من أكثر الرجال اعتزازاً بأصله الكردي – حمزة المُكسي

شارك هذا المقال:

 

و. بيرسِني

إن حمزة المُكسي، المثقف الكردي الذي نعتز كثيراً بأصله الكردي، بالكاد يعرفه ابناء جلدته، رغم أنه وهب جل حياته في خدمة القضية الكردية. للأسف لم يصلنا غلى يومنا هذا إلا القليل من المعلومات عن حياته. و ما هذه الصفحات قليلة العدد التي بين أيديكم إلا بحث متواضع جداً عن سيرته و أنشطته النضالية. نأمل أن ننشر عن قريب بحثاً مفصلاً عنه.

ولد حمزة المُكسي عام 1892م في ناحية مُكس* التابعة لقضاء گواش، و التي كانت تتبع ولاية وان داخل حدود الدولة العثمانية [1]. عرف بين الأكراد باسم “حمزَيى موكسي”. كما عرف بأسماء أخرى مثل: سيدا حمزة، حمزة، معلم حمزة، مِكسِلي حمزة، موكسلي حمزة، حمزة بَي، مُلّا حمزة، موكوسلو حمزة، حمزة أفندي، حمزة بَگێ مُكسي، مُكْسْلو حمزة أفندي، مَلا حمزَيێ مِكسى، حمزة بگێ مِكسي و حمزة بگێ عَدالت. يذكر حسيب كويلان [2] بأن اسم والده هو “حاجي بكر”، في حين يتغير هذا الاسم في إحدى تقارير الاستخبارات الفرنسية إلى “باكر”. بينما نجد اسمه الكامل مسجلاً على شاهدة فبره هكذا: “حمزة بيك ابن حاجي باكر”.

تلقى حمزة المُكسي تعليمه في مُكس و وان و اسطنبول. تخرج في مُكس من مدرسة “مير حسن ولي” (يقصد بالمدرسة تلك التي تهتم بالعلوم الدينية بشكل خاص بالإضافة إلى اللغات العربية و التركية و الفارسية، و يكون التدريس باللغة الكردية عموماً – المترجم)، و في وان تخرج في مدرسة هورهور، بينما تخرج في اسطنبول من كلية اللغة الفارسية و آدابها بالإضافة إلى معهد الواعظين. كرس حمزة المُكسي جل حياته في التربية و التعليم إما كطالب علم أو مدرس في شتى المدارس. دخل حمزة المُكسي “دار الفنون، قسم الأدب الفارسي” و التي تحول إلى جامعة اسطنبول حالياً. و بعد تخرجه فيها، أنهى دراسته في “مدرسة الواعظين” (افتتحت عام 1914م لإعداد واعظين دينيين) ليُعَيَّن كأستاذ عام 1918م في المدرسة الابتدائية في قرية “عُمَرلي” التابعة لأوسكودار [3] (منطقة كبيرة على الجانب الآسيوي من مدينة اسطنبول، بمحاذاة مضيق البوسفور – المترجم).

تزوج حمزة المُكسي من السيدة التركية “عدالت خانم” الشقيقة الكبرى لصديقه في الجامعة، البروفيسور علي نهاد تارلان. ولدت لهما ثمرة هذا الزواج صبية باسم “منيژه” [Menîje]. كان حمزة المُكسي خطيباً لعدالت خانم عام 1919م لدى توقيفه في مدينة ماردين و محاكمته في مدينة دياربكر. تراسل حمزة المُكسي خلال فترة توقيفه مع خطيبته “عدالت خانم” ليتزوجها في اسطنبول بعد إخلاء سبيله.

يذكر نجم الدين شاهينر على لسان البروفيسور علي نهاد تارلان، ما يلي:

“في عام 1920م كنت أداوم مع حمزة المُكسي، كاتب و مفسر “إشاراتُ الإعجاز” في كلية اللغات التابعة لدار الفنون. كانت صداقتنا متينة و راسخة، ملؤها الحب و الوئام. كان يكبرني بسنتين أو ثلاثة. أنهى هو قسم اللغة الفارسية، بينما أنهيت قسم اللغة الفرنسية و الفارسية. بعدها تزوج من شقيقتي الكبرى، ثم دخل معهد الواعظين و أنهاه بامتياز ليعين كإمام و واعظ في الجيش العثماني. في سنة 1960 أُبلِغنا بنبأ وفاته و هو بعمر (65) عاماً، حينما كان مديراً لثانوية مدينة الحسكة السورية القريبة من حدودنا مع سوريا.

ثم يضيف نجم الدين شاهينر، أنه خلال سفره عام 1978 مع المرحوم تارلان لزيارة الحجاز، و استفساره منه عن أولاد صهره حمزة المُكسي و عناوينهم إن وجدت، فكان جوابه محزناً و مؤسفاً، “بكل أسف لم يترك ذرية! و أن أمواله المنقولة و غير المنقولة استولت عليها الدولة السورية”. ولد حمزة المُكسي صبية باسم “منيژه” لكنها مع الأسف توفيت عندما بلغت العشرين من عمرها نتيجة لمرض إلتهاب السحايا. من مساوئ القدر أنها توفيت بمرض يشبه اسمه اسمها [4] (يطلق اسم “ميننژيت” باللاتينية بلغة الطب على مرض إلتهاب السحايا– المترجم).

أصبح حمزة المُكسي، و لفترة، مسؤولاً و مديراً لمدرسة “مير حسن ولي” في مُكس، هذه المدرسة التي تلقى فيها أول تعليمه [5]. لكنه إلى جانب هذه المسؤولية كان يداوم في مدرسة هورهور في مدينة وان التي أصبحت منبع و مصدر تعليمه الأساسي.

يمكن القول دون مبالغة أن “سعيد نورسي” هو الشخصية الأساسية التي ساهمت كثيراً في تربية و تعليم حمزة المُكسي منذ بداية عمره التعليمي. لقد استمر لقاؤهما كثيراً منذ تعارفهما في مدينة وان. لا شك أن حمزة المُكسي تأثر كثيراً بتعاليم و توجيهات معلمه و شيخه سعيد نورسي، منذ تلقيه العلم على يده في مدرسة هورهور. و لقد استمرت اتصالاتهما في اسطنبول أيضاً إلى حين ذهابه إلى سوريا.

درَّس سعيد نورسي خلال أعوام 1897-1907 و 1912-1914 في مدرسة هورهور التي كانت تقع داخل قلعة وان التاريخية و التي بناها الأورارتيون. لكن المدرسة تعرضت للحرق و التخريب بعد احتلال الأرمن لمدينة وان [6]. كان حمزة المُكسي إلى جانب “شفيق أرواسي” من ضمن /200/ طالب تقريباً يتلقون العلم من سعيد نورسي في هذه المدرسة قبل حرقها و تخريبها.

ساهم حمزة المُكسي في طبع مؤلفات أستاذه سعيد نورسي في اسطنبول. و بشأن هذه الفترة يقول حمزة المُكسي: كنت ضمن هيئة التدريس قبل تأليف و كتابة حضرة أستاذي لكتاب “إشارات الإعجاز”. كان يأخذ الكلام القديم (ربما يقصد به القرآن؟ – المترجم) بيده و يفسره لنا باللغة الكردية دون النظر إلى أي مصدر مطبوع. في حين كان أحد زملائنا و هو “مُلا حبيب” يسطر ما يتلقاه من فم الأستاذ باللغة الكردية. لم تستمر هذه الفترة كثيراً حيث بدأت الحرب العالمية (يقصد الحرب العالمية الأولى – المترجم). رغم الظروف الصعبة خلال سنوات هذه الحرب فإن الأستاذ اعتمد على ما سطره زميلنا ملا حبيب، و قام بطبع ذلك الكتاب في “مطبعة أوقاف اليوم” [7].

قام حمزة المُكسي بتحرير كتاب التفسير “إشارات الإعجاز” لأستاذه سعيد نورسي. كما أضاف من عنده لمحة عن حياة الأستاذ في الصفحات الأخيرة من ذلك الكتاب (الطبعة العربية الأولى).

اشتغل حمزة المُكسي و عمل كناشر، لذا أخذ على عاتقه نشر كتابي: “إشارات الإعجاز” و “أونجو سوز” (الوعد العاشر – المترجم) لأستاذه سعيد نورسي [8]. كان حمزة المُكسي على اتصال و علاقة وثيقة مع شقيق أستاذه، عبد المجيد نورسي*. بدأت علاقة حمزة المُكسي و عبد الجيد نورسي خلال دراستهما في مدرسة هورهور، حيث تتلمذ الاثنان لدى سعيد نورسي. و قد استمرت علاقتهما فيما بعد في اسطنبول أيضاً. حيث نجدهما في صورة فوتوغرافية مشتركة جرى تصويرها في اسطنبول [9].

انقطع الاتصال بين سعيد نورسي و تلميذه حمزة المُكسي لمدة /15/ عاماً بعد رحيل الأخير إلى سوريا. حيث كان يعتقد أنه سقط شهيداً. لكن تلميذه المدعو “أمين” أخبره خطأً بوجوده في العراق، علماً أنه كان يعيش في سوريا آنذاك. و تعقيباً على هذا الخبر الخطأ يقال أن سعيد نورسي ذكر بحق حمزة المُكسي ما يلي:

“منذ /15/ عاماً كنت أعتقد عن خطأ أنه سقط شهيداً مثل تلميذي الآخر “السيد عبيد”، لذا كنت أدعو لهما بالرحمة والمغفرة. لكنه أفرحني في الآونة الأخيرة خبر و جوده في العراق حياً، حيث بشرني أخي في الدين السيد أمين هذا النبأ المفرح خلال سفره إلى هناك. أشكر الله كثيراً على هذا النبأ و أرسل بسلامي و تحياتي إلى الألوف من إخواننا” [10].

يقول روهات في مؤلفه، “إحدى الحكايات المنسية” و في الباب المتعلق بسعيد الكردي (سعيد نورسي): على الرغم من أن حمزة المُكسي كان أكثر المعجبين بسعيد الكردي (سعيد نورسي) خلال وجوده في سوريا، إلا أنه لم يجر أي اتصال بينهما طيلة /15/ عاماً [11].

بالإضافة إلى حمزة المُكسي كان سعيد نورسي أستاذاً لشخصيتين مهمتين أخريين و هما: محمد مهري جلاو و شفيق أرواسي [12]. كان شكل العلاقة بينهما، هي علاقة الأستاذ للتلميذ. في عام 1919 قام حمزة المُكسي بطبع و نشر أهم أثر كردي أدبي كلاسيكي و هو ملحمة “مم و زين” لأحمد خاني. في حين قام التلميذ الأخر، شفيق أرواسي، بطبع و نشر ديوان (ملاي جزيري) ليحاكم و يسجن على إثره مدة /10/ أعوام. يذكر جلادت بدرخان بأن هذا الديوان طبع في اسطنبول عام 1919 [13]. و هكذا نقف شهوداً على المساهمات الثقافية القيمة لهذين المثقفين، تلميذا سعيد نورسي، في إثراء و تقدم الثقافة الكردية.

عندما نذكر حمزة المُكسي فإننا نذكر أيضاً نضاله و نشاطه المحموم في المجال السياسي. حيث شارك و ساهم بفعالية و نشاط في جميع الجمعيات و المؤسسات و المنظمات السياسية الكردية حتى آخر حياته. ففي شهر كانون الأول عام 1918 كان حمزة المُكسي من المؤسسين الأوائل، إلى جانب سعيد نورسي و خليل خيالي، لجمعية التقدم الكردستانية [14]. و لدى انتخاب هيئة إدارية لهذه الجمعية فيما بعد، لم يشترك حمزة المُكسي في الهيئة المنتخبة. لكنه كعضو في هذه الجمعية اشترك بشكل فعال في جميع أنشطتها. لم يكتفِ حمزة المُكسي بالنضال من خلال تلك الجمعية فحسب، بل ساهم في جميع فعاليات المنظمات أو التشكيلات المتفرعة من الجمعية المذكورة أو المدعومة من قبلها.

يذكر قدري جميل باشا في كتابه “دوزا كردستان – قضية كردستان” أسماء سعيد نورسي و حمزة المُكسي و خليل خيالي كأعضاء مؤسسين لجمعية التقدم الكردستانية. لكننا لا نجد اسمه في لائحة هيئة الإدارة التي انتخبت فيما بعد. في حين يرد اسم شفيق أرواسي، أحد تلاميذ سعيد نورسي، في لائحة تلك الهيئة الإدارية. كما يؤكد محمد أمين بوز أرسلان أن حمزة المُكسي كان من الأعضاء المؤسسين لتلك الجمعية.[15]

أما طارق ظفر تونايا (أحد المؤرخين الأتراك المعروفين – المترجم) فإنه يذكر اسم حمزة المُكسي كمؤسس و عضو و إداري فعال و نشط في جمعية التقدم الكردستانية. يذكر طارق ظفر تونايا بأنه تأكد من هذه المعلومة خلال مقابلته في تموز 1976 مع الأورديناريوس و البروفيسور شكري بابان (أستاذ جامعي مرموق في الجامعات التركية من أصل عراقي كردي، ينتمي إلى عشيرة بابان الكردية في السليمانية – المترجم) و من خلال مطالعة مجلة [ ژين – Jîn ] الكردية، و بعض المجلات الكردستانية. [16]

كما ذكرنا أعلاه، فقد كان حمزة المُكسي من أكثر أعضاء جمعية التقدم الكردستانية فعالية و نشاطاً. ساهم بشكل فعال في الأنشطة الثقافية لهذه الجمعية. أخذ علة عاتقه إخراج و إدارة و مسؤولية و نشر العديد من المجلات الثقافية، بصورة رسمية أو غير رسمية. كما ساهم بشكل فعال في الأنشطة السياسية لتلك الجمعية. و نفذ بأمانة جميع المسؤوليات السياسية التي كلف بها من قبل الجمعية. و من هذه المسؤوليات تكليفه كمدير مسؤول لمجلة “ژين” لسان حال الجمعية. و قد تركت هذه المجلة رغم قصر عمرها بصمات واضحة على الحياة السياسية و الثقافية الكردية.

من الأنشطة السياسية المهمة لحمزة المُكسي، قيامه بدور فعال خلال انتفاضة بدليس عام 1914. و قد ورد في العدد (36) من جريدة “ژين” تقرير إخباري بعنوان “شعب شهيد” يكشف فيه تفاصيل سياسية دقيقة عن تلك الانتفاضة. حيث يذهب حمزة المُكسي إلى بدليس قبل حصول الانتفاضة و يقوم بدور فعال لمصالحة زعماء عشائر المنطقة و توحيد كلمتهم و صفوفهم ليثبت دوره المهم و الفعال في تنظيم الانتفاضة وإحياء الوحدة و التضامن بين رؤساء العشائر و رجال الدين.

كعضو فعال في جمعية التقدم الكردستانية، تم كليف حمزة المُكسي من قبل الجمعية كمدير مسؤول لمجلة “ژين”  و كاتب مقالات رئيسي فيها. لذا أدار المجلة كمدير مسؤول بدأً من العدد الأول و إلى العدد العشرين دون انقطاع. و قد نشر في مجلة ژين بعض من كتابات حمزة المُكسي باللغة الكردية. [17] لكننا لا نجد اسمه الصريح في الكتابات أو المقالات باللغة الكردية إلا من خلال المقدمة التي كتبها باللغة الكردية لكتاب “مم وزين” . غير أن هناك مقالات نشرت في العديد من أعداد المجلة باسم مجلس الإدارة ربما كان هو كاتبها. كانت المجلة تخاطب جميع المواطنين الكرد داخل حدود الدولة العثمانية، و تحمل الصفة القومية لتترك بصماتها بوضوح في الثقافة الكردية. حيث نشرت لأول مرة في هذه المجلة أعمال مسرحية و فلكلورية و درامية رغم تعرضها لمضايقات و ضغوط هائلة من قبل الحكومات المتعاقبة خلال فترة صدورها. حيث حجبت بعض أعدادها عن الصدور لتصبح أول مجلة كردية تتعرض للحجب.

وردت في العدد (36) من جريدة ژين معلومات مهمة تتعلق بصدور مجلة ژين من خلال مقالة غير موقعة تحت عنوان “شعب شهيد”. من المحتمل أن تكون المقالة مكتوبة من قبل ممدوح سليم. يفهم من خلال هذه المقالة أن الأشخاص التالية أسماؤهم أصدروا مجلة ژين أو ساهموا في إصدارها:

خليل خيالي – حمزة المُكسي – النقيب أمين بدليسي – مولود من السليمانية – نوري بابان من السليمانية – رشيد بيك من السليمانية. صدرت هذه المجلة بإمكانات محدودة، و تحت ظروف اقتصادية صعبة، و بجهود كوادر هاوية ليست لها أي تجربة صحفية من قبل، ما عدا حمزة المُكسي صاحب تجربة سابقة. حيث ساهم بشكل فعال في صدور المجلة، و أخذ على عاتقه مسؤولية حل جميع المعاملات البيروقراطية. كما أنه كان مديراً مسؤولاً للمجلة حتى العدد/20/. و حول صدور المجلة ورد في مقالة “شعب شهيد” ما يلي:

“أخيراً قررنا إصدار مجلة كردية بعد أن استطعنا توفير عدة قروش زائدة عن لقمة أفواهنا. سيساهم خليل خيالي مع حمزة و أمين في إصدار هذه الصحيفة التي وضعنا لها اسم “ژين” (الحياة). (هناك خلط بين مسمى مجلة و صحيفة لم أستطع حل لغزه – المترجم) عرض كل منا رأيه، لكنني لا أذكر من طرح هذا الاسم للصحيفة. لقد وصلنا إلى مرحلة الحصول على امتياز لصدور الصحيفة. و قد كلنا حمزة لهذه المهمة، الذي قام بها على أكمل وجه. حيث كرس هذا الشاب كل طاقته صباحاً و مساءً بين أروقة وزارة الداخلية و منها إلى الأمن العام ثم إلى مديرية الشرطة ليحصل في النهاية و خلال أسبوع على أمر السماح بصدور الصحيفة. يمكن القول أن الصحيفة مدينة بصورة خاصة لجهود و عزيمة حمزة، دون أن ننسى جهود النقيب المرحوم أمين بدليسي و مولود من السليمانية و نوري بابان من السليمانية و رشيد بيك من السليمانية أيضاً. [18]

خلال دراسة حمزة المُكسي في جامعة اسطنبول قسم الأدب الفارسي، أخذ دوراً فعالاً في تأسيس جمعية الطلبة الكرد في اسطنبول، هيڨي، و ذلك في 9 آب 1912. و يذكر قدري جميل باشا في مذكراته بان حمزة المُكسي كان عضواً في تلك الجمعية. لكننا لا نعرف على وجه الدقة سنة انتسابه إلى جامعة اسطنبول. و لا نعرف سنة مجيئه من وان إلى اسطنبول للدراسة في الجامعة. لكننا نعلم أنه نشط مع الطلبة الكرد الآخرين في جامعة اسطنبول، و لعب دوراً مهماً في تأسيس جمعية الطلبة الكرد -هيڨي- التي قامت بأنشطة و فعاليات ثقافية وسياسية مهمة لصالح المواطنين الكرد و قضاياهم ضمن حدود الدولة العثمانية.

يؤكد إسماعيل گل داش بأن حمزة المُكسي كان العضو المؤسس لجمعية طلبة الكرد-هيڨي. [19] و قد أصدرت هذه الجمعية بعد جهود جبارة من أعضائها مجلة باسم “روژي كُرد” (شمس الكرد) عام 1913. لكنها منعت من الصدور عقب العدد الرابع بأمر من الحكومة آنذاك، ليستمر إصدارها تحت اسم آخر “هتاوي كرد” (و تعني باللهجة السورانية: شمس الكرد – المترجم) و خلال الاحتفال بالذكرى الثامنة لتأسيس هذه الجمعية، تكلم الطالب توفيق حمدي من دياربكر باسم جميع الطلاب المنتسبين إلى الجمعية، فقال:

“إن أولئك الذين أخذوا القوة من أمانيهم و عقائدهم، سعوا بكل جهودهم إلى إصدار أثر أو عمل جدير بالاهتمام، رغم الظروف الصعبة، و غم الإمكانيات المحدودة، قطفوا في النهاية ثمرة مسعاهم فأصدروا “روژي كُرد” التي منعت من الصدور بأمر من جهة دكتاتورية، و سجنوا أحد شبابنا لشهور عدة، لكنهم رغم ذلك أصدروا مجلة أخرى باسم “هتاوي كُرد”. [20]

يذكر قدري جميل باشا بأن الكركوكي نجم الدين حسيني و السليماني عبد الكريم و المُكسي حمزة مع كتاب آخرين كانوا من ضمن الأشخاص الذين يكتبون في “روژي كُرد” القسم الكردي. لكن عندما نطالع الأعداد الأربعة الأولى من هذه المجلة فإننا نلاحظ عدم وجود أية كتابة أو مقالة بتوقيع أو اسم حمزة المُكسي. لذا نعتقد أنه كان يقوم بمهمة رئاسة تحرير القسم الكردي للمجلة بالإضافة إلى تدقيق الكتابات فيها.

كما يذكر قدري جميل باشا بأنه بعد منع هذه المجلة من الصدور، قامت هيئة أخرى برئاسة حمزة المُكسي بإصدار مجلة “هتاوي كُرد”. في حين ورد في التقارير الرسمية أن المجلة أصدرت من قبل عبد العزيز بابان. [21]

من بعض الفعاليات المهمة الأخرى لحمزة المُكسي، هي نشاطه من خلال “جمعية نشر المعارف الكردية” التي تأسست في اسطنبول عام 1910 [22]. و على الرغم من الزعم بأنه كان من الأعضاء المؤسسين لهذه الجمعية، إلا أننا لا نجد اسمه على اللائحة التي أوردها طارق ظفر تونايا بهذا الشأن [23]، كما ورد اسمه كعضو مؤسس لجمعية أخرى و هي، “جمعية تعميم النشر و المعارف الكردية” إلا أن إسماعيل گل داش ينفي هذا الزعم استناداُ إلى المصادر الرسمية بهذا الخصوص [24]. مع ذلك نؤكد أنه كان من الأعضاء النشطين في هذه الجمعية، و قد تم تعيينه فيما بعد كمدير مسؤول لمجلة “ژين” ذات الصلة بالجمعية المذكورة. كما أنه كتب مقدمة كتاب “مم و زين” التي نشرتها هذه الجمعية في 3 أيار عام 1919، و التي طبعت من قبل مطبعة “نجمي استيكبال”.

في العدد 19 من مجلة “ژين” الصادرة في 22 أيار 1919 نجد مقدمةً باللغة الكردية لكتاب “مم و زين” و بتوقيع حمزة المُكسي [25]. و قد تعرض هذا الكتاب و منذ الطبعة الأولى له إلى مضايقاتٍ مستمرة، و منعٍ من التوزيع و فتحِ دعاوى قضائية عديدة ،و في فترات متفرقة، بحق دار النشر و ناشريها. و قد استمرت هذه المضايقات أيضاً إلى ما بعد إعلان الجمهورية في تركيا. و قد ذكر باسيل نيكيتين عن توقيف حمزة المُكسي عقب انتفاضة 1925 (انتفاضة الشيخ سعيد پيران – المترجم) و محاكمته في مدينة دياربكر. كما أشار إلى أهمية هذا الأثر الأدبي لدى الكُرد، فكتب مقالة بعنوان “القضية الكردية” نقتطف منها هذين السطرين:

“مع نشر هذا الأثر المهم و الرئيسي لأحمد خاني، يقوم الكتاب بزيارة لمحكمة الاستقلال في دياربكر. إن هذا الأثر الذي موضوعه من قضية قومية يعبر بإخلاص عن معاناة الكُرد” [26]

صدر الأمر من الحكومة التركية لدى صدور “مم و زين” بجمع جميع النسخ المطبوعة و إحراقها. كما أمر بعدم توزيعها و بيعها. [27] و في عام 1968 قام محمد أمين بوز أرسلان بنشر الكتاب المذكور بالأحرف الكُردية اللاتينية. لكنه تعرض لنفس المعاملة و تم جمع كافة النسخ المنشورة. غير أنه صدر بعد حين من القضاء التركي أمر بتبرئة ساحة الناشر. و لدى محاولة الكاتب محمد أمين بوز أرسلان نشر الكتاب مرة أخرى عام 1996، تعرض لنفس المعاملة ثانية و منع الكتاب من التوزيع. و هكذا ما زال الكتاب يتعرض لمنع النشر و التوزيع منذ 85 عاماً.

كما ذكرنا سابقاً فقد شغل حمزة المُكسي منصب المدير المسؤول للأعداد العشرين الأولى من مجلة “ژين”. و قد صدر العدد العشرون للمجلة في 4 حزيران 1919. و لدى مغادرته اسطنبول في 3 حزيران 1919، يكون قد استقال بطبيعة الحال من منصبه. و عقب توقيفه في مدينة ماردين تقلد ممدوح سليم منصب المدير المسؤول للمجلة عوضاً عنه. و قد ورد في العدد (36) من جريدة ژين الصادرة في 21 حزيران 1920 خبر توقيف حمزة المُكسي بتهمة “خيانة الوطن” و تعرضه للتعذيب ثم إعدامه بعد حين. غير أنه تم تكذيب الخبر فيما بعد. كانت الجريدة المذكورة تصدر من قبل “جمعية المنظمات الاجتماعية الكردية”.

من أحدى الجمعيات التي كان لحمزة المُكسي صلة بها “جمعية المنظمات الاجتماعية الكردية”. لكننا لا نجد اسمه على اللائحة المتعلقة بأسماء الأعضاء المؤسسين لهذه الجمعية و التي أوردها قدري جميل باشا. لكنه يذكر بأن الجمعية قامت في عام 1921 بإرسال حمزة المُكسي مع أكرم جميل باشا إلى كردستان بأنشطة تخدم الأهداف السياسية و الثقافية للجمعية. يقوم أكرم جميل باشا بأنشطة سرية في المناطق القريبة من دياربكر، لكن يتم اعتقاله من قبل السلطات التركية بدسيسة من رئيس عشيرة “هڨێركان”، عبد الكريم علي رمو، الذي كان يستضيف أكرم جميل باشا في داره. و يتم إرساله إلى أنقره لمحاكمته في محكمة الاستقلال*. بينما يقبض على حمزة المُكسي و يودع السجن في دياربكر لمدة وجيزة.

في عام 1946 يقوم حسيب كويلان**، والي آگري السابق و المفتش العام للدولة آنذاك، و بتكليف من الحكومة، بتحرير تقرير رسمي عن المراسلات التي جرت بين حمزة المُكسي و زوجته السيدة عدالت خانم. و قد استغلت هذه الرسالة في المحاكمة التي جرت لحمزة المُكسي في دياربكر عام 1919، كأدلة دامغة على خيانته لوطنه تركيا. و يفهم من هذه الرسائل أن المذكور كان مراقباً لمدة طويلة من قبل الاستخبارات العثمانية. و أن رسائله الخاصة كانت مراقبة، و أن الأشخاص الذين راسلهم أو قابلهم كانوا مراقبين أيضاً.

في 25 نيسان عام 1919 يبعث حمزة المُكسي برسالة، إلى خطيبته السيدة عدالت خانم، الشقيقة الكبرى للبروفيسور علي نهاد تارلان، تبدأ بهذه الجملة: “إلى صاحبة العفة و العصمة”، و ينهي الرسالة بالكشف عن شخصيته فيكتب، “إنني كردي و على استعداد للتضحية بكل ما أملك من أجل القومية الكردية و الشعب الكردي، و أعلم علم اليقين أن مهمات في غاية الصعوبة تنتظرني”.

يذكر حسيب كويلان أن حمزة المُكسي يتزوج من خطيبته عقب إرسال تلك الرسالة، لكنه لا يذكر مكان كتابة الرسالة و إرسالها. كما لا يذكر مكان إتمام الزواج. غير أننا نعتقد أن الزواج تم في اسطنبول.

في 3 تموز عام 1919 يبعث برسالة إلى زوجته من سجن دياربكر يقول فيها:

“لدى وصولي إلى ماردين شعرت بأن رائحة الوطن تفوح معطرة و جميلة، و أن الألحان الكردية تطرب أسماعي. إنني الآن أناضل من أجل تحقيق القيم الحضارية التي طالما حلمت بها منذ سنوات الطفولة و خلال شبابي. لقد وصلت إلى دياربكر في ظروف صعبة، و تم توقيفي هنا بحجة أنني كردي أنتسب إلى “جمعية التقدم الكردية”. إذا قدر لي أن أخرج من هنا، فسأذهب إلى “خرپوت”. الموقوفون هنا في حالة يرثى لها، لكنهم في حالة معنوية عالية، و يظهر عليهم التضامن و العمل بصمت. تعلمين مدى حبي للموسيقى و الأغاني الكردية. منذ الصباح الباكر و إلى فترة النوم مساءً نتسلى بالرقص الكردي و أغانيه … عندما تبعثين لي برسالة، أرسليها على عنوان السيد قاسم جميل باشا”.

يقول حسيب كويلان في إحدى تقاريره، و عطفاً على الرسالة التي أرسلها حمزة المُكسي إلى زوجته بتاريخ 8 آب 1919 بأن المذكور يخاطب زوجته بـ: “حضرة الملكة” و هذا يعني أنه يحلم بأن يكون ملكاً للكرد و كردستان. [28]

كان حمزة المُكسي على اتصال وثيق مع عائلة جميل باشا من دياربكر قبل و بعد توقيفه. لذا أوصى زوجته بإرسال رسائلها له على عنوان السيد قاسم والد أكرم جميل باشا. كان السيد قاسم عضواً بارزاً في “جمعية التقدم الكردستانية” فرع دياربكر، ثم أصبح رئيساً لها فيما بعد.

يذكر أكرم جميل باشا في مذكراته بأن جمعية التقدم الكردستانية هي التي أرسلته إلى كردستان مع حمزة المُكسي. و لا يذكر شيئاً عن “جمعية المنظمات الاجتماعية الكردية”. يعلق “مالْمِيسانِژ” على هذا التناقض فيقول: يدل هذا القول على أن الجمعية الأخيرة انشقت عن الأصل؛ “جمعية التقدم الكردستانية” و أن أكرم جميل باشا يؤكد على انتسابه للأصل. [29] علماً أن حمزة المُكسي أعتقل قبل إنشاء “جمعية المنظمات الاجتماعية الكردية” بتاريخ 8/11/1919. و حسب مضبطة التوقيف فإن حمزة المُكسي غادر اسطنبول إلى ماردين بتاريخ 3/6/1919، و من هناك وصل إلى دياربكر للقيام بأنشطة هدامة و محظورة:

“غادر حمزة المُكسي اسطنبول إلى ماردين في 3/6/1919، و من هناك تحرك إلى دياربكر للقيام بأنشطة تهدف إلى إنشاء كردستان مستقلة تحت الحماية الإنكليزية، تتضمن جميع ولاياتنا الشرقية. إن المتهم حمزة بن بكر، مواليد ناحية مُكس التابعة لولاية وان، هو المدير المسؤول لمجلة ژين التي تصدر من عاصمتنا اسطنبول. كما أنه يشغل منصب المدير الإداري للّجنة المركزية في جمعية التقدم الكردستانية، و نتيجة التحقيق معه من قبل مدعي عام محكمة دياربكر تبين حسب مضبطة الاتهام رقم /614/ بتاريخ 8/11/1919 ما يلي: إن المتهم حمزة أفندي، بصفته المدير المسؤول لصحيفة ژين الصادرة في اسطنبول، و بصفته المدير الإداري لجمعية التقدم الكردستانية، يزعم أنه بتكليف من السيد غالب والي خرپوت، الذي قابله في اسطنبول، حصل على وثيقة للذهاب إلى ماردين بصفته مبعوثاً من الجمعية المذكورة، لكنه نشط هناك و خاصة في سنجق ماردين، و قام بفعاليات محظورة. و زار دار السيد عبد القادر باشا، الشخصية المعروفة هناك، و خطب في الحاضرين يدعو الكرد إلى الوحدة في الولايات الشرقية تحت حماية الإنكليز، و أن الوقت قد حان لاستقلال كردستان و طرد الموظفين العثمانيين منها، متهماً الإدارة العثمانية بالعنصرية و الفساد. و نتيجة إخبارية السيد عبد القادر باشا، أحد أشراف ماردين، و السيد حقّي المحاسب في مالية “سيرت”؛ بالإضافة إلى البرقية المشفرة من سنجق ماردين تم توقيف المتهم المذكور بعد أن اعترف صراحة بالتهم الموجهة إليه، و بثقته الشخصية في تحقيق ما يصبو إليه. و ذلك من خلال الأوراق التي وجدت معه، و منها الجملة المشفرة التي كانت مدونة على إحدى أوراقه: “مهما كانت الأعمال في المزرعة غير سليمة، إلا أننا سنصلحها بإذن الله”. كما أنه من خلال رسالة مرسلة بتاريخ 16/3/1919 إلى السيد عبد المجيد، أستاذ اللغة العربية في ثانوية دياربكر، يحرضه فيها على النشاط من أجل تأمين و تحقيق استقلال كردستان. كما ضبطنا معه مناشير باللغتين التركية و الكردية تتضمن دعايات هدامة و محظورة، على أمل إيصالها إلى السيد قاسم جميل باشا في دياربكر. لذا بناءً على هذه التهم المثبتة، و حسب المادة (45) من قانون الجزاء، فإنه ينطبق على المتهم حكم الاعدام، كخائن للوطن. [30]

إذا دققنا في التهم المزعومة من مقام الإدعاء، فإننا إسناد تهمة عضو الهيئة الإدارية في جمعية التقدم الكردستانية لحمزة المُكسي من طرف، و من طرف آخر اتهام الجمعية بالتحريض على إنشاء كردستان مستقلة، و هي تهمة لم تسع إليها الجمعية قط. لم يكتف مقام الإدعاء بذلك، بل اتهم الجمعية بأنها تسعى إلى حماية الإنكليز لكردستان مستقلة. لكن الأمر الغريب هو إطلاق سراح حمزة المُكسي بعد فترة قصيرة رغم هذه التهم الخطيرة. إذا أخذنا أقوال المقدَّم، خالد أكمانسو، أحد المسؤولين العسكريين الكبار للدولة العثمانية في دياربكر أثناء تلك الفترة العصيبة؛ تتضح لنا أمور – و لو جزئية – عن الحوادث الكثيرة التي وقعت هناك خلال تلك الفترة، و خاصة توقيف حمزة المُكسي، و نشاطه مع بعض رفاقه. حيث يتكلم المقدم خالد عن التطورات التي بدأت منذ إنشاء جمعية كردستان في دياربكر برئاسة أكرم جميل باشا، و إلى تاريخ منع و إغلاق الجمعية بتاريخ 4/6/1919 فيقول:

“عقب احتلال أورفا في 24 آذار (احتُلت من قبل القوات الفرنسية – المترجم) و إزمير في 25 أيار (احتلتها القوات اليونانية –  المترجم) استغل القوميون الكرد فرصة إصابة الشعب باليأس و خيبة الأمل فقاموا بنشر دعايات مغرضة و مسيئة، و نشروا بيانات و مناشير تزعم أن الفرصة سانحة لاستقلال كردستان، حيث أن الأتراك قد فقدوا الحياة بعد أن سلب الإنكليز منهم جميع أسلحتهم الفتاكة من مدافع و رشاشات؛ لذا عليهم طرد الموظفين و المواطنين من أصل تركي من ديارهم. قام أحد القوميين الكرد باسم حاجي آختي، عضو الهيئة الإدارية للنادي الكردي، باستغلال هذه الفرصة فأقام مؤتمراً في مدينة سيلوان (منطقة شرق دياربكر و تابعة لها – المترجم) يدعو فيه إلى استقلال كردستان، لكنه أُوقِفَ و أُودِعَ السجن في دياربكر. و من قبله كان أحد القوميين الكرد المدعو حمزة، قد انتقل من اسطنبول إلى دياربكر مصطحباً معه بلاغات و مناشير صادرة عن جمعية التقدم الكردستانية. لكنه أعتقل هو الآخر في ماردين و تم سجنه في دياربكر بطلب من قضائها. كان القوميون الكرد يزورون بين حين و آخر السجن، لمقابلة رفيقي العقيدة والهدف، مصطحبين معهم أوعية مليئة بشتى أنواع الأطعمة. و بعد فترة أعلنوا انتفاضة في السجن، لم تخمد نارها إلا بعد استعمال السلاح و العنف ضد المنتفضين. (…/…) في 4 حزيران 1919 صدر الأمر من قبل ولاية دياربكر بإغلاق النادي الكردي فيها و سحب الترخيص منه بعد أن ضُبط أكرم جميل باشا و هو يصرح ببعض الأقوال المحرضة على الانفصال، و الداعية إلى استقلال كردستان. كذلك تم إغلاق الناديين الكرديين في مدينتي ألعزيز و سيرت لنفس الأسباب. و قد جرت هذه الحادثة على النحو التالي:

لدى قدوم المقدم نويل إلى دياربكر مصطحباً معه أحد عملاء الشيخ محمود (محمود البرزنجي – المترجم) بصفة مترجم، استقبلهما السيد أكرم جميل باشا، أحد أكثر الأعضاء النشطين في النادي الكردي، مخاطباً بحماس: “لا يوجد هنا اثر للتركية و لا للعثمانية، أنتما الآن في كردستان مستقل”. لكن بعضاً من الحضور الأذكياء الذين كانوا يعملون بمراقبة الدولة لتحركات و أقوال القوميين الكرد، قاطعوا خطاب السيد أكرم بتوتر: “يا أكرم باسم من تتكلم و تتفوه بهذه الأقوال!..” ثم هجموا عليه و أنزلوه من المنصة. انتقلت أخبار هذه الحادثة إلى الأمن العام في دياربكر، و بعد علم السيد أكرم بانتقال خبر هذه الحادثة إلى القضاء و الولاية، يغادر دياربكر في هلع أولاً. و في اليوم التالي يهرب إلى مدينة حلب بعد أن تناهى إليه بأن قاضي التحقيق قد أرسل بمذكرة إحضار لجلبه إلى المحكمة. [31]

أما وديع جويدة فإنه يؤكد بأن النادي الكردي في دياربكر أُغلِق في 4/6/1919 بعد أن وصلت أنشطته و فعالياته حد الإزعاج و الخطر بالنسبة للدولة العثمانية. و بموازاة إغلاق النادي، أُعتقل قياديوه و تم تجميع الأسلحة الموجودة فيه و إحراقها في قلعة المدينة [32]. لكن لم يذكر لا أكرم جميل باشا و لا أي من المثقفين الآخرين عن امتلاك النادي للسلاح أو الرجال المسلحين. كذلك لا يذكر المقدم خالد أكمانسو، أحد المسؤولين العسكريين للمدينة آنذاك، مثل هذا الزعم في مذكراته. ربما كان لبعض أعضاء النادي أسلحة شخصية مودعة فيه فظنها الكاتب بأنها ملك للنادي.

عقب إغلاق النادي الكردي في دياربكر من قبل الولاية، يضطر أكرم جميل باشا إلى مغادرة دياربكر، فيصل حلب في 21/8/1919، و يصبح في عداد الهيئة التي شكلها تشارلز نويل. بعد أيام عديدة يغادر أكرم جميل باشا مع المقدم نويل إلى مدينة مالاطيا. و من هناك يرجع إلى حلب ثانية، ليغادرها بعد فترة إلى اسطنبول بدعوة من سيد عبد القادر، ثم يصبح عضواً في جمعية التقدم الكردستانية. و في 20/8/1920 يغادر اسطنبول إلى دياربكر، ليُعتقل في شتاء 1922 و يودع السجن في أنقرة. لذا نلاحظ أن حمزة المُكسي و أكرم جميل باشا قد أوقفوا في تواريخ غير متزامنة. فمن المحتمل أن يكون إرسال أكرم جميل باشا إلى كردستان قد تم عقب إنشائه جمعية المنظمات الاجتماعية الكردية، بينما تتبنى جمعية التقدم الكردستاني إرسال حمزة المُكسي إلى كردستان.

حول هذا الموضوع نجد تفاصيل أكثر دقة في العدد 482 من جريدة “سربستي” الصادرة بتاريخ 1/5/1919 لصاحبها رفعت مولى زادة:

“بالأمس جرى اجتماع في مركز جمعية التقدم الكردستانية. تباحث فيها أعضاء مجلس الإدارة حول إرسال وفد من المفكرين و المثقفين الكرد إلى كردستان بهدف توعية وتنوير الشعب. سيقوم هذا الوفد بإسداء النصيحة للكرد هناك، حول دقة وهشاشة الوضع في البلاد، و الخطوات الواجب اتخاذها لتُجَنب البلاد الخراب و الدمار. كما سيقوم الوفد بتفقد المدن الكردستانية الكبيرة، لتشكيل هيئات محلية يجري إرسالها إلى البلدات و القرى للقيام بنفس المهمة. بهذا المسعى تكون كردستان بمدنها و قراها قد أخذت نصيبها من الوعي و الشعور بالمسؤولية تجاه الوضع الدقيق الراهن. [33]

تعليقاً على هذا الخبر الذي نشر في جريدة “سربستي”، يزعم حسيب كويلان ،الذي كلف بإعداد تقرير عن الكرد في الولايات الشرقية في عام 1946 بصفة مفتش عام من قبل الدولة التركية، بان الوفد المرسل من قبل الجمعية جرى اعتقال جميع أعضاءه [34]. في 20/12/1920 جرى اعتقال نوري ديرسمي، لكن تم إطلاق سراحه  بعد فترة وجيزة بأمر من مصطفى كمال (أتاتورك فيما بعد – المترجم) و بطلب من العشائر الديرسمية. و لدى ذهاب نوري ديرسمي إلى ديرسم عام 1921، جرت محاكمته غيابياً في محكمة “ديوان الحرب” في مدينة سيواس و بأمر من نور الدين باشا. [35]

توقف النشاط الثقافي و السياسي لحمزة المُكسي بعد إعلان الجمهورية في تركيا. حيث أُنكِرت الهوية الكردية رسمياً و بشكل علني. و أغلقت الجمعيات و الصحافة الكردية. فيأخذ حمزة المُكسي نصيبه من هذه السياسة الجديدة و يعود إلى السلك التعليمي.

في عام 1925 يعتقل حمزة المُكسي في منطقة أومرلي التابعة لمادرين عندما كان يعمل مدرساً في مدرستها. ثم يُساق إلى دياربكر لمحاكمته مع المتهمين بالاشتراك في انتفاضة عام 1925 (انتفاضة شيخ سعيد پيران – المترجم) [36]. يعاقب في هذه المحكمة بمدة 10 سنوات سجن تقريباً و يُرسِل إلى سجن مدينة قستمونو (تقع شمال تركيا قرب ساحل البحر الأسود – المترجم).

يذكر حسن هشيار سردي في مذكراته، أنه نتيجة العقوبة التي حوكموا بها بعد انتفاضة 1925، أرسلوا بمعية الجنود الأتراك إلى سجن مدينة نيغده (مركز محافظة في وسط الأناضول التركي – المترجم) و في الطريق توقفوا في مدينة خرپوت، و استراحوا في كنيسة قديمة تحولت إلى سجن. قابلوا فيها حمزة المُكسي و محمد شفيق الأرواسي. “لقد علمنا منهما أن حمزة المُكسي عوقب بالسجن (10) أعوام بسبب نشره كتاب “مم و زين” بينما عوقب الأرواسي بـ 10 سنوات أيضاً بسبب نشره ديوان ملاي جزيري [37]. لا توجد معلومات دقيقة عن أسباب محاكمة حمزة المُكسي في محكمة الاستقلال في مدينة دياربكر، كما لا توجد معلومات دقيقة عن مدة سجنه. لكن الشائع بين المثقفين الكرد هو أن حمزة المُكسي حوكم بالسجن من 10 إلى 15 عاماً بسبب نشره كتاب مم و زين. كما أن السيد عوني دوغان الذي كان مدعياً عاماً لتلك المحكمة، و ترقى فيما بعد إلى منصب المفتش العام لدولة، لا يتطرق إلى التفاصيل الدقيقة لتلك المرحلة خلال إعداده تقرير “الملف الكردي” عام 1943 بناء على طلب سلطات الدولة التركية. يزعم عوني دوغان من خلال هذا التقرير بأن كتاب “مم و زين” يتضمن توجهات قومية، و أن زعماء انتفاضة 1925 أوصوا جماهيرهم على مطالعة هذا الكتاب لتقوية الشعور القومي لديهم.

في 7/5/1928 تعلن الحكومة التركية عفواُ عاماً بموجب قانون رقمه (1939). و قد شمل العفو عدة مثقفين أكراد أيضاً. فيما لم يشمل العفو المنفيين الكرد الذين أبعدوا عن ديارهم على خلفية انتفاضة (1925). إذ لم يسمحوا لهم بالعودة إلى ديارهم بل تعرضوا لعقوبات أشد و أسوأ مع مرور الزمن.

شمل العفو حمزة المُكسي، فسافر إلى مصر بعد إطلاق سراحه، ثم توجه من هناك إلى لبنان و أقام فيها مدة قصيرة، ليغادرها إلى سورية حيث أقام فيها إلى يوم وفاته بعد الحصول على الجنسية السورية. [38]

في عام 1930 و بناءً على طلب من الحكومة التركية أجبرت السلطات الفرنسية التي كانت تحتل سوريا المثقفين و القوميين الكرد من أصل تركي على الإقامة في دمشق بعيداً عن المناطق الحدودية مع تركيا. و قد شمل هذا القرار حمزة المُكسي إضافة إلى بعض المشاهير الكرد أمثال: أكرم جميل باشا و قدري جميل باشا و جلادت بدرخان و عثمان صبري و نور الدين ظاظا و عارف عباس و الطبيب احمد نافد …

في عام 1930 يعلن جلادت بدرخان عن ألفباء للكتابة الكردية بالأحرف اللاتينية. لكنها وجدت ناقصة من قبل حمزة المُكسي و أكرم جميل باشا و تعرض جلادت للنقد من قبلهما [39]. يذكر قدري جميل باشا في مذكراته، انه حصل اجتماع في دار علي آغا زلفو الكائن في دمشق و ذلك عام 1931 ضم كلاً من: جلادت بدرخان و حمزة المُكسي و موسى أحد أكراد دمشق و أكرم جميل باشا لينتهي الاجتماع بالموافقة الجماعية على تبني الألفباء التي أعدها جلادت بدرخان، و العمل على تعميمها لتشمل جميع أجزاء كردستان. لا ندري إن كان الاجتماع جرى بصفة الصداقة بين المجتمعين أم بتوصية من جمعية أو منظمة كردية، لكن المعلوم هو أن الألفباء حصلت على موافقة جميع كوادر جمعية خويبون.

في عام 1932 تم تأسيس “جمعية مساعدة الكرد المحتاجين في الجزيرة” في مدينة الحسكة *. من بين أعضاء هذه الجمعية: حسن حاجو آغا و عارف عباس و جيگرخون و الطبيب أحمد نافذ و عبد الرحمن علي يونس و حمزة المُكسي و أمين پريخان و عثمان صبري و رسول آغا و ملا علي توپز و محمد علي شويش … كما يفهم من اسم الجمعية، فإنها كانت تهدف إلى تنظيم معيشة المحتاجين الكرد، و المساعدة على الرعاية الصحية لهم و تأمين التعليم لأطفالهم.

يذكر “كۆنێ رَش” أنه في عام 1930 افتتح جلادت بدرخان مدرسة كردية باسم “كردستان” قرب دار السيد خالد بگداش في دمشق، كما افتتحت مدارس كردية و بتشجيع و مساعدة جلادت بدرخان في بعض مراكز محافظة الجزيرة و هي مدارس: تل شعير و قره مان و تعليك و عين ديوار [40].  و من المعروف أن حمزة المُكسي عمل مدرساً في مدرسة عين ديوار الرسمية. غير أنه استطاع في عام 1932 الحصول على إذن من السلطات الفرنسية لفتح مدرسة كردية للأطفال الكرد في قرية عين ديوار. بذلك يكون المُكسي قد عاد مرة أخرى إلى سلك التعليم باللغة الكردية. كما أن صديقه الدكتور أحمد نافذ افتتح عيادة له في هذه القرية، و تكفل الصديقان بتوزيع مجلة “هاوار” التي أصدرها جلادت بدرخان في محافظة الجزيرة. يقول “كۆنێ رَش” بأن حمزة المُكسي كان يدرس في مدرسة القرية باللغة الكردية، و حسب الألفباء اللاتينية، لكن الأمر الذي نؤكده أنه كان يقوم بهذا النشاط خارج دوام المدرسة. إذ كان التعليم في تلك المدرسة باللغة العربية [41].

في عام 1940 اتخذت الحكومة السورية بموافقة السلطات الفرنسية نقل قرية عين ديوار المحاذية للحدود التركية العراقية إلى القرب من الحدود العراقية بعد تفريغ القرية من سكانها. لذا تم نقل حمزة المُكسي من القرية إلى مدينة الحسكة ليعين مديراً لثانويتها إلى يوم وفاته و التي أخذت من عمره (20)عاماً تقريباً. خلال وجوده كمدير للثانوية عامل جميع تلاميذه من الكرد و العرب و الأرمن و الآشوريين معاملة واحدة كمربٍ فاضل لا يفرق بين أحد و آخر على خليفتهم قوميتهم [42].

في عام 1943 تم تعيين حمزة المُكسي مسؤولاً عاماً عن جميع مدارس محافظة الجزيرة.

خلال حديثه عن حياة حمزة المُكسي و سنوات عمره التعليمي في سوريا، يقول نور الدين ظاظا: “كان قد حصل على تعليمه من المدرسة الدينية، يتكلم الكردية و التركية و الفارسية و العربية بطلاقة. كان بإمكانه البقاء في دمشق و العمل كمدرس في مدارسها، لكنه مثل رفيقي في الغرفة أراد الذهاب إلى المناطق الكردية. لقد سمعنا بافتتاح مدرسة في قرية عين ديوار المحاذية لحدود تركيا و العراق. أحب السيد حمزة الذهاب إلى هناك للعمل كمدرس في مدرستها. فأصبح معلماً و مديراً لها. بعد سنة تم تعيين أخي الدكتور نافذ طبيباً حكومياً لتلك القرية. لقد دخل الفرنسيون إلى هذه القرية و جوارها في عام 1925، و كانوا في نزاع مع الأتراك حول ملكية القرية إلى عام 1930 حيث ألحقت بسوريا. وصل عدد سكان القرية آنذاك إلى (1200) نسمة. يشمل الرقم القرويين و الشرطة السورية بالإضافة إلى الجنود الفرنسيين. كان سكان القرية و جوارها من القرويين أكراداً، لكن تلاميذ المدرسة من الكرد كانوا أقلية، حيث لم يرغب أحد من سكان القرية و جوارها إرسال أطفالهم إلى المدرسة ما عدا أطفال مختار القرية. شمر المسكين حمزة المُكسي عن ساعديه ليهرع من بيت إلى آخر يشجع و يرجو بلهجة مُكسي الكردية أولياء الأطفال على تعليم أطفالهم حتى و لو كان التعليم باللغة العربية. لكنه فشل في مسعاه، ليضطر أخيراً إلى اصطحاب أحد ضباط الشرطة معه، مهدداً الأولياء بعقوبة كبيرة إنْ امتنعوا عن إرسال أطفالهم إلى المدرسة.

مضت عدة أيام دون أن يأتي أي من الأطفال إلى المدرسة. حينها يضطر ضابط الشرطة إلى معاقبة بعض الأولياء بشكل جدي. أخذت العقوبة تقطف ثمارها، فبدأ الأطفال بالمجيء إلى المدرسة رويداً رويدا. و بعد مرور سنتين أو ثلاثة امتلأت قاعات المدرسة بالتلاميذ الكرد و خاصة بعد افتتاح أخي الدكتور لعيادته في القرية. و قد أتم الكثير من أولئك التلاميذ تعليمهم الثانوي في مدينتي القامشلي و الحسكة فيما بعد. و منهم من تخرج من الجامعات، لذلك يمكن القول أن لحمزة المُكسي اليد الطولى في تخريج كوادر طبية و هندسية و قضائية و تعليمية من أبناء المنطقة” [43].

تقول السيدة پروين ابنة أكرم جميل باشا أنها ذهبت في عام 1953 إلى بيت أبيها في قرية تعليك و أن والدها علمها مواد المرحلة الابتدائية لتذهب بعدها مع والدها إلى مدينة الحسكة لدخول الامتحان النهائي. و أنها أقامت كضيفة مع أبيها لعدة أيام في دار السيد حمزة المُكسي صديق والدها. ثم تضيف السيدة پروين أنها قامت بزيارة أخرى إلى دار حمزة المُكسي في الحسكة عام 1955 أو 1956 و أنها وجدت المذكور مع زوجته لوحدهما في الدار لا أطفال لهما [44].

من بين الذين التقوا في سورية بحمزة المُكسي، يذكر الشيخ مصباح ياروك السيلواني أنه أرسل إلى سورية من قبل السيد سليم عزيز أوغلو و هو بعمر (13) عاماُ لتلقي العلم في إحدى المدارس الدينية. و أنه تعرف هناك على الشاعر الكردي المعروف جيگرخون، و بواسطته يتعرف في عام 1949 على حمزة المُكسي في مدينة القامشلي، ليضيف قائلاُ:

“في عام 1949 تعرفت في مدينة القامشلي و بواسطة جيگرخون على حمزة المُكسي. كان قد قدم من الحسكة إلى هنا بصفة ضيف. و قد لاحظت مدى الترحيب و الاحترام الذي يكنه المثقفون والوطنيون الكرد في القامشلي له. كان ذلك اللقاء في أحد أيام الصيف القائظ. خاطبه جيگرخون ” Seyda, foterê te kanî?” (يا سيدا أين هو غطاء رأسك “برنيطة”؟) فيجيبه حمزة المُكسي قائلاً: ” Hewa germ bû ji bo wê neanîm ” (كان الجو قائظاً لذلك لم أجلب). لقد التقيته مرة واحدة فقط، كان مديد القامة و يملك قسمات عريضة للوجه. بسبب حرارة ذلك اليوم كان حسر الرأس”. (خلال المقابلة التي تمت في 26/3/2005).

آخر النشاطات التنظيمية لحمزة المُكسي كانت في “جمعية خويبون”. هذه الجمعية التي تأسست في سورية بجهود المثقفين و الوطنيين الكرد الذين غادروا ديارهم و عاشوا في سورية حياة المنفى. كان حمزة المُكسي من ضمن قيادة هذه الجمعية، فرع محافظة الحسكة. و رغم ذكر اسمه كعضو مؤسس لهذه الجمعية التي تأسست عام 1927، إلا أن المؤكد هو مساهمته في الجمعية كعضو نشط و فعال وليس كمؤسس.

جاء في الملف الذي يحوي ستة صفحات، و الذي نظمته السلطات الفرنسية في حلب عام 1931 برقم 6 S   3266 ، وتحت عنوان “الفعاليات الكردية المعلومة” أن لجمعية خويبون فروع في عدة مناطق سورية، و يرأس فرع الحسكة قدري جميل باشا، الذي يضم في قيادته:” Hamza files de Bakar Kurdi” و قد ورد هنا عن طريق الخطأ اسم والد حمزة و هو بكر، بصيغة باكار كُردي. [45] من هذا التقرير يفهم أن حمزة المُكسي كان أحد قياديي جمعية خويبون في الحسكة. يؤكد نور الدين ظاظا على عضوية حمزة المُكسي في جمعة خويبون [46] مما يدل انه كان نشطاً و منضماً إلى جميع المنظمات الكردية السياسية طيلة حياته. و رغم ذلك لم يكتب عنه إلا القليل و لم يذكره الكتاب و المؤرخون إلا في زوايا ضيقة، و لم يأخذ حقه كاملاً من الثناء و التمجيد كجندي مناضل و محارب أخذ الصفوف الأمامية دائماً دون ملل. لم يبخل بحياته و فكره في سبيل إعلاء شأن الكرد و تطورهم. بجملة واحدة يمكن القول أنه من أكثر الوطنيين الذين تناسبهم الهوية الكردية، ولكن بالكاد يعرفه أبناء جلدته الكرد.

توفي حمزة المُكسي في داره بمدينة الحسكة في 5/4/1958. و قد دفن حسب وصيته في مقبرة قرية “دوگِر/ Dugir” التي تضم رفات العديد من المثقفين و الوطنيين الكرد، ومنهم: دكتور أحمد نافذ و حاجو آغا و عارف عباس و مقداد جميل باشا و عبد الرحمن علي يونس و حج موسى خويتي و حسن حاجو آغا … .

لدى وجود الشاعر الكردي المعروف، هژار، في سوريا، قام بزيارة قبره و كتب على شاهدة قبره بعض الأبيات الشعرية عرفاناً بوطنيته و أعماله المجيدة. قبل سنوات قليلة قامت منظمة سياسية كردية في سوريا بترميم مقبرة المرحوم دون المس بكتابات الشواهد. تقع هذه المقبرة التي تضم رفات المنفيين عن ديارهم على بعد 27 كم شرق مدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة. بينما تبعد عن مدينة “تربه سپيێ” غرباً مسافة 4 كم ، في قرية دوگِر تحديداً.

* وردت معلومة عن مُكس في “قاموس العالم” لشمس الدين سامي، تقول: “تقع مُكس على مسافة (99)كم من جنوب غرب مدينة وان. منطقة جبلية تحاذي أحد فروع نهر بوطان. مركز قضاء و يبلغ عدد سكانها (3852) نسمة. تحد البلدة من الشمال گواش و قارجكان، و من الشرق قضاء شْتاق، و من الجنوب سنجق هَكّاري، بينما تحدها محافظة بدليس من الغرب”. (شمس الدين سامي: اسم كردستان و الكرد في أول موسوعة باللغة التركية. دار نشر  “Deng/دَنگ” الترجمة عن العثمانية: محمد أمين بوز أرسلان، آذار 2001، اسطنبول، صفحة 180. إلى العام 1902 كانت البلدة تابعة لمنطقة چاتاق، لتتبع مركز وان عام 1932. جرى تغيير اسم البلدة إلى “باخچه سراي” عام 1989 و أصبحت منطقة تابعة لمحافظة وان.

[1] Koylan, A. Hasip. Aktaran, M. Bayrak, Kürtler ve Ulusal Demokratik Mücadeleleri, Öz-GeYayınları, 1993-Ankara,Sf:105

[2] Bayrak, Mehmed, Kürtler ve Ulusal Demokratik Mücadeleleri, Öz-Ge Yayınları, 1993-Ankara, Sf:105

[3] Koylan, A.Hasip, akratan  M. Bayrak, Kürtler ve Ulusal Demokratik Mücadeleleri, Öz-GeYayınları, 1993-Ankara.Sf:105

[4] Şahiner, Necmeddin, Bilinmeyen Taraflarıyla Bedüzzaman Said Nursî, 30. Baskı, Nesil Yayınları, Ocak 2004-İstanbul, Cilt:1, Sf:106

[5] Piştkûl, Nûbihar Mehnameya Çandî, Hûnerî, Edebî, “Medresa Mîr Hesen Welî” Hejmar: 63/64, Sal:6, Rûpel:27-28, Hezîran/Tîrmeh 1998.

[6] Alakom, Rohat, Eski İstanbul Kürtleri(1453-1925), Avesta Yayınları, 1998-İstanbul Sf:75

[7] Bediüzzaman Said Nursî, Nurlar Silsilesinden Içtimaî Dersler, Zehra Yayıncılık, 2004-İstanbul, Sf:12

[8] Bediüzzaman, Said-i Nursi, Risale-i Nur Külliyatından-Işaratü’l-Içaz, Mütercim: Abdülmecid Nursî, Zehra Yayıncılık, 1999-İstanbul, Sf:320

* ولد عبد المجيد عام 1884 في قرية نورس التابعة لولاية بدليس. قدم إلى مدرسة هورهور في مدينة وان عام 1900 ليتلقى العلم في مدرستها لمدة أربعة أعوام مع ما يقارب (400) تلميذ آخر. في عام 1917 يُعيَّن أستاذاً للغة العربية في الثانوية العسكرية في مدينة دياربكر. بينما عمل معلماً لشتى مدارس وان خلال أعوام 1920-1925. يطرد من سلك التعليم عقب انتفاضة 1925، فيذهب إلى مدينة “أرغني” التابعة لدياربكر و يقيم فيها إلى عام 1936. ثم يغادرها إلى مدينة مالاطيا ليقيم فيها إلى عام 1940. يعين بعدها مفتياً لمدينة “أورگوپ” (مدينة تاريخية تركية تقع وسط الأناضول – المترجم). و بعد أن عمل مفتياً لمدة 12 عاماً يُطرَد مرة أخرى من الوظيفة. ينتقل في عام 1955 إلى مدينة “قونية” (مدينة تركية كبيرة وسط الأناضول – المترجم) عام 1967.

[9] Alakom, Rohat, Eski İstanbul Kürtleri (1453-1925), Avesta Yayınları, 1998-İstanbul Sf:276

[10] Emirdağ Lahiyasından aktaran, Aksu, Mahmut, Bediüzzaman Said Nursi’nin Van Hayatı ve Hayalin- deki Üniversite, Kendi Yayını, 2003-Şanlıurfa, Sf:68

[11] Rohat, Unutulmuşluğun Bir Öyküsü: Said-i Kurdi, Fırat Yayınları, Eylül 1991-İstanbul, Sf:21

[12] Malmısanıj, İlk Legal Kürt Öğrenci Derneği-Kürt Talebe-Hêvî Cemiyeti (1912-1922), Avesta Yayınları, 2002-İstanbul.Sf:56

[13] Herekol, Ezîzan, Hawar, Kovara Kurdî,  “Klasîkên Me”, Hejmar:33, 1. Çirîya Pêşîn 1941.

[14]  Göldaş, Ismail, Kürdistan Teâli Cemiyeti, Doz Yayınları, 2. Baskı, Aralık 1991-İstanbul. sf:12, 27

[15] Şemseddin Sami, Tarihte Ilk Türkçe Ansiklopedide Kürdistan ve Kürdler, Deng Yayınları, Osmanlıcadan Çeviren:M.Emin Bozarslan, Mart 2001, Sf:301

[16]  Tunaya, Tarık Zafer, Türkiye’de Siyasal Partiler Cilt:2-Mütareke Dönemi, Iletişim Yayınları, Genişletilmiş 2. Baskı, 2003-Ankara.Sf:198-199

[17] Lewendi, Mahmûd-Malmîsanij, Li Kurdistana Bakur û li Tirkiyê Rojnamegerîya Kurdî (1908-1992), Öz-Ge Yayınları, Ikinci Basım, Ankara-1992, Sf:70

[18] Malmısanıj, İlk Legal Kürt Öğrenci Derneği-Kürt Talebe-Hêvî Cemiyeti (1912-1922), Avesta Yayınları, 2002-İstanbul Sf:303.

[19] Göldaş, Ismail, Kürdistan Teâli Cemiyeti, Doz Yayınları, 2.Baskı, Aralık 1991-İstanbul.Sf:64

[20] Jîn (din, edebiyât  ve iktisâttan bahseder Türkçe-Kürdçe mecmûadır, İstanbul, no: ? (tarih) yeniden basımı: Jîn (Kürdçe-Türkçe dergi), Arap harflerinden Latin harflerine çeviren ve dilini sadeleştiren: M.Emin Bozarslan, Deng Yayınevi; Uppsala, 1988Cilt:5, Sf:1019, 1020

[21] Lewendi Mahmûd-Malmîsanij, Li Kurdistana Bakur û li Tirkiyê Rojnamegerîya Kurdî (1908-1992), Öz-Ge Yayınları,I kinci Basım, Ankara-1992, Sf:61

[22] Bayrak, Mehmet, Açık-Gizli/Resmi-Gayrıresmi Kürdoloji Belgeleri, Öz-Ge Yayınları, 1994-Ankara. Sf:544

[23] Tunaya, Tarık Zafer, Türkiye’de Siyasal Partiler Cilt: 2-Mütareke Dönemi, Iletişim Yayınları, Genişletilmiş 2.Baskı, 2003-Ankara. Sf:224

[24] Göldaş, Ismail, Kürdistan Teâli Cemiyeti, Doz Yayınları, 2.Baskı, Aralık 1991-İstanbul.Sf:72

[25] Jîn (din, edebiyât ve iktisâttan bahseder Türkçe-Kürdçe mecmûadır, İstanbul, no: ? (tarih) yeniden basımı: Jîn (Kürdçe-Türkçe dergi), Arap harflerinden Latin harflerine çeviren ve dilini sadeleştiren: M. Emin Bozarslan, Deng Yayınevi; Uppsala, 1988, Sayı19, Sf:824-826, Cilt:4

[26] Bayrak, Mehmet, Kürdoloji Belgeleri -II-,Öz-Ge  Yayınları, Ankara-2004,Sf:320

[27] Prof. Dr. Qanatê Kurdo, Tarixa Edebyeta Kurdî, Rûpel:105, Ikinci Basım,Öz-Ge Yayınları, 1992 -Ankara.

* استمرت المحاكمات في محكمة الاستقلال بأنقرة من 7/10/1920 إلى 31/7/1922.

** ولد حسيب كويلان عام 1893 و هو من أتراك قبرص. بدأ دراسته في دار الفنون (جامعة اسطنبول حالياً – المترجم) كلية الشريعة. انتقل إلى كلية الحقوق فيما بعد، و تخرج منها. كان يتقن اللغة الانكليزية قراءة و تكلماً، بالإضافة إلى التكلم باللغة اليونانية. حصل على الجنسية التركية بعد تخرجه في الجامعة. عين قائم مقاماً و والياً لعدد من المناطق و المحافظات. كما أسند إليه منصب المفتش العام للدولة فيما بعد. خدم كوالٍ لمحافظات: آگري و قستمونو و قرقلارألي و گوموش خانه و أورفا. أحيل إلى التقاعد عام 1953 عندما كان والياً لمحافظة “نيغده”.

. (Bayrak, Mehmet, Kürtler ve Ulusal-Demokratik Mücadeleleri,Öz-Ge Yayınları,1993-Ankara.Sf:441)

[28]  Bayrak, Mehmet, Kürtler ve Ulusal-Demokratik Mücadeleleri, Öz-Ge Yayınları,1993-Ankara. Sf: 105,106

[29] Malmîsanij, Diyarbekirli Cemilpaşazadeler ve Kürt Milliyetçiliği, Avesta Yayınları, 2004-İstanbul, Sf:168

[30] Bayrak, Mehmet, Kürtler ve Ulusal-Demokratik Mücadeleleri, Öz-Ge Yayınları, 1993-Ankara. Sf: 105, 106

[31] Malmîsanij, Diyarbekirli Cemilpaşazadeler ve Kürt Milliyetçiliği, Avesta Yayınları, 2004-İstanbul, Sf:133-137

[32] Jwaideh, Wadie, Kürt Milliyetçiliğinin Tarihi-Kökenleri ve Gelişimi, Iletişim Yayınları, Çeviren: Ismail Çekem, Alper Duman, 1. Baskı 1999-İstanbul, Sf:265

[33] ……..

[34] Bayrak, Mehmet, Kürtler ve Ulusal-Demokratik Mücadeleleri, Öz-Ge Yayınları,1993-Ankara.Sf:104

[35] Dersimi, Dr.Nuri, Hatıratım, Doz Yayınları, Ekim1997-İstanbul, Sf:102

[36] Lewendi, Mahmûd-Malmîsanij, Li Kurdistana Bakur û li Tirkiyê Rojnamegerîya Kurdî (1908-1992), Öz-Ge Yayınları, Ikinci Basım, Ankara-1992, Sf:82,85,86)

[37] Serdi, Hasan Hişyar, Görüş ve Anılarım (1907-1985), Med Yayınları, Çeviri: Hasan Cunî, İstanbul-1994,Sf:291.

[38] Konê Reş’in tarafına aktardığı notlar.

[39] Dr.Nureddin Zaza, Hawar, pêşgotin, aktaran Malmîsanij, Diyarbekirli Cemilpaşazadeler ve Kürt Milliyetçiliği, Avesta Yayınları,2004-İstanbul, Sf: 239.

* يزعم كۆنێ رَش أنه: “تم تأسيس “جمعية مساعدة المحتاجين الكرد في الجزيرة” عام 1931 في دمشق، و أن برنامج و منهاج الجمعية طبع عام 1932 باللغات: الكردية و العربية و الفرنسية”.

 (Konê Reş, “Komele, dibistan, kovar û rojnameyên ku Bedirxaniyan damezirandine û beşdarî wan bûne, www.amûde.com, 18.05. 2003)

[40] Konê Reş, “Komele,  dibistan, kovar û rojnameyên ku Bedirxaniyan damezirandine û beşdarî wan bûne, www.amûdê.com.18.05.2003

[41] Reş, Konê, Pizîşk û welatparêzê ku nayê jibîrkirin-Dr.Ehmed Nafiz Zaza(1899-1968), Kovara Dîcle, rupel:33.

[42] Zaza, Dr. Nûredîn, Hêvî, Kovara Enstîtûya Kurdîya Parisê, “Kurdên Nejibîrkirinê” ,Hejmar; 71990-Parîs. Sf:21-22

[43] Zaza, Dr. Nûredîn, Hêvî, Kovara Enstîtûya Kurdîya Parisê, “Kurdên Nejibîrkirinê”, Hejmar; 7, 1990, Parîs,Sf:21-22

[44] الملاحظات التي أخذتها من السيدة پروين جميل باشا.

[45] Alakom, Rohat, Hoybûn Örgütü ve Ağrı Ayaklanması, Avesta Yayınları,1998-İstanbul. Sf: 151-156

[46] Lewendi, Mahmûd-Malmîsanij, Li Kurdistana Bakur û li Tirkiyê Rojnamegerîya Kurdî (1908-1992), Öz-Ge Yayınları, Ikinci Basım, Ankara-1992, Sf:89

—————————————————————————————————————————

الترجمة عن التركية: سالار آشتي 

   كوباني في 16/6/2013

 

المصدر:  Kovar a Bîr, hejmar 7

الكاتب: V. BÎRSINÎ

شارك هذا المقال: