوظات العربية في الآستانة ـ ط”، و”نوادر المحفوظات العربية وأماكن وجودها ـ ط”، و”الأسلحة النارية في الجيوش الإسلامية ـ ط”، و”التذكرة التيمورية ـ ط”، و”تراجم أعيان القرن الثالث عشر والرابع عشر” ، و” أسماء الأطعمة ” .

توفي بالقاهرة يوم 26نيسان 1930، فرثاه شعراء مصر والعراق وسوريا، ومنهم الشاعر العراقي محمد بهجت الأثري الذي قال:

يا ناعيا من مصر خير   سراتها       أعلمــت  أنك  قد  نعيت النيلا؟

إن المصاب بمثـل احــمـــــد إنما        يذر النفوس تسيل منه مسيلا

علم رعى الفصحى وأحيا مجدها      وأحلها   فــــوق  اللغات  مقيلا

توفيت زوجته وهو في التاسعة والعشرين من عمره فلم يتزوج بعدها مخافة أن تسيء الثانية إلى أولاده ([7]).

وفيما يلي تعريف موجز  عن ولديه الأديبين محمد  ومحمود  :

أ‌-         الأديب محمد تيمور(1310 – 1339هـ =1892-1921م)

محمد بن أحمد بن إسماعيل باشا شاعر وممثل و مؤلف مسرحي من مؤسسي الأدب المسرحي والقصصي في مصر سافر إلى أوربة واضطلع على ثقافتها وآدابها فقد كان له محطة في برلين ثم باريس  وقرأ كثيراً من الأدب الفرنسي رجع بعدها إلى مصر وصرف جلّ همّه إلى المسرح متأثراً بالمذهب الواقعي وأسس جمعية ( أنصار التمثيل ) مثّلت له الفرقة المهدية كثيراً من المسرحيات و الأوبريت وغيرها كما قد أولع بالتمثيل فألف فرقة كان هو بطلها ومؤلف رواياتها ومشرفها وله مونولوجات مختلفة كما يعدّ من رواد القصة القصيرة وعلى يديه ولدت القصة العربية الحديثة. مع قصته الأدبية ” في القطار” .لكن المنية عاجلته في الثلاثين من عمره .

وقال فيه المستشرق الروسي كراتشوفسكي إنه منشئ الأقصوصة المصرية، ومبتكر التصوير الواقعي للحياة الاجتماعية الحديثة، ملما ً كل الإلمام بالآداب الأوروبية، وطبع أقاصيص صغيرة مأخوذة من واقع  الحياة المصرية، بأسلوب يشابه  موباسان أو تشيخوف.

     من آثاره:  “وميض الروح ـ ط”، و” المسرح المصري ـ ط” وفيه روايتان فكاهيتان من قصصه إحداها “ العصفور في القفص “ والثانية” عبد الستار أفندي”. وكتاب “ ما تراه العيون ـ ط” جمعت فيه قصصه وخواطره بعد موته([8]).

ب – الأديب محمود تيمور( 1311 ـ 1393 هـ = 1894 – 1973 م)

محمود بن أحمد بن إسماعيل تيمور الذي يدعى أمير القصة في العالم العربي ولد في القاهرة ثم سافر إلى سويسرا وأحب الأدب الفرنسي والعربي فعكف على دراستهما بدأ كتابة القصص بالعامية ثم أتقن الفصحى ليتخذها أداة طيعة في كتاباته ونظم الشعر المنثور وقد وظّف أدبه ليحكي هموم المجتمع ويصور معاناة الشعب ويعالج همومهم  كان عضو المجمع العلمي في القاهرة والمجمع العراقي وله أسلوب شديد البساطة متأثر قليلاً باللغات الأوربية وقد نال عدة جوائز جائزة مجمع اللغة العربية بالقاهرة 1947. وجائزة الدولة للآداب 1950، وجائزة الدولة التقديرية في الأدب لعام 1963، وجائزة واصف غالي باشا في باريس 1951.

توفى مصطافا في لوزان بسويسرا يوم 23 آب 1973، ونقل ودفن في القاهرة .

أما آثاره الروائية فهي تنوف عن الخمسين عملا، ترجم بعضها إلى لغات شتى، وهي تدور حول قضايا عصرية وتراثية و تاريخية فضلا عن روايات  استوحاها من  رحلاته أو روايات أدارها حول الشخوص الفرعونية.

القصص: “الشيخ سيد العبيط” 1925، و”رجب أفندي” 1928، و”كلوبترا في خان الخليلي” 1946. و”سلوى في مهب الريح” 1947، و”الحاج شلبي” و”نداء المجهول”.

المسرحيات: “حواء الخالدة” 1945، و”اليوم خمر”1949، و”صقر قريش” 1956، و”النبي الإنسان”.

ومن كتبه” مشكلات اللغة العربية”، و”معجم الحضارة”. وقد ترجم الكثير من قصصه القصيرة إلى بعض اللغات الأوروبية.

كان أسلوبه شديد البساطة ميالا إلى التأثر باللغات الأوروبية، وكانت لغته القصصية بسيطة صافية، مع حرصه على التعبير باللغة الفصحى .

اعتبره الدكتور شوقي ضيف مؤسس فن الأقصوصة في الأدب العربي الحديث. كما قال له الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي: لا أكاد أصدق أن كاتبا مصريا وصل إلى الجماهير المثقفة وغير المثقفة كما وصلت إليها أنت ؟ فلا تكاد تكتب ولا يكاد الناس يسمعون بعض ما تكتب حتى يصل إلى قلوبهم كما يصل الفاتح إلى المدينة التي يقهرها فيستأثر بها الاستئثار كله” ([9]).

2)عائشة التيمورية(1320-1256هـ =1840-1902م)

عائشة عصمة بنت إسماعيل باشا ابن محمد كاشف تيمور: شاعرة، أديبة، من نوابغ مصر، ورائدة النهضة الأدبية النسوية في العصر الحديث. كانت تنظم الشعر بالعربية والتركية والفارسية. مولدها ووفاتها في القاهرة. في الخامسة عشرة من عمرها تزوجت بمحمد توفيق “بك” الاسلامبولي سنة 1854 ورزقت ولدين محمود و توحيدة التي توفيت في ربيع العمر وبقيت عائشة تبكيها سبع سنوات متواصلة. فانتقلت معه إلى الآستانة سنة 1271هـ وتوفي والدها سنة 1882، وبعده زوجها سنة 1885م عادت إلى مصر، فعكفت على الأدب، ونشرت مقالات في الصحف، وعلت شهرتها. وهي شقيقة العلامة احمد تيمور باشا.

قرضت الشعر ولها من العمر ثلاث عشرة سنة، وكتبت باللغات الثلاث العربية والتركية والفارسية. وأول من قرأ شعرها والدها القوي المتحرر الذي سهر عليها وشجعها لتتفتح براعمها الشعرية. لها أربعة دواوين هي “حلية الطرازـ ط” وهو ديوان شعرها العربي الذي يحمل توقيع “عائشة”، وتحمل مجموعتها التركية والفارسية توقيع” عصمت” 1886. و”نتائج الأحوال في الأقوال والأفعال ـ ط” في الأدب 1888، و”شكوفة = وردة ـ ط” ديوان شعرها التركي 1894.

هو ديوان أشعارها التركية فقط، إلا انه يشتمل على بعض أبيات فارسية . قالتها الشاعرة مع مراثيها التركية في ابنتها (توحيدة) ، فمن هنا ذهب بعض الناس إلى أن هذا الديوان هو (ديوان فارسي تركي) والحقيقة خلاف ذلك إذ أن الشاعرة صرحت في مقدمة ديوانها التركي بان أشعارها الفارسية والتي قالتها في أوان صباها وقد كانت محفوظة لدى ابنتها توحيدة أحرقت مع ما أحرقت من مخلفاتها الخصوصية. فيتبين من ذلك أن ليس لها ديوان فارسي مستقل لا مخطوط ولا مطبوع. غير أن علو كعبها في الفارسية وأدبها يظهر من نماذج شعرها الفارسي الموجود في الديوان التركي وفي شواهد قبور الأسرة في الإمام الشافعي ومن الترجمة المسهبة التي كتبتها بقلمها لنفسها في مقدمة الديوان التركي المطبوع بالقاهرة بمطبعة المحروسة لعزيز اليأس سنة(1315 ـ 1818 م ) وورد في كتاب الدر المنشور في طبقات ربات الخدور للسيدة زينب فواز أن الديوان التركي المسمى بـ(شكوفة) تحت الطبع الآن (1212 ـ 1894م) بالآستانة، فلعله طبع مرتين، مرة في القاهرة ومرة في الآستانة ويجوز انه لم يتم طبعه في الآستانة. والله ولي التوفيق وملهم الصواب.

توفيت في القاهرة في 25 أيار 1902. قال عنها نبيل الحاج: لم يعرف الأدب العربي خلال القرن التاسع عشر أديبة شجاعة، تحملت مسؤولية الدفاع عن المرأة العربية كعائشة التيمورية. وكانت رائدة في الأدب النسائي الحديث. ودعوتها إلى تحرير المرأة العربية من عادات فرضت عليها لتكون للزينة فقط بحجة صون عفافها. ([10])

عائشة التيمورية كانت سيدة اجتماعية تعاشر نساء البلاط، وكانت سيدة البلاط تدعوها إلى القصر في الحفلات والمناسبات وتعتمد عليها في الترجمة للزائرات الأجنبيات، وقد ظلت عائشة غريبة بفكرها وروحها وتطلعاتها عن تلك البيئة إذ تفوقت على نساء عصرها، بالرغم من بقائها محجبة شأن سائر النساء….

وشعرها متنوع بين المجاملة والغزل والمواعظ والأخلاقية والدينية والابتهالات، وأصدق شعرها مراثيها خصوصا مرثاة ابنتها توحيدة التي ارتقت فيها إلى مرتبة عالية، قالت ناديا نويهض: هذه هي التيمورية الشاعرة الرائدة التي امتزج في حياتها الفرح بالحزن، والشهرة بالضنك، والنشوة بالمرارة، وأجمل الشعر يزهو بالمجد، في حقول العذاب والأحزان.

 

 



([1])-الموسوعة العربية:1/574، تاريخ الأسرة التيمورية:95، الأعلام:6/22، أعلام الكرد:81

([2])- إنباه الرواة على أنباء النحاة- القفطي  ( 1/ 285 )

([3])- تاريخ النقد الأدبي عند العرب – إحسان عباس ( ص 142 )

([4])-تاريخ النقد الأدبي عند العرب – إحسان عباس ( ص 145 )

([5])- دراسة حول كتاب الموازنة – عبد الله حمد محارب ( ص 39)

([6])-  مشاهير الكرد: 1/110، الأسرة التيمورية: 77ــ88، أعلام الكرد:77

([7])-معجم المؤلفين:1/166-167، الموسوعة العربية: 1/573، الأعلام: 1/100، مشاهير الكرد: 2/90-93، مجلة تراثنا، ع(22) أكتوبر 2001، تاريخ الأسرة التيمورية:89-92،أعلام الكرد:79-81،معجم المطبوعات:652، مرآة العصر:2/729، فهرست التيمورية:4/145، المستدرك على معجم المؤلفين:40.

([8])-الموسوعة العربية:1/574، تاريخ الأسرة التيمورية:95، الأعلام:6/22، أعلام الكرد:81

([9])-الأعلام:7/165، الموسوعة العربية:1/574، محمود تيمور لوديع فلسطين: الحياة، ع(1247) 6/9/1996، الأدب العربي المعاصر لشوقي ضيف:1/263، مجلة مجمع اللغة العربية:2/206، مجلة الأديب: يونيو 1972، حسين فوزي: الأهرام،31/8/1993، أعلام الكرد:82-83، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق:37/542-553، 47،681-685، 49/200،201.

([10])-تاريخ الأسرة التيمورية:85، الدر المنثور:303، بلاغة النساء:86، مشاهير الكرد:2/239، معجم المطبوعات:1256، الأعلام:3/240، جريدة الدستور الأردنية:عدد 6272، 1/2/1985، نساء من بلدي:989-993، معجم المؤلفين:5/56،إيضاح المكنون:1/420، هدية العارفين:1/236، أعلام النساء:2/108-125، تاريخ آداب اللغة العربية:4/248، 249

شارك هذا المقال: