دراسة عن استثمارات إقليم كردستان تحت إشراف محافظ مصري

شارك هذا المقال:

دراسة عن استثمارات إقليم كردستان تحت إشراف محافظ مصري

إعداد: مدارات كرد

 

شهدت كلية الحقوق بجامعة المنصورة يوم 7_3_2015 مناقشة رسالة الماجستير للباحثة الكردية (به يام محمد طاهر أحمد) عن إجراءات الإستثمار في إقليم كردستان العراق مقارنة بدولتي ماليزيا وسنغافورة وأوجه الشبه والاختلاف بينهما وحصلت الرسالة على أعلى تقدير في تلك الكلية (جيد جداً بمرتبة الشرف).

وأشرف على هذه الرسالة الجامعية للطالبة الكردية، محافظ الشرقية الحالي لجمهورية مصر العربية الاستاذ الدكتور رضا عبدالسلام إبراهيم المتخصص في الاقتصاد والمالية العامة بنفس الكلية و تحمل عنوان (آلية النافذة الواحدة للتغلب على معوقات الاستثمار دراسة مقارنة مع التطبيق على إقليم كردستان العراق).

وتمثل هذه الدراسة محاولة لدراسة مشكلة البطء في الأداء الإداري والمعوقات الإجرائية التي تعرقل جذب الاستثمارات الأجنبية في إقليم كُردستان العراق وسبل معالجتها عبر تطبيق آلية النافذة الواحدة التي تعني توحيد الدوائر المعنية بالاستثمار في دائرة واحدة، لما لهذا النوع من الاستثمارات من أهمية بالغة في مسيرة التنمية الاقتصادية كوسيلة مهمة لجلب رؤوس الأموال والخبرات والتقنيات ذات الجودة العالية للبلاد، وكمصدر أساسي لتمويل المشروعات في القطاعات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية في ظل قلة وندرة الموارد المحلية.

وجاءت الرسالة في فصل تمهيدي وأربعة فصول، خصص التمهيد لبيان مفهوم النافذة الواحدة وأهميتها مع الإشارة إلى رؤية المنظمات والكيانات الاقتصادية لهذه الآلية، وكيفية عمل النافذة الواحدة وآليتها المتبعة في الدول الآسيوية والمتقدمة، والفوائد المترتبة على تطبيقها مع رصد أهم متطلبات تنفيذ نظام النافذة الواحدة المتمثلة في الإرادة السياسية والمستلزمات القانونية والتشريعية والإجرائية وغيرها.

وأفرد الفصل الأول منها لتناول الاستثمار وأشكاله من حيث المفهوم والأهمية مع التركيز على الاستثمار الأجنبي المباشر، لارتباطه المباشر بنظام النافذة الواحدة.

ويعرض الفصل الثاني الحالة الاقتصادية والتنموية الفريدة في كل من ماليزيا وسنغافورة في مبحثين، خُصص الأول للتجربة الماليزية باعتبارها قصة نجاح لافتة في مجال جذب الاستثمارات، ثم الحوافز التي قدمتها لتشجيع الاستثمار، وجذب الشركات العالمية إليها مع التطرق لأسس نجاح هذه التجربة التي تمثل تطبيق نظام النافذة الواحدة إحدى أهم أركانها، أما بالنسبة للمبحث الثاني فتم تخصيصه لتجربة سنغافورة التي تعد وجهة مفضلة للشركات رغم فقرها في الموارد الطبيعية.

ويتضمن الفصل الثالث واقع الاستثمار في إقليم كُردستان العراق الذي يشكل محور الدراسة عبر الإشارة إلى حالته القانونية كإقليم قائم ضمن دولة العراق الاتحادي، وأهم المعوقات التي تحول دون استضافته لاستثمارات أجنبية كبيرة رغم توفر نسبة كبيرة من الاستقرار فيها مثل المعوقات التشريعية والإدارية والإجرائية مع مقارنة أوجه الشبه والاختلاف بين هذا الإقليم وماليزيا وسنغافورة والدول الآخذة بالنمو مع الإشارة إلى أهمية تطبيق النافذة الواحدة للتغلب على بعض هذه المعوقات التي تسببت بتعثر مسيرة الاستثمارات فيه.

أما الفصل الرابع فيعرض كيفية الاستفادة من آلية النافذة الواحدة في معالجة البطء في الأداء الإداري، وأوجه القصور والخلل الموجود في التعامل مع شركات الاستثمارات الأجنبية من بداية دخولهم إلى إقليم كُردستان وصولاً إلى تأخر حصولهم على رخص المشروعات ومشكلاتهم المتمثلة في كثرة روتينيات الدوائر المرتبطة بأعمالهم، وبعثرة تلك الدوائر مما لا يتوافق مع رغبة الإقليم القوية في استضافة أكبر عدد ممكن من الشركات الأجنبية من النهوض باقتصاده الذي عانى من مشكلات متعددة.

وشددت الرسالة على أن إتاحة مناخ ملائم للاستثمار عبر إنشاء نظام إداري متطور من الموضوعات المهمة المرتبطة بالقدرة التنافسية في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتشير إلى أن آلية النافذة الواحدة تكاد تكون ظاهرة عالمية متقدمة، وقد تم تطبيقها في كثير من البلدان في العالم، وقدمت نتائج إيجابية، لذا فمن غير الممكن أن تغض البلدان النامية، وسلطات إقليم كُردستان العراق على وجه الخصوص، الطرف عن هذه الآلية، التي توفر الكثير من الوقت والجهد والمال، وتقدم وجهًا مشرقًا ومثالاً رائعًا في الحكم الرشيد والإدارة المتطورة.

وقد توصلت الباحثة من خلال دراستها إلى عدة نتائج يمكن الإشارة إلى تلك النتائج في محورين:

أولاً: عن النافذة الواحدة وتجربة ماليزيا وسنغافورة:

تُعدّ (النافذة الواحدة) نظاماً إدارياً وآلية في نفس الوقت، و تنحصر مهمته في تمكين الأفراد والمؤسسات تقديم المعلومات إلى نقطة واحدة، ويفضل استخدام الأنظمة الإلكترونية في تطبيق نظام النافذة الواحدة ولا مانع من استخدام الورق، ويقضي هذا النظام على تعدد وبعثرة الجهات المعنية بالاستثمار عبر جمعهم في دائرة واحدة وتحت سلطة واحدة، و تتعدد أشكال النافذة الواحدة وتختلف تطبيقاتها من دولة لأخرى.

كما نبهت الرسالة على أن الشركات تتخذ قرارها للمفاضلة بين الدول المضيفة للاستثمار على الإجراءات التي تسبق اجراءات الاستثمار ومنح الرخص لمشاريعه، وأوضحت أن ماليزيا، التي تطبق النافذة الواحدة، واحدة من التجارب الناجحة في جذب الاستثمار، وتتصدر مكانة متقدمة في مجال تسهيل ممارسة الأعمال بفضل تطبيقها للنافذة الواحدة، كما تحولت سنغافورة من أفقر البلدان الآسيوية إلى أكثر الاقتصادات تقدماً بفضل الاستثمارات، وخاصة الاستثمار الأجنبي المباشر، و تعتمد على تطبيق نظام النافذة الواحدة لجذب الاستثمارات الأجنبية.

ثانياً: عن تجربة اقليم كردستان العراق في الاستثمار:  

اشارت الدراسة إلى أن إقليم كُردستان العراق بتحولات اجتماعية واقتصادية متميزة ومتعددة الاتجاهات، لكنه لم يستطع بناء اقتصاد مستقل بعيداً عن الحكومة المركزية في بغداد، ولم يتجاوز السلبيات التي تشوب الاقتصاد العراقي المعتمد على صادرات النفط بشكل رئيسي والضعيف في حجم الاستثمارات الأجنبية، لكنه على الرغم من ذلك فهو أسرع تطوراً من بقية مناطق العراق، كما أوضحت أن إقليم كُردستان مثل غيره من المناطق النامية يتوفر فيه فرص كبيرة للاستثمار، بسبب تبنيه سياسة الاقتصاد الحر، وكذلك تمتعه باستقرار نسبي، بالإضافة إلى كثرة الموارد الطبيعية فيه من الثروات الطبيعية، والمصايف، والأماكن الدينية، لكن هذه البيئة الاستثمارية غير مدعمة بمحفزات عصرية ملائمة مع الواقع الاقتصادي الجديد كما تقدمه الدول الآسيوية التي مرت بنفس تجربة إقليم كُردستان في بداية نهضتهم، وعلى الرغم من تبني إقليم كُردستان مجموعة من الإجراءات التحفيزية الرامية لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة مثل إصدار قانون للاستثمار يتضمن الكثير من الحوافز الاقتصادية والجمركية والضريبية، إلا أنها لم تحذو حتى الآن حذو دول شرق آسيا في الاستفادة من التكنولوجيا للتغلب على معوقات الاستثمار، وتوجيه الاستثمارات إلى قطاعات اقتصادية منتجة.

وتوضح الدراسة أن قطاع الاستثمارات في إقليم كُردستان يعاني من الكثير من المعوقات التشريعية، والقضائية، والإدارية في مقدمتها الروتين وبطء إنجاز الإجراءات التي تسبق إقامة المشروعات الاستثمارية، ولم تُفَعّل هيئة الاستثمار فيها بما فيه الكفاية للقيام بدور فعال في جذب الاستثمارات، كما تقوم به الوكالات التي انيطت بها هذه المهمة في الدول الآسيوية الآخذة بالنمو، ويوجد فرق شاسع وكبير بين التسهيلات الإدارية والإجرائية المقدمة للشركات الاستثمارية في الدول الآسيوية، وإقليم كُردستان حيث يتم في دولة مثل سنغافورة  استقبال الشركات الاستثمارية في دائرة واحدة تضم 35 وكالة وجهة حكومية، ويُعالج كل طلب خلال أقل من 3 دقائق ويعالج 99٪ من التصاريح في غضون 10 دقائق، بينما في إقليم كُردستان يستلزم أخذ الموافقة لمشروع الحصول على رخصة الكثير من الدوائر المعنية والمختلفة، ويأخذ الكثير من الوقت يصل قرابة سنتين في بعض الأحيان، علماً أن المدة القانونية الواردة في القانون لمنح الرخص لا يتجاوز 30 يوماً من تاريخ استكمال المتطلبات.

كما تشدد الرسالة على أن إقليم كُردستان العراق يحتاج إلى سياسات داعمة للشركات الكبيرة الراغبة في استثمار أموالها على أراضي الإقليم، ويمكن أن يعوض سلبيات موقعها الجغرافي غير الساحلي والبعيد عن الموانئ عبر استحداث نظام النافذة الواحدة للاستثمارات والتجارة والأنشطة الاقتصادية الأخرى، وأن اقرار هذه النظام ضروري لتعويض موقع إقليم كُردستان غير الساحلي والواقع ضمن دولة العراق النامي التي تسودها قوانين مليئة بالبيروقراطية الإدارية، وفي قلب منطقة غير مستقرة سياسيا وأقل ترحيبا بالاستثمار الأجنبي المباشر.

شارك هذا المقال: