لمحات من تاريخ الكردلوجيا الألمانيّة (مسرد)

شارك هذا المقال:

لمحات من تاريخ الكردلوجيا الألمانيّة

(مسرد)

ترجمة وإعداد: ج . ز

 

{ هذا مسرد مضغوط لـ (كورته ميژوويه كى كوردناسيى له ئه لمانيا= مختصر تاريخ الدراسات الكردية في ألمانيا) للدكتور جمال نبز، وهو منشور في القسم الكردي من مجلّة المجمع العلمي الكردي في بغداد (المجلّد الثاني، ع 1/ 1974) (صص 413- 498/ بضمنها الخلاصة العربيّة) وتتضمّن الدراسة (174 إحالة على هوامش وإشارات)، علماً أنّ صفة (الألمانيّة) هنا تشتمل على الكردلوجيا في ألمانيا والنمسا وقسم من سويسرا.وقد إرتأيت لها العنوان الجديد أعلاه} (ج. ز)

×××

   قدْ يكون كتاب رحلة الصائغ البافاري Johann Schiltberger= يوهان إسكلتبرغر(1394- 1427) والمنشور سنة 1473أقدم مصدر ألماني ورد فيه ذكر الكرد، ثمّ يليه التقرير العسكري لـ (Thomas Von= توماس فون) والمنشور في مجلة (Turchis Estas und Kriegs Bercht) في شباط 1684.

  في القرن الثامن عشر تعدّدت المصادر المتطرّقة إلى الكرد و كردستان، ومنها:

كتاب رحلة Niebur= نيبور إلى البلاد العربية و ما جاورها؛ ففي جزئه الثاني المنشور سنة 1766تحدّث الكاتب عن الكرد. وهناك كتيّب للمدعو Bergh= بيرغ عن رحلته إلى كردستان وأرمنستان و كَرجستان والأناضول والعراق، و هو يحتوي على العديد من الرسوم الجميلة و خارطتين.

  في القرن التاسع عشر، نشرت مصادر كثيرة باللغة الألمانية تناولت الكرد وكردستان؛ فقد كتب جميع الذين إجتابوا كردستان من العلماء والمستشرقين والقناصلة والعسكريين والمبشّرين و السّياح والتجّار وحتى الجواسيس، كتبوا عن جغرافيا كردستان وتاريخ الكرد واللغة الكرديّة والأدب الكردي و شتى جوانب الحياة الكرديّة.

  لعلّ لرواية (Durchs Wilde Kurdistan= عبر كردستان الموحشة) لكارل ماي (1842- 1912) أكبر الأثر في إشهار إسم الكرد ليس في ألمانيا فحسب، بل في سائر بلدان أوربا؛ فبرغم طابعها الخيالي الأسطوري؛ تسلّط الضوء على خصال الشعب الكردي و صفاته الحميدة. والطريف الغريب في أمر ماي هو انّه لم يزر كردستان، وإنّما إستوحى روايته من أناس آخرين و من قراءاته لكتب الرحّالة والمستشرقين…! وقد حوّلت لاحقاً إلى فيلم سينمائي، وبلغت شعبيّة الرواية حدّاً هائلاً؛ بحيث إذا إلتقى كردي ألمانيّاً يجهل الكرد و كردستان، يكفيه أنْ يتساءل: ” ألمْ تقرأ رواية كارل ماي؟!”؛ وعندها تراه يتذكّر كردستان وهو يضحك. وطبعاً يصف ماي الكرد كقطّاع طرق، ويبيّن في الوقت نفسه جور وتعسّف السّلاطين العثمانيين، وكيف أن الكرد سذّج ينخدعون بمن يتظاهر بمودّتهم!

 وفي القرن نفسه، نشر المؤرّخ النمساوي الشهير Von Hammer = فون هَمّر بضعة كتب عن تاريخ الإمبراطورية العثمانيّة، و كتب في 1814دراسة عن اللغة الكردية و لهجاتها مستهدياً بالجزء الثالث من كتاب الرحّالة التركي أوليا جلبي (أوليا جلبي سياحتنامه سي) المخطوط، والذي طُبِع ونُشِر لاحقاً في (10 أجزاء) خلال السنوات (1896- 1900)

   نشر Von Klaproth= فون كلابروت مقالاً في 1818جمع فيه عدداً كبيراً من الكلمات الكرديّة، وقام بمقارنتها مع كلمات في اللغة الفارسيّة واللغات الأخرى القريبة.

  خلال القرن التاسع عشر، توثّقت العلاقات السياسيّة والتجاريّة بين الدولتين العثمانيّة و البروسيّة الألمانية، حدّ انخراط عدد من الضبّاط الألمان في الجيش العثماني، والقتال ضد الثوّار الكرد وقمعهم، ومنهم: Hellmuth Von Moltke= هيلموت فون مولتكه (1800- 1891) والذي ترقّى لاحقاً إلى رتبة فيلد مارشال في الجيش الألماني، لكنه في رسائله إلى زوجته خلال (1836- 1839) لمْ ينس الإشادة بشجاعة وبأس وفروسيّة الكرد، بلْ لمْ يتمالك نفسه في إبداء إعجابه بهم، وقد أبدى أسفه لإستشراء الحزازات والخلافات والمشاحنات بينهم، و كيف أنّ ” كلّ رئيس عشيرة يدافع فقط عن أفراد عشيرته؛ و هنا تكمن علّة ضعف هذا الشعب، فلو كانوا متّحدين؛ لما كانوا يُهْزَمون…”

  هنالك رحّالة آخرون زاروا كردستان وكتبوا مقالات و دراسات عن الكرد، بعضها جيّد وبعضها الآخر رديء، ومنهم :

Sandrecfhe= ساندريكفه، الذي إجتاب الموصل وكردستان حتى مدينة أورميه.

و السائح الألماني Blau= بلاو الذي إجتاب كردستان إيران وتركيا، ونشر ماكتبه عن رحلته في (1858- 1862) و له كتيّب عن قبائل شمال شرقي كردستان، كما نشر مقالتين عن رحلته إلى بحيرتيِّ (أورميه) و(وان) في مجلّة (المستشرقين الألمان= ZDMG).

وقام Strecker= إستريكر برحلة إلى أنحاء الزاب الكبير، و ألّف عنها كتاباً نشره في 1863، تناول فيه الكرد وكردستان.

وقام Vambery= فامبري برحلة إلى إيران، وألّف عنها كتاباً نشره في 1867، وتطرّق فيه إلى الكرد.

ونشر Becher= بيكر مقالتين في 1873عن رحلته من البصرة إلى ميزوبوتاميا والموصل، ومن الموصل إلى حلب ضمن قافلة، مارّاً في بلاد الكرد، و دوّن ملحوظاته وإنطباعاته عن حياة الكرد آنذاك.

و قام Pachstein= باكستين بسفرة إلى كردستان، وألّف كتاباً عنها نشره في 1883.

وقام Wunsch= فونش النمساوي برحلة إلى كردستان وأرمنستان، ودوّن ملحوظاته عنهما في كتابين نشرهما في 1883 و1884 والأوّل عن كردستان، والثاني عن كردستان وأرمنستان.

وفي أواخر القرن التاسع عشر، سافر Belck= بيلك إلى كردستان والقفقاس وأرمنستان؛ لإجراء أبحاث ميدانية، ثمّ نشر في 1893 مقالتين عن سفرته و بحثه.

وقام بورخارد بسفرة إلى كردستان، ونشر عنها شيئاً، تناوله البروفيسور أدوارد سخاو بمقالة نشرها في 1896.

 والملحوظ أنّ بعض الرحّالة الألمان كمثل بعض الأوربيين الآخرين كتبوا مقالات ودراسات وكتباً تفتقر إلى الرؤية الموضوعيّة، و هي تجافي الواقع والحقيقة، بلْ تنطوي على روح معادية للكرد؛ لأنهم كانوا يستندون إلى أقاويل أعداء الشعب الكردي من العثمانيين والقاجاريين، بلْ كانوا ينحازون إليهم، ويسعون إلى إسترضائهم، لاسيّما من الألمان الذين كانوا عسكريين وموظفين معتاشين على السلطنة العثمانية حليفة ألمانيا ضدّ روسيا القيصريّة. ورغم المعاملة الطيّبة التي تلقوها من الكرد، فقد وصفوهم بالقساة و اللصوص وقطّاع الطرق و سفّاكي الدماء! ومنهم: Fowler= فاولر، Moritz Wagner= موريتز فاكَنر، البارون Von Nolde= فون نولده و Von Hammer= فون همّر المؤرّخ النمساوي الذي ساير أهواء الباب العالي العثماني في مؤلّفاته عن تاريخ الإمبراطوريّة العثمانيّة، وكذلك Frederich Millingen= فردريك ميلينكَن (الإنكَليزي) الذي كان موظفاً في السلطنة العثمانية، والذي نشر كتابه

(Wild life among the Kurds) سنة 1870 في لندن.

 وبهذا الخصوص يقول العالم الروسي خالفين في كتابه (الصراع على كردستان) المنشور في 1963: ” هناك الكثير من المصادر الغربيّة عن كردستان في القرن التاسع عشر، تصف الكرد باللصوص وقطّاع الطرق، في حين غالباً ما تكون هذه الإفتراءات بعيدة عن الواقع والحقيقة”

ومن دواعي السرور؛ أنّ أغلب ذامّيّ الكرد كانوا من العسكريين، الذين إصطدموا بالمحاربين الكرد البسلاء، في حين كانت لأغلب العلماء مواقف إيجابيّة تجاه الكرد، ومنهم:

 Von Bodenstedt Frederich = فردريك فون بودنشتيت الذي نشر في 1849 بحثاً علميّاً عن الغناء والألحان والموسيقى الكرديّة.

وفي (1857- 1858) تُرجِمَت كتب ليرخ الثلاثة إلى اللغة الألمانيّة.

ونشر F. Mueller= فردريك ميوللر، وهو باحث نمساوي، نشر في فينّا ثلاثة أعمال عن اللغة الكرديّة، الأول عن قاموس (كردي- سرياني) في 1863، والثاني عن اللهجة الزازاكيّة في 1864، والثالث عن اللهجة الكرمانجيّة الشماليّة في 1894.

و قام الباحث النمساوي Barb= عضو الأكاديميّة العلميّة في فينّا بنشر بضعة تقارير علميّة عن (شرف نامه) شرف خان بدليسي، خلال (1858- 1859)

ونشر عالم الإثنولوجيا Schlafel= شليفل بحثاً عن اثنوكَرافيا كردستان في 1863.

ونشر البروفيسور F. Justi= فيرديناند ژوستي في 1873بحثاً قيّماً عن أصوات اللغة الكردية، و نشر أيضاً كتيّباً عن قواعد اللغة الكرديّة في 1880، بالإضافة إلى تحقيق وتحرير وتقديم القاموس الـ (كردي- فرنسي) لآفگوست ژابا في 1879 في بطرسبورغ.

و نشر الباحث Hoetum Schindler= هوتوم شيندلر دراسته عن اللغة الكردية في جزءين في 1884 و 1888.

وقام العالم السويسري ألبرت سوسين (1844- 1899) بالإشتراك مع يوكَن بيرن بنشر مجموعة من الأقصوصات والحكايات الفولكلورية والملاحم الكردية في كتاب من جزءين، مع ترجماتها الألمانية في 1887و 1890.

ونشر الباحث الأنثروبولوجي Von Luschan= فون لوسكان في 1888 بحثاً عن بساط من شعر الإنسان، ونشر في 1890 بحثاً عن الشعب الكردي مع صور في مجلّة Globus وبحثاً آخر في 1922 عن اللغة وأصل الأقوام ، تطرّق فيه إلى الكرد.

 ونشر Ceyp مقالة عن ديانة الإيزديين في 1890. ونشر Butyka= بوتيكا النمساوي كتاباً عن منطقة درسيم في شمالي كردستان، في 1892.

ونشر Von Steinin= فون ستينين مقالة عن أكراد منطقة يريفان في 1896.

وفي الفترة نفسها، نشر Roediger= رويدكَر و Pott= بوت دراسة (بحث عن الكرد ولغتهم) في مجلّة المستشرقين الألمان.

وفي 1898 نشر العالم اللغوي الشهير Theodor Noeldke= ثيودور نويلدكه (1836- 1930) بحثاً مهمّاً جدّاً عن العلاقة بين كلمة (كاردو= Kardu) و الكرد= Kurd.

وفي 1898 أيضاً، نشر ضابط ألماني تقريراً جغرافيّاً وتاريخيّاً من الناحية العسكريّة عن مدينة السّليمانيّة (التي كانت سنجقاً عثمانيّاً آنذاك) و عن إيران، وهو مقرون بخارطة توضيحيّة لموقع (السّليمانيّة) في عهد البابليين والآشوريين.

وفي 1910 نشر M. Strech= م. شتريك بحثاً في مجلّة (الآشورلوجيا) مكرّساً؛ لتبيان ما يتعلّق بكردستان وأرمنستان وغربي إيران، في عهد بابل وآشور؛ على ضوء المصادر البابليّة والآشوريّة المدوّنة بالخطّ المسماري.

 منذ مطلع القرن العشرين حتى الحرب العالميّة الأولى، زار بضعة علماء ألمان مشاهير كردستان، ومنهم: الأساتذة: أوسكارمان، فون لكوك، أدوارد سخاو، أوكَست بيترمان و مارتين هارتمان..وقد نقلوا نحو 100من المخطوطات الكرديّة إلى متاحف ألمانيا، حيث حفظت من التلف والضياع، وبعضها مفقود في كردستان، علماَ أن بعضها لايتجاوز الصفحة الواحدة، كما نشروا بحوثاً ودراسات كثيرة قيّمة عن تاريخ و لغة وأدب الكرد.

  لقد زار Oskar Mann= أوسكار مان (1867- 1917) كردستان وفارس ومناطق أخرى خلال (1901- 1903) و(1906- 1907)؛ لإجراء أبحاث ميدانيّة، ونشر إثرها سلسلة من الدراسات عن اللغتين الكردية والفارسية؛ مركّزاً على تحليل اللهجات الكردية: المُكرية، الزازاكية، اللرية، الكرماشانية، الكلهُريّة والكرمانجية الشرقية…وكان قد جمع لهذا الغرض أقاصيص وملاحم كثيرة منها: مم و زين، ناسر و مال مال، زمبيل فروش و منظومة عبدالرحمن باشا ببه…وقد نشرها في كتابه الشهير(التحفة المظفّريّة) بالحروف العربيّة واللاتينيّة مع ترجماتها الألمانية. ومازالت أعمال أخرى له مخطوطة ومحفوظة في مكتبة (همبوليت) في برلين.

 وفي 1901 رافق Albert Von Le Coeq= ألبرت فون ليكويك لجنة أركيولوجيّة (حفريات آثاريّة) إلى منطقة (زَنْجيرلي) في كردستان تركيا، حيث تعلّم اللغة الكرديّة على يد المتنوّر الكردي يوسف أفندي، ثمّ قام بجمع بضع أقاصيص وحكايات والكثير من الحكم والأمثال والأقوال المأثورة من أنحاء الكرمانج والزازا والبابان، إضافة إلى (نوبهئش    ار= باكورة الربيع) لأحمد خاني، و(مولد النبي) الذي نسبه إلى (الملّا باطي) وقد إستعان في دمشق ببعض عارفي اللغة الكردية؛ لتحليل النصوص السالفة الذكر، و دوّنها بالحروف العربيّة واللاتينيّة، مع ترجماتها الألمانية، ثمّ نشرها في برلين سنة 1903 في كتابه (Kurdische Texte= نصوص كرديّة) والذي يقع في ثلاثة أجزاء، علماً بأنه ترجم النصوص الزازاكية إلى الكرمانجية الشمالية، وأرفق بالكتاب قويميساً للمفردات الواردة في جميع النصوص.

 وفي 1897 نشر Martin Hartmann= مارتن هارتمان (1851- 1918) بحثاً تاريخيّاً طوبوكَرافيّاً مهمّاً عن (بوتان)، وفي 1904 نشر لأول مرّة  ديوان الملّا الجزيري بطبعة راقية، كما نشر بحثاً عن الأدب الكردي. والجدير ذكره أن هارتمان لم يكن شغوفاً بالثقافة الكردية فحسب، بلْ كان صديقاً حميماً للشعب الكردي، وقد عبّر عن مودّته غير مرّة، ومنها: ” لئن حسبت الكرد أمّة تتقبّل الثقافة الأوربية بيسر؛ فمن الجليّ أن يعارض البعض رأيي، ولكن في ضوء الأخبار التي يرويها مجتابو كردستان؛ يمكن القول ثمّة تحت إهاب هذا الشعب عالم زاخر بالفكر العميق و الإحساس المرهف، وثمة دلائل عديدة أنّ للكرد ذكاءً فطريّاً ممزوجاً بسرعة الفهم والبديهة، ومتواشجاً مع السلوك المحمود و المروءة والشهامة”

 وفي 1900 نشر Hugo Makas= هوكَو ماكاس في هايدلبرغ بحثاً علميّاً عن اللغة الكرديّة على ضوء لهجتيِّ دياربكر والإيزديين. وفي 1926 نشر في لينينكَراد مجموعة من نصوص الأقاصيص والملاحم والأمثال باللهجة الكرمانجيّة الشماليّة في منطقة ماردين.

 وفي 1907 نشر Volland= فولاند مقالة عن المعتقدات الخرافيّة في أرمنستان و كردستان.

وفي 1911 نشر Von Handel= فون هاندل مقالة عن رحلته إلى كردستان و ميزوبوتاميا، ثمّ مقالة عن جغرافيّة كردستان، في 1912.

وفي 1911 نشر Rodolph Frank= رودولف فرانك كتيّباً عن (عدي شيخ الإيزديين.

وفي 1913 نشر Walter Bachmann= فالتر باخمان كتيّباً عن المساجد والكنائس في كردستان وأرمنستان.

و قبيل اندلاع الحرب العالميّة الأولى، نشر بعض الألمان مقالات عن كردستان من المنظور العسكري والستراتيجي ومنهم Graf Von Westarp= كَراف فون فيستارب، الذي تناول الطرق الموجودة في أرمنستان و كردستان. وكذلك نشر Wilhelm Bachmann= فيلهلم باخمان تقريراً عن الطرق الواقعة بين الموصل و وان، إستناداً إلى خارطة مرسومة لتلك المنطقة، وكان التقرير ذا أهمّيّة عسكريّة كبيرة في تلك الحرب. وفي الفترة نفسها، نشر Ewald Banse= إيفالد بانز بضع مقالات عن الأهمّيّة الستراتيجيّة لكردستان، ونشر أيضاً كتيّباً عن خطّ السكك الحديد بين بغداد وتركيا..وفضلاً عن تناول الموقع الجيوعسكري لكردستان، تطرّق إلى ذكر القبائل الكردية وعاداتها وتقاليدها وأزيائها، كما ذكر الإنتفاضات والثورات التحررية الكردية، والسياسة العثمانيّة الممارسة ضد الكرد والشعوب الأخرى المحكومة.

 وفي 1913 قام العالم اللغوي النمساوي الشهير Maximilian Bittner= ماكسيميليان بيتنر بنشر كتابيّ الإيزديين المقدّسين (الجلوة) و(مصحف رش) بالكرديّة والعربية مع الترجمة الألمانية، وقد سبق لبيتنر أن نشر في 1892 عملاً له عن مدينتيّ شنو و أورميه.

 لقد مهّد كل ما قدّم سالفاً الطريق لعلماء آخرين لإنجاز دراسات أخرى عن اللغة الكرديّة، لاسيّما بعد الحرب العالمية الأولى، ومنهم:

Karl Hadank= كارل هدانك، الذي إستفاد كثيراً ممّا جمعه ودوّنه أوسكارمان من نصوص، فضلاً عن صداقته المثمرة مع المؤرّخ والصحافي الكردي المعروف حسين حوزني المُكرياني، والدكتور كاميران بدرخان؛ ففي 1930 أنجز بحثاً عن اللهجة الكَورانيّة، وفي 1932راجع ونقّح بحث أوسكارمان عن اللهجة الزازاكيّة، وفي 1938 أنجز بحثاً عن اللهجات الكردية البوتانية والإيزدية.

    ولم تقتصر أبحاث العلماء الألمان على اللغة الكردية فحسب، بلْ نشر

R. Berliner= ر. برلينر و P. Borcharten= ب. بورخارد في 1922 كتاباً طريفاً يتناول الحُلي والأدوات (الملاعق والسكاكين وموسى الحلاقة) وغيرها المصنوعة من الفضّة. وتطرّق M. Tilke= م. تيلكه إلى ذكر ووصف الأزياء الكرديّة في كتابه المكرّس للأزياء الشرقيّة والمنشور في 1923.

 وفي 1925 نشر F. Hesse= ف. هيسّه كتيّباً عن مسألة الموصل الإشكاليّة والحرب الإعلاميّة بين العراق وتركيا وانكَلترا بخصوصها،وبذلك طرح المشكلة الكردية في كردستان العراق.

وفي 1926 نشر Ernst Klippel= أرنست كليبل كتيّباً عن رحلته في ديار الإيزديين والأكراد الآخرين، وسجّل فيه إنطباعاته عنهم.

وفي 1926 نشر العالم الألماني W. Koehler= ف. كويهلر أطروحته المقدمة إلى جامعة مونيخ لنيل شهادة الدكتوراه، تناول فيها مدينة بدليس الكرديّة بالإستناد إلى كتاب رحلة اوليا جلبي في القرن السابع عشر.

وفي 1929 نشر H. J. Sick= زيك بحثاً في مجلة (Erdball) عن الحركة الكردية في كردستان تركيا، وإستعرض فيه مطاليب الكرد.

وفي 1930 نشر Artasches Abeghian= أرتاسكيس أبيغيان مقالة عن حياة الكرد الفكرية في مجلة (Der Orient= الشرق)

 وفي 1931 نشر E. W. Pfitzenmayer= بفتزنماير مقالة عن علاقة نضال الكرد والأرمن.

 وفي 1931 نشر الدكتور Von Wesendonck= فون فيزندوك مقالة عن المسألة الكرديّة.

وفي 1939 نشرت (الجمعيّة العلميّة في جامعة كَويتنكَن) كتاباً عن اللغات الإيرانية، على ضوء التراث العلمي لليروفيسور F. C. Andreas= أندرياس، بإشراف البروفيسور الدانماركي Arthur Christensen= آرثر كرستنسن بمشاركة Kaj Barr= كاج بار و W. Henning= هيننغ، وهو يتضمّن بحثاً عن اللهجات الكرديّة : الكَروسيّة، السنندجيّة، الكرماشانيّة، الكيلونيّة والأبدويّة.

  وفي 1943 نشر أوتو فيرنر و فون هينيتيكَه كتيّباً في بوتسدام بعنوان (من كردستان إلى الوطن) في (96 صفحة).

 والجدير ذكره هو أن ألمانيا كانت قبيل الحرب العالميّة الثانية وإبّانها طامعة في نفط كردستان؛ فراحت تشجّع على دراسة أوضاع الكرد وكردستان؛ بغية كسب ودّ الكرد واجتذابهم إلى جانبها، وتحريضهم ضد الإنكَليز المحتلّين؛ فأوكلوا المهمّة  بالضابط Gottfried Johannes Mueller= كَوتفريد يوهانيس ميوللر، الذي نشر في 1938 كتيّبه الموسوم (ولوج كردستان المغلقة)، وفي 1959 نشر كتاب (الشرق الملتهب)الذي يتناول فيه ميوللر تفاصيل عمليّة إرسال بضعة ضبّاط ألمان مع رمزي نافع بطائرة عسكرية إلى كردستان العرق؛ بغية تحريض العشائر الكردية ضد الإنكَليز، وكيفية وقوعهم في الأسر وسجنهم. وفيما يلي إنطباع ميوللر عن الكرد: ” إنّ مَنْ يعاشر كرديّاً، أي كرديّاً أصيلاً؛ سيحبّ الكرد وبلادهم، أي يحب كردستان. كل الكرد أنا متفتّحو العيون و يقظون، و يمتلكون قوّة وطاقة كامنتين”

 لئن كنّا نستعرض أعمال الكردلوجيين ذوي النهج العلمي الموضوعي؛ فينبغي ألّا نغضّ الطرف عن الذين تناولوا الكرد وكردستان بنهج غير علمي؛ سواء لضعف كفاءاتهم أو لإنحيازهم إلى محتلّي أجزاء كردستان لأيّ سبب كان، وقد وجد العديد منهم قديماً وحديثاً في ألمانيا والغرب، ومنهم :

الدكتور Ernst Herzfeld= أرنست هيرتزفيلد الذي نشر في 1914 بحثاً عن آثار الخطّ البهلوي للسّاسانيين، في قرية (بيكولي) في منطقة (زردي آوا)

 لقد كتب هذا السّفيه وناكر الجميل، بعد إشادته بالحفاوة الكبيرة والضيافة الكريمة اللتين تلقاهما هو وأصحابه من قبل الكرد، كتب: ” لقد كانت هذه الضيافة إيذاءً روحيّاً تماماً”! زاعماً أن الكرد عبثوا بأمتعته! ثمّ يضيف : لقد تحقّق المثل السائر: ” ثلاثة في الدّنيا من الفساد: الكردي، الجريدي والجراد”! و راح يتمادي في ذمّ الكرد؛ جزاء حسن ضيافتهم؛ فحقّاً قيل: ” لو عرّضت نفسك للقتل وضحّيت بروحك من أجل امريء نكرة؛ لقال: مات بمشيئة الله!”

وفي 1934نشر البروفيسور Hans F. K. Guenther= هانس كَوينتر بحثاً عن العرق الشمالي بين الهندوجرمانيين في آسيا، حيث يحسب اللغة الكرديّة مجرّد لهجة فارسيّة!

 من الملحوظ بعد الحرب العالمية الثانية خمود نجم البحث اللغوي في مضمار الكردلوجيا في ألمانيا، بينما حلّ البحث التاريخي والسياسي محلّه وازدهر؛ ففي 1961 نشر البروفيسور السويدي Stig Wikander= شتيك فيكاندر بحثاً باللغة الألمانية عن عيد مذكور في الآفيستا و مازال يقام في كردستان.

 وفي 1965 نشر الصحافي الإيسلندي Erlendur Haraldsson= أرلندر هرادلسن كتاباً باللغة الإيسلنديّة عن زيارتيه لكردستان في 1963و 1965، ثمّ أعاد نشره باللغة الألمانية في هامبورغ بعنوان (كردستان بلاد في ثورة)

 وفي 1972نشر Hans Henle= هانس هينله كتابه (الشرق الأوسط الجديد) وبيّن فيه وجهة نظره الموضوعية تجاه المسألة الكرديّة.

 زار العالم الإثنولوجي Wolfgang Rudolf= فولفكَانك رودولف كردستان تركيا في (1958) ثمّ كردستان إيران مرّتين في (1962) و (1964- 1965) وقد نشر إثر زياراته الثلاث ثلاث مقالات في مجلّات (العلم والتكنيك) و(السوسيولوجي).

 وفي 1963 نشر Kaster= كاستر كتابه (الإسلام بلا حجاب) والذي سجّل فيه مجريات رحلته إلى السليمانية ومناطق أخرى كردستانيّة، وقد وصف الكرد بالشعب المضياف الأريحي.

وفي 1966 نشر الصحافي الألماني Karsten dettmann= كارستين ديتمان كتابه الموسوم بـ (إقبض على الأسد بيدك؛ فالشيخ عدي لن ينجدك!”وهو عن جولته في كردستان ومعايشته للبيشمركَه فترة، ويحتوي على صور جميلة عديدة لكردستان والبيشمركَه الشجعان. علماً أن عنوان الكتاب هو مثل من أمثال الإيزديين، يحضّ على الإعتماد على النفس ، ونبذ الإتّكاليّة.

وفي 1966 نشر العالم البروفيسور Hancke Fochler= هانكه فوخلر خارطة لكردستان بعنوان (الأكراد شعب بلا دولة) مقرونة بموجز لتاريخ الكرد والحركة التحرّرية الكردستانيّة، ورغم صغر حجم الكتيّب ؛ فهو قيّم علميّاً، ويقول فوخلر عن الكرد: ” الصدق ونقاء القلب والبسالة في القتال، مع التواضع، من أهم خصال الكرد. ومع أنّ الكرد إعتنقوا الديانة الإسلاميّة؛ فإن المرأة الكرديّة، منذ القدم، أكثر تحرّراً وتمتّعاً بالحرّيّة من نساء الشعوب الجارة”

 وفي السنوات الأخيرة، إهتمّت إنتلجنسيات الشعوب الألمانية والنمساوية والسويسرية بالقضيّة الكرديّة كثيراً، وطرحتها في شتى أجهزة و وسائل الإتصال المقروءة والمسموعة والمرئيّة. ولكنّ ذلك؛ لا يعني إستيعاب سائر الشعب الألماني القضيّة الكردية، وعلى حقيقتها؛ لأنّ جلّهم لمْ يتجاوز مستوى معرفتهم لما في رواية كارل ماي!

بلْ مازال هناك أناس همّهم تشويه الحقائق وسمعة الأمّة الكردية بتخرّصاتهم وأضاليلهم ومنهم:

أستاذ الانثروبولوجيا Egn Von Bickstedt= إيكَون فون بيكستيدت الذي مابرح يكرّر عبارته ” الأكراد قطّاع الطرق” ؛ أينما ورد ذكر الكرد في كتابه (الترك والكرد والفرس منذ القدم حتى الآن) المنشور في 1961.

   وكذلك تصرّف الدكتور في الفيزياء Vogel= فوكَل الذي زار مع آخرين كردستان تركيا، وتلقوا الحفاوة والضيافة من الكرد الكرماء، حسب روايته بنفسه، ولكنه كتب في مقالته العبارة نفسها ” الأكراد قطّاع الطرق” ولمّا سأله السكرتير العام لـ (إتحاد الطلبة الكرد في أوربا) عن سبب تكراره لهذه الكليشة؛ أجابه فوكَل بروفيسور الفيزياء ببلاهة: ” أرجو المعذرة؛ فقد ردّدت ما قاله موظّفو الحكومة لي في تركيا، وإلّا فأنا لا أجيد اللغة الكرديّة”! حقّاً أنّ ” العذر أقبح من العمل المنكر”!

وفي 1970 نشر المدعو Hans Thema = هانس تيما، جاء فيه: ” زرت الأكراد؛ فوجدتهم لصوصاً وقطّاع طرق، فقد دمّروا الكنائس كلّها وبيوت المسيحيين”، وسرعان ما ينجلي سبب ذمّ الكرد؛ حيث يشيد بالضيافة الكريمة للجندرمة الترك له! *

إنّ دور السّلطات التركيّة واضح جدّاً في إلصاق الصفات والأفعال السيّئة بالكرد، وكذلك بعض الأوربيين المروّجين لـ (الكرد مسلمون غلاة) و( الكرد قتلة الأرمن)، بينما نجد كيف يتخرّص الشوفينيون العرب مروّجين أنّ الكرد زرادشتيون و مجوس ومعادون للدين الإسلامي! ليس هذا فحسب، بل أن أبواق الدعاية في المعسكر الرأسمالي كانت تصف الحركة التحرّرية الكردية بـ (الشيوعية) وكيف يقوم المعسكر الشيوعي بتسليح العصاة الكرد بزعامة الشّيخ الأحمر مصطفى بارزاني، في حين كانت أبواق العراق والمعسكر الشيوعي تصف الحركة نفسها بالرجعيّة و(العميلة) لبريطانيا وألمانيا الغربية وأمريكا، بلْ روّج صحافيّون ألمان بأن إسرائيل وإيران والكرد حلف ضد الشعوب العربية! وطبعاً لم يعد نعيق الغربان يؤثّر في الحق والحقيقة؛ فقد أمسى الرأي العام بجانب الكرد وقضيّتهم العادلة.

 هذا… وفي العقود الأخيرة، ساهم العديد من المثقفين من أبناء الأمّة الكرديّة القادمين إلى ألمانيا من أجزاء كردستان الأربعة؛ بغية اللجوء أو الدراسة أو الإقامة، ساهموا في رفد مسيرة الكردلوجيا بأعمالهم البحثية والأديبة والإعلاميّة، حيث أنجزوا كتباً وأصدروا صحفاً ومجلّات، ونشروا مقالات ودراسات ومنهم: جواد قاضي، كاميران بدرخان، حلمي عبّاس، كمال فؤاد، حمه رش رشو و جمال نبز.

  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* لا بدّ من الإشارة هنا إلى انه بعد اتفاقية لوزان وتشكيل الدولة التركية الفتية وتقوية العلاقات بين المانيا وتركيا؛ تراجع اهتمام المانيا بالكرد والدراسات الكردية، حسب تأكيد الدكتور خليل جندي، ولابدّ من التذكير أن دراسة الدكتور جمال نبز تعود إلى ماقبل 40 سنة، ولم أظفر بغيرها؛ لإستكمال تغطية الكردلوجيا الألمانية حتى الآن.  (ج.ز)  

شارك هذا المقال: