عبد الوهاب ملا المبدع الكردي المغمور

شارك هذا المقال:

                                           عبد الوهاب ملا المبدع الكردي المغمور

بقلم : عبد  الوهاب ملا بشير الكرمي ( M . K)

من هو ؟ ما مواهبه ؟ ما اهم المحطات في حياته ؟ أين ولد ؟ و أين مات ؟ أين تعلم ؟ ما مؤلفاته ؟ ماهي نهاية مطافه ؟

إنه عبد الوهاب بن ملا محمد من  قرية  تبيات التابعة لمدينة ماردين . خال اولاد احمدي سيداي ملا عبد اللطيف الأومركي في عامودة ، ولد عام 1932م من ابوين كرديين ( ملا محمد ونوفا) رحل وهو صغير إلى عاموده مع والدته نوفا ، من طرائفه في طفولته أنه كتب على باب دار المختار مسبات شنيعة في حق الغازي مصطفى كمال !! فعاقبت  السلطة في ماردين المختار بحمل الباب على ظهره من القرية إلى ماردين ، كما روى  لي بعض رفقائه في الحجرة.

 ومن رفقائه  الذين كانوا يتعاملون معه بحميمية بالغة ويعجبون بمواهبه الشيخ عفيف الحسيني وأحمدي سيدا وملا إبراهيم البرازي من( مدينة كوباني)وكان بدوره يرتاح إليهم.  تعلم في عاموده في حجرة سيداي ملا عبد اللطيف الاومركي ( جدي من جهتي أمي) وكان نشيطاً من نشطاء الحجرة و متميزاً بين رفقائه  الفقهاء( طلاب الشرع) ، كان خطاطاً جميل الخط  ورساماً أنيق الرسمات وكان فصيح اللسان و يجيد التعبير عن افكاره بالعربية والكردية على  حد سواء .

درس الادب العربي في جامعة دمشق و تخرج منها  ودرّس مدة يسيرة في ريف دمشق في بلدة الشيخ مسكين كما درّس في ريف حلب منطقة الباب يرافقه في ذلك  الأستاذ المحامي علي مسلم من قرية شيران التابعة لمدينة كوباني  ثم رحل إلى مصر زمن الرئيس جمال عبد الناصر وصار مذيعاً في إذاعة صوت العرب باللغة الكردية مع زميله عصمت الحسيني رحمهما الله وقد خصصت لهما نصف ساعة يذيعان الأخبار و النكت والقصص الكردية وبعض الاغاني أيضاً.

وفي عهد الانفصال رحلتهما الحكومة بحراً إلى اللاذقية فرجعا إلى الجزيرة .

طبع كتابه الوحيد اليتيم ” الحب و الأدب ” عام 1964م وقد نقش على غلافه الحب والادب على هذه الشاكلة ، كلمة الحب بالقلوب والادب بالاقلام . ورسم على اليمين علماً طويلاً أخضر اللون منقوش عليه قلب أحمر اللون وإلى جانبه هذه العبارة : من شريعة القلوب . ولم يبدا كتابه بالبسملة مما كان موضع استنكار ونقد شديدين من قبل اهل العلم والدين في الجزيرة خاصة وكتب بدلاً من ذلك هذه العبارة : يا حرية الفكر والوجدان باسمك نبتدئ، ولمل عوتب في ذلك برر الأمر بقوله : إن النبي (ص) لم يطلب كتابة البسملة و  إنما طلب التلفظ بها و انا تلفظت بها لما بدأت تأليف الكتاب !!!

كان يميل بشدة إلى التحرر معجباً بفكر التنوير الأوربي و معجباً بنفس الوقت بالتراث الإسلامي العريق و أساطين الفكر والفقه و الفلسفة والأدب الإسلامي الشرقي .

في كتابه بحث حثيث عن حرية الإنسان و عن سعادته و طمأنينته القلبية و فيه كثير من الحديث عن الحب والعلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة ولذا عقد مؤتمراً خيالياً سماه مؤتمر الحب والجمال في بوهيميا برئاسته الشخصية و احضر في المؤتمر كبار المشاهير و الأنبياء و الفلاسفة و الادباء والشعراء و المشهورين بالظرف والدعابة كأبي نواس و جحا وأبي القاسم الطنبوري . وركز على نقطتين رئيستين الحب : بما هو بلسم للقلوب البشرية والادب بما هو غذاء للفكر والوجدان وتطهير للنفوس من الانانية والحقد و الانحراف الخلقي .

نستشف من قراءة كتابه الطريف والممتع ، وأنا قرأته بالطبع مرتين ، أنه رجل واسع  الثقافة  قرأ الكلاسيك الشرقي من أدب و دين كما قرأ الآداب العالمية والفلسفة الغربية بتعمق وتوسع .

لكن اين هذا الكتاب الآن؟ انه ضاع فعلا ًوان الاستاذ المرحوم الملا قد اشمت اعداءه المتعصبين بشخصه الطيب السموح

حيث كانوا بقولون : هذا الكتاب الفلتان لابركة فيه  بالكردية : ( evkteebaberradayi) .

أنا شخصياً بحثت عن هذا الكتاب ولا زلت حتى هذه اللحظة لكني لم اعثر إلا على سقط مثل سقط النبي سليمان الذي القاه الله على كرسيه !!؟ حيث قد م لي احد أبناء خالي كتاباً ممزقاً ذهب من أوله خمسون صفحة و من آخره مايقارب ذلك .

آه من عباقرتنا و مبدعينا ما اضيعهم !! و آه من الكرد ما أقل اهتمامهم بإبداعات المبدعين شغلتهم السياسة عن الثقافة و الابداع وخدمة الموهوبين !! و ما أرخص الأذكياء و الموهوبين في وسط جاهل لا يعير اهتماماً إلا للقيل والقال ….

توفي ابن خالتنا المرحوم عبد الوهاب ملا في شهر حزيران 2002 م في ستوكهولم بالسويد عن عمر يناهز السبعين و دفن هناك رحمه الله .

–          هجرته الاولى إلى المانية 1970 – 1979م ثم هجرته من المانية إلى السويد حتى وفاته

–          قال قبيل هجرته الشهيرة عندنا ( أيها الشرق إن لم تغير نفسك فسوف ارحل عنك )

–          في السويد تعرف على باكستانيين دراويش متدينين فكان يؤمهم في الصلاة  ويذاكرهم مبادئ الإسلام الحنيف

–          وأصدر صحيفة صغيرة باسم الهجرة فيما أعلم لم يكتب شيئاً يذكر في هذه المدة المديدة في كل من المانيا والسويد

–          وبالمناسبة سماني والدي ، رحمه الله ، على اسمه لأكون ذكياً وفقيهاً مثله غير أني لم ابلغ شأوه وإن كنت وما زلت أحبه لقربه من نفسي وأعجب بمواهبه الضائعة كما أتالم لذلك أشد الالم .

شارك هذا المقال: