من عادلة خان إلى ليلى زانا … المرأة كقائد سياسي في التاريخ الكردي

شارك هذا المقال:

من عادلة خان إلى ليلى زانا

المرأة كقائد سياسي في التاريخ الكردي

       مارتن فان برونسين

  الترجمة عن الإنكليزية : راج آل محمد

المجتمع الكردي ذكوري بامتياز ولطالما كان كذلك منذ أن عُرِف في التاريخ. ولكننا نجد في التاريخ الكردي نماذج من النساء وهي تصل إلى أعلى المراتب والقيادة سياسياً قائداً بل وعسكرياً في بعض الأحيان. وهذا الشيء قلما نجد نظيراً له بين جيران الكرد من العرب والترك والفرس. ربما تكون حالات كهذه غير مصرح بها في الأدب بسبب التحامل على المرأة في التأريخ، ولكن الحال ذاته ينطبق على الكتابة عن الزعيمات الكرديات، كما قد يتوقع البعض[1]. ويبدو أن معظم الكتاب الذين كتبوا عن تلك الزعيمات المميزات أثناء حياتهن قد اعتبروهن، في الواقع، ظاهرة كردية بامتياز.

   هذه الأمثلة المتكررة والمتمثلة في سيادة النساء بحكم حقهن الشخصي أمر مثير للانتباه بحد ذاته ولكنها تثير عدداً من الأسئلة حول طبيعة المجتمع الكردي ومكانة المرأة فيه. إن الكثير من الكتّاب الكرد يفضلون قراءة هذه الحالات على أنها دليل على المكانة المحترمة التي تحظى بها المرأة في مجتمعهم، أو حتى على أنها بقايا من تقليد قديم يقضي بالمساواة بين الجنسين. ويبدو أن أشهر تلك النسوة يتحولن إلى رموز قومية تجسد السمو الأخلاقي للكرد على جيرانهم. أنصار المساواة بين الجنسين قد يُبهرون أيضاً بالحاكمات والزعيمات الكرديات ولكنهم أقل ميلاً نحو اعتبار ذلك دليلاً على المساواة في الحقوق [بين الجنسين] في كردستان بمجرد وصول بعض النسوة إلى القمة. سوف نتناول في الصفحات التالية عدة تأويلات متناقضة لظاهرة حكم المرأة [في المجتمع الكردي]. ولكن الهدف الرئيس من المقالة هو، ببساطة وصف الحالات الموثّقة بشكل جيد عن حالات أصبحت فيها النسوة قائدات أو لعبن أدواراً “رجولية” في كردستان.

عادلة خان من حلبجة

في مستهل هذا القرن كانت قبيلة جاف،ربما، أهم قبيلة في كردستان الجنوبية.  وكغيرها من القبائل الكبيرة، كانت مؤلفة من مجتمع تراتبي متزمت مؤلف من عدد من القبائل الثانوية التي تعتبر من ممتلكات “جاف” إضافة إلى قبائل أخرى من مرتبة أدنى كانت تابعة لها. سيطر رجال القبائل هؤلاء على طبقة من الفلاحين غير القبليين والذين كانوا بدورهم تابعين لفخذ حاكم يُعرف باسم بكزاده[2]. المثير في الأمر إن الشخص الذي يتسنم قمة هذا الهرم الاجتماعي لم يكن رجلاً بل امرأة تدعى عادلة خانم وهي زوجة عثمان باشا، زعيم بكزاده الذي كانت الحكومة العثمانية قد عينته قائمقاماً لمنطقة شهرزور[3] كلها. وقد بدأت عادلة خانم تدريجياً بتولي السلطة بشكل فعلي حتى عندما كان زوجها على قيد الحياة. عند وفاة عثمان باشا في عام 1909، بقيت مسيطرة بقوة وأصبحت سلطتها دون منازع حتى وفاتها في 1924. كانت عادلة خانم من دون أدنى شك أبرز امرأة وقد كتب عنها أهم كاتبين كلاسيكيين عن كردستان الجنوبية، ي. ب. صون و سي. جي. إدموندز،  بأشد العبارات تعبيراً عن الإعجاب.

   لم تولد عادلة خانم في قبيلة جاف ولكنها تنحدر من العائلة الكردية الحاكمة لإمارة أردلان السابقة في إيران المجاورة. ولطالما كانت أردلان وعاصمتها سنه (سنندج) المركز الرئيسي للثقافة والفنون والأدب في البلاط الكردي. بحلول منتصف القرن التاسع عشر، فقدت الإمارة آخر بقايا الاستقلال وعزل الشاه العائلة الكردية التي حكمتها لوقت طويل وحل محلها حاكم معّين من قبل المركز. لكن عائلة نبيلة كردية أخرى من وزراء حكام أردلان كانت قادرة على الحفاظ على مكانتها. كانت عادلة خانم تنحدر من تلك العائلة من الوزراء حيث كان والدها موظفاً رفيع المستوى في طهران. كانت قبيلة جاف وإمارة أردلان أبرز القوى المحلية على جانبي حدود الإمبراطوريتين الفارسية والعثمانية وتم عقد العديد من عمليات الزواج السياسية بين العائلتين الرئيسيتين.

   كان عثمان باشا قائم مقاماً لشهرزور وأرملاً عندما تزوج من عادلة خانم التي لحقت بزوجها في حلبجة، القرية الرئيسية في ربوع جاف حيث أقامت منزلها وفق الطراز الارستقراطي الفارسي، وهو شيء غير مألوف لنمط الحياة القروية غير المتطورة التي كانت حلبجة قد ألفتها. بعد دعوتها لحرفيين من سنه، بنت عادلة خانم قصرين جميلين في القرية وهو ما لم يكن له نظير حتى في بلدة السليمانية المتغطرسة. كان لديها حدائق مشجرة وفق الطراز الفارسي مما حوّل حلبجة من مكان مغبر كئيب إلى بلدة خضراء جميلة. وأقامت كذلك سوقاً من تصميمها في حلبجة واستدرجت إليها تجاراً من البلدة (الكثير منهم يهود) وبذلك حوّلت حلبجة إلى مركز تجاري هام. بفضل جهود عادلة خانم تجاوزت شهرة حلبجة الحدود. وغيّرت كذلك نمط الحياة اليومية لمحيطها وذلك باستقدامها لخدم من أكراد إيران فقط للترحيب بأي زائر قادم  من  خارج الحدود. أظهرت حلبجة، وإن على نطاق أضيق، أبهة سنه السابقة.

   زار صون، الذي ندين له بمعظم معلوماتنا عن عادلة خانم، حلبجة في السنوات الأخيرة من الحكم العثماني أي في 1909. بعد أن عمل لعدة سنوات مع بنك بريطاني في إيران، بدأ صون رحلة محفوفة بالمخاطر عبر كردستان متنكراً بهيئة رجل فارسي[4]. في رحلته براً من القسطنطينية اختار حلبجة محطة أخيرة لرحلتة مفتتناً بشهرة عادلة خانم وسمعتها. ولم يخب ظنه. إذ بحكم ضلوعه باللغة الفارسية ومهارات أخرى طلبت منه عادلة خانم أن يمكث عندها وأن يصبح كاتباً لديها. لهذا كان على دراية تامة بالموقف في حلبجة وبالسيدة الأولى فيها. وقد أوضح أن طموح عادلة خانم لم يكن ليتوقف عند إعادة تشكيل البيئة المادية والبشرية، بل أيضاً بلعب دور سياسي قيادي:

” تدريجياً انتقلت السلطة إليها. كان عثمان باشا يُستدعى غالباً لبحث مسائل تخص الحكومة وكان ينبغي عليه أحياناً ان يقوم برحلات إلى السليمانية، وكركوك والموصل. لذلك فإن السيدة عادلة، التي كانت تحكم بغيابه، بنت سجناً جديداً وأنشأت محكمة كانت هي رئيسة فيها، وهكذا عززت من سلطتها بحيث عندما كان الباشا في حلبجة يمضي معظم وقته وهو يدخن الشيشة ويبني حمامات جديدة ويُجري إصلاحات محلية كانت زوجته تقوم بالحكم. (صون، 1926، 219، التوكيد من عنده)

يبدو أن زوج عادلة خانم، عثمان باشا، قد استحسن بسعادة إصرار زوجته ولابد أن أتابعه قد انبهروا بتلك السيدة القوية الإرادة والشخصية المتمدنة بين ظهرانيهم. لم تكن السلطات العثمانية وهي تتلمس التأثير الفارسي على أقاليمها تستسيغ ذلك ولكن لم يكن لديها الكثير لتفعله. لقد مددت [السلطات العثمانية] خط تلغراف إلى حلبجة لكي تقوي سلطتها على المكان، ولكن قبيلة جاف رفضت ذلك وقطعت الخط. وأخبرت عادلة خانم الموظفين العثمانيين بألا يقوموا بصيانته وهددت من أن الأسلاك ستُقطع مرة أخرى وبذلك استطاعت أن تُبعد وسيلة الاتصالات المتطورة تلك وكذلك السيطرة العثمانية. (صون 1926، 220).

  بعد عقد من ذلك عرف عادلة خانم بشكل جيد رجل إنكليزي آخر هو سيسل جي إدموندز،         الموظف السياسي الإنكليزي خلال الاحتلال البريطاني للعراق.  في ذلك الوقت كانت عادلة خانم أرملة ولكنها بقيت، كما قال إدموندز “ملكة شهرزور غير المتوّجة”[5] كانت من بين الزعماء الذين كان البريطانيون يسمونهم بـ”المخلصين”. في عام 1919 عندما ثار الشيخ محمود من السليمانية وأعلن نفسه ملكاً لكردستان، وقفت عادلة خانم وقبيلتها جاف إلى جانب البريطانيين ولم يفسد ذلك من ود الشيخ محمود لقبيلة جاف. وقد قلدتها السلطات البريطانية فيما بعد بلقب هندي “خان باهدور” ولكن من غير الواضح فيما إذا كانت قد أولعت بقيمته كما أولع بها الكتاب البريطانيون.

   عين البريطانيون ابنها أحمد بك كقائم مقام ومن خلاله استمرت في ممارسة نفوذها. لقد قُلص النفوذ بشكل كبير لأن البريطانيون تركوا القليل للحكم الذاتي الكردي. حيث كان كل الموظفون المحليون يتلقون أوامرهم ليس من القائم مقام بل مباشرة من معاون الموظف السياسي البريطاني الذي كان متمركزاً في حلبجة. لابد أن ادموندز، وهو يطلق على عادلة خانم لقب الملكة غير المتوّجة، يفكر بالملكية الدستورية الرسمية في بلاده. من الواضح أن الحد من سلطاتها لم ترق كثيراً لعادلة خانم التي كانت علاقاتها متكلفة مع البريطانيين في نهاية المطاف. في عام 1924 توفيت عادلة خانم ولكنها تُذكر حتى اليوم من قبل أهالي شهرزور بصورة زاهية.

 

الحاكمات الأوائل

سلطة ومكانة عادلة خانم المتميزة في ذلك المجتمع الذكوري كان طبعاً، وإلى حد كبير، بسبب مقام عائلتها من وزراء أردلان. بدون خلفية عائلية وزوج متسامح من الصعب إن، لم يكن من المستحيل، أن تحقق المرأة مكانة كمكانتها. ولكن شذوذ قيادات نسائية عن القاعدة يبدو مقبولاً بين الكرد أكثر من معظم مجتمعات الشرق  الأوسط.إذ لا يصعب أن نجد أمثلة أخرى لنساء تولين قيادة قبائل برمتها. كان أول أوربي يذكر امرأة كردية ذات نفوذ هو الرحالة الإيطالي بيترو ديلا فيل. ففي حوالي العام 1620 اضطر بيترو ديلا فيل وزوجته السريانية المسيحية أن يهربا من بغداد وعبرا الحدود إلى بلاد فارس بالقرب من قصر شيرين حيث استقبلتهم بحفاوة حاكمة كردية لا يذكر عنها ديلا فيل سوى لقبها، خانم سلطان.[6]

  في مناطق معينة من كردستان كان حكم النساء شائعاً لدرجة أنه تمت الإشارة إليه في سجلات (قانون نامه) التي وضعها العثمانيون. وقد لاحظ ذلك، بشيء من الاستغراب[7]، الرحالة التركي العظيم من القرن السابع عشر أوليا جلبي الذي يُعد كتابه أحد مصادرنا الرئيسية عن الحياة اليومية في الإمبراطورية العثمانية في وقته سجلات (قانون نامه) وُضعت لكل سنجق عثماني عند فتحه وخضع لبعض التعديلات الطفيفة مع مرور الوقت. وقد احتوت كافة أنواع التشريعات عن القضايا المالية والإدارية وفي حالة السناجق الكردية، فإنها[السجلات] حددت أيضاً طبيعة ودرجة الحكم الذاتي للحكام الكرد مقابل الإدارة العثمانية. بعض المناطق كانت تُدار مباشرة أو بشكل مركزي من قبل حكام معيَّنين بينما مناطق أخرى كانت تُحكم من قبل حكام أكراد تقليديين. في الإمارات ذات الحكم الذاتي تلك، بقي انتقال الحكم ضمن العائلة حتى وإن كان الحاكم قد تم خلعه من قبل الحكومة المركزية. أخذ تدخل الحكومة في إمارات من ذلك النوع شكل الاعتراف بأحد أفراد أكثر من سواه. ويروي أوليا أن (قانون نامه) شهرزور كانت تتضمن بنوداً تسمح بخلافة الابنة وقد لاحظ أن ذلك النوع من الخلافة كان مألوفاً بما فيه الكفاية ومقبولاً تماماً على ما يبدو من قبل الكرد[8]

   وقد سمع أوليا حكايات عن مقاتلة معينة حكمت إمارتي حرير وصوران (التي شملت المناطق الواقعة في شرق وشمال شرقي أربيل)، ليس قبل زيارته بوقت طويل. ربما يكون قد بهرج الحكاية قليلاً، كما يفعل الرحالة عادة، ولكن السيدة بدون شك شخصية حقيقية:

   “في زمن سلطان سليم الرابع [ 1623-1640] كانت مناطق حرير وصوران تُحكم من قبل سيدة جليلة تدعى خانزادة سلطان. كانت تتولى قيادة جيش مؤلف من اثني عشر جندي مشاة مسلح وعشرة آلاف فارس نبّال. في ساحة المعركة كان وجهها مغطى بلثام وجسدها مغطى بعباءة سوداء وكانت تتماثل مع [البطل الإيراني الأسطوري] سام، ابن ناريمان، وهي تمتطي حصانها الأصيل وتقوم بأعمال قتالية شجاعة بالسيف. كانت على رأس جيش قوي مؤلف من أربعين إلى خمس وأربعين وقامت في عدة مرات بالغارات على إيران ناهبة همدان وداركزين، وجمجناب ومدن أخرى هامة وتعود منتصرة إلى صوران محملة بالغنائم.”[9]

   بعد قرنين، أي في الخمسينات من القرن التاسع عشر، سيدة كردية مقاتلة أخرى خلبت الخيال الأوربي. الصحف الأوربية وهي تغطي حرب القرم لم تذكر فقط أعمال التمريض الرائعة لـ (فلورنس نايتنغل) بل أيضاً المآثر الحربية لـ قره فاطمة خانم (فاطمة السيدة السوداء)، الزعيمة الكردية لقبيلة كردية من مرعش (قهرمان مرعش الحالية في جنوب شرق تركيا). وقد تولت السيدة فاطمة شخصياً قيادة فرقة كردية في تلك الحرب من أجل أن تثبت ولاءها للدولة العثمانية. وتبرز بشكل جلي في العدد 22 نيسان 1854 من صحيفة  The Illustrated London News التي أفردت لها مقالة مطولة وصورة على صفحة كاملة مع شرح لوصولها مع حاشية ضخمة من المقاتلين الخيالة من قبيلتها في القسطنطينية[10].

   وفقاً لتلك المقالة، التي كتبها مراسل المجلة في القسطنطينية، فإن قبيلة قره فاطمة خانم (التي لا يُذكر اسمها لسوء الحظ) واحدة من أكبر القبائل في شرقي الأناضول، وقادرة على تحشيد أربعة آلاف خيّال. وكان الزعيم الأصلي لتلك القبيلة، زوج فاطمة خانم، قد وقع في مشاكل مع الحكومة العثمانية ووُضع في السجن لأسباب تبقى غير واضحة-يتحدث المراسل عن “مخالفات شتى”. منذ اعتقال زوجها تصرفت السيدة فاطمة كزعيمة لقبيلتها. وبهدف استرضاء السلطان وإطلاق سراح زوجها، عرضت الانضمام إلى القوات العثمانية مع ثلاثمائة من أفضل مقاتليها. والمثير للانتباه أن شقيق فاطمة قد رافقها خلال تلك الحملة كما يشرح المقالة المشار إليها. ولكن لم يكن الأخ بل فاطمة خانم هي التي تتولى القيادة.

مقدمة إلى مساواة  المرأة في الحقوق بين الكرد؟

بعض الكتاب الكرد يشيرون إلى وجود زعيمات قبلية كدليل على وجود مساواة بين الكرد مقارنة بالشعوب الشرق أوسطية. ويزعم بعض القوميين الكرد أن المرأة كانت تتمتع أساساً بحقوق متساوية في المجتمع القبلي الكردي وقد فقدت تلك المكانة فقط بسبب سيطرة الإسلام أو بسبب سيطرة دول إمبراطورية مركزية كالإمبراطوريتين الفارسية والعثمانية. وهي إدعاءات نادى بها ضيا غوكالب، وهو الآباء المؤسسين للقومية التركية (رغم أنه ذو أصول كردية) لصالح القبائل التركية الأصيلة. وقد نشر موسى عنتر مقال قصيرة بعنوان “مكانة المرأة في التاريخ الكردي” التي شدّد فيه على أنه تقليدياً كانت هناك درجة عالية من المساواة بين الجنسين في المجتمع الكردي.

الجملة الأولى في مقالة عنتر تقول “من الكتب القديمة نستنتج أن المرأة بين الكرد كانت مساوية اجتماعياً للرجل.” ويتابع القول “في الحقبة الإسلامية لم يكن لزاما على  المرأة الكردية، مثل بقية الشعوب المسلمة،أن ترتدي العباءة ولا أن تنعزل اجتماعياً عن الرجال[11]. علاوة على ذلك، وباستثناء بعض الزعماء الإقطاعيين والأرستقراطيين، فإن الرجال الكرد ليسوا متعددي الزوجات. وفي حالة وقوع حرب بين قبيلتين أو حاكمين فإن نساء الطرفين يمكن أن تجلب جهاراً الذخيرة والأسلحة والمؤن إلى الرجال المتحاربين ولا أحد يفكر في إيقافهن ناهيك عن الهجوم عليهن.

   الدليل الأقوى الذي يمكن لعنتر أن يفكر فيه مرة أخرى هو وجود زعيمات قبليات حيث يذكر عدة زعيمات ابتداءً من عادلة خانم من حلبجة ويستمر في سرد أسماء نساء مشهورات من محيطه في ماردين التي تقع ضمن تركيا الحالية.وأشهر هؤلاء على الإطلاق ربما هي بريخان خانم التي قادت قبيلة رّمان حتى أصبح أبناءها كباراً بما فيه الكفاية لكي يتولوا القيادة. والحقيقة أن ابنها أمين ،الذي أصبح زعيما قبلياً بحكم حقه الشخصي، كان يُعرف باسم أميني بريخان  Eminȇ Perikhan  وليس باسم والده، يبين أنه كان يُنظر إلى بريخان أكثر من مجرد وصي لزوجها المتوفي.[12]

   سيدة قوية أخرى هي شمسي خاتون من قبيلة أومريان التي تولت الزعامة عندما قُتل زوجها محمد وقد بقيت في القيادة حتى بلغ ابنها سن الرشد. وقد سُمي هذا الابن أيضاً بمحمدي شمسي  Mihemmedȇ Shemsȇ  وليس محمدي محمد[13]. مثال عنتر الأخير هي أمه، فصلة خاتون، التي قادت قبيلة تمكا لحوالي أربعين عاماً حتى وفاتها في عام 1963،وكانت أيضاً، كما يعتقد هو، أول امرأة على الإطلاق تشغل منصب “مختار” في تركيا لسبب بسيط هو أنه لم يكن هناك رجل جدير بالثقة يمكن أن تُسند إليه المنصب.

   لكن عنتر يقلل من شأن مزاعمه بملاحظة أن تلك النسوة أصبحن زعيمات فقط بعد موت أزواجهن، موحياً بذلك بأنهن يدنّ بمكانتهن لأزواجهن فقط. وفي حالات أخرى، كتلك التي يذكرها أوليا جلبي، يدنّ بمكانتهن بشكل أساسي لآبائهن. ثمة دوماً ذكراً واحداً على الأقل في الخلفية. ليست هناك امرأة ذات أصول متواضعة، على حد علمي، وصلت إلى مكانة رفيعة بسبب جهودها الخاصة، بينما ثمة الكثير من الأمثلة عن رجال فعلوا ذلك. ولكن قول ذلك لا يعني أن نغض نظرنا عن حقيقة أن جميع الحاكمات اللواتي تمت الإشارة إليهن عُرفن باسمائهن وليس بأسماء أزواجهن أو آبائهن. وفي الحقيقة كان أسامة ،باشا حلبجة يُشار إليه بـ”زوج عادلة خانم”. ومؤشر آخر على أن تلك النساء قد تفوقن على أزواجهن هو حقيقة أن أبناءهن قد عُرفن باسماء أمهاتهم وليس بأسماء آبائهم.

   ربما يستنتج المرء بأنه مجرد أن تصل المرأة إلى مكانة عالية-الذي يكون ممكناً فقط بحكم الولادة أو الزواج، وعادة قد تستوجب المزج بينهما- فإن الجنس على ما يبدو لم يعد يشكل مشكلة كبيرة. وحتى إن كان هناك رجل ذو مكانة متماثلة فإن امرأة ذات قوة شخصية مطلقة هي التي يمكن أن تكتسب السيطرة. لم يكن الرجال الكرد، على ما يبدو، يعتبرون ذلك حضاً من كرامتهم أن يطيعوا امرأة كتلك (وفي هذا ربما يكون الكرد مختلفون عن الكثير من الشعوب الإسلامية الأخرى). وهذا يعني فقط بأن النسبة العالية من المواليد قد يعوّض عن مساوئ الجنس كأنثى ومن المغالطة بالتالي أن نستنتج، كما يفعل بعض الكتاب الكرد، أن المساواة بين الجنسين (أو عمى ألوان مجتمعي للجنس) يتجاوز تلك الحالات الخاصة. المرأة ذات المكانة العالية قد تفعل دون خشية من العقوبة ما قد يُعتبر جريمة خطيرة في حالة النساء العاديات. ويمكن شرح ذلك في المثالين التالين الأول تاريخي والثاني ربما يكون من وحي الخيال.

المرأة كعاشقة مغامرة

   يشكّل اليزيديون جماعة دينية غير مسلمة ويعيشون موزعين في مناطق شاسعة من كردستان ويتألفون من قبائل مختلفة كثيرة. ولدى اليزيديين نظام طبقي معقد لرجال الدين وأعلى تلك المراتب الطبقية هو الذي يشغله المنحدرون من نسل شخص يُدعى جول بك. السلطة المطلقة على المجتمع اليزيدي تسلّم إلى شخص يُلقب بـ”مير” الذي لا بد أن ينتمي إلى تلك العائلة[14]. من 1913 إلى 1957 كان يشغل ذلك المنصب فعلياً امرأة تدعى ميان خانم، التي يُقال غالباً أنها أقوى قائد لليزيديين في الزمن الحديث. وقد صعدت إلى ذلك المنصب رغم الشائعات المكروهة حول اشتراكها في قتل زوجها.

   ميان خاتون شغلت مكان زوجها ،الذي يكبرها بكثير، المير السابق علي بك الذي توفي في ظروف غامضة غير طبيعية في عام 1913. ثمة روايات مختلفة عن سبب وفاته وإحداها تدور حول قصة حب حرام بين ميان خاتون وسفر آغا زعيم مسلم من قبيلة دوسكي. وكان الأخير على ما يبدو موجوداً في البيت في الليلة التي قُتل فيها علي بك،وقد دارت شائعات خبيثة بأن ميان خاتون قد تواطأت في الجريمة.لا يهمنا أن نعرف أي من هذه الشائعات صحيحة بل المهم هو أنه رغم تلك الشائعات فإن المجتمع اليزيدي قبل الأرملة ميان خاتون كوصية على ابنها سعيد بك حتى يبلغ سن الرشد وحاكمة فعلية للجماعة[15]. وعندما شب ابنها عن الطوق لم تتخل عن السلطة إذ كان ابنها سعيد ضعيفاً وكانت تحتقره علانية. واستمرت كوصية على حفيدها تحسين بك الذي هو المير الحالي للجماعة. وقد بقيت ميان خاتون في موقع السلطة حتى وفاتها في عام 1957 واستحوذت على إعجاب كل من التقى بها. وقد كتب عنها صديق الدملوجي، وهو عراقي من أصل عربي وموظف عثماني سابق، الذي كان على اتصال دائم بالمجتمع اليزيدي منذ أربعين عاماً ما يلي:

   ” إنها حكيمة وذكية وتتسم ببعد النظر ومهابة الجانب من قبل ناسها. وتتمثل سطوتها عليهم أن لا أحد يتجرأ أن يعترض عليها، الكل يرتعب من وجودها ويتوتر عندما تبتعد. إنها مغرورة ومتفاخرة ومتعجرفة ولكن عندما تلتقي بها فإن نبلها وشهامتها تتألق (…)

   إنها تكره وتحتقر الرجال في الأسرة الأميرية. إنها ماكرة وتتسم بالدهاء وغدارة وقادرة على قتل معارضيها بدون شفقة. إنها في هذا الوقت الحاكمة الفعلية فهي من تعطي وتأخذ وهي من تكافئ وتحتجز وهي من تسمح أو تمنع ما تراه مناسباً. من الصعب كيف ستؤول الأمور بموتها إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أنها تقترب من نهاية حياتها وكل ما حولها شاخ باستثناء عقلها.”[16]

إن امرأة في مكانة ميان خاتون وقوة شخصيتها بالتأكيد تقع خارج نطاق المحاكمات العقلية العادية. وكما ذكرنا سابقاً فإن بعض الكتاب البريطانيين أشار إلى علاقتها الجنسية خارج إطار الزواج والتي على ما يبدو كانت بمبادرة منها.

   الحاكمات القويات تظهر أيضاً في الفلكلور الكردي –وهو مؤشر واضح على القبول بها كواقع حياتي- كما في حكاية زمبيل فروش (بائع السلال) المعروفة حيث السيدة هي التي تقوم بمبادرات تمهد للجنس مع رجل وسيم متزوج.

البطل الرئيسي للحكاية رجل يُدعى بزمبيل فروش “بائع السلال”، الذي يبدو ظاهرياً رجلاً فقيراً يبيع السلال التي يصنع بنفسها مع زوجتها المخلصة. ولكنه في الواقع ابن أحد الحكام الأقوياء ولكنه يغادر البلاط بترفها ونعمها بعد أول مواجهة له مع الموت والحزن وقد اختار قصداً حياة الترحال بدون ممتلكات[17]. بعد ترحال طويل يصل زمبيل فروش وزوجته إلى عاصمة الإمارة الكردية. عندما ترى خاتون[18]– السيدة الحاكمة في المدينة- زمبيل فروش تقع في حبه في الحال فتدعوه إلى القلعة ويعرض سلاله فتصرح على الفور بحبها له وتعرض عليه ممارسة الجنس في الحال. لكن زمبيل فروش يرفض بلباقة فهو قد تاب إضافة إلى أنه متزوج. تعرض خاتون عليه كل ثروتها ولكنه يبقى متعنتا على موقفه. تبقيه سجيناً لديها ولكنه يفر بالقفز من البرج. فقدان الحبيب يسبب المعاناة العميقة للخاتون فتتجول في البلدة متنكرة إلى أن تجد أخيراً بيت زمبيل فروش وتتكلم مع زوجته. بالخداع تارة وبالهدايا الثمينة من مجوهرات ونقود تارة أخرى، تقنع خاتون زوجة زمبيل فروش أن تتغيب لليلة واحدة وأن تعيرها ثيابها.  يعود زمبيل فروش مع حلول الظلام فترحب به خاتون، المرتدية ثياب زوجته، بمحبة وتدعوه إلى السرير. ملاحظاً خلخالاً فضياً على قدمها، يدرك زمبيل فروش على الفور أنها ليست زوجته. يقفز من سريره وهو يتعرف على خاتون وهي تلاحقه. بعد أن رأى أنه لا يستطيع أن يفر من إغراءات خاتون الجنسية، يدعو الله أن يأخذ روحه من هذه دنيا المعاناة.تُستجاب دعوته ويسلم روحه لملك الموت. عند وصول خاتون إلى جثته تحزن لدرجة أنها تموت أيضاً على الفور فقام الناس بدفنهما جنباً إلى جنب.”[19]

   إن الجانب المميز في هذه الحكاية هو التعاطف الذي تظهره للخاتون رغم أنها، كما هو واضخ، تشكل تهديداً لطهارة البطل. إن عاطفتها المستعرة تجاه زمبيل فروش توصف بعبارات ذات نكهة صوفية مميزة مما يؤكد على التشابه مع مطلب زمبيل فروش الروحي. فكلاهما تركا المكان الذي اعتادا العيش فيه وكلاهما استبدلا ثيابهما الملكي بلباس متواضع في سعيهما البحث عن المعشوق. وفي المشهد الأخير يحقق كلاهما نوعاً من الاتحاد المرغوب فيه.[20]   والملفت أن الخاتون هي من تُدفن بجانب زمبيل فروش وليس زوجته فهي، كما يوحي الموروث الشعبي، من تستحق أن الاتحاد معه بسبب نزاهتها في الاستسلام لعشقها.

   إن الأحكام الشعبية، كما تُطبق على البشر العاديين في المجتمع التقليدي، يبدو وكأنها أوقف العمل بها في حالة هاتين السيدتين القويتين ذات المنصبين الرفعين. إن أسطورة زمبيل فروش الشعبية تخبرنا بشكل خاص أن سلوك الخاتون غير مدان أو سيء ولا حتى غير سوي. أيضاً في حالة ميان خاتون مهما كانت الشائعات حول عدم احتشامها فإنه تم إغفالها من قبل أتباعها. ولكننا سنكون مخطئين لو استنتجنا من التسامح الظاهري للكرد في هاتين الحالتين على أن المجتمع الكردي متسامح مع المرأة بشكل عام.

أية مساواة؟

إن إصرار الكثير من الكتاب الكرد القوميين على الزعم بأن المرأة تتمتع بحقوق متساوية في المجتمع الكردي بالكاد يخفي ما يريدون قوله في الواقع أي أن المرأة لا تحتاج إلى التحرر والاستقلالية. من الحقيقة بمكان أن بعض النسوة الكرديات قد حققن بعض التأثير غير العادي في المجتمع الكردي ولكن الأغلبية العظمى منهن لم يفعلن أي شيء. ومن الحقيقة القول أيضاً أنه في بعض أجزاء كردستان تتمتع المرأة بحرية التنقل والحركة، وربما أكثر من أي جزء آخر من الشرق الأوسط، ولكن هذا بالتأكيد ليس عرفاً في كل أجزاء كردستان وأن طبيعة ودرجة تلك الحرية تعتمد على المكانة الاجتماعية لعائلاتهن. في كتاب كلاسيكي عن المرأة الكردية في كردستان الجنوبية لاحظ الأنثروبولجي الدنماركي هيني هيرالد هانسن أن النساء في الأوساط الأرستقراطية كن عرضة لـ” نوع من العزلة المطاطية” ولكنهن كن بطريقة أخرى متساويات أو حتى تتفوق على أزواجهن. في الأوساط الاجتماعية أقل تواضعاً والبيئات الريفية تتمتع النسوة بمزيد من الحرية ولكنهن أقل مساواة بأزواجهن[21].

   إن النساء اللواتي تم بحثهن لغاية الآن يندرجن في إطار تلك الأوساط الأرستقراطية وكل واحدة منهن كانت تملك مبدئياً سطوة بفضل زوجها أو والدها. النساء من الطبقات الاجتماعية الأخرى لا يتم قبولهن ببساطة في أدوار قيادية. وقد حصل ذلك في بعض الحالات القليلة كحالة ربيعة خان، المرأة التي تولت قيادة بكر في السليمانية في بداية العشرينات من القرن العشرين والتي كانت تتمتع بقدر كبير من السلطة على قريناتها والتي تعاملت باسمهن مع السلطات المحلية والبريطانية[22] من بين الطبقات الوسطى والدنيا في المجتمع الكردي فإن نساء من أمثال ربيعة يشكلن استثناءً لا قاعدة.

   لكن موسى عنتر، الذي تم الاقتباس من مقالته عن الزعيمات القبليات وحقوق المرأة، يضع مزاعمه، ربما تعمداً، في إطار من التعليق التهكمي. فبعد أن تكلم بطريقة الأساقفة عن مكانة المرأة المحترمة في المجتمع الكردي يضيف أن ما يجلب الاحترام أكثر للمرأة هو تحمل الواجب المقدس في حملها لأطفال كثر. “مثلما الضابط يكرّم بشارته، كذلك المرأة الكردية تلقى المديح على عدد أطفالها.”

   في نبرة أقل دعابة وبصوت لا يخلو من الغضب لا تتفق الكاتبة الكردية ف. كراهان  F. Karahan مع الكلام الفارغ عن المكانة المحترمة للمرأة[23]. حيث تجادل كراهان بأن المرأة تُحترم كأمهات وكزوجات ولكن ليس أبداً لشخصهن. والاحترام الذي يمنحه المجتمع لهن لا يحمي المرأة من أن تُضرب من قبل أقربائها من الذكور (الأزواج والآباء والأخوة والأقرباء بالمصاهرة أو حتى من أبنائهن). ومفهوم الشرف المهم جداً يفرض عليهن مزيداً من القيود على حرية المرأة وليس الرجال.

   وترسم أفلام المخرج الكردي الراحل يلماز غوني ولا سيما فيلم (السرب) وفيلم الطريق الفائز بجائزة [السعفة الذهبية] صورة قاتمة عن مكانة المرأة في كردستان الشمالية. فالمرأة في هذين الفيلمين صامتة وخنوعة وتعاني ولا تنتمي إلى النخبة ذات الامتيازات ولا تتحكم إلى حد بعيد بحياتها. إن مصير إحدى النساء المتزوجات في فيلم يول (الطريق) يشكل النقيض الواقعي لخاتون المتحررة في حكاية زمبيل فروش. [بطلة يول] المتهمة بالزنا خلال اعتقال زوجها لفترة طويلة تُحجَز مثل حيوان من قبل أقربائها وأثناء عودة زوجها تُسلم له لكي تُقتل. وفي أحد أكثر مشاهد الفيلم إثارة يقرر الزوج وبعد تردد لوقت طويل عدم قتلها. ولكن يبدو أن المخرج يرى أنها لا يمكن أن تعيش فيجعلها تلقى حتفها لأسباب أخرى.

النساء الكرديات في الحركة القومية الكردية

إن الحركة القومية الكردية والتغيرات التي شهدها العقد والنصف الأخير من ثورة إيرانية وحروب الخليج والتدمير المتعمد لآلاف القرى الكردية والتهجير والإرهاب كل ذلك كان له تأثيراً دراميا على المجتمع الكردي ولمكانة المرأة داخله من دون شك. وعلى حد علمي لم يحاول أحد أن يوّثق الطرق المعقدة والمتناقضة لتأثير تلك الأحداث على المرأة. إن دراسة كتلك سوف تكون رائعة ولكنها خارج نطاق بحثنا الحالي. ولكن في هذا السياق يجدر بنا أن نلاحظ أن عدداً من النساء المميزات يلعبن دوراً ريادياً في الحركة القومية الكردية. لكن، تلك النساء تماماً مثل المجتمع التقليدي الكردي، يشكلن خروجاً عن المألوف واستثناءً على وجه التحديد لأنهن على النقيض من المغلوبات على أمرهن وهن كثر.

   إحدى النساء اللائي كان لهن قوة مميزة خلف الكواليس في كردستان العراق خلال فترة الستينات [من القرن العشرين] كانت زوجة الملا مصطفى البرزاني الثانية همايل (أم مسعود البرزاني). نفوذ همايل خاتون لم يكن بسبب زوجها فحسب بل أيضاً كونها ابنة زعيم قبيلة زيباري القوية. كان الزيباريون أعداء تقليديين للبرزانيين وقد تزوج الملا مصطفى من همايل عندما تم هدنة مع هؤلاء الجيران بعد فترة من العداء. وقد أعطاها مكانة أسرتها نفوذاً حتى على زوجها. وهي، في هذا السياق تندرج ضمن إطار النساء القويات اللائي تمت مناقشتهن حتى الآن.

   وهناك أيضاً امرأة من نوع مختلف لعبت دوراً ملحوظاً خلال العقد نفسه ونقصد بها مارغريت وباتت مشهورة بكونها أول أنثى تنتمي إلى البيشمركه (مقاتلو حرب العصابات في كردستان). وقد باتت موضع إعجاب حيث كانت صورها وهي ترتدي زي البيشمركه  تباع في كل أنحاء كردستان. وبات الناس يشيرون إليها مرة أخرى كدليل على المكانة المتساوية للمرأة. وكانوا يتجاهلون حقيقة أن مارغريت لم تكن كردية بل تنتمي إلى أحدى الأقليات المسيحية[24].ولم يسمح الأزواج والآباء الأكراد أن تحذو نساءهم حذوها.

   بخصوص المواقف المتعلقة بالمرأة، ومن نواح كثيرة أخرى، ربما يمثل حزب العمال الكردستاني المتطرف  PKKانقطاعاً ملحوظاً مع الماضي أكثر من التنظيمات القومية الأولى. إذ أن ARGK وهو الجناح المسلح من PKK ،  أن يفتخر بكونه يضم أكبر عدد من المقاتلات الشابات ويبدو أنه يأخذ مسألة المساواة بين الجنسين على محمل الجد على الأقل في هذا المجال. فالدعاية الحزبية تمجد عدد من النساء من بين شهدائه -البعض منهم استشهدن في  المعركة والبعض الآخر ضحين بأنفسهن كنوع من الاحتجاج السياسي ومؤخراً كانت هناك عدد من الهجمات الانتحارية من قبل مقاتلات PKK . وقد بدأ تحرير المرأة يبرز جلياً في الخطاب الشعبي للحزب. وكثيراً ما قارن زعيم PKK ، عبدالله أوج آلان، اضطهاد المرأة في المجتمع الكردي بالاضطهاد القومي للكرد ويدعو إلى التحرير المزدوج. ويبدو أن آراء الزعيم حول مسألة المرأة له تأثير لا يمكن إنكاره على قاعدة الحزب والذي يتجلى بشكل أوضح في الكلام أكثر منه في الممارسة العملية.[25] فالرجال والنساء في PKK باتوا أكثر وعياً بعدم المساواة المتوارثة بين الجنسين وكثيراً ما يتكلمون عن تحرر المرأة والمساواة في الحقوق لكن الأدوار الرئيسية لا تتغير بسهولة حيث هناك القليل جداً من النساء في المواقع القيادية في  ARGK. إن الانضمام إلى الغريلا بالنسبة للشابة الكردية يمثل بديلاً للزواج والخدمة المتوارثة [للرجل] والخنوع ولكن في الوقت نفسه تدخل إلى دائرة جديدة من العلاقات غير المتساوية وأدوار مقولبة جديدة[26].

المرأة كقائد سياسي عصري

في سياق مقالتنا الحالية لا يستحق PKK الكثير من الاهتمام بخصوص مساهمته المحتملة في تحرير المرأة الكردية بشكل عام بسبب الدور الذي لعبته امرأة واحدة على وجه التخصيص في صفوفه. لقد واجه عبدالله أوج آلان عبر السنين عدة تحديات لقيادته والتي كانت تنتهي عادة إما بمقتل أو اختفاء الخصم. وقد جاء أحد أكبر التحديات له من امرأة متمثلة بزوجته السابقة كسيرة يلدرم. كانت كسيرة أحد الأعضاء المؤسسين لـ PKK-وكانت المرأة الوحيدة ضمن المجموعة-وبقيت حتى عام 1988 عضواً في المكتب السياسي. ما حصل بالضبط في المكتب السياسي لا يزال غامضاً ولكن بحسب اعترافات اوج آلان نفسه، حاولت كسيرة أن تطيح به كزعيم أو أن تحل مكانه وقد فشلت. ثم فرت إلى أوربا وحاولت هناك بالتعاون مع منشقين آخرين أن تؤسس مكتباً سياسياً بديلاً[27].

   وفق هذا التفسير للصراع بين أوج آلان وكسيرة يلدرم فإن الأخيرة تبدو نسخة عصرية عن عادلة خانم أو ربما ميان خاتون. ومعظم كل النساء اللواتي تم تناولهن في هذه المقالة، فإنها ربما استحوذت على تلك المكانة والتأثير في الحزب، إلى حد ما على الأقل، بفضل زوجها حيث أصبحت على وشك أن تكون بديلاً له[28]. ولكن ثمة اختلافات أيضاً، إذ على عكس تلك السيدات العظام، لم تستفد كسيرة من مكانة عائلتها الرفيعة[29]. لقد بدأت نشاطها السياسي كناشطة طلابية، مثل زملائها الشباب الذين ينحدرون جميعاً من خلفية عائلية متواضعة. وقد ذهبت كسيرة خطوة أبعد من سابقاتها بمحاولتها طرد زوجها وأن تشغل مكانه. لقد أخفقت ولكن في محاولتها تلك بينت أن فكرة أن تصبح المرأة قائداً سياسياً بحكم قوتها بات أمراً وارداً.

    لعل الحكاية الأبرز في هذا السياق هي حكاية ليلى زانا التي بدأت أيضاً كزوجة لقائد سياسي كردي ولكنها تفوقت على زوجها وأصبحت واحدة من ابرز الشخصيات الكردية بحكم حقها الشخصي. وليلى ذات الخلفية المتواضعة كانت في سن الرابعة عشر عندما تزوجت من أحد أقربائها وكان يكبرها بعشرين سنة تقريباً. كان زوجها، مهدي زانا، منخرطاً في السياسة الكردية. في عام 1977 أي بعد زفافها بسنتين تم انتخاب مهدي زانا رئيساً لبلدية ديار بكر، وهو أول قومي كردي يشغل ذلك المنصب الرسمي في تركيا. بعد الانقلاب العسكري في عام 1980 مباشرة تم صرفه عن الخدمة وتمت محاكمته بتهمة “الانفصالية” فأمضى السنوات السبع التالية وراء القضبان.

   كانت ليلى تبلغ 19 عاماً ولديها طفلين صغيرين عندما أُعتقِل مهدي  وكانت حينها تتكلم القليل من التركية، لكنها ناضلت بشجاعة من أجل زوجها فكانت تعمل مع المحاميين في المحكمة وتزوره في السجن وتمثله لدى الصحافة والمراقبين الأجانب وتلقي الخطابات في المسيرات العامة. فتعلمت التركية وأصبحت مطلعة على النظام القضائي والسياسة وتعلمت كيف تتعامل بالدعاية. تلك التجربة سيّستها وجعلتها راديكالية وأصبحت تتكلم بوضوح عن القضية الكردية بشكل واضح جداً. عندما أُطلق سراح زوجها كانت قد أصبحت شخصية ذو شعبية أكثر منه في تركيا. وكانت قد انضمت إلى أول حزب كردي مرخص  HEPمباشرة بعد تأسيسه في عام 1990 وجاءت أولاً في التصويت الأولي له. في عام 1991 انتُخبت للبرلمان وخلال مراسم القسم أثارت غضب الكثير من زملائها البرلمانيين الأتراك عندما أضافت إلى قسمها عبارة باللغة الكردية ” لقد أدليت بهذا القَسم من أجل الأخوة بين الشعبين الكردي والتركي.”

   لقد برهنت ليلى زانا على أنها متكلمة جريئة في البرلمان كما هي منتديات أخرى. في المحاكمة السياسية التي تولت فيها ليلى الدفاع عن نفسها، حُكِم عليها بالسجن 15 عاماً لاتصالاتها المزعومة مع  PKK. من بين كل السجناء السياسيين الأكراد في تركيا هي الأكثر سمواً في الروح المعنوية وربما الأكثر شهرة في العالم. وفي عام 1995 مُنحِت جائزة ساخاروف [لحقوق الإنسان]. وتشير إليها الصحافة أحياناً بلقب “ملكة كردستان غير المتوجة” بينما يُشار إلى مهدي زانا بـ”زوج ليلى زانا”. لقد أصبحت رمزاً في كل أنحاء العالم لنضال الكرد من أجل حقوقهم القومية. ويشير تزايد شعبيتها ومكانتها إلى احتمال أن تلعب دوراً رئيسياً إذا ما كان هناك حل سلمي للقضية الكردية. يعتقد الكثير من الأكراد أن النضال المسلح ينظرون إلى  ANC كمثال إلى حركة كان يُطلق عليها “أرهابية” ولكنها بدأت تكسب مشروعية دولية. والأقرب إلى نيلسون مانديلا هو بالطبع ليس عبدالله أوج آلان ولكن ليلى زانا.

خاتمة

لقد قدمت هذه الورقة وصفاً موجزاً للنساء اللواتي حصلن على مكانة عالية عبر التاريخ الكردي واللواتي أصبحن في بعض الحالات قادة سياسيين وعسكريين في مجتمعاتهن. وقد افترض بعض الكتاب الكرد أن ذلك مؤشر على المساواة في المجتمع الكردي. في الوقت الذي لا يمكن فيه تقديم البرهان على صحة ذلك الرأي، فإنه ينبغي الاعتراف بإنجازاتهن . ويمكن للسابقة التاريخية في قبول المرأة في أدوار قيادية في المجتمع الكردي أن يمهد السبيل للنساء من أمثال ليلى زانا أن يعملن بفعالية أكثر في تلك المناصب القيادية.

ملحق

قره فاطمة في القسطنطينية

[ترجمة لمقال  Illustrated London News عدد 22 نيسان 1854]

لقد تلقت قوات السلطان في غضون الأشهر القليلة الماضية قبول دعوة أثارت الكثير من الاهتمام والحماسة في القسطنطينية.الحليف الجديد هو قره فاطمة خانم، والتي رسم لها فناننا صورة عندما شهد موكبها وهي تعبر شوارع استانبول برفقة 300 خيال كردي. بغية فهم أهمية هؤلاء الخيالة، لا بد من إلقاء نظرة على البلد حيث تم تجنيد هؤلاء. إن الأجزاء الشرقية والجنوبية من آسيا الوسطى حكر على قبائل بدوية التي تتمتع بروح إسلامية قوية ويجمعها شعور قوي بالاستقلال والتي لديها استعداد أن تنافس سلطة السلطان إلا إذا واجهت خطراً حقيقياً. حدود تلك المنطقة تمتد من سينوبه  Sinopeإلى  سميرنا Symrna (ازمير – المترجم) والتي بمجملها تخضع لسلطة الباشاوات وقواتهم مزودة



[1] بحرية أوجوك ومؤخراً فاطمة مرنيسي نشرتا دراسات عن قائدات في العالم الإسلامي، ينظر إلى فاطمة مرنيسي (ملكات منسيات  في الإسلام) كمبريدج 1993

[2] أعطي وصف مفصل عن التركيب الاجتماعي لهذه القبيلة بعد عدة عقود في: فريدريك بارث ، مبادئ التنظيم الاجتماعي في كردستان الجنوبية (أوسلو، 1965)

[3] منطقة شهرزور تقع في كردستان العراق الحالية تحدها مدينة السليمانية من الجنوب والشرق حيث حلبجة مدينتها الرئيسية. وكانت حتى الحرب العالمية الأولى، مثل بقية العراق، جزءً من الإمبراطورية العثمانية وتدار من قبل حاكم من بغداد الذي كان يفوّض السلطة لزعماء محليين. خلال الحرب وقعت تحت السيطرة البريطانية والذي دام فعلياً حتى 1932 (من عام 1920 ولغاية 1932 كان العراق تحت الانتداب البريطاني).

[4] من غير الواضح بعد فيما إذا كان قد قام بتلك الرحلة بدافع الفضول فقط أو في مهمة  شبه رسمية. في عام 1915 عندما استعدت بريطانيا لغزو عراق العثمانية، جنّدت الحملة العسكرية  صون لمعرفته العميقة بالشؤون الكردية، وفي 1919 عيّن مسؤولاً عن منطقة السليمانية. ينظر إلى السيرة الذاتية لصون لسير أرنولد تي ويلصون في طبعة 1926 في : متنكراً في بلاد النهرين وكردستان

[5] ارتباط عادلة خانم بالملكية تعود إلى الصور المأخوذة لها في طبعة 1926 من كتاب صون وسوزان ميسلز “كردستان في ظل التاريخ” (نيويورك، راندوم هاوس، 1997)، ص 75-77.

[6] لا يتضح من وصف ديلا فال أين حكمت هذه الخانم مع أن المرء لا يستطيع أن يتجنب التفكير في آل أردلان التي تتباهى بتقديمها لعدة سيدات قويات سابقات على عادلة خانم، ولكن سنه بعيدة جداً عن الحدود. ربما تكون شخصية قوية في منطقة غرب كرمنشاه ربما من تحالف كوران.

[7] بخصوص أوليا جلبي ورحلاته في كردستان، يراجع مقدمة مارتن فان برونسين وهندريك بسخوتين: أوليا جلبي في ديار بكر (ليدن: بريل، 1988)

[8] أوليا جلبي، سياحتنامه (كتاب الرحلات) المجلد الرابع، مخطوطة باغدات Bagdat كوشكو (مكتبة الباب العالي، استانبول).

[9] أوليا جلبي، المصدر السابق.

[11] هذه أيضاً من المزاعم المفضلة لدى الكتاب الكرد. ويدعم مزاعمهم تلك المشاهدات التي سجلها العديد من الرحالة الأجانب. فقد نقل بيترو ديلا فال ،مثلاً، في بداية القرن السابع عشر أن “نساءهم [الكرد]  يذهبن إلى السوق بدون غطاء ويناقشن بحرية مع الرجال من غرباء  وغيرهم. (المصدر المشار إليه سابقاً ص 72) ولكن في بعض أجزاء كردستان يبدو أن الفصل الصارم كانت القاعدة إذ كتب أوليا جلبي عن ديار بكر الذي زارها  في عام 1655 أنه باستثناء بعض النساء المسنات المتحجبات لم تكن أي أنثى تتجرأ بالخروج إلى الشارع.

[12] انظر أيضاً إلى مقالة باللغة الفرنسية عن أمين ووالديه بقلم “ديا فرزو” (اسم مستعار لجلادت بدرخان؟) في مجلة هاوار العدد 40 (28 شباط 1942) الصفحة 11. هذه المقالة تقدم رثاء عن وفاة والد أمين بعنوان “بافي أمين” التي غنتها الفنانة المشهورة مريم خان

[13] هناك مزيد من حالات تسمية زعماء أكراد باسم أمهاتهم في  Rohat Alakom, Li Kurdistanȇ hȇzeke nȗh: Jinȇn Kurd (Stockholm: Apec, 1995) p.19

[14] الطبقات المختلفة موصوفة بإيجاز في جي. سي إدموندز  pilgrimage to Lalish (London, Royal Asiatic Society, 1967) pp 27-37

[15] في الواقع الشائعات حول تآمر ميان خاتون في موت زوجها مذكورة لدى الكثير من المؤلفين البريطانيين وقد تكون مأخوذة من رواة يزيديين ولكن ليس في أي من المصادر الشرقية بما فيهم الرواة اليزيديين المتأخرين (قارن (كيست  (Guestاليزيديون ص.167 والملاحظة رقم 24 على الصفحة 245). يشير ذلك إلى تلك الشائعات وإن سرت في البداية على نطاق ضيق فإنها سرعان ما تلاشت بين اليزيديين. وقد قتل سعيد بك ابن ميان خاتون اثنان من زوجاته دون أن يؤثر ذلك على مكانته كـ (مير) صوري للجماعة. (كيست، المذكور آنفاً، وصديق الدملوجي)

[16] مقتبس من كيست ، اليزيديون ص 185.

[17] بداية الحكاية تذكر باكتشاف (سيدهارتا كوتاما Siddharta Gautama) للمعاناة والتي وضعته على طريق البوذية. والفكرة ذاتية اقتُبست في الكثير من الأساطير الشعبية حول المتصوف المسلم من القرن الثامن الخرساني إبراهيم ابن الأدهم التي بدورها قد تكون مصدراً لهذا العنصر من حكاية زمبيل فروش.

[18] لقب خاتون هو اللقب الإقطاعي الأنثوي لـ(خان). في بعض النسخ من الحكاية خاتون نفسها هي الحاكمة وفي بعض النسخ الأخرى هي زوجة الحاكم ولكن في كلتا الحالتين لا يلعب الزوج أي دور.

[19] بعد الملخص الذي ورد في “زمبيل فروش” لـ أ. كرناس  A. Gernas مجلة روجا نو العدد 33، 1992 صفحة 10-14، سجل الطلاب الكرد روايات مختلفة للحكاية في أجزاء مختلفة من شمال وشرقي كردستان. النسخة الأكمل نُشرت في قبل أوسكار مان  (Die Mundart der Mukri-Kurden,  vol.I, Berlin, 1906, pp275-284 الترجمة الألمانية في المجلد الثاني، برلين 1909 صفحة 429-443 ومن قبل الأخوين أورديخان وجليلي جليل في كتابهما  Zargotina Kurda المجلد الأول (موسكو، 1978) صفحة 189-197. كما توجد ترجمة أخرى لرواية أخرى من الحكاية  في  Luise-Charlotte Wentzel (ed), Kurdische Mȁrchen (Dusseldorf: Eugen Diederichs, 1978) pp.207-9) لا يزال يُشار إلى قبر زمبيل فروش في موقعين على الأقل أحدهما بالقرب من سيلفان (فارقين) في تركيا والآخر بالقرب من باطوفا (شرقي زاخو) في شمالي العراق مما يشير إلى أن كلا المقاطعتين تدعيان أن الحكاية تخصهما.

[20] بهذا المعنى تتماثل الحكاية مع بعض حكاية يوسف وزليخا، زوجة بوتيفار. في تلك الحكاية أيضاً يبقى يوسف بريئاً بينما عاطفة زليخا تُرفع إلى درجة روحية مما يجعلها شخصية تراجيدية (مأساوية) أكثر منها  امرأة شريرة أو سيئة.

[21] Henny Harald Hansen, The Kurdish Women’s Life: A Field Research in a Muslim Society, Iraq (Kobehnhavn: Nationalmuseet, 1961)

[22] إدموندز “الكرد والترك والعرب” ص. 86 وقفت ربيعة إلى جانب السلطات البريطاينة ضد الشيخ محمود وضمنت أن هناك مؤونة دائمة من الخبز في البلدة أثناء انتفاضة الأخير. وفي حالتها فإن لقب خان الذي يأتي بعد اسمها الشخصي لا يدل على كونها نبيلة بالولادة. لا بد أنها كانت من العامة وإن اللقب مُنح لها كإشارة على الاحترام.

[23] ف. كراهان (أن تكون امرأة كردية: مكانة المرأة الكردية ضمن النسيج الاجتصادي (الاجتماعي-الاقتصادي) مجلة دنك العدد 13 (استانبول، تموز 1991) وتعتبر الكاتبة من الرائدات في الحركة النسوية الكردية الناشئة. وباسمها الصريح، فاطمة كايهان، تصدر كل شهرين منذ ربيع عام 1996 مجلة روز  النسوية الكردية .

[24] خلال السبعينات والثمانينات كانت هناك لأول مرة مقاتلات كردية من البيشمركه. وفي عام 1985 قابلت أحداهن التي كانت تقاتل جنباً إلى جنب مع زوجها لعدد من السنوات ولكنها لم تكتسب شهرة وتألق مارغريت.

[25] ينظر إلى التقرير المثير للانتباه من قبل الكاتبة النسوية الألمانية هيلا شلمبيرغر  Hella Schlumberger: Der brennede Dornbusch: Im verbotenen Land der Kruden (Frankfurt am Main: Eichborn Verlag, 1991)

[26] يتبين ذلك بشكل جلي في كتاب كاتبة أوربية أمضت حوالي السنة في صفوف مقاتلي PKK والتي تعطي وصفاً نزيهاً  لمشاهداتها:  Carla Solina, Der Weg in die Berge: Eine Frau bei der Kurdistan Befreiungsbewegung (Hamburg: Nautilus, 1997) ورغم أنه يبدو أن سولينا  تأخذ دعاية الحزب بشكل سطحي، إلا أن مشاهداتها عن نقاشاتها مع الرجال والنساء في صفوف الغريللا  والحياة اليومية في الجبال تأخذ بمجامع القلوب.

[27] يشير أوج آلان إلى تلك الأحداث في العديد من المقابلات وبشكل أكثر وضوحاً في شلمبيرغر (ص 250). وهناك تقارير تنظوي على معلومات مفيدة، رغم أنها متحيزة، حول هذا الصراع وقضايا أخرى عن  PKK  في سلسلة من المقالات بقلم عصمت جي عصمت في إيجاز أسبوعي باللغة الإنكليزية صدرت في أنقرة بين 1988-1989. وكتاب المؤلف نفسه بعنوان ب.ك.ك: تقرير عن عنف الانفصاليين في تركيا (1973-1992) الصادر في أنقرة عن  Turkish Daily News Press, 1992 يعتمد إلى حد بعيد، على ما يبدو، على مصادر الاستخبارات التركية ويجب قراءته بحذر شديد.

[28] اخفقت كسيرة في الختام ولكن بدون أن يتساءل الكثير من الناس إلى أي حد كان وصول أوج آلان إلى القيادة  بفضل تشجيعها ومساعدتها ودفعها له.

[29] كان والدها، علي يلدرم، شخصاً عادياً واكتسب بعض النفوذ والمكاسب الاقتصادية من جراء انحيازه إلى جانب الحكومة التركية ضد الحركة الكردية في الثلاثينيات.

شارك هذا المقال: